أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-11
1402
التاريخ: 5-4-2016
6427
التاريخ: 5-4-2016
3421
التاريخ: 2-2-2022
2094
|
لقد بذل الفقه مجهودا مضنية بغية التوصل إلى الحالات التي يمكن عن طريقها تطبيق فكرة الدفع بالنظام العام، وواجه في سبيل ذلك صعوبات جمة كان أبرزها غموض ونسبية فكرة النظام العام ذاتها، ولكن حتمية إيجاد حل للتساؤل كيف يمكن تحديد إذا كان القانون الأجنبى متعارضة مع النظام العام لدولة القاضي أم لا؟، وهو ما أدى إلى إبراز عدة أسس يمكن أن يعتمد عليها القاضي عند بحث استبعاد القانون الأجنبي المخالف للنظام العام في دولته إعمالا لفكرة الدفع بالنظام العام والتي تمثلت في (1):
الرأي الأول۔ اشتمال أحكام القانون الأجنبي على نظم قانونية غير معروفة في قانون القاضي وشدد أنصاره على أنه إذا اشتمل القانون الأجنبي الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد على نظم قانونية غير معروفة في قانون القاضي، توجب استبعاده من نطاق القوانين الواجبة التطبيق على العلاقة الدولية محل النزاع.
ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله لتعسفه في وضع هذا المعيار، فليس هناك رابطة سببية تربط بين كون النظام القانوني الذي يشتمل عليه القانون الأجنبي غير معروف في دولة القاضي وبين مساسه بالقيم والمبادىء الأساسية لمجتمع دولة القاضي، وما هي ضوابط الحكم على معلومية هذا النظام في دولة القاضي؟، وكان أولى به الاهتمام بمسألة مساس هذا القانون الأجنبي بالمصالح العليا المجتمع دولة القاضي وليس بمدي غرابة أو اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن قانون دولة القاضي.
الرأي الثاني: مساس القانون الأجنبي بالمبادىء العامة للعدالة الدولية أو مباديء القانون العامة للأمم المتمدينة أو مبادىء القانون الطبيعي ويذكر أنصاره فكرة استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق الذي يثبت تقصيره في الرعاية لمباديء العدالة الدولية كما لو كان هذا القانون يقوم مثلا على التفرقة بسبب الجنس أو اللون أو الدين، أو مبادئ القانون العامة المتعارف عليها في الأمم المتمدينة، أو مبادئ القانون الطبيعي كما لو كان هذا القانون لا يسمح للأم بالحق في الاعتراف بابنها غير الشرعي، وهو ما يجعله في نظرهم قانون مهدرة للحقوق الطبيعية للانسان ويتوجب استبعاده واحلال القانون الوطني محله ولكن هذا الرأي وإن كان نظرية ويتسم بالمرونة إلا أنه واقعية يتسم بالغموض وعدم التحديد، فهو يستند على أفكار ما زالت إلى الآن غير واضحة ويشوبها اللبس والغموض وعدم الثبات كأفكار المبادىء العامة للقانون المتعارف عليها في الأمم المتمدينة وفكرة القانون الطبيعي، إضافة إلى استحالة حصرها.
الرأي الثالث: مخالفة القانون الأجنبي للسياسة التشريعية لدولة القاضي وبناء عليه يستبعد القانون الأجنبي الواجب التطبيق إذا كان متعارضة مع السياسة التشريعية في دولة القاضي، وهو ما أخذ به القانون المدني الألماني في المادة 138 منه حيث نص
على أنه "لا يكون هناك محل لتطبيق القانون الأجنبى متى تعارض مع الآداب أو مع الغرض من تشريع ألماني(2) .
ولكننا نرى أن هذا الرأي يحتوي على تدخل غير مقبول في السياسة التشريعية للدول، ويتعارض مع مبدأ حرية كل دولة في تنظيم تشريعها وتبني سياسة تشريعية
خاصة بها لاختلاف الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لكل دولة عن الأخرى، وهو ما يستتبع عدم محاسبتها على تبني سياسة تشريعية معينة، بل ومعاقبتها على تبني هذه السياسة باستبعاد قانونها الأجنبي من نطاق التطبيق. الرأى الرابع: عدم استهداف القانون الأجنبي الواجب التطبيق تحقيق" نظام عام دولى"
بالمعنى الحقيقي .
ومؤدى ذلك أنه يستبعد القانون الأجنبي الواجب التطبيق إذا كان يمثل مصالح دولة معينة ويحمى أسس وقيم مجتمع خاص بعينه، بمعنى أنه يرتبط بنظام قانونی الدولة معينة وليس متصلا بالنظام العام الدولي ككل ويشكل جزءا من قواعده، وبالتالي يعد مخالفة للنظام العام القانون الأجنبي الذي لا يستجيب للأهداف المشتركة العليا للجماعة الدولية (3) ، لأن ذلك سيؤدی بتطبيقه إلى الوصول إلى حل غير عادل منقطع الصلة بالمستويات الحضارية ومخالفة لما هو مستقر عليه لدى الضمير الأنساني(4) .
الخلاصة :
على الرغم من محاولات الفقه الجادة نحو وضع معايير وأسس يستعان بها في تحديد مدى مخالفة القانون الأجنبي الواجب التطبيق للنظام العام الدولة القاضي، وبالتالى استبعاده من مجال التطبيق، إلا أن هذه المحاولات تمثل كمن يدور في حلقة مفرغة، حيث إنه لا طائل من وراء وضع هذه المعايير في رأينا، وذلك للأسباب الآتية:
السبب الأول:
أن هذا الاجتهاد وهذه المحاولات تبغي في الأساس التسهيل من مهمة القاضي عند نظره لنزاع ما ذات صفة أجنبية، وأشارت قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون أجنبي غیر قانون دولة القاضي وتم الدفع بالنظام العام الاستبعاد تطبيق هذا القانون، وهو أمر غاية في الصعوبة قبوله ؛ لأن طبيعة مهمة القاضي هي البحث والتنقيب بما يمتلكه من قدرات وكفاءة ونظرة ثاقبة عن حالات التعارض حسب كل نزاع على حده وتقدير مدى جسامة مخالفتها للنظام العام لدولته.
السبب الثاني:
أنه من الصعب تقنين حالات التعارض بين القانون الأجنبي وقانون دولة القاضي، ويرجع ذلك إلى صعوبة تحديد فكرة النظام العام ذاتها ووضع إطار واضح جامع لها في ظل كونها فكرة مرنة متطورة ونسبية تختلف باختلاف الزمان والمكان.
السبب الثالث:
أن الغاية من فكرة الدفع بالنظام العام وهي ضرورة استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق لكونه متعارضة مع الأسس السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية الدولة القاضي، هي خير معيار موضوعي يدخل تحت طيه ما أنتجه الاجتهاد الفقهي من معايير وأسسي.
____________
1- د. جمال محمود الكردي: النظام العام الدولي العربي ، الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية القاهرة 2010، ص 88 وما بعدها.
2- ومثال ذلك الحالة التي ترفع فيها دعوى أمام القضاء الفرنسي لطلب الاعتراف بالأبوة، ويتضح اللقاضي أن القانون الأجنبي يسمح برفع هذه الدعوى خلال مدة أطول من المدة التي حددها القانون الفرنسي، إذ يكون للقاضي أن يستبعد القانون الأجنبي في مثل هذه الحالة بناء على فكرة النظام العام لأن القانون الأجنبي الواجب التطبيق يتعرض مع السياسة التشريعية لدولة القاضي، لأنه قد يكون غرض المشرع الفرنسي من اشتراطه رفع مثل تلك الدعاوى خلال مدة قصيرة هو رغبته في توفير الحماية للأفراد في مواجهة هذه الدعاوى لانتباهه إلى ما يمكن أن تحدثه من تأثير سلبي وتهديد للاستقرار الأسري أو العائلي - انظر د. فؤاد ریاض ، د. سامية راشد: الوسيط في القانون الدولي الخاص، الجزء الثانی، 1979م ، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 145، 146 - وانظر أيضة د. هشام خالد: قواعد الاختصاص القضائي الدولي وتعلقها بالنظام العام، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص 84.
3- د. فؤاد ریاض ، د. سامية راشد: الوسيط في القانون الدولي الخاص، الجزء الثانی، 1979م ، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 146
4- وذلك كان يتضمن القانون الأجنبي الواجب التطبيق نصا يبيح الرق أو تجارة العبيد أو القرصنة أو يميز بين الأفراد في التمتع بحقوقهم بسبب الدين أو الجنس أو النوع.... إلخ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|