أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
3384
التاريخ: 4-2-2022
2195
التاريخ: 25-4-2021
2557
التاريخ: 4-4-2016
2054
|
قديما ساد مبدا (اقليمية القانون في الدول المختلفة، لأنه يؤدي إلى تطبيق قانون الدولة على جميع العلاقات القانونية والأشخاص والأموال في إقليمها. وكلما تشددت الدولة في التمسك بفكرة السيادة وتعصبت في تطبيق مبدأ إقليمية القانون، كلما استحال قيام أي نوع من التنازع بين قوانينها وقوانين الدول الأخرى في العلاقات القانونية. لأن القانون الوحيد الذي يجب تطبيقه في هذه الحالة على كل القضايا والأشخاص والأموال داخل إقليمها هو قانونها الوطني، ولا يمكن إفساح المجال لتطبيق قانون أخر في إقليمها، وهذا ما كان يجري قديما عندما كانت الدول تصر على تطبيق مبدأ إقليمية القانون بتشدد وتعصب كنتيجة واقعية لانغلاق المجتمعات القديمة على نفسها انغلاقا متسما بعداء وخوف كل واحدة منها تجاه الأخرى وبعدم التعاون في العلاقات بين شعوبها إلى أن تصدع هذا المبدأ بنمو التجارة الدولية و اختصار المسافات بين البلدان وسهولة المواصلات واتساع حركة التنقل والانفتاح الهائل بين شعوب العالم واحتواء إقليم كل دولة فضلا عن أبنائها عددا لا يستهان به من أبناء الدول الأخرى و ارتباط هؤلاء الأجانب فيما بينهم أو فيما بينهم وبين أبناء الدول التي أقاموا فيها بعلاقات قانونية مختلفة، وكل ذلك أدى إلى تنازل الدول عن التشدد والتعصب في التمسك بالسيادة ومبدأ إقليمية القانون المطلق واعترفت بمبدأ إقليمية القانون النسبي بقبولها استثناءات اقتضتها مصلحة المجتمع الوطني والدولي معا. فهذه الاستثناءات حولت الاختصاص الإقليمي من المطلق إلى النسبي وساعدت على قيام مبدا (شخصية القانون النسبي) القاضي بتطبيق القانون الشخصي للأفراد على مسائل أحوالهم الشخصية ولو كانوا في إقليم دولة أخرى غير دولتهم، لأن قوانين الأحوال الشخصية تشرع أصلا لتسري على أعضاء جماعة معينة تجمعهم أصول دينية وأخلاق شخصية وروابط اجتماعية موروثة. وكانت إيطاليا أسبق البلدان إلى الشعور بوطأة مبدأ إقليمية القانون المطلق وبالرغبة في التخفيف من شدته، نظرا لازدهار التجارة فيها وما استتبع ذلك من نزوح أفرادها إلى خارج البلاد واختلاطهم وزواجهم بأفراد من الدول الأخرى(1).
وهكذا لم يعد نشاط الفرد مقتصرا على إقليم دولته فقط، بل جاوزه إلى علاقات قانونية مع أفراد ينتمون إلى دول أخرى، مما أدى إلى قيام مجموعة علاقات قانونية مشوبة بعنصر أجنبي يمتد أثرها من النطاق الإقليمي إلى النطاق الدولي، كعقد زواج يتم بين أردني ولبنانية في سوريا، أو كعقد بيع يتم في ألمانيا بين أردني ومصري لنقل ملكية عقار موجود في بريطانيا، أو كعقد بيع مال منقول يتم بين أردني وألماني في العراق ويتفق على تنفيذه في فرنسا ... إلخ.
وبناء على ما تقدم فقد تعقدت العلاقات القانونية بين البشر وتنوعت القواعد التي تحكمها حتى أصبحت معرفة تلك القواعد ليست بالأمر السهل في كل الأحوال، لأن لكل جماعة نظامها القانوني الخاص وسيادتها الوطنية، فهذا الاختلاف بين أحكام قوانين الدول وأنظمتها أثار بدون شك التنازع بينها كلما اتصلت علاقة قانونية في أحد عناصرها بدولة أجنبية أو أكثر، الأمر الذي أدى إلى أن يضفي العنصر الأجنبي على هذه العلاقات أهمية أكثر من السابق. لأنه يخلق التنازع بين أكثر من قانون واحد يمكن تطبيقه عليها، ولا يمكن كما في العلاقات القانونية الوطنية البحتة حصر الاختصاص فيها بالقانون الوطني لما سيجر ذلك إلى الإضرار بأطراف العلاقة ويفقدهم الثقة والاطمئنان، مما يجني اختيار القانون الأكثر ملاءمة و اتفاقا مع طبيعة العلاقة القانونية، سواء أكان هذا القانون وطنيا أم أجنبية عن طريق قواعد قانونية وظيفتها اختيار وتحديد القانون الواجب تطبيقه على موضوع العلاقة القانونية المشوبة بعنصر أجنبي تسمى (قواعد تنازع القوانين) أو (قواعد الإسناد) التي لا تحكم موضوع النزاع المشوب بعنصر أجنبي مباشرة، بل ترشد القاضي إلى القانون الواجب تطبيقه عليه.
ففي تنازع القوانين لا بد من إسناد حكم العلاقة القانونية المنسوبة بعنصر أجنبي القانون واحد من بين القوانين المتنازعة على حكمها، وفائدة البحث عن القانون الواجب تطبيقه في هذه الحالة واضحة، لأن العنصر الأجنبي الذي يشوب العلاقة القانونية يثير التنازع بين قوانين عدة دول ذات علاقة بها لما تحتويه هذه القوانين من أحكام متباينة تتفق مع أهداف ومصالح الدول التي أصدرتها. فإذا طبقت أية دولة من هذه الدول قانونها الوطني على العلاقة المشوبة بعنصر أجنبي، فإن هذا قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بأطراف العلاقة، كإخضاع تركة أردني مسلم مقيم في إنكلترا للقانون البريطاني، فدخول العنصر الأجنبي في العلاقة القانونية بسبب جنسية أطرافها أو مكان انعقادها أو موضوعها أو مكان تنفيذها يثير مسالة معرفة القانون الواجب تطبيقه على النزاع ويجعل العلاقة القانونية خاضعة القانون الدولي الخاص.
والعنصر الأجنبي يشوب العلاقة القانونية لعدة أسباب، منها اختلاف جنسية الأشخاص أو مكان انعقاد العقد أو مكان تنفيذه أو موقع المال. فلو أبرم عقد بيع بين أردني وألماني في فرنسا، فإن هذا العقد مشوب بعنصر أجنبي بسبب اختلاف جنسية أطرافه ومحل إبرامه، وأن أي نزاع يحتمل حصوله منه يدخل ضمن نطاق القانون الدولي الخاص. وإذا أبرم عقد بيع بين أردنيين في مصر واتفقا على تنفيذ هذا العقد في فرنسا، فقد يبدو لأول وهلة أن هذا العقد لا يتعلق بالقانون الدولي الخاص، بينما في الواقع أن هذا العقد مشوب أيضا بعنصر أجنبي بسب محل إبرامه واشتراط تنفيذه في إقليم دولة أجنبية ولهذا يدخل ضمن نطاق أحكام القانون الدولي الخاص أيضا.
فحصول تنازع القوانين لا يتوقف على قيام علاقة قانونية بين أشخاص ينتمون بجنسياتهم إلى دول مختلفة فحسب، بل قد يحصل في علاقة قانونية يكون أطرافها من جنسية دولة واحدة أيضا كلما اتصلت تلك العلاقة القانونية بعنصر أجنبي بسب مكان انعقادها أو مكان تنفيذها أو مكان وجود المال، ولذلك يمكن تعريف تنازع القوانين بأنه: التنازع الحاصل بين قوانين دولتين أو أكثر على حكم نزاع مشوب بعنصر أجنبي.
____________
1- انظر مؤلفنا - المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني - الطبعة الثالثة - مطبعة الروزانا- إربد / 1995 - ص 34.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|