المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

اشتراط النية في الاعتكاف
19-11-2015
مدينة سيبو
14-6-2018
حوامض أمينية غير بروتينية Non- protein Amino Acids
12-5-2019
Pearson Type III Distribution
13-4-2021
ما هو صف السمفيلا Symphyla؟
3-1-2021
طيف الانبعاث emission spectrum
17-1-2019


الوصف  
  
4422   03:48 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الجندي
الكتاب أو المصدر : في تأريخ الأدب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص345 -362
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 1811
التاريخ: 23-03-2015 5253
التاريخ: 3-12-2019 2180
التاريخ: 23-03-2015 20821

لقد أحاط الشاعر الجاهلي في أوصافه بجميع ظواهر البيئة التي كان يعيش فيها، فوصف الطبيعة الحية والصامتة والساكنة والمتحركة فصور الصحراء وما فيها من جماد وحيوان وما يعتريها من رياح وسحب وأمطار وظواهر المناخ المختلفة، وغير ذلك بحيث يمكن القول معه بأن الشاعر الجاهلي قد صور البيئة العربية تصويرًا عامًّا استوعب فيه جميع ظواهر الحياة في ذلك العصر، فمثلًا في وصف الصحراء وما بها، يقول عميرة بن جمل: (1)

ألا يا ديار الحي بالبردان      خلت حجج بعدي لهن ثمان

فلم يبق منها غير نؤي مهدم    وغير أوارٍ كالركي دفان (2)

وغير حطوبات الولائد ذعذعت بها الريح والأمطار كل مكان(3)

قفار مروراة يحار بها القطا يظل بها السبعان يعتركان(4)

يثيران من نسج التراب عليهما قميصين أسماطًا ويرتديان(5)

وبالشرف الأعلى وحوش كأنها على جانب الأرجاء عوذ هجان(6)

وهنا يبدأ الشاعر قصيدته كما كانت عادة الشعراء بالحديث عن ديار الحبيبة التي تركها، فيصف المكان الذي كانت تسكنه، وما أصبح عليه بعد أن تركه أهلها، وصار قطعة من الصحراء المقفرة المهجورة، فلم يبق به إلا آثار متهدمة وبقايا أطلال عفت وتهدمت أوطمرت، وقليل من الأحطاب فرقتها الريح والأمطار في كل مكان، وامتلأ هذا الوطن بالرهبة والفزع، وطمست معالمه وضاعت منه جميع آثار الحياة حتى أصبح متاهة، يضل بها الساري، ولو كان أخبر الناس بالطرق والجهات، وصار مأوى للسباع المفترسة، وقد خلا من الماء والرزق، حتى إن الحيوانات الضارية لا تجد ما تقتات به، فيتعارك كل منها مع الآخر، ويفترس القوي الضعيف، وقد امتلأت جميع البقاع، وبخاصة الأماكن المرتفعة، بالوحوش الضارية التي اتخذتها لها دارًا تقيم فيها هي وأولادها، كأنما هي عرين لها، يملأ النفوس رعبًا وفزعًا.

وفي مثل هذا يقول سويد بن أبي كاهل اليشكري:

كم قطعنا دون سلمى مهمهًا نازح الغور إذا الآل لمع (7)

 

في حرور ينضج اللحم بها يأخذ السائر فيها كالصقع(9)

وتخطيت إليها من عدى بزماع الأمر والهم الكنع(10)

وفلاة واضح أقرابها باليات مثل مرفت القزع(11)

يسبح الآل على أعلامها وعلى البيد إذا اليوم متع(12)

فركبناها على مجهولها بصلاب الأرض فيهن شجع(13)

وشاعرنا هذا في حديثه عن بعد حبيبته يقول: إن بينه وبينها قفارًا كثيرة، مترامية الأطراف، يلمع فيها السراب، حين يشتد الحر، وتهب الريح فيها ساخنة، وتكاد شدة الحرارة تنضج اللحم، وتصيب من يسير فيها بضربة شمس توشك أن تقضي عليه، وهذه المهامه الواسعة مملوءة بالأعداء الذين لا بد لاتقائهم من أخذ الحيطة، والاستعداد لملاقاة الخطر، وتلك القفار الشاسعة كلها مرتفعات ومنخفضات ومتعرجات، ومعالمها بالية لا يستطيع السائر أن يهتدي بها، ويغطي هضابها ووديانها السراب حين ترتفع الشمس، وتزداد اللهفة للشرب من شدة العطش، مما يجعل السفر في منتهى المشقة والألم، ولكن المضطر لا بد له من تجشم الصعاب، وتعسف السير في مجاهل مسالكها وأعلامها.

وهذه الصحراء الواسعة النائية الجهات، مملوءة بشتى الظواهر الطبيعية التي تتعاورها على اختلاف فصول السنة، تبعًا للارتفاع والانخفاض، ولئن كان الحر بها شديدًا في الصيف، فهناك بعض الأمكنة تهطل فيها الأمطار المصحوبة بالبرق والرعد، وبخاصة في أعالي الجبال، ومما قيل في ذلك ما ورد لامرئ القيس، إذ يقول(14):

أصاح ترى برقًا أريك وميضه كلمع اليدين في حبيّ مكلل(15)

يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط بالذبال المفتل (16)

قعدت له وصحبتي بين ضارج وبين العذيب بعد ما متأمل (17)

علا قطنًا بالشيم أيمن صوبه وأيسره على الستار فيذبل (18)

فأضحى يسح الماء في كل تلعة يكب على الأذقان دوح الكنهبل(19)

ومر على القنان من نفيانه فأنزل منه العصم من كل منزل(20)

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجمًا إلا مشيدًا بجندل(21)

كأن ثبيرا في عرانين وبله كبير أناس في بجاد مزمل (22)

كأن ذرا رأس المجيمر غدوة من السيل والغثاء فلكة مغزل(23)

وألقى بصحراء الغبيط بعاعه نزول اليماني ذي العياب المحمل(24)

كأن مكاكي الجواء غدية صبحن سلافًا من رحيق مفلفل(25)

كأن السباع فيه غرقى عشية بأرجائه القصوى أنابيش عنصل(26)

وهنا يصف الشاعر البرق بأنه كان يلمع وسط السحاب، في سرعة خاطفة كحركة اليدين ويرسل ضوءه في الجهات كأنما هو مصباح قوي مليء زيتًا، وأخذ الشاعر يتأمل السحاب فإذا به ينزل مطرًا مدرارًا، ويجري على الأرض سيلًا جارفًا يقتلع الأشجار والمنازل، ويخرج الوحوش من أوكارها، فتجري هاربة تبحث عن مأوى بعد أن دمر السيل مواطنها، ولكنها لا تفلت من قوة السيل وقسوته، فيجرفها تياره، وتلقى حتفها، وترى بعد من مخلفات السيل ضمن الغثاء الذي ملأ الأرجاء، ولكن الطيور فرحت به وابتهجت، ففي الصباح الباكر أخذت تغرد وتشدو بأعذب الألحان وقد كان حظ هذا الوادي الذي فاض بسيله أن ازدهر بالخصب، فامتلأ بالنبات والأزهار، وعمت الفرحة جميع الناس.

فإذا ما أردنا تصويرًا للحيوانات التي بصحراء الجاهليين، وجدنا شعراءهم قد أتوا بأوصاف جميع هذه الحيوانات، وبخاصة ما كان شديد الصلة بحياتهم منها، فالخيل والإبل، كان لهما أكبر الأثر في حياتهم، إن في السلم، وإن في الحرب، فأكثروا فيها القول، حتى وصفوا جميع أجزاء أجسامهما، وصوروا كل أحوالهما، وتكاد جميع القصائد الطوال من أشعار الجاهليين لا تخلو من أوصاف لهما، ومن القصائد التي صورت الإبل بجميع جزئياتها صغيرة وكبيرة، معلقتا طرفة ولبيد، وقد بدأ طرفة حديثه عن ناقته بأنها هي التي تنسيه الهم، فكلما نزل بساحته كرب أو غم، التجأ إليها، فذهبت به بسرعة، إذ سرعان ما تحمله وتنتقل به من مكان إلى آخر، فيرى من المظاهر المختلفة ما يبعث في نفسه الراحة والمتعة، ويؤكد ذلك بأنها ذلول مطيعة، وتبعث في نفسه الأمن والطمأنينة، وهو على ظهرها؛ لأنها قوية، صبور على السير في كل الأوقات، وفي جميع الجهات، لا تمل السفر ليلًا أو نهارًا، وتجري في الأرض السهلة والصلبة، وفي الطرق معبدة كانت أو مهجورة، معروفة أو مجهولة، وذلك لأنها تعيش على أحسن الغذاء، ومعتنى بها في طعامها وشرابها أشد الاعتناء، فجسمها موثق، محكم العضلات، ومتين البنيان، وأخذ يصف كل جزء من جسمها، فيقول عنها في معلقته(27):

وإني لأمضي الهم عند احتضاره بعوجاء مرقال تروح وتغتدي(28)

أمون كألواح الأران نسأتها على لاحب كأنه ظهر برجد (29)

جمالية وجناء تردي كأنها سفنجة تبري لأزعر أربد (30)

تباري عتاقًا ناجيات وأتبعت وظيفًا وظيفًا فوق مور معبد(31)

تربعت القفين في الشول ترتعي حدائق موليّ الأسرة أغيد(32)

تريع إلى الصوت المهيب وتتقي بذي خصل روعات أكلف ملبد(33)

كأن جناحي مضرحي تكنفا حفافيه شكا في العسيب بمسرد(34)

فطورًا به خلف الزميل وتارة على حشف كالشن ذاوٍ مجدد(35)

لها فخذان أكمل النحض فيهما كأنهما بابا منيف ممرد(36)

وطي محال كالحنيّ خلوفه وأجرنة لزت بدأي منضد(37)

كأن كناسي ضالة يكنفانها وأطر قسي تحت صلب مؤيد(38)

لها مرفقان أفتلان كأنما تمر بسلمي دالج متشدد(39)

كقنطرة الرومي أقسم ربها لتكتنفن حتى تشاد بقرمد(40)

صهابية العثنون مؤجدة القرا بعيدة وخد الرجل موَّارة اليد(41)

أمرت يداها فتل شزر وأجنحت لها عضداها في سقيف مسند(42)

جنوح دفاق عندل ثم أفرعت لها كتفاها في معالي مصعد(43)

كأن علوب النسع في دأياته موارد من خلقاء في ظهر قردد(44)

تلاقى وأحيانًا تبين كأنها بنائق غر في قميص مقدد(45)

وأتلع نهاض إذا صعدت به كسكان بوصي بدجلة مصعد(46)

وجمجمة مثل العلاة كأنما وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد(47)

وعينان كالماويتين استكنتا بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد(48)

طحوران عوار القذى فتراهما كمكحولتي مذعورة أم فرقد(49)

وخد كقرطاس الشآمي ومشفر كسبت اليماني قده لم يحرد(50)

وصادقتا سمع التوجس في السرى لجرس خفي أو لصوت مندد(51)

مؤللتان تعرف العتق فيهما كسامعتي شاة بحومل مفرد(52)

وأروع نباض أحذ ململم كمرداة صخر من صفيح مصمد(53)

وأعلم مخروت من الأنف مارن عتيق متى ترجم به الأرض تزدد(54)

وإن شئت سامى واسط الكور رأسها وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد(55)

وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت مخافة ملوي من القد محصد(56)

على مثلها أمضي إذا قال صاحبي ألا ليتني أفديك منها وأفتدي(57)

أما لبيد فقد تحدث كذلك عن ناقته من حيث السرعة، واحتمال الأسفار، وأعضاء جسمها، ولكنه في تصوير سرعتها يقارنها مرة بأتان يطاردها فحل قد اعتاد مطاردة الفحول، فأثر ذلك في جسمه ونشاطه وسرعته، وأخذ يعلو حدب الأكام، وكان الغبار يرتفع في الفضاء من إثر جريهما، كأنه دخان نار ساطعة قد هبت عليها رياح الشمال، واستمرا على ذلك حتى أضناهما التعب، واشتد بهما العطش، ومرة أخرى يقارنها ببقرة وحشية قد أكل السبع ولدها، فذعرت، فأخذت تجري في الفيافي والقفار، وتسمع صوت صياد فتمتلئ رعبًا، وتزداد سرعة، ويحس الصائد أنه لا أمل في أن ينالها بسهامه، فيرسل وراءها كلابًا مسترخية الآذان، معودة للصيد، فلحقتها الكلاب، فرجعت البقرة عليهن تطعنهن لتطردهن عن نفسها.

والشاعر في هذا الوصف قد أفادنا بهذا الاستطراد، بتصوير حمر الوحش، والبقر الوحشية، وكلاب الصيد، وهذه الأوصاف تنبئنا عن أحوال هذه الحيوانات وطبيعتها، كما تدل على دقة الملاحظة، وقوة الإحساس الشعري عند الشاعر الجاهلي.

أما الخيل، فما أكثر الحديث عنها في الشعر الجاهلي، سواء في مجال الصيد، أم في مجال الحرب، وكلاهما يجيء في معرض الفخر بالفتوة والبطولة. وقد اشتهر بنعت الخيل من الشعراء طفيل الغنوي وأبو دؤاد الإيادي. والنابغة الجعدي. ومن خير الأمثلة في وصف خيل الصيد ما قاله امرؤ القيس عنها في معلقته، وقد ذكرنا هذا الوصف في الكلام عن المعلقة، ومن أمثلة ما جاء في وصف خيل الحرب، ما ورد للمزرد عنها، فقد أجاد في وصفها ذكورًا وإناثًا. وقد بدأ بوصف الذكور فقال في المفضلية 17: (58)

وعندي إذا الحرب العوان تلقحت وأبدت هواديها الخطوب الزلازل(59)

طوال القرا قد كاد يذهب كاهلًا جواد المدى والعقب، والخلق كامل(60)

أجش صريحي كأن صهيله مزامير شرب جاوبتها جلاجل(61)

متى ير مركوبًا يقل باز قانص وفي مشيه عند القياد تساتل(62)

تقول إذا أبصرته وهو صائم خباء على نشز أو السيد ماثل(63)

خروج أضاميم وأحصن معقل إذا لم تكن إلا الجياد معاقل(64)

مبرز غايات وإن يتل عانة يذرها كذود عاث فيها مخايل(65)

يرى طامح العينين يرنو كأنه مؤانس ذعر فهو بالأذن خاتل(66)

إذا الخيل من غب الوجيف رأيتها وأعينها مثل القلات حواجل(67)

وقلقلته حتى كأن ضلوعه سفيف حصير فرجته الروامل(68)

يرى الشد والتقريب نذرًا إذا عدا وقد لحقت بالصلب منه الشواكل(69)

له طحر عوج كأن مضيغها قداح براها صانع الكف نابل(70)

وصم الحوامي ما يبالي إذا جرى أَوَعْثُ نقا عنت له أم جنادل(71)

وسلهبة جرداء باق مريسها موثقة مثل الهراوة حائل(72)

كميت عبناة السراة نمى بها إلى نسب الخيل الصريح وجافل(73)

من المسبطرات الجياد طمرة لجوج، هواها السبسب المتماحل(74)

صفوح بخديها وقد طال جريها كما قلب الكف الألد المجادل (75)

يفرطها عن كبة الخيل مصدق كريم وشد ليس فيه تخاذل(76)

وإن رد من فضل العنان توردت هويّ قطاة أتبعتها الأجادل(77)

مقربة لم تقتعد غير غارة ولم تمتر الأطباء منها السلائل(78)

إذا ضمرت كانت جداية حلب أمرت أعاليها وشد الأسافل(79)

وقد أصبحت عندي تلادًا عقيلة ومن كل مال متلدات عقائل(80)

وأحبسها ما دام للزيت عاصر وما طاف فوق الأرض حاف وناعل(81)

ومما جاء في وصف النعام ما قاله علقمة الفحل في حديثه عن الناقة(82):

كأنها خاضب زعر قوادمه أجنى له باللوى شري وتنوم(83)

يظل في الحنظل الخطبان ينقفه وما استطفت من التنوم مخذوم(84)

فوه كشق العصا لأيًا تبينه أسك ما يسمع الأصوات مصلوم(85)

حتى تذكر بيضات وهيجه يوم رذاذ عليه الريح مغيوم(86)

فلا تَزَيّده في مشيه نفق ولا الزفيف دوين الشد مسئوم(87)

يكاد منسمه يختل مقلته كأنه حاذر للنخس مشهوم(88)

وضاعة كعصي الشرع جؤجؤه كأنه بتناهي الروض علجوم(89)

يأوي إلى حكسل زعر حواصله كأنهن إذا بركن جرثوم(90)

حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم(91)

يوحي إليها بأنقاض ونقنقة كما تراطن في أفدانها الروم(92)

صعل كأن جناحيه وجؤجؤه بيت أطافت به خرقاء مهجوم(93)

تحفه هقلة سطعاء خاضعة تجيبه بزمار فيه ترنيم(94)

يضرب الشاعر هنا مثلا لسرعة الناقة، بسرعة هذا الظليم، فيحدثنا عن أوصافه، وطبيعته، فهو قد اكتمل جسمًا وقوة، وتوفر له الغذاء الشهي ويتعرض لوصف فمه، وأذنيه، وساقيه، ويذكر أنه من طبيعته الاهتمام بالبيض، وبخاصة في أيام المطر، فإذا أحس أن المطر وشيك الحدوث، أسرع في الرواح ولو كان في غير ميعاد الإياب، وتزداد سرعته إذا كان بعيدًا عن مبيضه، أو إن بدأ سقوط المطر، وفي جريه السريع لا يمل ولا يشعر بالتعب، بل يضاعف من سرعته وتزيد حركة رجليه ورأسه، انخفاضًا وارتفاعًا، حتى ليكاد منسمه يشك عينه، وكلما ازداد جريه انتفخ صدره، فيتراءى كأنه بربط، ويظل يجري ويجري؛ ليصل إلى فراخه، وينقذ بيضاته، فتداركها، وحفظها، ثم نادى نعامته بأصوات معينة لم يفهمها الشاعر فكانت في سمعه كأنها رطانة الروم في قصورهم، وأخذ الظليم برأسه الصغير، وعنقه الخفيف، يرفع جناحيه ويخفضهما بسرعة، فجاءت إليه نعامته، وقد ردت عليه بصوت الأنثى فيه نغم وترنيم.

وهذا وصف بديع لهذا النوع من الحيوان، وتصوير لطيف لبعض عاداته، وقد أشار فيه الشاعر إلى معرفته بشيء عن الروم مما يدل على الصلة بينهم وبين العرب منذ الجاهلية.

ولو أردنا أن نستقصي كل ما قيل عن الحيوانات والطيور والحشرات في الشعر الجاهلي لطال بنا البحث والدرس، ويكفينا أن نذكر أنه قد ألفت في هذا الموضوع كتب، وقام فيه بعض الباحثين بأبحاث ودراسات مختلفة.

وفي وصف الأسلحة قال أوس بن حجر(95):

وإني امروء أعددت للحرب بعدما رأيت لها نابا من الشر أعصلا

أصم ردينيا كأن كعوبه نوى القسب عراصًا مزجًا منصلا(96)

عليه كمصباح العزيز يشبه لفصح ويحشوه الذبال المفتلا(97)

وأملس حوليًّا كنهي قرارة أحس بقاع نفح ريح فأجفلا(98)

كأن قرون الشمس عند ارتفاعها

وقد صادفت طلعًا من النجم أعزلا(99)

تردد فيه ضوءها وشعاعها فأحصن وأزين لامرئ أن تسربلا

وأبيض هنديا كأن غراره تلألؤ برق في حبي تكللا(100)

إذا سل من غمد تآكل أثره على مثل مصحاة اللجين تأكلا(101)

كأن مدب النمل يتبع الربا ومدرج ذر خاف بردًا فأسهلا(102)

على صفحتيه بعد حين جلائه كفى بالذي أبلي وأنعت منصلا

ومبضوعة من رأس فرع شظية بطود تراه بالسحاب مجللا

على ظهر صفوان كأن متونه عللن بدهن يزلق المتنزلا

يطيف بها راع يجشم نفسه ليكلأ فيها طرفه متأملا

فلاقى امرءًا من ميدعان وأسمحت قرونته باليأس منها وعجلا(103)

فقال له: هل تذكرن مخبرًا يدل على غنم ويقصر معملا

على خير ما أبصرتها من بضاعة لملتمس بيعًا لها أو تبكلا(104)

فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن لتبلغه حتى تكل وتعملا

فأبصر ألهابًا من الطود دونه يرى بين رأسي كل نيقين مهبلا(105)

فأشرط فيها رأيه وهو معصم وألقى بأسبات له وتوكلا(106)

وقد أكلت أظفاره الصخر كلما تعيا عليه طول مرقى تسهلا

فما زال حتى نالها وهو مشفق على موطن لو زل عنه تفصلا(107)

فأقبل لا يرجو الذي صعدت به ولا نفسه إلا رجاءً مؤملا

فلما قضى مما يريد قضاءه وحل بها حرصا عليها فأطولا

أمر عليها ذات حد غرابها رقيق بأخذ بالمداوس صيقلا

على فخذيه من براية عودها شبيه سفا البهمى إذا ما تفتلا(108)

فجردها صفراء لا الطول عابها ولا قصر أزرى بها فتعطلا

إذا ما تعاطوها سمعت لصوتها إذا أنبضوا عنها نئيمًا وأملا(109)

وإن شد فيها النزع أدبر سهمها إلى منتهى من عجسها ثم أقبلا(110)

وحشو جفير من فروع غرائب تنطع فيها صانع وتنبلا(111)

تخيرن أنضاء وركبن أنصلا كجمر الغضا في يوم ريح تزيلا(112)

فلما قضى في الصنع منهن فهمه فلم يبق إلا أن تسن وتصقلا

كساهن من ريش يمان ظواهرا سخاما لؤامًا لين المس أطحلا(113)

فذاك عتادي في الحروب إذا التظت وأردف بأس من خطوب وأعجلا

فإني رأيت الناس إلا أقلهم خفاف العهود يكثرون التنقلا

وإذا نظرنا في الوصف في الشعر الجاهلي نجد أنه على العموم، يعطينا صورة واضحة للمنظر الخارجي لكل ما وصفه الشعراء، حتى إن الموصوفات في جميع أحوالها تقريبا تكاد تتجسم أمامنا من خلال الشعر، خاصة الحسية منها في دقة وإتقان.

ومع أن كل ما حاول الشعراء وصفه جاء تصويره على العموم دقيقًا متقنًا، فإن بعض الموصوفات نالت اهتمامًا ظاهرًا فمثلا الإبل والخيل قد فاقت في التصوير كل ما عداها، ويبدو واضحًا في الشعر، أنها حظيت من الشعراء بعناية فائقة واهتمام كبير، فقد صوروها تصويرًا دقيقًا: في حركاتها وسكناتها، وتتبعوا أجسامها جزئية جزئية، ولم يقتصروا على أعضائها الظاهرة، صغيرها وكبيرها، بل تحدثوا كذلك عن بعض أجزاء باطنية لا تراها العين كالنسا والشظا والقلب وفقار الظهر. وربما كان سبب هذه الخطوة أن الإبل كانت عماد حياتهم في الصحراء، والعرب-كانوا وما يزالون- يهيمون بالخيل، ويعتزون بها اعتزازًا كبيرًا حتى إنها كانت تعامل معاملة خاصة تنم عن حب العربي لها وتعلقه الشديد بها، لدرجة أنه كان لا يفارقها، فكانت تحت سمعه وبصره وحسه، ولا عجب حينئذ أن هيأ لهم ذلك فرصة طيبة لتتبعها في حركاتها وسكناتها، وتفحصها جزئية جزئية، فجاء تصويرهم لها بالغ الدقة والإتقان.

ويظهر من الشعر كذلك أن انفعال العربي بالخيل كان عظيمًا، وأنها كانت مصدر وحي وإلهام لا ينفد، فكثيرًا ما نجد الشاعر يطيل الحديث في تصويره فرسه، ثم يتبعه بصورة أخرى للحصان، مع أنه ليس هناك فرق بين الأنثى والذكر في هذا التصوير، اللهم إلا في الألفاظ والعبارات. ولئن قيل في تعليل ذلك أن الشاعر كان يقصد أن يبين أن لديه خيلًا كثيرة من ذكور وإناث، أو نحو ذلك، فإن هذا، بجانب ذلك كله، يدلنا على شدة تعلق العربي بالخيل وكثرة تأمله فيها، وقوة تأثر عواطفه وإحساساته بها، حتى دفعه ذلك إلى محاولة التنويع في التصوير.

والسائد في الوصف هو التصوير الحسي الذي يراد منه إدراك الموصوف بإحدى الحواس ومن المعروف أن الأشياء الحسية أقوى ظهورًا، وأسرع إدراكًا، وأقرب منالًا، ولا تحتاج في إدراكها إلى تعب عقلي، أو كد ذهني، وهذه أنسب الأمور للعقليات التي لم تمرن على التعمق في التفكير، أو إجهاد العقل في البحث والتأمل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المفضليات: دار المعارف سنة 1964 ص258 ق: 64 ب: 1-6.

(2) النؤي: الحاجز الذي يكون حول الخباء لئلا يدخله الماء، كما يقال أيضا للحفيرة التي تحفر حول الخباء لترد الماء عنها، الأواري: جمع آري، هو ما حبس الدابة من وتد ونحوه. الركي: جمع ركية، وهي البئر. دفان: مندفنة، جمع دفين.

(3) الحطوبات: جمع حطوبة، وهو ما يحتطبه الإماء ويجمعنه. الولائد: الإماء، ذعذعت: فرقت.

(4) مروراة: لا ماء فيها، ولا تنبت شيئًا، يحار: يضل، يقصد أن القطا يتيه فيها ويضل، ولا يهتدي فيها لشيء وليس في الطير أهدى من القطا، فإذا حار في مكان كان غير القطا فيه أشد حيرة. السبع: المفترس من الحيوان، يعتركان: يلتمس كل منهما أكل صاحبه من الجدب.

(5) أسماطًا: لعله يريد أسمالًا أي بالية.

(6) الشرف: المرتفع من الأرض، الأرجاء: جمع "رجا" بالألف، وهي النواحي، العوذ: الإبل التي معها أولادها، هجان: كرام

(7) المفضليات: ص193، ب: 20-25

(8) المهمه: القفر، النازح: البعيد، الغور: معظم بعده، الآل: السراب.

(9) الحرور: الريح الحارة التي تهب بالنهار، أما السموم فتكون بالليل والنهار جميعًا، الصقع: حرارة تصيب الرأس.

(10) عدى: الأعداء، زماع الأمر: الجد فيه، الكنع: الذي يلازم ولا يفارق.

(11) الأقراب: الخواصر، وهي هنا تشبيه، أراد جوانبها وأطرافها التي هي بمنزلة الخواصر من الناس، المرفت: المكسر المتحطم، القزع: جمع قزعة وهي بقايا تبقى من الشعر في الرأس، شبه بها علامات الفلاة.

(12) الأعلام: الجبال، البيد: جمع بيداء وهي القفر، متع اليوم: ارتفعت شمسه.

(13) ركبناها على مجهولها، سرنا فيها على جهل بمسالكها وأعلامها، وبصلاب الأرض: بخيل صلاب الحوافر، وأرض الفرس: حوافرها. الشجع: جنون من النشاط.

(14) المعلقات: دار المعارف سنة 1963.

(15) وميضه: بريقه، كلمع اليدين: حركتهما، حبي: سحاب، مكلل: بعضه فوق بعض.

(16)السنا: الضوء. أما السناء بالمد فهو الجد والشرف، السليط: الزيت "عند عامة العرب"، ودهن السمسم "عند أهل اليمن"، الذبال: جمع ذبالة وهي الفتلة والجمع فتائل.

(17) معناه: قعدت لذلك السحاب أنظر من أين يجيء المطر. وضارج والعذيب: موضعان. بعدما متأمل: أي بعد ما تأملت أي تبينت. وما اسم موصول بمعنى الذي. أو زائدة. ومتأمل مخفوض بإضافة بعد إليه.

(18) قطن: جبل في أرض بني أسد. الشيم: النظر إلى البرق أين هو، يقال: شم البرق أي انظر أين هو. الستار ويذبل: جبلان. الصوب: نزول المطر.

(19) سح: يصب، التلعة: مسيل الماء، الأذقان: شجر، ويكب على الأذقان: معناه يقلع الشجر، الدوح: العظام من الشجر، واحدته دوحة، الكنهبل: شجر من أعظم العضاة. وواحد العضاة عضة.

(20)القنان: جبل بني أسد، النقيان: أصله ما تطاير من الرشاء عند الاستقاء، وهو هنا ما شذ عن معظمه، العصم: تيوس الجبال، واحدها أعصم، وهو الذي يخالط بياضه حمرة.

(21) تيماء: قرى بالحجاز معروفة، الأجم والآجام: البيوت المسقفة، يقصد أن هذا السيل مر كذلك بتيماء، فاقتلع جذوع النخل، وجميع البيوت إلا ما كان منها مشيدًا بالحجارة والجص.

(22) ثبير: جبل بمكة، عرانين:أوائل، الوبل: المطر العظيم الشديد الوقع، البجاد: كساء للأعراب من وبر الإبل وصوف الغنم مخطط، مزمل: ملتف، يريد أن الجبل حينما غطاه الماء كان يشبه شيخًا في كساء مخطط، وذلك رأس الجبل حينما غطاه الماء كان يشبه شيخًا في كساء مخطط؛ وذلك لأن رأس الجبل يضرب إلى السواد والماء حوله أبيض.

(23) المجيمر: أرض لبني فزارة، الغثاء: ما يحمله السيل، فلكة مغزل: ما استدار فوق رأسه.

(24) صحراء الغبيط: أرض بني يربوع، بعاعه: ثقله. العياب: الحقائب. جمع عيبة، يقصد أنه ألقى بمياهه فخرج بسببه نبات وزهر مختلف ألوانه، كاختلاف ألوان الثياب اليمانية حتى ينشرها التاجر فيكون بعضها أحمر وبعضها أصفر وبعضها أخضر.

(25) مكاكي: جمع مكاء وهو طائر. الجواء: من الأرض العظيم، وقيل هو ما اتسع من الأرض. وقد يكون جمعًا واحده جو، صبحن: شربن من الصبوح، السلاف: أول ما يعصر من الخمر. والرحيق: صفوة الخمر، والمفلفل: الذي قد ألقيت فيه التوابل، يقصد أن الطيور كانت تغرد كأنها سكارى من الخمر؛ وذلك لأن الطيور حينما ترى الخصب والمطر تفرح وتشدو كأن كلا منها شارب يغني. فهي لا تغرد إلا في الخصب.

(26) العنصل: بصل بري يعمل منه خل شديد الحموضة لا يقدر على أكله. والأنابيش جماعات من العنصل يجمعها الصبيان، ويقال: الأنابيش: العروق، وسميت أنابيش لأنها تنبش أي تخرج من الأرض، الأرجاء: النواحي والجوانب واحدها رجا، وهنا يشبه السباع الغرقى بتلك الأنابيش من العنصل.

ولخفاف بن ندبة أبيات في مثل معنى أبيات امرئ القيس مذكورة في الأصمعيات: دار الكتب 1964 ص25ب، 29-38.

(27) راجع ديوان طرفة بن العبد، نشر المؤلف.

(28) أمضي الهم: أذهبه وأبعده عني، ويجوز أن يكون "الهم" معناه العزم، فيكون معنى "أمضي": أنفذ. احتضاره: حضوره. عوجاء: ضامرة لحق بطنها بظهرها، أو لا تستقيم في سيرها لفرط نشاطها، مرقال: صيغة مبالغة من الإرقال، وهو أن يسرع وينفض رأسه، وهو بين السير والعدو وإنما خص العوجاء؛ لأنها ذات أظافر قد اعتادت ذلك، فهو أصبر لها وأمضى، تروح وتغتدي: تصل آخر النهار بأوله في السير يقول: إني أبعد الهم عن حضوره، وأنفذ إرادتي بناقة ضامرة نشيطة في سيرها، وتصل الليل بالنهار في أسفارها.

(29) أمون: يؤمن عثارها، الأردان: تابوت الموتى، وكانوا يحملون فيه ساداتهم وكبراءهم دون غيرهم. والألواح: جمع لوح، وهي كل خشبة عريضة، وشبه الناقة بالألواح الأران لسعة جنبيها، وشدة خلقها. نسأتها: ضربتها بالمنسأ وهي العصى. لاحب: منقاد. تظهر فيه آثار المشي. برجد: كساء مخطط، شبه الطرائق التي في الطريق بطرائق البرجد والشاعر هنا يقصد أن الطريق كان كبرجد مخطط، ولم يقصد الظهر دون البطن. أي أن الناقة لا تخشى عثراتها، فراكبها آمن وهي قوية موثقة الخلق، وأزجرها بالعصا فتنطلق مسرعة على طريق مألوف مطروق، قد ظهرت آثار المشي فيه.

(30) جمالية: ناقة تشبه الجمل في وثاق الخلق. والوجناء: المكتنزة اللحم، والعظمة الوجنات. الرديان: العدو. فتردى: تعدو وتسرع. سفنجة: نعامة. تبري: تعرض. الأزعر: ذكر النعام القليل الشعر. أربد: فيه ربدة، وهي لون إلى الغيرة، أي يميل إلى لون الرماد. يقول: إن هذه الناقة قوية كالجمل، مكتنزة اللحم، وهي في عدوها كأنها نعامة تعرض لظليم قليل الشعر رمادي اللون.

(31) المباراة: أن يفعل شخص مثل ما يفعل آخر مغالبًا، فتبارى تسابق وتغلب، عتاقًا: إبلًا كرامًا، ناجيات: مسرعات في السير: والوظيف، في اليد من الرسغ إلى الركبة، وفي الرجل، من الرسغ إلى العرقوب، ومعنى "أتبعت وظيفًا وظيفًا": أنها أتبعت وظيف رجلها وظيف يدها، وقيل: المعنى وضعت وظيف رجلها موضع وظيف يدها، وهو ضرب من السير يعرف بالمناقلة والنقال. مور: طريق. معبد: مذلل. أو وطئ حتى أذهب نبته وأثر فيه المشي، فذلل بالمشي كما يذلل المعبد، والمعنى أن هذه الناقة في مشيها تسابق إبلًا كرامًا سريعات في السير، وتتبع وظيف رجلها وظيف يدها فوق طريق مذلل بالسلوك فيه والوطء عليه بالأقدام والحوافر والمناسم .

(32) التربع: رعي الربيع، والإقامة بالمكان، واتخاذه ربعًا، والقف ما ارتفع من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلًا، وهو هنا موضع بعينه، وهو حران بن تميم وإنما خص القف لأن نبته أحسن من غيره، وثناه هنا لإقامة الوزن باسم موضع آخر ضمه إليه مما يجاوره، فسماه باسمه، الشول: جمع شائلة وهي الناقة التي خف ضرعها، وقل لبنها، وهي التي أتى عليها من وقت نتاجها سبعة أشهر، والحدائق: جمع حديقة، وهي البستان، وكل شجر ملتف أو نخل، سميت بذلك لإحداق الحوائط بها، مولي: إصابة الولي وهو مطر يلي مطرًا. الأسرة: بطون الأودية وغيرها، جمع سرارة، وهي بقال الأودية. أغيد: ناعم، يتثنى من النعمة، وفي هذا البيت يتحدث عن هذه الناقة، فيقول: إنها ترعى أيام الربيع كلا القفين، وهما مشهوران بنبتهما، وتذهب للرعي وسط نوق خفت ضروعها وقلت ألبانها بما تزيد في الأكل فيؤثر في سمنها وقوتها، وشدة احتمالها، ومرعاها في وادٍ كثير الأمطار، طيب التربة، كثير الخيرات، ناعم النبات.

(33) تربع: ترجع، من الريع، وهو الرجوع، المهيب: اسم فاعل من الإهابة، وهي دعاء الإبل، فالمهيب هو الداعي يصيح بالإبل، تتقي: من الاتقاء، وهو الحجز بين شيئين، ذي خصل: فيه خصل من الشعر، روعات: جمع روعة، وهي الفزع، الأكلف في لونه كلفة، وهي لون بين السواد والحمرة، ووصف فحل الإبل يفيد أنه في خصب وخير وأن هذه الناقة مدربة، وذكية، تعود إلى راعيها حينما يدعوها، وهي تدفع أقوى الفحول عنها بذنب قوي كثير الشعر.

(34) جناحي: تثنية جناح، مضرحي: نسر أبيض: تكنفا عن يمين الذنب وشماله، حفافيه: جانبيه: شكا: غرزا. العسيب: الذنب. شبه شعر ذنبها بجناحي نسر أبيض ومعنى البيت: كأن جناحي نسر أبيض قد غرزا بإبرة في عظم ذنبها.

(35) الزميل: الرديف، حشف: أخلاف متقبضة لا لبن فيها، الشن: القربة الخلق الجافة، ذاو: ذابل، مجدد: ذاهب لبنه، وأصله من جددت الشيء إذا قطعته، أي أن ذنب هذه الناقة تارة تحركه على عجزها خلف رديف راكبها، وتارة تحركه على أخلاف منقبضة لا لبن فيها كقربة بالية: يقصد أن هذه الناقة نشيطة الجسم، قوية، فهي تحرك ذنبها دائمًا إلى أعلى وأسفل من فرط نشاطها، ولم يضعفها حلب اللبن أو إرضاعه.

(36) أكمل: أتم، النحض: اللحم، منيف: عالٍ مرتفع، ممدد: مشرف، والمرد: الطول، من قولهم "تمرد" أي تجاوز في الشر، وقيل: المرد: الملس، ومنه "شجرة مرداء"، إذا سقط ورقها فصارت ملساء، ومنه سمي الأمرد أمرد لأنه أملس الخدين، أي أن هذه الناقة لها فخذان كاملتا الخلق، مكتنزتا اللحم، كأنهما مصراعا باب قصر عال مملس.

(37) المحال: فقار الظهر، وهي جمع، مفرده محالة وهي الفقرة. طي محال: أي أن هذه الفقار مطوية، متراصة، دانٍ بعضها من بعض، وذلك أشد لها، وأقوى من أن تكون متباينة متباعدة، الحنى: جمع حنية وهي القوس، الخلوف: جمع خلف، وهو الضلع، وشبه الأضلاع بالقسي في الأنحاء، وذلك أوسع لجوفها: أجرنة: جمع جران، وهو من البعير مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره، والناقة لها جران واحد، ولكنه جمعه باعتبار ما حوله، لزت: شدت وضمت، الدأي: فقار العنق، واحدته داية، منضدة: من التنضيد، وهو وضع الشيء على الشيء، أي ملصق بعضه ببعض، والمعنى أن هذه الناقة فقار ظهرها متراصة متداخلة، فهي في منتهى القوة، وأضلاعها المتصلة بهذه الفقار منحنية في صلابة كالقسي، فجوفها واسع، وباطن عنقها وما حوله قد شد إلى فقار عنق نضد بعضها على بعض.

(38) الكناس: بيت يحتفره الوحش في أصل الشجر ليستكن فيه من الحر والبرد. والضالة: شجرة السدر البري، يشبه الفراغ الذي بين مرفقيها وزورها بكناسين في السعة، أي أن مرفقيها بعيدان عن إبطيها، وذلك أبعد لها من العثار، وأطر القسي: عطفها وانحناؤها. صلب: ظهر. مؤيد: قوي. إن هذه الناقة واسعة الإبطين، فهي مأمونة العثار، ولها ضلوع قوية منحنية تحت ظهر صلب متين، فهي شديدة، تتحمل مشاق السفر وآلامه.

(39) أفتلان: فتلا فتلا، فهما مندمجان قويان. سلمي: مثنى سلم وهو دلو بعروة واحدة. دالج: سقاء يأخذ الدلو من البئر فيفرغها في الحوض. متشدد: شديد قوي. يقول هنا: ولهذه الناقة مرفقان شديدان بعيدان عن جنبيها فكأنها تمر مع دلوين من دلاء الدالجين الأقوياء. شبهها هنا بسقاء حمل دلوين إحداهما بيمناه والأخرى بيسراه فبانت يداه عن جنبيه.

(40) القنطرة: الجسر وشبه الناقة بالقنطرة لانتفاخ جوفها، وشدة خلقها. الرومي: واحد الروم؛ وخصه بالذكر لأنه أحكم عملًا، أقسم: حلف. ربها: مالكها، لتكتنفن: ليحاطن بها من جميع نواحيها. تشاد: ترفع، يقال: "أشاد بذكره، إذا رفعه". والقرمد: الأجر، وهو أعجمي معرب. والمعنى: أن هذه الناقة في تراصف عظامها وتداخل أعضائها كقنطرة رومي يحب إتقان العمل، وقد حلف أن تبنى من كل ناحية بدقة وإحكام، ويشاد بناؤها بأقوى المواد وأصلبها، فجاءت متينة قوية محكمة.

(41) صهابية: في لونها صهبة، وهي حمرة أو شقرة في الشعر، فتحمر ذفارى الناقة "أي ما خلف أذنيها". وعنقها وكتفاها وزورها وأوظفتها. العثنون: ما تحت لحييها، موجدة: موثقة شديدة، القرا: الظهر. الوخد: أن تزج بقوائمها وتسرع. ومعنى بعيدة وخد الرجل: أن تأخذ رجلها من الأرض أخذًا واسعًا سريعًا. موارة: من المور، وهو التحرك والجريان على وجه الأرض، وموارة اليد: ليست يدها كزة ولا جاسية فجلد كتفيها ومنكبيها لين يموج، فيداها تتحركان بسرعة في سهولة ويسر، فهذه الناقة في عثنونها صهبة، وفي ظهرها قوة، وحركات يديها ورجليها سهلة واسعة سريعة.

(42) أمرت يداها: فتلت شديدًا، والفتل الشزر: الفتل عن اليسار، وهو أشد الفتل. أجنحت: أمليت حتى كأنها منكبة، السقيف: صفائح حجارة، والمقصود به هنا الزور، وهو وسط الصدر وما ارتفع منه إلى الكتفين، أي كأن زورها صفائح حجارة. مسند: أسند بعضه إلى بعض، أي شديد الخلق. والمعنى أن يدي هذه الناقة مفتولان فتلا قويًا، وقد أميلت عضداها تحت جنبين كأنها سقف أسند بعض حجارته إلى بعض.

(43) جنوح: تجنح في سيرها، أي تميل نشاطًا وسعرة، دفاق: متدفقة في سيرها. مسرعة غاية الإسراع، عندل: ضخمة الرأس، أفرعت: عوليت وأشرفت، معالي: عال. مصعد: مرتفع، رفع إلى أعلى أي أن هذه الناقة شديدة الميلان في سيرها لفرط نشاطها. مسرعة غاية الإسراع. وهي عظيمة الرأس, وقد ارتفعت كتفاها في خلق معالي مرتفع.

(44) علوب: جمع علب، وهي الآثار، والنسع: حبل مضفر من أدم، أو سير ينسج عريضًا على هيئة العنان، تشد به الرحال، الدأيات: فقر الظهر والكاهل، أو غراضيف الصدر وضلوعه، والموارد: طرق الوراد إلى الماء، خلقاء: صخرة ملساء. فردد: أرض مرتفعة. صلبة: شبه آثار النسع بطرق وراد المياه في البياض أوظهور الأثر بوضوح. وجنباها وصدرها كالصخرة الملساء في أرض صلبة غليظة مرتفعة، والمعنى أن آثار النسع في ظهر هذه الناقة وجنبيها كآثار وراد المياه على هضبة في أرض مرتفعة صلبة. أو أن هذه النسوع لا تؤثر في هذه الناقة إلا كما تؤثر الموارد في الصخر الملساء.

(45) تلاقي: يعني الموارد، أي يتصل بعضها ببعض، تبين: تتفرق. البنائق: جمع بنيقة، وهي جيب القميص وطوقه. وقيل: البنائق هي الدخاريص، مفردها دخريص، وهو ما يوصل به البدن ليوسعه، غر: بيض، مقدد: قديم خلق شبه هذه الآثار لبياضها بتلك الرقاع في هذا القميص. ومعنى البيت: أن أثر هذه النسوع مثل هذه الطرق تفترق مرة وتلتقي أخرى، وهذه الآثار شديدة البياض كالبنائق البيضاء في قمصان خلقان.

(46) أتلع: عنق طويل. نهاض: كثير النهوض. صعدت به: رفعته. البوصي: نوع من السفن. والسكان: سهم السفينة. دجلة: نهر مشهور بالعراق. مصعد: يرتفع؛ وذلك لأنه يعالج الموج. أي أن عنق هذه الناقة طويل، سريع النهوض. وهو في حركته في الارتفاع والانتصاب كسكان سفينة تجري في نهر دجلة.

(47) الجمجمة: العظم الذي فيه الدماغ. العلاة: السندان. وهي التي يضرب عليها الحديد. شبه الجمجمة بها في الصلادة. وعى: انضم واجتمع، وتماسك. الملتقى: حيث تلتقي طرف الجمجمة مع فراش الرأس. حرف المبرد: طرفه أي أن ملتقى شئون رأسها ليس فيه نتوء، بل إنه ملتئم كله كالتئام المبرد من تحت حزوزه. وكان الأصمعي يقول: لم يأت أحد بهذا التشبيه غير طرفة. والمعنى: أن هذه الناقة لها جمجمة كالسندان في الصلابة، وموضع التقائها بفراش الرأس لا تظهر فيه نتوء شاخصة؛ وإنما هو ملتئم متين كالمبرد.

(48) الماويتان: مثنى ماوية، وهي المرآة، وشبه العين بها في الصفاء، استكنتا: استترتا، يريد أنهما غائرتان، كهفي: مثنى كهف. وهو غار، والمقصود الغار الذي فيه العين: حجاجي: مثنى حجاج وهو العظم المشرف على العين وهي صافية غائرة وسط العظم، بنقرة ماء عميقة في وسط صخرة. فمعنى البيت: أن عينها صافية صفاء المرآة. وصفاء الماء النقي، وغائرة في عظم قوي صلب كقلت في أرض صخرية.

(49) طحوران: أي يدفعان ويطردان، عوار القذى: قطعة من الرمد، والقذى: وسخ العين وما يسقط فيها. وأضاف العوار إلى القذى لأن العين إذا رمدت قذيت، يريد أن عينيها صحيحتان لم يصبهما رمد أو وسخ. مذعورة: بقرة وحشية خائفة. والفرقد: ولد البقرة، وإذا كانت البقرة خائفة ولها ولد كان نظرها أحد وأقوى وأجمل، أي أن عينيها نظيفتان دائمًا، فهما صحيحتان لا ينهالهما أذى أو مرض، وهما عينان واسعتان جميلتان حادتان.

(50) القرطاس: الصحيفة، الشآمي: منسوب إلى الشام، ويقال إنه خص الشآمي لأنهم نصارى أهل كتاب. وشبه خد الناقة بالصحيفة في البياض أو لأنه عتيق لا شعر فيه، والشعر في الخد هجنة. والمشفر من البعير كالشفة من الإنسان. والسبت: جلود البقر المدبوغة بالقرظ، يريد أن مشافرها طوال، كأنها نعال من السبت، خص السبت للينه. اليماني: نسبة إلى اليمن، ودباغ اليمن أفضل الدباغ. والقد: ما قد رأى قطع من الجلد، وهو هنا النعل نفسه. لم يحرد: لم يضطرب قطعه. يعني أن خد هذه الناقة أبيض نقي من الشعر، ومشفرها لين مستقيم، لا اعوجاج فيه ولا اضطراب.

(51) صادقتا سمع: يعني أذنها لا تكذبها إذا سمعت شيئًا. التوجس: الخوف والحذر من شيء يسمع. للسرى أي في السرى وهو السير ليلًا. الجرس: الصوت الخفي. المندد: الصوت المرتفع البين. والمعنى: أن لها أذنين صادقتي الاستماع في السير ليلًا، لا يخفى عليها الهمس الخفي، ولا الصوت البين.

(52) مؤللتان: مثنى مؤلل، أي محدد، من التأليل، وهو التحديد والتدقيق، والدقة والحدة تحمدان في آذان الإبل، العتق: الكرم والنجابة. وتعرف العتق فيهما: تتبين الكرم فيهما إذا نظرت إليهما لتحديدهما وقلة برهما. سامعتي: أذني. شاة: ثور وحشي. حومل: اسم موضع معين. مفرد: منفرد وحيد، وإذا كان الثور كذلك اشتد وحشة وحذرًا؛ لأنه ليس مع وحش يلهيه ويشغله ويؤنسه، فاشتد سمعه وارتياعه. يقصد الشاعر أن أذني هذه الناقة يدلان على كرمها ونجابتها لما فيهما من الدقة والحدة. وهما مرهفتا السمع كأذني ثور وحيد في منتهى الحذر والتيقظ.

(53) أروع: قلب حديد، سريع الارتياع لحدته وفرط ذكائه، نباض: كثير الحركة والضرب، أحذ: أملس، أو خفيف ذكي. ململم: مجتمع الخلق، شديد، صلب، مرداة: صخرة تدق بها الحجارة، ولا تكون إلا صلبة، صفيح: صخر عريض. مصمد: محكم موثق. أي ولها قلب يرتاع لأدنى شيء لفرط ذكائه، سريع الحركة، خفيف، صلب، مجتمع الخلق.

(54) أعلم: مشفر مشقوق، وهذا لازم لجميع الإبل. وشق المشفر الأعلى يقال لصاحبه "أعلم" أما صاحب المشفر الأسفل المشقوق فيقال له "أفلح" وهذا يكون في الإنسان كذلك، مخروت: مثقوب والمارن: ما لان من قصبة الأنف. عتيق: كريم جميل. ترجم: ترمي. ورجم الناقة الأرض: أن تدني رأسها من الأرض، تزدد: تزيد في سرعتها، أي ولهذه الناقة مشفر مشقوق، ومارن أنفها مثقوب، وإذا أومأت بأنفها ورأسها إلى الأرض ازدادت سيرًا.

(55) سامى :بارى في السمو وهو العلو. الكور: الرحل. وواسط الكور: وسطه، وهو العود الذي بين مورك الرحل ومؤخرته، وهو كالقربوس للسرج. عامت: سبحت. بضبعيها: بعضديها. النجاء: السرعة. الخفيدد: ذكر النعام. شبه الناقة به في السرعة. يقول : وإذا أردت أن تسرع، جذبت زمامها، فارتفع رأسها إلى أعلى حتى يوازي وسط الرحل، وانطلقت كالظليم في سرعة فائقة دون أن يحس راكبها أي تعب، وكأنها في عدوها تسبح على سطح الماء.

(56) الإرقال: نوع من السير السريع. وفيه تنفض رأسها لشدة سيرها. ملوي: سوط مفتول، القد: ما قد من الجلد. محصد: محكم، شديد الفتل. يقول الشاعر: إن هذه الناقة مذللة مروضة، طوع إرادته، إن شئت تركتها تسير سيرًا عاديًّا، وإن شئت أسرعت مخافة سوط شديد الفتل.

(57) على مثلها: على مثل هذه الناقة التي تقدم وصفها. أفديك منها، أي من الصحراء، وقد أضمرها ولم يتقدم لها ذكر لأن سياق الكلام وذكر الناقة والسير يدل عليها. أفديك: أعطيك فداءك وتنجو. وأفتدي: أي أنا منها وأنجو.

(58)المفضلية 17

(59) العوان: التي قوتل فيها مرة بعد مرة. تلقحت: أي حملت بالقتال، هواديها: أوائلها، وهو منصوب سكنت ياؤه للضرورة، الزلازل: الأمور التي يصيب الناس منها كالزلزلة لشدتها.

(60) طوال: مبتدأ مؤخر، خبره "عندي" في البيت قبله، والطوال: فوق الطويل، مفرد بضم الطاء. ويصف به جواده. القرا: الظهر. قد كان يذهب كاهلًا: يريد أنه عريض من قبل كاهله. جواد المدى: يجود بجريه إلى المدى، وهو الغاية للسبق، العقب: جري بعد الجري الأول.

(61) أجش: خشن الصوت. صريحي: منسوب إلى فحل يدعى الصريح. الشرب: بفتح الشين: القوم يشربون. واحدهم شارب.

(62) خص باز القانص لأنه أضرى من غيره من البيزان. التساتل: التتابع.

(63) الصائم: القائم، النشز: المكان المرتفع. السِّيد: بالكسر: الذئب. المائل: القائم. وهو من الأضداد. يقال أيضًا للاطئ بالأرض. ويقال أيضًا للذاهب.

(64) الأضاميم: الجماعة من الخيل. الواحدة منها إضمامة. الخروج: الخارج منها، أي يسبقها.

(65)الغاية: مدى السباق. العانة: القطعة من إناث الحمير. الذود: ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل. عاث: أفسد. المخايل: الرجل الذي يخايل صاحبه، أي يباريه ويفاخره. يريد أن فارسه يعقر العانة فيذرها كالذود التي تعقر عند التفاخر بالجود.

(66) الطامح: الذي يرمي ببصره إلى أعلى. الرنو: إدامة النظر وسكون الطرف. المؤانس: الذي يستأنس يستمع شيئًا يحذره. خاتل: أي كأنه يختل ما يستمع لشدة استماعه. وأصل الختل الخداع.

(67) الوجيف: سير شديد دون العدو. غب: بعده بيوم فأكثر. القلات: جمع قلت بفتح فسكون وهي نقر تكون في الجبل يجتمع فيها الماء. حواجل: جمع حاجلة. من قولهم "حجلت عينه" إذا غارت. أو جمع حوجلة، وهي القارورة شبه عيونها في الغئور بالقلات.

(68) قلقلته: أذهبت لحمه من كثرة السير، وهذا المعنى مما لا يذكر في المعاجم. سفيف الحصير: ما سفف منه، أي نسج. فرجته: جعلت فيه الفرج. الروامل: اللواتي ينسجن الحصير.

(69) الشد: العدو. والتقريب: ضرب منه. الشواكل: جمع شاكلة، وهي الخاصرة، أراد أنه ضامر.

(70) الطحر ههنا: الأضلاع. قال الأصمعي: "اشتق لها من قولهم طحره: إذ دفعه وباعده، لأن اللحم قد ذهب عنها". وهذا المعنى ليس في المعاجم. المضيغ: اللحم، القداح: السهام، صانع الكف: حاذق الكف لطيف. النابل: صانع النبال.أو هو الحاذق.

(71) صم: صلاب. الحوامي: ميامن الحافر ومياسره. الوعث: كل لين سهل ليس بكثير الرمل. النقا: مثل الكثيب من الرمل. عنت له: عرضت له. الجنادل: الصخور.

(72) وسلهبة: عطف على "طوال القرى" السابق. والسلهبة: الطويلة من الخيل. الجرداء: القصيرة الشعر، مريسها: شدتها وصيرها في السير. يريد أن بها نشاطًا على ما بها. ويقال رجل "مريس" من هذا المعنى. والحروف في هذين المعنيين لم يذكر في المعاجم. موثقة: محكمة الخلق. الهراوة: العصا. والخيل تشبه بالعصا. والحائل: التي لم تحمل، فهو أصلب لها وأشد.

(73) الكميت: ما فيه حمرة تضرب إلى السواد: العبناة: الموثقة لخلق الشديدة. السراة ههنا: الظهر. نمى بها: ارتفع بها الصريح وجافل: فحلان ينسب إليهما الخيل.

(74) المسبطرة: المنقادة في السير السريعة. الجياد: "فعال" بكسر الفاء من الجودة، فتح الجيم وضمها. وهي السرعة، الطمرة: الواثبة اللجوج: التي تترامى في العنان. السبسب: المتسع من الأرض. المتماحل: البعيد ما بين الطرفين.

(75) صفوح بخديها. أي تنظر يمنة ويسرة من النشاط. الألد: الشديد الخصومة.

(76) يفرطها: يقدمها. كبة الخيل: دفعتها في الجري. المصدق، بفتح الميم: الصدق في كل ما كان من عمل أو قول، الشد: العدو

(77) الأجادل: جمع أجدل وهو الصقر. يقول: إن حبس من عنانها فهي في ذلك كقطاة تتبعها الصقور، فهو أشد لطيرانها.

(78) المقربة: المؤثرة المكرمة. بالتشديد فيها. لم تعتقد: لم تركب. غير غارة : إلا في غارة. لم تمتر: لم ترضع، وأصل المري: أن يمسح الضرع ليدر. الأطباء: جمع طبي، بضم فسكون، وهو من الفرس بمنزلة الثدي من المرأة. السلائل: الأولاد.

(79)الجداية: الظبي أتى عليه ستة أشهر أو نحوها، تقال للذكر والأنثى. الحلب: نبت يخضر في قبل الصيف. شبه الفرس بالظبي رعى هذا النبت، وقد رعى من قبله الربيع، فاتصل ربيعه بالصيف فسمن وقوي. أمرت: فتلت: أي فتل لحمها وعصبها.

(80) التلاد: القديم، يقال للذكر والأنثى والمفرد والجمع، وأصله من ولد عندهم، فتاؤه مبدلة من الواو. العقيلة: الكريمة.

(81) أي: أحبسها أبدًا عندي، لا أبيعها ولا أهبها، لضني بها.

(82) المفضلية رقم 120

(83) الخاضب: الظليم قد احمر جلده وساقاه. والظليم: ذكر النعام، وتشبه به الناقة في السرعة، القوادم: ريشات في مقدم الجناح. أجنى النبات: أدرك أن يجنى. اللوى: ما انعطف من الرمل. الشري: شجرة الحنظل، والظليم يأكله. التنوم: شجر، ورقه يشبه ورق الآس. ينحت ورقه في القيظ، ويرب في الشتاء.

(84) الخطبان: الحنظل الذي تضرب فيه خطوط تضرب إلى السواد، وهو أشد ما يكون مرارة. ينقفه: يستخرج حبه. استلطف: ارتفع. مخدوم: مقطوع ليأكله.

(85) فوه كشق العصا: أي لاصق ليس بمفتوح. لأيًا: بطيئا وبصعوبة. تبينه: تستبينه، أي لا تظهر لك إلا بمشقة. أسك: أصم، أو صغير الأذن لاصقها بالرأس. مصلوم: مقطوع الأذنين.

(86) هيجه: أثاره. رذاذ: مطر خفيف. مغيوم: فيه غيم. يقصد أن هذا الظليم كان يرعى الخطبان والتنوم، وفاجأه مطر خفيف في يوم غائم فيه ريح فتذكر بيضه، فراح يجري إلى هذا البيض قبل أوان الرواح.

(87) التزيد: سير سريع، نفق: سريع الذهاب، الزفيف: دون الشد قليلا. مسئوم: مملول. أي أنه لا يسأم الزفيف.

(88) منسمه: ظفره. يختل: يشك. مشهوم: فزع مروع. يقصد أنه كان سريع الجرى، يزج برجليه زجًّا شديدًا، ويخفض عنقه فيكاد منسمه يشك عينيه.

(89) الوضع: عدو سريع من عدو الإبل. والتاء في وضاعة للمبالغة كعلامة ونسابة، وصف للظليم. الجؤجؤ: الصدر. الشرع: الأوتار، واحدها شرعة. العصي: البربط، وهو عود الغناء، شبه صدر الظليم بالبربط في تقوسه. التناهي: جمع تنهية وهي الأماكن المطمئنة ينتهي إليها الماء. العلجوم: البعير الطويل المطلي بالقطران.

(90) الحسكل: الفراخ. جرثوم: جمع جرثومة وهي أصول الشجر.

(91) تلافى: تدارك. عرسين: أي هو ونعامته. الأدحى: مبيض النعام. مركوم: موضوع بعضه فوق بعض.

(92) يوحي إليها: يصوت لها فتفهم عنه. الأنقاض: التصويت. النقنقة: صوت الظليم. الأفدان: القصور، جمع فدن.

(93) الصعل: الخفيف الرأس والعنق. خرقاء: حمقاء. مهجوم: ساقط مهدوم، صفة للبيت. يقصد أن هذا الظليم يرفع جناحيه في عدوه ويحطهما، فكأنه بيت شعر أو صوف ترفعه امرأة حمقاء، فمتى ترفعه يسقط.

(94) تحفة: تحف الظليم. هقلة: نعامة. سطعاء: طويلة العنق. خاضعة: تميل رأسها للرعي. الزمار: صوت أنثى النعام. العرار: صوت الذكر.

(95) شعراء النصرانية ص 494.

(96) القسب: التمر اليابس. والقسب: الصلب الشديد. عراصًا: لدنًا.

(97) الفصح: عيد النصارى. الذبال: جمع ذبالة وهي الفتيلة. يشبه: يشعله.

(98) الحولي: ما أتى عليه حول. وفي رواية "صولى": نسبة إلى موضع معروف. النهي: الغدير. القرارة: المطمئن من الأرض. نفح الريح: هبوبها. أجفل: تحرك واطرد.

(99) قرن الشمس: أعلاها أو أول شعاعها. الطلع: المكان المشرف الذي يطلع منه، والناحية، وكل مطمئن من الأرض. النجم: ما لا ساق له من النبات.

(100) الحبي: السحاب الذي يشرف من الأفق على الأرض، أو الذي بعضه فوق بعض. تكلل السحاب عن البرق، تبسم. وتكال البرق: لمع خفيفًا.

(101) أثر السيف: فرنده. تأكل: اشتد بريقه. مصحاة: إناء. اللجين: الفضة.

(102) مدب النمل: مجراه. المدرج: المسلك. الذر: هوام صغيرة.

(103) ميدعان: موضع. القرونة: النفس.

(104) التبكل: الغنيمة.

(105) اللهب بالكسر: مهواة ما بين كل جبلين. أو الصدع في الجبل، أو الشعب الصغيرة فيه، أو وجه كالحائط فيه لا يرتقى، والجمع: ألهاب، ولهوب، ولهاب، ولهابة. النيق: أرفع موضع في الجبل. المهبل: المهوي من رأس الجبل إلى الشعب.

(106) أشرط نفسه لكذا: أعلمها وأعدها. معصم: ممسك. الأسبات: جمع سبت وهي الحيرة.

(107) تفصل: انفصلت أجزاءه بعضها عن بعض أي تقطع.

(108) البهمى: نبات.

(109) النئيم: الأنين، وهو صوت القوس والأسد والظبي. الأزمل: كل صوت مختلط. ورنين القوس: نبض في قوسه وأنبض: أصاتها. أو حرك وترها لترن.

(110) العجس: مقبض القوس كالمعجس.

(111) تنطع في عمله: تأنق وبالغ في صنعه. الفروع: جمع فرع، وفرع كل شيء: أعلاه، والقوس الفرع: التي عملت من طرف القضيب، وهي خير القسي، ويقال: قوس فرع وفرعة. واستنبل الماء: أخذ خياره، الجفير: الكنانة وهي جعبة السهام.

(112) النضي: السهم بلا ريش ولا نصل. تزيل: تفرق وتطاير.

(113) السخام: الريش اللين تحت الطير. لأم السهم: جعل عليه ريشا لؤامًا، وسهم لؤام عليه ريش لؤام، أي بعضه يلائم بعضا، بأن تكون بطن كل ريشة إلى ظهر الأخرى. الطحلة: لون بين الغبرة والسواد ببياض قليل.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.