المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

ترتيب اخبار النشرة الاذاعية
9-5-2021
السلوك السوي والسلوك غير السوي
19/11/2022
الاتفاق الإجرائي على استبعاد القانون الواجب التطبيق
4-2-2022
نهايـة الاقطـاع
24-9-2019
ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)
8-02-2015
Ergodic Theory
17-10-2021


الحادثة الافجع  
  
3204   07:05 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص439-441.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

اتفق أن وقعت في نفس الايام حادثة اخرى افجع من الأولى، أكّدت عزم رسول الله (صلى الله عليه واله) على تأديب سكان المناطق الحدودية الشامية الذين سلبوا دعاة الاسلام حرية العمل والدعوة، وقتلوا دون رحمة، وعذرا سفير النبي، وجماعة الدعوة والتبليغ وإليك مفصل الحادثة الثانية :

بعث رسول الله (صلى الله عليه واله) في شهر ربيع الاول سنة ثمان من الهجرة على رأس خمسة عشر رجلا إلى منطقة ذات أطلاح  من ارض الشام، خلف وادي القرى لدعوة الناس الى الاسلام، فخرجوا حتى انتهوا إلى تلك المنطقة فدعوا أهلها إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم، ورشقوهم بالنبل فلما رأى أصحاب النبي (صلى الله عليه واله) ذلك قاتلوهم اشدّ القتال، حتى قتلوا مؤثرين عز الشهادة على ذل الأسر، وافلت منهم رجل جريح من القتلى، فلما جنّ الليل تحامل حتى اتى رسول الله (صلى الله عليه واله) فاخبره الخبر فشق ذلك على رسول الله (صلى الله عليه واله).

فتسبّب العدوان على دعاة الاسلام وقتلهم في ان يصدر رسول الله (صلى الله عليه واله) أمرا بالخروج إلى الجهاد في شهر جمادى، ووجّه جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل لتأديب المتمردين، ومزاحمي دعاة الاسلام.

فتجمع ثلاثة آلاف بعد الاذان بالجهاد في معسكر خارج المدينة يدعى الجرف  فخرج رسول الله (صلى الله عليه واله) بنفسه الى ذلك المعسكر، وخطب في المقاتلين خطابا، هذا نصه :

اغزوا بسم الله ادعوهم الى الاسلام فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم والاّ فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين الناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رءوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف، ولا تقتلنّ امرأة ولا صغيرا مرضعا ولا كبيرا فانيا، لا تغرقنّ نخلا ولا تقطعنّ شجرا، ولا تهدموا بيتا .

ثم قال : جعفر بن أبي طالب أمير الناس، فان قتل فزيد بن حارثة، فان اصيب زيد فعبد الله بن رواحة فإن اصيب عبد الله بن رواحة فليرتضي المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم.

ثم امر رسول الله (صلى الله عليه واله) المقاتلين بالتحرك نحو الهدف، وخرج فشيّعهم مع جماعة من اصحابه حتى ثنية الوداع  وهناك ودّعهم وكان المسلمون المشيعون يقولون : دفع الله عنكم وردكم سالمين غانمين، صالحين، ولكن ابن رواحة أجابهم قائلا :

لكنّني أسأل الرحمن مغفرة

                   وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حرّان مجهزة

                   بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مرّوا على جدثي

                   يا أرشد الله من غاز وقد رشدا

وأنت أيها القارئ الكريم يمكنك أن تعرف من خلال هذه الابيات عمق ايمان هذا الفارس القائد وحبه للشهادة في سبيل الله.

ثم ان الناس رأوا عبد الله بن رواحة لما ودع من ودع بكى، فقالوا ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال : أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقرأ آية من كتاب الله عزّ وجلّ يذكر فيها النار : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] ،فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.