إحتجاج الإمام علي (عليه السلام) في الاعتذار من قعوده عن قتال من تآمر عليه من الأولين وقيامه إلى قتال من بغي عليه من الناكثين والقاسطين والمارقين |
886
08:00 صباحاً
التاريخ: 15-10-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2019
887
التاريخ: 20-10-2019
1226
التاريخ: 20-10-2019
725
التاريخ: 19-10-2019
1279
|
روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه من نهروان (1) فجرى الكلام حتى قيل له: لم لا حاربت أبا بكر وعمر كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟
فقال علي عليه السلام إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين لم لم تضرب بسيفك، ولم تطلب بحقك؟
فقال: يا أشعث قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه، واستشعر الحجة، إن لي أسوة بستة من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
أولهم نوح حيث قال رب { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ } [القمر: 10] فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر.
وثانيهم لوط حيث قال: { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر.
وثالثهم إبراهيم خليل الله حيث قال: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم: 48]
فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر.
ورابعهم موسى عليه السلام حيث قال: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: 21] فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر.
وخامسهم أخوه هارون حيث قال: { ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي} [الأعراف: 150] فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر .
وسادسهم أخي محمد خير البشر صلى الله عليه وآله حيث ذهب إلى الغار ونومني على فراشه فإن قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر.
فقام إليه الناس بأجمعهم فقالوا: يا أمير المؤمنين قد علمنا أن القول قولك ونحن المذنبون التائبون، وقد عذرك الله.
وعن إسحاق بن موسى (2) أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بالكوفة فلما كان في آخر كلامه قال:
ألا وإني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين لم تخطبنا خطبة منذ قدمت العراق إلا وقلت: " والله إني لأولى الناس بالناس فما زلت مظلوما منذ قبض رسول الله " ولما ولي تيم (3) وعدي (4) إلا ضربت بسيفك دون ظلامتك؟
فقال أمير المؤمنين: يا بن الخمارة قد قلت قولا فاسمع مني والله ما منعني من ذلك إلا عهد أخي رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني وقال لي: " يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك وتنقض عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى " فقلت يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان ذلك كذلك، فقال: " إن وجدت أعوانا فبادر إليهم وجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوما " فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله اشتغلت بدفنه والفراغ من شأنه ثم آليت يمينا أني لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلت، ثم أخذته وجئت به فأعرضته عليهم قالوا:
لا حاجة لنا به، ثم أخذت بيد فاطمة، وابني الحسن والحسين، ثم درت على أهل بدر، وأهل السابقة، فأنشدتهم حقي، ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط: سلمان، وعمار والمقداد، وأبو ذر، وذهب من كنت أعتضد بهم على دين الله من أهل بيتي، وبقيت بين حفيرين قريبي العهد بجاهلية عقيل والعباس.
فقال له الأشعث: كذلك كان عثمان لما لم يجد أعوانا كف يده حتى قتل.
فقال له أمير المؤمنين: يا بن الخمارة ليس كما قست، إن عثمان جلس في غير مجلسه، وارتدى بغير ردائه، صارع الحق، فصرعه ألحق، والذي بعث محمدا بالحق لو وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهط لجاهدتهم في الله إلى أن أبلي عذري ثم قال:
أيها الناس إن الأشعث لا يزن عند الله جناح بعوضة، وإنه أقل في دين الله من عفطة عنز.
وروى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال: كنت عند أمير المؤمنين بالرحبة (5) فذكرت الخلافة وتقدم من تقدم عليه فتنفس الصعداء ثم قال:
أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة (6) وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى (7) ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلى الطير، فسدلت ودونها ثوبا وطويت عنها كشحا (8) وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء (9)، يشيب فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه (10)، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى (11)، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا (12) أرى تراثي نهبا (13) حتى إذا مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى عمر من بعده، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته (14)، لشد ما تشطرا ضرعيها (15)، ثم تمثل بقول الأعشى (16)، شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فصيرها في ناحية خشناء يجفو مسها، ويغلظ كلمها (17)، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها (18)، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم (19)، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض (20)، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة! حتى إذا مضى لسبيله، فجعلها شور في جماعة زعم أني أحدهم (21) فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكنني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا (22)، فصبرت على طول المحنة، وانقضاء المدة، فمال رجل منهم لضغنه، وصغى الآخر لصهره، مع هن وهن (23) إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع (24)، إلى أن انتكث عليه فتله، وكبت به بطنته، وأجهز عليه عمله (25)، فما راعني إلا والناس رسل إلي كعرف الضبع، ينثالون علي من كل جانب (26)، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي (27)، مجتمعين حولي كربيضة الغنم (28)، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وفسق آخرون (29)، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه وتعالى يقول {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [القصص: 83] بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكن حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها .
أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على أولياء الأمر: أن لا يقروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم عندي أهون من عفطة عنز.
قال: فقام إليه رجل من أهل السواد فناوله كتابا فقطع كلامه، فأقبل ينظر إليه فرغ من قرائته، قال ابن عباس: قلت له: يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالتك من حيث أفضيتها.
قال: يا بن عباس هيهات هيهات تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
قال ابن عباس: فما أسفت على شئ ولا تفجعت كتفجعي على ما فاتني من كلام أمير المؤمنين عليه السلام.
_______________
(1) النهروان: وهي ثلاث نهروانات، أعلى وأوسط وأسفل، وهو: كورة واسعة أسفل من بغداد من شرقي تامرا، منحدرا إلى واسط، فيها عدة بلاد متوسطة منها اسكاف وجرجرايا، والصافية، وديرقنى وغير ذلك. مراصد الاطلاع ج 3 ص 1407 .
(2) إسحاق بن موسى: عده الشيخ في أصحاب الإمام الرضا " ع " وكان يلقب بالأمين كما في عمدة الطالب وتوفي سنة " 240 " كما في منتهى الآمال للشيخ عباس القمي.
(3) تيم: في قريش رهط أبي بكر وهو تيم بن مرة.
(4) عدي: قبيلة من قريش وهم رهط عمر بن الخطاب.
(5) تجد هذه الخطبة في ج ١ من نهج البلاغة ص ٢٥ وهي الخطبة المعروفة ب " الشقشقية " لقوله " عليه السلام " في جواب ابن عباس: " هيهات هيهات تلك شقشقة هدرت ثم قرت " وتعرف أيضا " بالمقمصة " لقوله عليه السلام: " أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة " تسمية للشئ بأشهر ألفاظه كما هو الحال في أسماء سور القرآن الكريم كسورة آل عمران، والرحمن، والواقعة، ويس وغيرها.
وهذه الخطبة الجليلة في حسن أسلوبها، وبديع نظمها، وفصاحة ألفاظها، دليل لا يقبل التردد، ولا يتطرق إليه الشك في كونها صادرة عن مركز الثقل الإلهي، ومعدن الوصاية والإمامة، فهي حقا كما قيل: " فوق كلام المخلوق دون كلام الخالق " وقد رواها الشيخ المفيد في الإرشاد ص 137 وقال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ص 69 ج 1: حدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة " 603 " قال: قرأت على الشيخ أبي محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة.
إلى أن قال: فقلت له: أتقول إنها منحولة؟ فقال: لا والله، وإني لأعلم: صدورها منه كما أعلم: أنك " مصدق " قال: فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنها من كلام الرضي رحمة الله تعالى فقال: أنى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب؟
قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام في " خل ولا خمر " ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، وأعرف من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد ولد الرضي قلت: وقد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة، ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر ابن قبة أحد متكلمي الإمامية، وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب " الإنصاف " وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه الله تعالى، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه الله تعالى موجودا.
(6) ابن أبي قحافة أبو بكر واسمه عبد الله وفي الجاهلية عتيق واسم أبيه عثمان والضمير في تقمصها عائد إلى الخلافة وإنما لم يذكرها للعلم بها وتقمصها جعلها مشتملة عليه كالقميص كناية عن تلبسه بها.
(7) قطب الرحا مسمارها الذي عليه تدور فكما أن الرحى لا تدور إلا على القطب وبغيره لا يستقيم لها دوران، فكذلك الخلافة محله منها محل القطب من الرحى: لا تستقيم حركتها ولا تأخذ استقامتها بغيره وهو وحده القادر على تدبير شؤونها وإدارتها حسب المصلحة العامة ووفق الخطة الإلهية الحكيمة.
(8) الكشح: ما بين الخاصرة والجنب. أنزل الخلافة منزلة المأكول الذي منع نفسه عنه، فلم يشتمل عليه كشحه.
(9) طفقت: جعلت، وأخذت، وشرعت، وأرتأي أفكر طلبا للرأي الصائب وصال: حمل نفسه على الأمر بقوة. والطخية: قطعة من الغيم.
أي: جعلت أدير الفكر وأجيله في أمر الخلافة، وأردده في طرفي نقيض إما أن أشهر السيف وأصول على الغاصبين للخلافة، والمعتدين على حقي، أو أترك وأصبر، وفي كلا الحالين خطر فإما القيام والثورة فبيد مقطوعة من غير ناصر ولا معين، وإما الثاني فلما يؤول إليه الحال: من اختلاط الأمور، وعدم انتظام الحياة، والتمييز بين الحق والباطل، فكما أن الظلمة والعمى لا يهتدي معهما للتمييز بين الأشياء، فكذلك اضطراب الهيئة الاجتماعية، وتشابك المشاكل وازدحامها لا يهتدي معه لوجه الحق.
(10) الهرم: شدة كبر السن. والكدح: سعي المجهود وتلك الشدة، وذلك الاضطراب، وهاتيك الأحوال المظلمة وطول مدتها أدت إلى أن: يهرم فيها الكبير، ويشيب الصغير، ويتعب المؤمن في تمييز الحقائق وتمحيصها وما يبذله من جهد في سبيل الدفاع عن الحق حتى يلقى ربه.
(11) هاتا: هذه وأحجى أقرب للحجى وهو العقل. فرأيت الصبر على هذه الحال وترك المقاومة أقرب للعقل، وألصق بنظام الإسلام وأحفظ لبيضته سيما وهو بعد غض لم ترسخ له قدم في نفوس أتباعه، والثورة في هذه الحال ربما تؤدي إلى خلاف الغرض، وتعكس النتيجة، وتكون سببا للردة، والرجوع عن الدين، فترك المقاومة أحجى وأضمن لسلامة الإسلام، وتحمل الشر الحادث من جراء ذلك أهون.
(12) القذى: الرمد. والشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه.
أي صبرت ولكن على مضض كما يصبر الأرمد وهو يحس بوجع العين، وكما يصبر من غص بشئ فهو يكابد الخنق.
(13) يريد بتراثه: الخلافة.
(14) أدلى بها: ألقى بها إليه. والإقالة: فك العهد والاستقالة: طلب ذلك. أشار بقوله عليه السلام: " يستقيلها " إلى قول أبي بكر: أقيلوني لست بخيركم " .
(15) شد الأمر: صعب وعظم. وتشطرا: اقتسما. والضرع: للحيوانات مثل الثدي للمرأة.
(16) هو أعشى قيس واسمه ميمون بن جندل من بني قيس من قصيدة أولها:
علقم ما أنت إلى عامر * الناقص الأوتار والواتر .
(17) الكلم: الجرح. كني عن طباع عمر بن الخطاب " بالناحية الخشناء " لأنه كان يوصف بالجفاوة وسرعة الغضب، وغلظ الكلام، حتى روي أنه أمر أن يؤتى بامرأة لحال اقتضت ذلك - وكانت حاملا - فلما دخلت عليه أجهزت جنينا لما شاهدته من غلظ طبيعة أبي حفص وظهور القوة الغضبية على قسمات وجهه وشدته في الكلام، وذلك ما أراده أمير المؤمنين من قوله " في ناحية خشناء " ثم إنه عليه السلام وصف تلك الطبيعة بوصفين:
أحدهما: غلظ المواجهة بالكلام وقد قيل: جرح اللسان أشد من وخز السنان.
وثانيهما: جفاوة المس المانعة من ميل الطباع إليه.
(18) عثر: إذا أصابت رجله حجر أو نحوه. فيه إشارة إلى ما كان عليه عمر بن الخطاب من التسرع في إصدار الأحكام غير الصائبة كأمره برجم المرأة الحامل وطلاق الحائض، وغيرها من الأمور التي كانت تدعوه للاعتذار بعد أن يتبين له الخطأ بإرشاد أمير المؤمنين عليه السلام، وقد تكرر قوله: " لولا على لهلك عمر " و (لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن) و (لا عشت لمعضلة لا تكون لها يا أبا الحسن).
(19) الصعبة من الإبل: الغير المذللة. وأشنق لها بالزمام: إذا جذبه إلى نفسه وهو راكب ليمسكها عن الحركة العنيفة. والخرم الشق. وأسلس لها: أرخى لها. وتقحم في الأمر: ألقى نفسه فيه بقوة. فصاحبها أي: صاحب تلك الطباع الخشنة مثله - وهو يتولى شؤون الرعية وتدبير أمورهم - كمثل راكب الناقة الصعبة التي لم تذلل، فهو بين خطرين أن جذبها إليه شق أنفها، وإن أرخى لها القياد ألقت به في المهالك والناقة الصعبة هي الرعية لأنها لم تألفه وتنفر من طباعه فلا تسقيم له بحال. أو يكون المراد بالناقة الصعبة هو صاحب تلك الطباع، وحينئذ يكون المقصود من قوله (عليه السلام) إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم إن الذي يريد إصلاح صاحب تلك الطباع واقع بين خطرين فإن أنكر عليه وقع الانشقاق والاختلاف بينهما، وإن تكره وشأنه أدى به الأمر إلى الإخلال بالواجب.
ووجه ثالث يمكن أن يكون المقصود بالناقة الخلافة فإذا استرجعها بالقوة شق عصا المسلمين وأوقع الخلاف في صفوفهم مما يؤدي بالنتيجة إلى الردة. وإن تركها وسكت عنها، سارت في غير اتجاهها فهو منها بين خطرين.
(20) مني الناس: ابتلوا. والخبط الحركة على غير استقامة، والشماس - بكسر الشين - كثرة النفار والاضطراب. والتلون: اختلاف الأحوال. والاعتراض ضرب من التلون وأصله المشي في عرض الطريق.
(21) خلاصة حديث الشورى: إن عمر بن الخطاب لما طعنه أبو لؤلؤة وأيقن بالموت دعا وجوه الصحابة، وعرض عليهم موضوع الخلافة، وأشير فيما أشير عليه بابنه عبد الله فقال: لا لا يليها رجلان من ولد الخطاب حسب عمر ما حمل، حسب عمر ما احتقب، لا أتحملها حيا وميتا، ثم قال: إن رسول الله مات وهو راض عن هذه الستة (على، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف) فأما سعد فلا يمنعني منه إلا عنفه وفضاضته، وأما من عبد الرحمن فلأنه قارون هذه الأمة وأما من طلحة فتكبره ونخوته، وأما من الزبير فشحه، ولقد رأيته بالبقيع يقاتل على صاع من شعير، ولا يصلح لهذا الأمر إلا رجل واسع الصدر وأما من عثمان فحبه لقومه وعصبيته لهم، وأما من علي فحرصه على هذا الأمر ودعابة فيه. ثم قال: يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام، وتخلوا الستة نفر في البيت ثلاثة أيام ليتفقوا على رجل منهم، فإن استقام أمر خمسة وأبى رجل فاقتلوه، وإن استقر أمر ثلاثة وأبى ثلاثة فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف.
(22) أسف الطائر: إذا دنى من الأرض في طيرانه.
(23) صغا: مال. والضغن: الحقد. والهن: على وزن أخ كناية عن شئ قبيح الذي مال لحقده هو: سعد بن أبي وقاص. والذي مال لصهره عبد الرحمن بن عوف حيث مال إلى عثمان لمصاهرة بينهما.
وروى الشيخ المفيد في الإرشاد عن جيش الكناني قال: لما صفق عبد الرحمن على يد عثمان بالبيعة في يوم الدار قال له أمير المؤمنين " ع ": حركك الصهر وبعثك على ما صنعت، والله ما أملت منه إلا ما أمل صاحبك من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم وعطر منشم هو عطر صعب الدق والمراد به هنا الموت. وهكذا كان فقد بلغ الحال في الخلاف بينهما أن أعلن عثمان تحريم مجالسة عبد الرحمن، ووجوب نبذه، وابرأ الذمة ممن يكلمه أو يعاطيه معاطاة أي مواطن يتمتع بحقوقه الاجتماعية.
(24) الخضم: الأكل بجميع الفم وقيل المضغ بأقصى الأضراس.
قال ابن أبي الحديد - في شرحه على النهج ج ١ ص ٦٦ -: وصحت فيه فراسة عمر بن الخطاب، إذ قد أوطأ بني أمية رقاب الناس، وأولاهم الولايات وأقطعهم القطايع، وافتتحت أرمينيا في أيامه، فأخذ الخمس كله فوهبه لمروان إلى أن قال: وطلب منه عبد الله بن خالد بن أسيد صلة فأعطاه أربعمائة ألف درهم وأعاد الحكم بن أبي العاص بعد أن سيره رسول الله " ص " ثم لم يرده أبو بكر ولا عمر، وأعطاه مائة ألف درهم، وتصدق رسول الله " ص " بموضع سوق بالمدينة يعرف " بنهروز " على المسلمين، فاقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان بن الحكم، وأقطع مروان فدكا وقد كانت فاطمة طلبتها بعد وفاة أبيها رسول الله تارة بالميراث، وتارة بالنحلة فدفعت عنها إلى آخر ما ذكره ابن أبي الحديد فليراجع وعمل الحجة الأميني في ج 9 من كتاب الغدير قائمة بمصروفاته على قومه وذويه فلتراجع أيضا.
(25) انتكث: انتقض. والفتل: برم الحبل. وكبا الفرس: أسقط لوجهه. والبطنة: شدة الامتلاء من الطعام. وأجهز - على المريض -: قتله وأسرع.
(26) الروع الخلد والذهن وأراعني: أفزعني، وانثال - الشئ - إذا وقع يتلو بعضه بعضا .
(27) العطاف: الرداء، وعطفا الرجل: جانباه من لدن رأسه إلى وركيه. أي شق قميصه من جانبيه من شدة الازدحام عليه.
(28) ربيضة الغنم: المجتمعة برعاتها.
(29) مروق السهم: خروجه من الرمية. المراد بالناكثين للبيعة هم: طلحة والزبير بايعوا ثم نكثوا البيعة. والمارقين هم: الخوارج والقاسطين أصحاب معاوية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|