أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2019
650
التاريخ: 17-10-2019
584
التاريخ: 19-10-2019
551
التاريخ: 20-10-2019
1287
|
مناظرة الصاحب بن عباد (1) في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)
قالت: أبا القاسم استخففت بالغزل * فقلت: ما ذاك من همي ولا شغلي
قالت: أريد اعتذارا منك تظهره * فقلت: عذرا وما أخشى من العذل
قالت: ألح على تكرير مسألتي * فقلت: ما أنا عن رأيي بذي حول
قالت: أريد رشادا منك أتبعه * فقلت: سمعا فإن الرشد من قبلي
قالت: أبنه فإني جد سامعة * فقلت: كيف اجتماع الشيب والغزل
قالت: وكيف اقتضاك الشيب ترك هوى * فقلت: في الشيب إدناء من الأجل
قالت: فما اخترت من دين تفوز به * فقلت: إني شيعي ومعتزلي (2)
قالت: أقلدت أم قد دنت عن نظر * فقلت: كلا فإني واحد الجدل
قالت: فكيف عرفت الحق هات به * فقلت: بالفكر في الأقوال والعلل
قالت: فهل هذه الأجسام محدثة * فقلت: جدا وإن رمت الدليل سلي
قالت: أريد دليلا فيه مختصرا * فقلت: أن ليس فيها غير منتقل (في صفات الباري عز وجل)
قالت: فهل صانع تدعو إليه أجب * فقلت: لا بد قولا غير ذي ميل
قالت: فهل من دليل فيه تذكره * فقلت: بيت بلا بان من الخطل
قالت: فهل هو ذو شبه وذو مثل * فقلت: قد جل عن شبه وعن مثل
قالت: أبن لي أجسم ذاك أم عرض * فقلت: بل خالق الجنسين فانتقلي
قالت: وما ضر لو أثبته جسدا * فقلت: لا توجد الأجسام في الأزل
قالت: فقل لي أبالأبصار ندركه * فقلت: جل عن الإدراك بالمقل
قالت: ولم ذا وهل شيء يغيبه * فقلت: ما هو محجوب فيظهر لي
قالت: لعل حجابا عنك يستره * فقلت: أخبرت عن شخص وعن طلل
قالت: فما القول في القرآن سقه لنا * فقلت: ذاك كلام الله أين تلي
قالت: فأين دليل الخلق فيه أبن * فقلت: تركيبه من أحرف الجمل
قالت: فأعمالنا من ذا يكونها * فقلت: نحن مقالا صين عن خلل
قالت: ولم لا يكون الله خالقها * فقلت: لو كن خلقا لم يكن عملي
قالت: أيلزم نفسا فوق طاقتها * فقلت: حاشاه هذا فعل ذي خبل
قالت: يشاء معاصينا ويؤثرها * فقلت: لو شاءها لم نخش من زلل
قالت: فمن صاحب الدين الحنيف أجب * فقلت: أحمد خير السادة الرسل
قالت: فهل معجز وافى الرسول به * فقلت: القرآن وقد أعيا على الأول
قالت: فمن بعده يصفى الولاء له * فقلت: الوصي الذي أربى على زحل
قالت: فهل أحد في الفضل يقدمه * فقلت: هل هضبة ترقى على جبل
قالت: فمن أول الأقوام صدقه * فقلت: من لم يصر يوما إلى هبل
قالت: فمن بات من فوق الفراش فدى * فقلت: أثبت خلق الله في الوهل
قالت: فمن ذا الذي أخاه عن مقة * فقلت: من حاز رد الشمس في الطفل
قالت: فمن زوج الزهراء فاطمة * فقلت: أفضل من حاف ومنتعل
قالت: فمن والد السبطين إذ فرعا * فقلت: سابق أهل السبق في مهل
قالت: فمن فاز في بدر بمفخرها * فقلت: أضرب خلق الله للقلل
قالت: فمن ساد يوم الروع في أحد * فقلت: من هالهم بأسا ولم يهل
قالت: فمن فارس الأحزاب يفرسها * فقلت: قاتل عمرو الضيغم البطل
قالت: فخيبر من ذا هد معقلها * فقلت: سائق أهل الكفر في عقل
قالت: فيوم حنين من برى وفرى * فقلت: حاصد أهل الشرك في عجل
قالت: فمن صاحب الرايات يحملها * فقلت: من حيط عن غش وعن وغل
قالت: براءة من أدى قوارعها * فقلت: من صين عن ختل وعن دغل
قالت: فمن ذا دعي للطير يأكله * فقلت: أقرب مرضي ومنتحل
قالت: فمن راكع زكى بخاتمه * فقلت: أطعنهم مذ كان بالأسل
قالت: ففيمن أتى في (هل أتى) شرف * فقلت: أبذل خلق الله للنفل
قالت: فمن تلوه يوم الكساء أجب * فقلت: أنجب مكسو ومشتمل
قالت: فمن باهل الطهر النبي به * فقلت: تاليه في حل ومرتحل
قالت: فمن ذا قسيم النار يسهمها * فقلت: من رأيه أذكى من الشعل
قالت: فمن شبه هارون لنعرفه * فقلت: من لم يحل يوما ولم يزل
قالت: فمن ذا غدا باب المدينة قل * فقلت: من سألوه العلم لم يسل
قالت: فمن ساد في يوم الغدير أبن * فقلت: من صار للإسلام خير ولي
قالت: فمن قاتل الأقوام إذ نكثوا * فقلت: تفسيره في وقعة الجمل
قالت: فمن حارب الأنجاس إذ قسطوا * فقلت: صفين تبدي صفحة العمل
قالت: فمن قارع الأرجاس إذ مرقوا * فقلت: معناه يوم النهروان جلي
قالت: فمن صاحب الحوض الشريف غدا * فقلت: من بيته في أشرف الحلل
قالت: فمن ذا لواء الحمد يحمله * فقلت: من لم يكن في الروع بالوكل (3)
قالت: أكل الذي قد قلت في رجل * فقلت: كل الذي قد قلت في رجل
قالت: ومن هو هذا المرء (4) سم (5) لنا * فقلت: ذاك أمير المؤمنين علي
قالت: معاوية الطاغي أتلعنه * فقلت: لعنته أحلى من العسل
قالت: تكفره فيما أتى وعتا * فقلت: أي وإله السهل والجبل
قالت: أهل لك من نظم لنرويه * فقلت: إن جوابي فيه حي هل
قالت: فأمل على هذا الفتى عجلا * فقلت: هذا ولم ألبث ولم أتل
قالت: أمبتدها في القول مرتجلا * فقلت: ما قلت شعرا غير مرتجل
قالت: أتيت ابن عباد بمعجزة * فقلت: لا تعجبي فالشعر من خولي
قالت: فهل منشد ترضى لينشدها * فقلت: ابن صالح النحرير ينشد لي (6) .
_________________
(1) هو: أبو القاسم، إسماعيل بن عباد بن العباس، بن أحمد بن إدريس الملقب بالصاحب (الإصفهاني) ولد سنة 326 ه، أحد أقطاب الأدب العربي، له منهج خاص في الأدب، وأسلوبه المتميز في نثره وشعره، وقد ترك أثرا كبيرا في دنيا العلم والأدب في ذلك العصر الزاهر، والذي حفظ إلينا بعض الشيء منه، وسماه بالصاحب الأمير أبو منصور بويه ركن الدولة لما صحبه إلى بغداد سنة 347 ه، وأنس منه مؤيد الدولة كفاية وشهامة ولما تولى الحكومة استدعى الصاحب من أصفهان وولاه الوزارة، ودبرها برأي وثيق، وقد نال من الهيبة والمقام السامي أيام وزارته ما لم ينل مثله أحد من أمثاله، قرأ الصاحب على الكثير من علماء عصره وأدباءه وروى عنهم، أمثال العميد، وبن فارس، والسيرافي، وابن كامل وغيرهم، وقد كانت له مكتبة حافلة بأنفس الكتب، وقيل إن عنده من الكتب ما يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر، فكانت من منابع ثقافته وأدبه. وقد أخذ من كل فن بالنصيب الوافر، وما أوتيه من الفصاحة والاطلاع الواسع بالتفسير والحديث والكلام واللغة والنحو والعروض والنقد الأدبي، والتاريخ، والطب، وقد عد له بعضهم سبعا وثلاثين مؤلفا وقد طبع منها اثني عشر كتابا، وقد أثنى عليه علماء السلف. قال عنه المجلسي: إنه من أفقه فقهاء الشيعة، وعده القاضي في مجالسه من وزراء الشيعة، وعده ابن شهرآشوب من شعراء أهل البيت المجاهرين، وقال الرافعي: وكتبه ورسائله ومناظراته دالة على قدره، وكان يناظر ويدرس ويصنف ويملي الحديث، ومن اطلع على أدبه أذعن بولائه الصادق لأهل البيت (عليهم السلام) والذي انعكس في شعره والذي لا يخلو أكثره - تصريحا أو تلويحا - مما يرتبط بالنبوة والإمامة وفضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومناقبهم، كما ضمنها أيضا بعض مسائل التوحيد والعدل - انطلاقا من واجبه الديني الذي يملي عليه، كما هو شأن الموالي صادق العقيدة، والذي يسخر كل طاقاته في الدفاع عنهم، وإظهار فضلهم، وعدم الاكتراث بما يسمعه من جاحدي حقهم كابن عباد الذي يقول: فكم دعوني رافضيا لحبكم * فلم ينثني عنكم طويل عوائهم ولذا ضمن قصائده الحوادث والمناظرات والمحاورات التي تتضمن الأخذ والرد في مجال العقيدة، فجزى الله الصاحب بن عباد جزاء المحسنين الذي ما فتئ مدافعا عن عقيدته الصادقة حيا وميتا، توفي عليه الرحمة عام 385 ه ودفن في داره بالري، ثم نقل إلى تربة له بأصفهان. راجع ترجمته في: ديوان الصاحب بن عباد: ص 6 - 18، الغدير للأميني: ج 4 ص 42 - 81، أعيان الشيعة للأمين: ج 3 ص 328، معجم الأدباء: ج 6 ص 168، يتيمة الدهر: ج 3 ص 188، وفيات الأعيان: ج 1 ص 228 لسان الميزان: ج 1 ص 413، البداية والنهاية: ج 11 ص 314، المنتظم: ج 14 ص 375 ترجمة رقم (2911)، سير أعلام النبلاء: ج 16 ص 511.
(2) لا مذهبا، بل في بعض الآراء التي وافقوا فيها الإمامية في بعض مسائل الاعتقاد والتي منها على سبيل المثال، كمسألة عدم التجسيم ومسألة نفي الرؤية عنه تعالى، ومسألة القبح والحسن العقليين، ومسألة وجوب اللطف، وغيرها. قال ابن حجر في لسان الميزان: ج 1 ص 416 في ترجمة الصاحب -: قال ابن أبي طي: كان إمامي الرأي، وأخطأ من زعم أنه كان معتزليا، وقد قال عبد الجبار القاضي لما تقدم للصلاة عليه: ما أدري كيف أصلي على هذا الرافضي، وعن ابن أبي طي: أن الشيخ المفيد شهد بأن الكتاب الذي نسب إلى الصاحب في الاعتزال وضع على لسانه، ونسب إليه، وليس هو له. وقال العلامة الأميني في الغدير: ج 4 ص 62: وهناك نقول متهافتة يبطل بعضها بعضا تفيد اعتناق الصاحب مذهب الاعتزال تارة، وتمذهبه بالشافعية أخرى، وبالحنفية طورا، وبالزيدية مرة، وفي القاذفين من يحمل عليه حقدا يريد تشويه سمعته بكل ما توحي إليه ضغاينه... الخ.
(3) ورد عجزه في بعض النسخ: فقلت خير الملأ الاتين والأول.
(4) في بعض النسخ: هذا القرم، وفي المناقب: الفرد.
(5) في المناقب وبعض النسخ: سمه، وفي بعضها: صفه.
(6) ديوان الصاحب بن عباد تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، ص 38 - 47، الغدير للأميني: ج 4 ص 40 - 41، بتفاوت، كما ورد منها البيتان 26 و27 في المناقب لابن شهر أشوب: ج 1 ص 99، والأبيات 26 و28 - 43 و45 - 57 في المناقب: ج 2 ص 68 - 69. والجدير بالذكر إنه يوجد للامية الصاحب بن عباد عدة نسخ خطية - كما ذكر ذلك العلامة المحقق الشيخ محمد حسن آل ياسين محقق ديوان الصاحب بن عباد في ص 16 - 17 جزاه الله خير الجزاء، ولا بأس بالإشارة إليها، وهي: 1 - نسخة دار الكتب المصرية في القاهرة، برقم (16 ش تاريخ) وتقع في ثلاث صفحات، وأسماها مفهرس دار الكتب (المنظومة الفريدة) وجاء في آخرها تمت وبالخير عمت، الفريدة المشتملة على أفضل كل عقيدة، رحم الله منشئها، وغفر لكاتبها، وكان الفراغ من زبرها ليلة الأحد عاشور محرم الحرام سنة تسع وثمانين [وألف]. 2 - نسخة إيطاليا المحفوظة بالمكتبة الأمبروزيانية في ميلانو، ضمن مجموعة برقم (74 ب) وآثار القدم بارزة عليها. 3 - شرح هذه القصيدة للقاضي شمس الدين جعفر بن أحمد البهلولي اليماني، وقد عثر منها على نسختين: الأولى، نسخة المكتبة الامبروزيانية بميلانو - إيطاليا تحت رقم (205 س) في (21) ورقة، وعليها تملك تاريخ 1113 ه. الثانية، نسخة الخزانة التيمورية بالقاهرة، تحت رقم (380 مجاميع) في (14) ورقة، وليس في آخرها تاريخ.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|