أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-7-2021
2465
التاريخ: 2023-03-14
725
التاريخ: 9-7-2021
1740
التاريخ: 26-2-2022
1465
|
يتضح ان موضوع التخطيط بالمعنى المجرد العام قد يكون اقتصادياً او هندسياً او سكانياً او اجتماعياً وليس جغرافياً ، الا أن التخطيط مهما كان نمطه فلابد له من وجود عامل جغرافي مؤثر بصورة او بأخرى ، فالبيئة الجغرافية تؤثر وتتأثر بأنشطة السكان المختلفة وبمنشآته او عمرانية او اجتماعية لا يمكن فصلها عن البيئة اي لا يمكن معالجتها بعيداً عن العوامل البيئية .
لذلك لا نتوقع ان يكون هناك تخطيط بدون معرفة المظهر العام للإقليم المراد استغلال موارده ، او بدون معرفة العوامل الجغرافية الطبيعية المؤثرة في المظاهر البشرية ، ومن هنا كانت العلاقة القوية بين التخطيط أيا كان موضوعه والعوامل الجغرافية (1) وهناك زاوية اخرى تربط بين الجغرافيا والتخطيط ، وهي ان الاقليم الذي يكون النصف الثاني من عنوان التخطيط الاقليمي يكون مجالا جغرافياً تطبيقياً هاما ، ولابد ان يكون هناك نوع من التوازن بين اهداف التخطيط في اقليم ما وامكانيات هذا الاقليم سواء كانت طبيعية او بشرية ، وهو العون الذي يمكن ان تسهم فيه الجغرافيا بدور كبير . لذا يذكر فريمان Freeman ان التخطيط لابد ان يكون له أساس جغرافي .
Planning has in inescapable geographical basis (2) وأدى اختلاف الاقاليم عن بعضها من حيث الموارد والامكانيات والظروف والخصائص العامة الى عدم وضع أسس ثابتة للتخطيط يمكن تطبيقها في كل الاقاليم ، لذا يجب اجراء دراسة علمية متعمقة شاملة تلعب الجغرافيا دورا كبيرا فيها لكل اقليم لحصر موارده والالمام بظروفه حتى يمكن وضع خطة سليمة لتطويره ، وبما ان التخطيط يرمي الى حسن استغلال موارد اقليم ما لصالح سكانه ، اذا فالجغرافيا بكل فروعها وخاصة الجغرافيا الاقتصادية وجغرافية السكان والعمران تمثل الادوات التي تحدد اسلم الطرق وأيسرها لاستغلال هذه الموارد اذ لا يوجد علم يمتد مجاله ليشمل كل عناصر البيئة اكثر من علم الجغرافيا ، هذا من حيث المضمون ، اما من حيث الاسلوب او المنهج فهو يعتمد على الربط والتحليل مما يسهم في معالجة كل مشاكل التنمية والتخطيط .
وتعد دراسة الموقع الامثل Optimum Location لأي مشروع (3) تطبيقا للعوامل الجغرافية وربطا بين الجغرافيا والتخطيط وتأكيدا لدور الجغرافيا الذي لا مفر منه في عمليات التخطيط أيا كان نوعها لأنه لا يوجد موقع حتمي واحد ذو خصائص معينة لأي مشروع مدرج في خطط التنمية ، بل هناك أكثر من موقع ولكل موقع مزاياه وخصائصه . وعند اختيار موقع المشروع يجب ان نضع في الاعتبار انه سيعطي اكبر قدر من العائد بأقل التكاليف ومن هنا خطورة وأهمية حسن اختيار موقع المشروع وخاصة ان هذا الاختيار نهائي لا رجعة فيه بعد تنفيذه ، وقد تختلف خصائص الموقع بتطور النواحي الفنية وتعدد ابتكارات الانسان وتطورها ، الا ان اختيار الموقع الجيد نادراً ما تضيع خصائصه ومميزاته بسبب هذا التطور ، وجدير بالذكر انه كلما زاد عدد الاقاليم الصالحة لموقع مشروع ما من مشاريع خطة التنمية كلما احتاجت عملية المفاضلة والاختيار جهداً اكبر ودراسات أعمق واشمل حتى يمكن اختيار الاقليم الامثل للمشروع المدرج في الخطة بحيث يعطى عائداً كبيرا بتكاليف قليلة .
وعند تحديد الموقع الامثل للمشروع لابد من تحليل خصائص المشروع ومتطلباته المختلفة ، ودراسة الظروف الطبيعية والبشرية والاقتصادية للأقاليم موضع المفاضلة ، ومعرفة مناطق تركز السكان وحركات الهجرة .. مصادرها واتجاهاتها واحجامها ، مع دراسة خصائص السكان بصورة عامة .
والهدف من كل هذه الدراسات تحديد امكانات وخصائص الاقاليم موضع المفاضلة تمهيداً لاختيار الاقليم الأمثل للمشروع المدرج في خطة التنمية . وتفيد دراسة حركة السكان داخل اقليم ما في معرفة كثافة النقل خلال شهور السنة المختلفة مما يسهم في رسم سياسة مناسبة لمقابلة زيادة حركة النقل او قلتها في مواسم ونطاقات خاصة ، وعموماً يستعان عند التخطيط لوسائل النقل بالدراسات الجغرافية لأن مد خطوط السكك الحديدية وانشاء الطرق يتطلب الماماً بالحقائق الجغرافية لتحديد مسار هذه الطرق والخطوط واعداد تخطيط لها ، فإشكال السطح المختلفة وخاصة السهول والاودية والمرتفعات والمستنقعات ، بالإضافة الى البنية والظروف المناخية والنباتية تحديد تكاليف هذه الطرق والخطوط وبالتالي تحدد مدى امكانية تنفيذها ، كما ان الدراسة الجغرافية لموارد الاقليم تحدد حجم وطبيعة حمولة البضائع والركاب ومدى اقتصادية الطريق او الطرق .
وفي مجال التخطيط العمراني تمكن الدراسات والمعلومات الجغرافية من تحديد مواقع المحلات العمرانية سواء كانت حضرية أو ريفية ، كما أنها تسهم في تصنيف الأحياء داخل المدن وتحديد وظائفها وتوزيع الخدمات والمرافق العامة داخل المدينة أو القرية ، بالإضافة الى تخطيط وتوزيع شبكات النقل والمواصلات سواء داخل المحلة العمرانية او في الاقليم العمراني المحيط بها .
وهناك علاقة قوية بين الجغرافيا والتخطيط الاقتصادي بكل انواعه لأن من الاهداف الرئيسية للدراسة الجغرافية حصر الموارد الاقتصادية بكل انواعه لأن من الاهداف الرئيسية للدراسة الجغرافية حصر الموارد الاقتصادية المختلفة وتقييمها ، فسطح الارض وباطنه وما يحيط به من غلاف غازي يحوي الكثير من موارد الثروة سواء كانت معدنية او غازية او نباتية او حيوانية ، ويهتم الجغرافي بهذه الثروات وامكانية استغلالها لصالح الانسان ، ومعنى ذلك ان الجغرافيا تهتم بالموارد الطبيعية – الاقتصادية – أيا كان نوعها لوضع خطة لاستغلالها ، ويظهر ذلك واضحاً عند دراسة التخطيط الزراعي أو التخطيط العمراني او التخطيط السكاني في أي اقليم او دولة .
يظهر العرض السابق الارتباط الوثيق بين الجغرافيا والتخطيط ، بل يؤكد أهمية الجغرافيا والدراسة الجغرافية في هذا المجال ، فالخبرة الجغرافية اذا توافرت عند وضع أي خطة للتنمية تكفل لها النجاح لأنها تحدد دور العوامل الجغرافية المختلفة سواء كانت طبيعية او بشرية او حضارية في مجال التنفيذ ، ومن هنا كانت أهمية الدراسات والابحاث الجغرافية بالنسبة للمخططين .
_____________
(1) روجر منشل ، تطور الجغرافيا الحديثة – ترجمة محمد السيد غلاب ودولت صادق ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 1973 ، ص 110 .
(2) Freeman, T. W., Geography and planning, London, 1968, p. 13.
(3) يقصد بالموقع الأمثل ، الموقع الذي تتناسب وتتوازن فيه العوامل المختلفة المؤثرة في المشروع قيد الدراسة .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
البحرين تفوز بجائزة أفضل وجهة للمعارض والمؤتمرات
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|