أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-17
917
التاريخ: 2023-08-21
979
التاريخ:
3776
التاريخ: 2023-05-04
1069
|
1- النظريه
يرى (توينبى) ان عمليه الاقتباس الحضارى والمدنى يجب ان تتم بصوره شامله او لا تتم، واى امه عندما تتعرض لبعض الاجزاء والعناصر المقومه لحضاره اخرى تستطيع هذه الأجزاء والعناصر الحضاريه الغريبه والمتناثره ان تخترق جسم هذه الامه، لتتحول هذه الاجزاء والعناصر، وهى تعمل فى جسم آخر غير جسمها، وفى وسط آخر غير وسطها، الى اجزاء مدمره وضاره.
وننقل، فى ما يلى، كلام توينبى بصوره دقيقه، فهو يقول:
(حين يتم تحليل شعاع حضارى متحرك الى العناصر التي يتالف منها تكنولوجيا وسياسيا ودينيا وفنيا... الخ، وذلك بفعل المقاومه التى يبذلها كيان اجتماعى اجنبى تعرض لفاعليه، فان التكنولوجيا تكون اسرع واعمق تغلغلا من الدين. ومن الممكن ان نعبر عن هذا القانون بصيغ ادق من هذه، فبامكاننا ان نذهب الى ان قوه اختراق عنصر من عناصر الاشعاع الثقافي تتناسب تناسبا عكسيا مع قيمه العنصر من الناحيه الثقافيه، اذ يثير العنصر التافه فى الجسم المتعرض للهجوم مقاومه اقل مما يثيره العنصر الهام، ومن الواضح ان هذا الاختيار الثقافي لاتفه العناصر فى ثقافه مشعه لنشرها على مدى اوسع في الخارج يشكل قاعده سيئه الحظ للعبه الاتصال الثقافى، الا ان هذا الاتجاه التافه ليس الا اسوا ما فى اللعبه، فان نفس عمليه التحليل التى هى جوهر اللعبه تنذر بتسميم حياه المجتمع الذى يتغلغل فى كيانه الاجتماعى عناصر متعدده من شعاع حضارى متفكك.
ويشبه العنصر المنفلت من عناصر الاشعاع الحضارى الكترونا منفلتا او مرضا معديا منفلتا، من حيث انه قد تثبت فاعليته المدمره حين ينفصل عن النظام الذى كان يحكمه ذلك الوقت، ويصبح حرا فى ان ينظم نفسه فى جو مخالف.
فهذا العنصر الثقافى، او الميكروب، او الالكترون كان لا يتجه فى نظامه الاصلى الى التدمير حين كان يحد من فعاليته ارتباطه بجزئيات اخرى داخله فى نطاق نمط تتوازن اجزاوه، ولا تتغير طبيعه الجزى ء، او الميكروب المنفلت او الوحده الحضاريه المنفلته حين يتحرر كل منها من نمطه الاصلى، الا ان نفس هذه الطبيعه تكون اميل الى التدمير بعد ان ينفصل عن ارتباطاته الاصليه التى كان فى ظلها عديم الضرر، وفى ظل مثل هذه الاحوال يكون لحم رجل ما ساما لرجل آخر).
والنتيجه التى يقصدها توينبى من هذاالكلام ان الامه عندما تتعرض لضروره الاقتباس والاخذ من امه اخرى، يجب ان تفكر فى التخلص الكامل من شخصيتها واصالتها وقيمها وحضارتها وتنصهر بصوره كامله فى الامه التى تعيش فيها ثقافه وخلقا وحضاره وعلما وصناعه، ولا يمكن الفصل بين هذه الأجزاء والعناصر لتختار من هذه الحضاره ما تشاء وتترك ما تشاء.
2 - نقد النظريه
وهذه النظريه تخضع لكثير من المناقشه والنقد. فان الاقتباس، وعلاقه الاخذ والعطاء، والتبادل بين امتين وحضارتين يتم في مجالين هما: المجال العلمى، والمجال الثقافى.
والاول يخضع للثانى، ويتكيف بموجب اوضاعه وظروفه. كما ان الثانى يحكم الاول ويصبغه بصبغته الخاصه، فالمسائل العلميه، كالجراحه والصيدله والطب والرياضيات والهندسه والكهرباء والذره والميكانيك تخضع لمسائل من نوع آخر في الاخلاق والمعرفه والعقيده والفلسفه والادب، وهى المسائل الثقافيه فى حياه الانسان.
كما ان مسائل القسم الاول تتكيف بموجب المسائل التي ذكرناها فى القسم الثانى (المسائل الثقافيه). فالكيمياء والصيدله يمكن ان تستخدم فى خدمه الانسان وخدمه الاغراض الطبيه والزراعيه والغذائيه، فى حاله وجود وعى وثقافه انسانيه، وفى حاله اكتمال النضج الثقافى للانسان، كما انهما يمكن ان يخدما اغراضا لا انسانيه ويستخدما فى تصنيع الغازات السامه واعدادها للاستعمالات العسكريه، وتصنيع القنابل الكيماويه فى حاله فقدان الوعى والثقافه الانسانيه، وفقدان المعايير الاخلاقيه.
وكذلك الذره يختلف استخدامها والاستفاده منها باختلاف الوعى والثقافه عند الانسان. وهذا يعنى ان ظروف الاحتكاك العلمى تختلف وتتنوع بين امينه وغير امينه.
ا- الظروف الامينه للاحتكاك العلمى
ونخلص، من هذا القول، الى النتيجه التاليه: ان الامه اذا كانت تحتفظ باصالتها الثقافيه والاخلاقيه والعقيديه لا يضرها الاحتكاك العلمى وحاله الاخذ والعطاء مع الحضارات الأخرى فى المسائل العلميه، وذلك لان المسائل العلميه عندما تنفصل عن حضاره، وتخترق جسم حضاره اخرى لا تحمل معها الشحنه الحضاريه التى كانت تحملها فى الحضاره الاولى، وانما
تتقبل منها الامه الجانب العلمى مجرده عن اى تاثيرات ثقافيه اخرى. وتكون الحضاره بمثابه مصفاه تقوم بتصفيه كل ما يعلق بهذه المسائل العلميه من ظروف اخلاقيه وحضاريه غريبه على كيان الامه، وتمنع عن الامه ما يعلق بها من سموم لا تناسب جسم الامه.
ب- الظروف غير الامينه للاحتكاك العلمى
اما اذا كانت الامه المقتبسه ضعيفه حضاريا، ولا تملك المقومات الاخلاقيه والفكريه والمناعه الكافيه التى تحميها من الثقافه الاجنبيه، فانها اذا تعرضت فى حياتها الى الاقتباس من الامم الاجنبيه الاخرى والاحتكاك بها فسوف تنتقل اليها المسائل العلميه مقرونه بكل ظروف وملابسات الامه الناقله سياسيا واخلاقيا وفكريا، وليس من الممكن عزل المسائل العلميه عن المسائل الثقافيه عند ذلك، ولا يمكن حمايه الامه المستورده من ثقافه الامه المصدره واخلاقها، ولنا تجربتان تاريخيتان توكدان هذه الحقيقه.
(1) تجربه الفتوحات الاولى:
وهى تجربه امتداد الفتوحات الاسلاميه الى الروم وايران. ولا شك ان الامه الاسلاميه كانت تقتبس وتاخذ من خلال هذه الفتوحات الكثير من العلم من الامم الاخرى، من المسائل الاداريه والمحاسبه والطب والكيمياء والفلك، ولكن من دون ان تتاثر بشى ء من ظروف الامم الاجنبيه فى الاخلاق والثقافه والحضاره، وانما كانت تستقبل هذه المسائل وتصيغها بصيغتها الحضاريه الخاصه ثم تستخدمها استخداما مقبولا.
(2) تجربه التغريب المعاصره:
وهى تجربه احتكاك الامه الاسلاميه بالحضاره الغربيه في ظروف سقوط الدوله العثمانيه. فقد الجات الحاجه الامه الى ان تاخذ من الغرب كثيرا من مسائل العلوم التجريبيه والرياضيه والاداريه الا انها، لما كانت لا تملك المناعه والمقومات الحضاريه الكافيه، لم تستطع ان تحمى نفسها من الظروف الحضاريه للغرب، فصبغها الغرب بصبغته الخاصه.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
بالتعاون مع العتبة العباسية مهرجان الشهادة الرابع عشر يشهد انعقاد مؤتمر العشائر في واسط
|
|
|