1- هو الاسم المَصُوغ من المصدر للدلالة على أن شيئين اشتركا فى صفة، وزاد أحدهما على الآخر فى تلك الصفة.
2- وقياسه: أن يأتى على "أفْعَل" كزيد أكرم من عمرو، وهو أعظم منه. وخرج عن ذلك ثلاثة ألفاظ، أتَتْ بغير همزة، وهى خَيْرٌ، وشَرٌ، وحَبّ، نحو خيرٌ منه، وشرٌّ منه، وقولُه:
(وحَبُّ شَىْءٍ إلى الإنسان ما مُنِعَا)
وحذفت همزتين لكثرة الاستعمال، وقد ورد استعمالهُنَّ بالهمزة على الأصل كقوله:
(بلالُ خيرُ النَّاسِ وابنُ الأخْيَرِ)
وكقراءة بعضهم: {سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الأشَرُّ} بفتح الهمزة والشين، وتشديد الراء، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الأعمال إلى الله أَدْوَمُها وإن قَلَّ". وقيل: حذفها ضرورة فى الأخير، وفى الأولين؛ لأنهما لا فعل لهما، ففيهما شذوذان على ما سيأتى:
3- وله ثمانية شروط:
الأول: أن يكون له فِعْل، وشذ مما لا فعل له: كهو أَقْمَنُ بكذا؛ أى أحق به، وألَصُّ من شِظاظ، بَنَوْه منْ قولهم: هو لِص أى سارق.
الثانى: أن يكون الفعل ثلاثيًا، وشذ: هذا الكلام أخْصَرُ من غيره، منِ "اخْتُصِر" المبنى للمجهول، ففيه شذوذ آخر كما سيأتى، وسُمع "هو أعطاهم للدراهم، وأولاهم للمعروف، وهذا المكان أقفر من غيره" وبعضهم جوَّز بناءَه من أفعل مطلقًا، وبعضهم جوزه إن كانت الهمزة لغير النقل.
الثالث: أن يكون الفعل متصرفًا، فخرج نحو: عَسَى وَلَيْسَ، فليس له أفعل تفضيل.
الرابع: أن يكون حَدَثُهُ قابلاً للتفاوت: فخرج نحو: مات وفَنِى، فليس له أفعل تفضيل.
الخامس: أن يكون تامًّا، فخرجت الأفعال الناقصة؛ لأَنها لا تدل على الحدث.
السادس: ألاّ يكون مَنفيًّا، ولو كان النفى لازمًا. نحو: "ما عاج زيد بالدواء" أى ما انتفع به، لئلا يلتبس المنفىّ بالمثبت.
ص62
والسابع: ألاّ يكون الوصف منه على أفْعَل الذى مؤنثه فَعْلاء، بأن يكون دالاًّ على لون، أو عيب، أو حِلْية؛ لأن الصيغة مشغولة بالوصف عن التفضيل. وأهل الكوفة يصوغونه من الأفعال التى الوصف منها عَلَى أفْعَل مطلقًا، وعليه دَرَجَ المتنّبى يخاطب الشيب، قال:
أبْعَد بَعِدْتَ بياضًا لا بياضَ لَهُ لأنت أسودُ عَيْنِى مِنَ الظُّلَمِ
وقال الرَضِىّ فى شرح الكافية: ينبغى المنع فى العيوب والألوان الظاهرة، بخلاف الباطنة، فقد يُصاغ من مصدرِها، نحو فلان أبْلَهُ من فلان، وأَرْعَنُ وأحْمَقُ منه.
والثامن: ألاّ يكون مبنيًا للمجهول ولو صورةً، لئلا يلتبس بالآتى من المبنى للفاعل، وسُمع شذوذًا هو "أزْهَى مِنْ دِيك"، و"أشْغَلُ مِنْ ذَاتِ النِّحْيَيْن" وكلامٌ أخْصَرُ من غيره، مِن زُهِىَ بمعنى تكبر، وشُغِل، واخْتُصِرَ، بالبناء للمجهول فيهن، وقيل، إن الأول قد ورد فيه زَهَا يَزْهو، فإِذنْ لا شُذُوذَ فيه.
4- ولاسم التفضيل باعتبار اللفظ ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون مجرَّدًا من أل والإِضافة، وحينئذ يجب أن يكون مفردًا مُذكرًا، وأن يُؤْتَى بعده بِمِنْ جارّةً للمفضَّل عليه، نحو قوله تعالى: {لَيُوسُف وَأخُوهُ أحَبُّ إِلىَ أبِينَا مِنَّا}، وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آباؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُم وَأزْوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُمْ وَأمْوَالٌ اقْتَرَفتُموهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ}.
وقد تُحذَف مِنْ وَمَدْخُولُها نحو: {وَالآخرَةُ خَيْرٌ وَأبْقَى} وقد جاء الحذف والإثبات فى: {أَنَا أكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأعَزُّ نَفَراً}.
الثانية: أن يكون فيه ألْ، فيجب أن يكون مطابقًا لموصوفه، وَأَلاَّ يُؤْتَى معه بِمِن، نحو محمد الأفضلُ، وفاطمة الفُضْلى، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، والهِنْدات الفُضْلَيات، أو الفُضَّلُ.
وأما الإتيان معه بمن مع اقترانه بأل فى قول الأعشى:
وَلَسْتُ بالأكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى وإِنما العزّةُ للكاثر
فخُرِّج على زيادة "أل" أو أنَّ "مِنْ" متعلقة بأكثر نكرة محذوفة، مُبْدَلاً من أكثر الموجودة.
ص63
الثالثة: أن يكون مضافاً.
فإن كانت إضافته لنكرة، التُزم فيه الإفراد والتذكير، كما يُلْزمان المجرَّد، لاستوائهما فى التنكير، ولزمت المطابقةُ فى المضاف إليه، نحو الزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضلُ رِجال، وفاطمة أفضل امرأة. وأما قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا أوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} فعلى تقدير موصوف محذوف؛ أى أول فريق.
وإن كانت إضافته لمعرفة، جازت المطابقةُ وعدمُها، كقوله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْنَا فى كُلِّ قَرْيَةٍ أكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}، وقوله: {وَلَتَجِدَنَّهُم أحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} بالمطابقة فى الأول، وعدمها فى الثانى.
5- وله باعتبار المعنى ثلاث حالات أيضاً:
الأولى: ما تقدم شرحه، وهو الدلالة على أن شيئين اشتركا فى صفة، وزاد أحدهما على الآخر فيها.
الثانية: أن يُرادَ به أن شيئًا زاد فى صفة نفسه، على شيء آخر فى صفته فلا يكون بينهما وصف مشترك، كقولهم: العسلُ أحْلَى من الخَلّ، والصيفُ أحرُّ من الشتاء. والمعنى: أن العسل زائد في حلاوته على الخَلّ في حُموضته، والصيف زائد في حره، على الشتاء في برده.
الثالثة: أن يراد به ثبوت الوصف لمحلّه، من غير نظر إلى تفضيل، كقولهم: "الناقصُ والأشَجُّ أعدلا بنى مَرْوان"؛ أى هما العادلان، ولا عدلَ فى غيرهما، وفى هذه الحالة تجب المطابقة وعلى هذا يُخَرَّج قولُ أبى نُوَاس:
كأنّ صُغْرَى وكُبْرَى من فَقاقِعها حَصبْاءُ دُرٍّ عَلَى أرْضٍ من الذَّهَبَ
أي صغيرة وكبيرة، وهذا كقول العَرُوضيَين: فاصلة صُغْرى وفاصلة كُبْرَى. وبذلك يندفع القول بلحن أبى نواس فى هذا البيت، اللهمَّ إلا إذا عُلِم أن مراده التفضيل، فيقال إذ ذاك بلحنه؛ لأنه كان يَلْزمه الإفراد والتذكير، لعدم التعريف، والإضافة إلى معرفة.
ص64
التعجب
تنبيهان:
الأول: مِثْلُ اسمِ التفضيل فى شروطه فِعلُ التعجب، الذى هو انفعال النفس عند شعورها بما خفى سببه.
ص64
وله صيغتان: ما أفْعَله، وأفعِلْ به، نحو ما أحسَنَ الصدقَ! وأحسِنْ به! وهاتان الصيغتان هما المبوّب لهما فى كُتُب العربية، وإن كانت صيغُه كثيرة، من ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأحْيَاكُمْ}! وقوله عليه الصلاة والسلام: "سُبْحَانَ اللهِ! إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجَسُ حَيَّا ولا مَيِّتاً"! وقولهم: للهِ درُّهُ فارسا!.
وقوله:
يا جارَتَا ما أنْتِ جارَهْ!
وأصل أحسِنْ بزيد! أحسَنَ زيدٌ؛ أى صار ذا حُسْن، ثم أريد التعجب من حسنه، فَحُوِّلَ إلى صورة صيغة الأمر، وزيدت الباء فى الفاعل، لتحسين اللفظ.
وأما ما أفْعَلَه! فإن "ما": نكرة تامة، وَأفْعلَ: فعل ماض، بدليل لحاق نون الوقاية فى نحو: ما أحوجنى إلى عفو الله.
الثاني: إذا أردت التفضيل أو التعجب مما لم يستوف الشروط، فأت بصيغة مستوفية لها، واجعل المصدر غير المستوفى تمييزاً لاسم التفضيل، ومعمولاً لفعل التعجب، نحو فلان أشدُّ استخراجا للفوائد، وما أشدَّ استخراجه، وَأَشْدِدْ باستخراجه.
ص65