أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-24
1142
التاريخ: 2023-03-20
1184
التاريخ: 2023-02-20
1556
التاريخ: 2023-02-11
1171
|
لقد وصف الله بعض رسله أو كلهم بكونهم (1) اُولي العزم من الرسل حيث قال : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } ( الاحقاف ـ 35).
فأمر نبيّه بالصبر والوقوف في وجه العدو كوقوفهم في وجه معانديهم ومخالفيهم وعندئذ يجب أن نتعرف على ما هو المراد من توصيفهم به وقبل كل شيء نأتي بنصوص أهل اللغة في معنى العزم :
1. يظهر من ابن فارس في مقاييسه أنّ لهذا اللفظ معنى واحداً وهو القطع ضد الوصل وإليه يرجع معناه الآخر وهو العزم وكأنّه يقطع التحيّر والشك قال : « عزم » له أصل واحد صحيح يدل على الصريمة والقطع يقال : عزمت أعزم عزماً ـ إلى أن قال ـ قال الخليل : العزم ما عقد عليه القلب من أمر أنت فاعله أي متيقّنه ويقال : ما لفلان عزيمة أي ما يعزم عليه كأنّه لا يمكنه أن يصرم الأمر بل يختلط فيه ويتردد ومن قولهم : عزمت على الجنى وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القرآن وهي الآيات التي يرجى قطع الآفة عن المؤوف واعتزم السائر إذا سلك القصد قاطعاً له والرجل يعتزم الطريق : يمضي فيه لا ينثني.
واُولوا العزم من الرسل الذين قطعوا العلائق (2) بينهم وبين من لم يؤمن من الذين بعثوا إليهم كنوح (عليه السلام) إذ قال : { لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } وكمحمّد (صلى الله عليه واله وسلم) إذ تبرّأ من الكافر وبرّأه الله تعالى منهم وأمره بقتالهم في براءة من الله ورسوله (3)
2. وفسّره الراغب بالقصد وعقد القلب ، من غير إشارة إلى أصله الذي اخذ منه هذا المعنى وقال : العزم والعزيمة عقد القلب على امضاء الأمر قال : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } ، { وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ } ، { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ } ، { إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } ، { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } أي محافظة على ما اُمر به وعزيمة على القيام ، والعزيمة تعويذ كأنّه تصوّر أنّك قد عقدت بها من الشيطان أن يمضي ارادته فيك وجمعها العزائم.
3. وفسّره الفيروز آبادي بقوله : عزم على الأمر أراد فعله وقطع عليه ، أو جدّ في الأمر ـ إلى أن قال ـ : واُولوا العزم من الرسل الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم ، ونقل عن الزمخشري : اُولوا الجد والثبات والصبر.
والمحصّل من هذه النقول أنّ المعنى الأصيل لهذا اللفظ هو القطع ضد الوصل ، ثم يستعمل لأجل المناسبة في عقد القلب والثبات والصبر.
أمّا القرآن فالظاهر أنّه لم يستعمل فيه إلاّ بمعنى عقد القلب مثل قوله :
{ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ } ( محمد ـ 21 ).
{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } ( آل عمران ـ 159).
{ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ } ( البقرة ـ 227).
{ وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ } ( البقرة ـ 235).
{ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } ( آل عمران ـ 186).
أي أنّ الصبر والتقى من الاُمور التي بان رشدها ويجب أن يعزم وينعقد القلب عليها وعقد القلب عليها يستلزم الصبر ويتوقف على الثبات في معارك الحياة ، فالصبر لازم العزم.
ومثله قوله سبحانه : { وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } ( لقمان ـ 17).
وقوله سبحانه : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } ( الشورى ـ 43).
والتدبر في الآيتين الأخيرتين يعطي أن العزم ليس مرادفاً للصبر والثبات وإن فسّره به الزمخشري في كشافه حيث قال في تفسيره : « اُولوا العزم أي اُولوا الجد والثبات والصبر » (4) .
وذلك لأنّ اسم الإشارة في آية سورة لقمان امّا راجع إلى خصوص الصبر كما هو مقتضى الأقربية أو إلى كل ما أوصى به لقمان من إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما أصابه وعلى أي تقدير لا يصح أن يفسّر العزم بالصبر والثبات إذ يصير معنى الآية حينئذ : أنّ الصبر وحده أو هو مع غيره من عزم الاُمور.
وبذلك يظهر الحال في آية سورة الشورى فلاحظ.
وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } ( طه ـ 115).
والمقصود لم نجد له عزماً حافظاً على عهده الذي عاهدناه.
نعم العزم على الشيء والمحافظة على عقد القلب في طول الحياة لا ينفك عن الثبات والجد والوقوف في وجه المشاكل.
هذا معنى العزم في القرآن وبذلك يظهر معنى العزم في الآية التي نحن بصدد رفع الستر عن وجهها أعني قوله سبحانه : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } فانّه بمعنى أصحاب العزائم والقصود المؤكدة التي لا تنفصم أصلاً وتدعو إلى العمل والسعي في سبيل الله سبحانه.
_______________________
(1) الترديد مبني على كون لفظة « من » تبعيضية أو بيانية وإن كان الظاهر هو الأوّل.
(2) هذا التفسير لم يعهد من المفسرين.
(3) المقاييس ج 4 ص 308.
(4) الكشاف ج 3 ص 126.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|