أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-19
931
التاريخ: 2024-11-07
153
التاريخ: 1-11-2018
1754
التاريخ: 6-1-2019
1791
|
كان العالم الإسلامي في إلتهاب عام، وسخط شامل ضد الأمويين، وكان المسلمون متجهون بعقولهم وقلوبهم إلى أبناء الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) دون غيرهم، لأمور :
1- إنهم أهل البيت، وقد أختارهم الله لرسالته ووحيه، فبالأحرى أن يختارهم الناس لقيادتهم وتدبير شؤونهم، بخاصة أن الثورة على الأمويين قامت بأسم الدين، والخوف على شريعة سيد المرسلين، وأبنائه هم الأمناء على شريعته، والمحافظون على سُنّته، فإذا حكموا عملوا بسيرته من إقامة العدل، وإحقاق الحق .
2- إنهم أول من ثار على الأمويين وأستبدادهم، وأول من عبّر عن رأي المظلومين، وطالبوا بحقوقهم، وأول من أستشهد من أجلهم .
3- إن شيعة الإمام علي (عليه السلام) وأبناءه كانوا الحزب القوي المعارض الذي عمل في السر والخفاء ضد الحكم الأموي، ولاقى رجال الشيعة ما لاقاه الأئمة الأطهار من التقتيل والتنكيل (1) .
لقد أستغل بنو العباس سخط الرعية على بني أمية، ومعارضة الشيعة لحكمهم وتعلق الناس بالعلويين، فأظهروا أن غايتهم الأولى إسقاط الأمويين، وإراحة الناس من ظلمهم، ثم يختارون من تتفق عليه الكلمة من آل بيت الرسول (عليه السلام)، فالعباسيون لم يقدّموا في بدء الأمر أشخاصاً منهم ولا من غيرهم، وإنما قدموا المبدأ الذي يدافعون عنه. قال ولهاوزن في كتاب (الدولة العربية وسقوطها):-
"كان العباسيون يعملون ما استطاعوا على أن يخفوا عن الناس أنهم كانوا يريدون تنحية بني فاطمة، بل كانوا يظهرون أنهم يعملون من أجل بني فاطمة، وظهروا في خراسان وغيرها بدعوى أنهم يريدون أن يثأروا لشهداء أبناء فاطمة.. وكان لابد لهم أن يتخذوا حزب الشيعة عماداً لهم أزاء بني فاطمة، فأما أن يعتقد الشيعة ما يشاؤون، وأن تكون سيرتهم في الحياة كما يحبون، فكان العباسيون يعتبرون ذلك مسألة يمكن حلها فيما بعد" (2) .
أرتفع العباسيون بأسم العلويين، بالدعوة إلى الرضا من آل محمد، وعلى أكتاف شيعتهم، ثم تنكروا لهم، واشتدوا عليهم قسوة وعنفاً (3)، إذ لا يفترق العباسيون عن بني أمية في شيء، لا في الظلم والقسوة، ولا في الفسوق والفجور، ولا في الأستهتار والزندقة، فالغاية واحدة عند الجميع، وهي الأنتفاع والأستغلال، فالمبدأ واحد، وهو اللامبالاة بالدين، فالكل ركب متون الأهواء، وسلك طريق الضلال، من قطع الرؤوس، ونصب المشانق، وهدم الدور على الأحياء، وما أبراهيم الإمام وأخوه السفاح إلا كمعاوية، وما المنصور والرشيد إلا كهشام، وما المتوكل إلا يزيد بن معاوية .
حين ضاق الناس ذرعاً بالأمويين، وبلغ الأستياء ذروته من سياستهم أرسل أبراهيم الإمام- أخو السفاح- أبا مسلم الخراساني الى خراسان، وقال له فيما قال: "أحفظ وصيتي: انظر هذا الحي من اليمن، فأكرمهم واسكن بين أظهرهم، فإن الله لا يتم هذا الأمر إلا بهم، وأنهم ربيعة في أمرهم، وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار، وأقتل من شككت فيه، وإن أستطعت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فأقتله" (4) .
وبعد أن نقل المقريزي هذا الكلام في كتاب (النزاع والتخاصم) قال معقباً: "فأين أعزك هذه الوصية من وصايا الخلفاء الراشدين لعمالهم، وتالله لو توجه أبو مسلم إلى أرض الحرب، ليغزو أهل الشرك بالله، لما جاز أن يوصى بهذا، فكيف وإنما توجه إلى دار السلام، وقتال أبناء المهاجرين والأنصار، وغيرهم من العرب لينتزع من أيديهم ما فتحه آباؤهم من أرض الشرك، ليتخذوا مال الله دولاً، وعبيده خولاً؟! وقد عمل أبو مسلم بوصية ابراهيم" (5) .
وأي فرق بين قول ابراهيم الإمام العباسي: (وأقتل من شككت فيه)، وقول معاوية الأموي حين كتب إلى عمّاله: "أنظروا من إتهمتموه بموالاة أهل البيت فنكّلوا به وأهدموا داره" (6). وأرسل السفاح محمد بن صول والياً على الموصل، فأمتنع أهلها عن طاعته، وسألوا السفاح أن يولي عليهم غيره، فأرسل إليهم أخاه يحيى في أثني عشر ألف مقاتل، فخافه أهل الموصل، فنادى بالأمان، ولما أمنوا على أنفسهم قتلهم قتلاً ذريعاً، وأسرف في التقتيل حتى غاصت الأرجل في الدماء، فلما كان الليل سمع يحيى صراخ النساء اللاتي قتل رجالهن، فأمر بقتل النساء والأطفال، وأستمر التقتيل ثلاثة أيام (7) .
وإذا أعطفنا هذه الحادثة على وصية أبراهيم علمنا أن بني أمية لم يسبقوا العباسيين في الظلم والأستبداد، ولو كنا ممن يؤمن بالتناسخ لقلنا أن روح معاوية تقمصت في ابراهيم، وروح الحجاج في يحيى البرمكي .
______________
(1) مغنية، محمد جواد، الشيعة والحاكمون، صص 134-135 .
(2) ولهاوزن، يوليوس، الدولة العربية وسقوطها، ترجمة: د. يوسف العش، (دمشق، مطبعة الجامعة السورية، 1376هـ/1956م)، ص 489 .
(3) أنظر: شلبي، أحمد، التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، (القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1380هـ/1960م)، جـ 3، ص 31 ؛ حسن، علي ابراهيم، التاريخ الإسلامي العام، (القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1392هـ/1972م)، صص 350-351؛ أحمد، محمد حلمي محمد، الخلافة والدولة في العصر العباسي، ط1، (القاهرة، مكتبة نهضة مصر، 1378هـ/ 1959م)، صص 30-31 .
(4) الدينوري، ابن قتيبة، الإمامة والسياسة (منسوب له)، جـ 2، ص 114؛ ابن كثير، البداية والنهاية، جـ 10، ص 30؛ المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 48 .
(5) المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 48 .
(6) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، جـ 11، ص 45؛ ابن معصوم، الدرجات الرفيعة، ص 7 .
(7) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، جـ 2، صص 249-250؛ ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد (ت 808هـ/1405م)، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ط4، (بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1391هـ/1971م)، جـ 3، ص 177 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|