المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أساليب التأديب في تربية الطفل  
  
1551   10:42 صباحاً   التاريخ: 19/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة وأطفال المدارس
الجزء والصفحة : ص401 ــ 407
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2016 2270
التاريخ: 2024-10-29 149
التاريخ: 16-2-2022 2486
التاريخ: 12-1-2016 2096

التأديب ليس جسمياً في كل الأحيان. بل في موارد كثيرة قد يكون بصورة أخلاقية، نفسية، عاطفية. قلنا هذا الكلام لأجل أن بعض الآباء والأمهات والمربين يتصورون أن الخشبة والفلقة والسوط هو الشيء الوحيد الذي يجب أن نتقدّم به والطفل يجب أن يضرب حتى يحسب ذلك العمل تأديباً.

السعي من الناحية الاسلامية على الامتناع من التأديب الجسمي الى حد الامكان والسعي الى الطفل واصلاحه بالأساليب العاطفية والأخلاقية. ليس كل طفل مستحقاً للضرب وحتى أن كان مستحقاً فأنه ليس بالصورة التي يتصورها بعض الآباء والمربين نحن في هذا البحث نتكلم عن أساليب التأديب وفي نفس الوقت نستطيع أن نجري هذه العملية على شكل مراحل ونوصي الآباء والمربّون بالاستفادة من هذه الأساليب أن كان الطفل مستحقاً للتأديب الى حد الامكان.

1ـ التذكير: تذكير وتحريض الفرد على تذكّر الأمور التي يمكن أن ينساها. فالإنسان موجود معرض للنسيان في كثير من الأحيان خصوصاً أن كان في معرض الأشياء الجميلة. ليس من الصحيح أن يتذكّر كل المسائل التي علّمتموه أيّاها هو ينسى في بعض الموارد تعاليمكم وأوامركم.

من اللازم عليكم أن تجدّدوا العهد والميثاق معه وتذكّروه بين كل فترة وعندما تشاهدوه أنه يميل الى الانحراف والزلّة والخطأ. ذكّروه المسألة لأنه قد يتركها ولا يرتكبها. اجراء هذا الأسلوب هو سبب لمنع كثير من الزلاّت والأخطاء.

يجب أن يكون التنبيه والتذكير بالأسلوب الصحيح، وبعض الأحيان يكون بطريقة غير مباشرة أو حسب ما يقول المثل (قولوا للباب حتى يسمع الجدار). وهذا الاسلوب استعمله الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهو مؤثر في بناء الفرد.

2ـ النظر بقصد التذكير: أنتم تستطيعون في بعض الأحيان أن تمنعوا الطفل بنظرة عميقة وجدية عن السير في طريق الانحراف وحتى في هذه الحالة لا تحتاجون الى الضرب. الوالدان والمربّون يستطيعون عندما يرتكب الخطأ من قبل الطفل أن يفهّموه بنظرة بأنهم غير راضين عن عمله هذا.

 التجارب أثبتت أن النظرة الطويلة والتي يصحبها السكوت تستطيع في بعض الأحيان الى احساس الطفل بالخجل وانفعاله بدرجة يتعرّق ولا يتقرب الى ذلك الخطأ مرة ثانية. أن كان الطفل في حال سرد الأكاذيب في البيت أو أخذ شيئاً بدون رخصة أو ارتكب عملاً سيئاً، فأن الأب يستطيع أن يحسّسه ويجلسه في مكانه بنظرة دقيقة وحادّة.

3ـ التنبيه والاخطار نستطيع في بعض الأحيان بدل ضرب الطفل، تنبيه واخطاره، نفهّمه أنه في حالة استمراره على هذا الأسلوب ما هي المخاطر التي تنتظره وما هي العقوبات التي تنتظره أيضاً.

الاخطارات تستطيع أن تكون منبّهة وتعيد الطفل الى حالته العادية. أقل فائدة للأخطار هي أن تمنعه عن ارتكاب عمل الى لحظات وساعات وفي هذا المجال لدينا متسع من الوقت لأجل أن نضع له نظاماً وبرنامجاً جديداً.

حتى ان لم تكن الاخطارات مؤثرة فأننا نستطيع أن ننتفع منها بعنوان عامل لأتمام الحجة. تعطيه المعلومات والمعارف اللازمة. توجّهه على ماهية وضعه وبرنامجه وما هي العقوبة التي تنتظره، في مثل هذه الحالات أن وصل الدور الى الضرب والتأديب في يوم من الأيام فأن الحجّة قد تمّت له.

4ـ السيطرة: المقصود هو سلب حريته عن أداء عمل تكون سداً في قبال وصوله الى الأهداف السيئة والخاطئة. مراقبة ذهابه وايابه وتصرفاته الخاطئة والغير مطلوبة. منعه عن أذيّة الآخرين وأن كان هذا المورد لا يرضيه.

الطفل الذي في يده حجر ويريد أن يرميها على زجاجة أو شخص. يجب أن يمنع عن هذا العمل وان كان هذا العمل يتم بسلب حريته او امساك يديه بقوة او بالرعاية والحفظ الشديد له. يجب أن نسد طريقه في بعض الأحيان عن طريق الأمر والنهي بصورة جدية. الحد من حريته الزائدة. ابعاده عن الدخول في المجتمع حتى لا نجعله يصل الى ما أراد أن يفعله.

5ـ الحرمان من أساليب التأديب، حرمان الطفل من الشيء الذي يميل اليه ويحبّه. نعرف أن الطفل يحب، الأكل، اللعب، المشاركة في الفعاليات الجماعية والترفيهية، معاشرة الأصدقاء، مشاهدة البرامج التلفزيونية، القفز والوثوب و... حرمانه من هذه الأمور مؤثّرة في بنائه وأصلاحه.

بتناسب الخطأ والزلّة التي ارتكبها الطفل نستطيع أن نحرمه عن بعض هذه اللذات، مثلاً نمنعه عن اللعب، أو نقول له أنه ليس لك الحق في مشاهدة برامج التلفزيون في هذا اليوم. غداً الذي هو يوم العطلة ليس له الحق في النزهة و...

في حرمان الطفل نسعى الى حرمانه بتناسب الذنب الذي ارتكبه من لذة يحبها أو أمر يرغب ويميل إليه بشدة من المؤكد أنا يجب أن ننتبه اليه، أن لا تكون هذه المحرومية سبباً في اصابته بصدمات جسمية وروحية.

6ـ اللوم: التأديب قد يكون في بعض الأحيان بصورة اللوم والملامة واشهاده على أعماله الخاطئة التي سببت هذه العقوبة. لنفرض أن طفلاً دائماً يذكّره أبويه على أن يجهد في المطالعة والدرس وأداء واجباته ولكنّه على أثر عدم انتباهه رسب في بعض الدروس. من الطبيعي أن يكون مضطرب من هذه الأوضاع. في مثل هذه الموارد نستطيع أن نلومه لمدة دقائق حتى يحس بالألم أكثر من السابق.

اللوم والملامة تؤثر على الطفل خصوصاً في السنوات الأخيرة من الطفولة وخصوصاً أوائل سنين البلوغ وأثرها لا يقل عن التأديب الجسمي. القرآن ينتفع من هذا الأسلوب لأجل الكبار وهي وسيلة مناسبة للبناء والاصلاح.

رعاية هذه النكتة مهمة وهي أن الملامة يجب أن لا تصل الى حد الافراط، لأن الملامة ستأجج نار اللجاجة. الملامة تستطيع أن تكون ضربة سيئة للطفل وتسبب قلق شديد له ولذلك يجب الامتناع عن الافراط في الملامة.

7ـ التوبيخ: من صور التأديب التوبيخ، والمقصود منه الكلام الحاد والشديد والذي يجرح أحساساته وشخصيته وهذه تستطيع أن تكون وسيلة لاصلاح وضعه في المسير الصحيح.

نعرف أن التعامل مع الطفل يجب أن يكون على أساس الاحترام ورعاية الأدب والأخلاق. الاسلام يوصي أن تنادوه بالسيد، السيدة و... وأرشدوه الى الخير والسعادة بالعبارات الجميلة والبنّاءة.

ان كان الطفل متعوداً على هذه الطريقة في التكلم معه، فمن الطبيعي أن ينزعج ويتأذى ان تغير هذا الأسلوب. على هذا الأساس، التوبيخ يستطيع أن يكون عاملاً بناءً وموجّها، وهو اسلوب قرآني أيضاً.

8ـ الهجران: من الأساليب المهمّة التي وصى الاسلام بها، أسلوب الهجران، الإمام الرضا (عليه السلام)، عندما اشتكى عنده أحد الأشخاص من ابنه وكان يقول له في بعض الأحيان بانه يضربه، فأجابه الامام (عليه السلام) بأن لا تضربه واهجره، ولكن لا تستمر طويلاً. (واهجره ولا تطل).

الهجر في الحقيقة يبين غضب وتنفر الطفل المقابل بالنسبة الى عمل. عندما يهجره المربي مع كل حبّه وعطفه عليه فأن هذا العمل سيؤثر أثراً بناءً في نفسية الطفل ويسبب في أن ينتبه الطفل الى نفسه.

الأصل المتعارف في الاسلام هو أن نهيّىء موجبات المصالحة بعد الهجر وان لا نستمر عليه. الشخص الذي بدأ الهجران هو الذي يجب أن يمهّد للمصالحة، والاستمرار على الهجران يسبب في اثارة الشك عند الطفل في تصرفاته وسلوكه، مما يؤدي إلى القضاء على الأثر التربوي للهجران.

9ـ التهديد: في بعض الموارد من الضروري أن نمهّد المجال للتهديد بعد رعاية وأعمال الضوابط التي مضت يجب أن نعلمه عن عاقبة أعماله والعقوبة التي تنتظره. يجب أن يهدّد ويخوف.

التهديد وسيلة للامتناع عن ارتكاب عمل معين، ويسبب أن يمتنع الفرد عن ارتكاب كثير من الأعمال ويأبى عنها. كذلك التهديد يستطيع أن يكون منبه. انتبهوا الى آيات القران، ترون ان التهديدات غرضها الوعد والوعيد للمجرمين.

لا شك أننا في التهديد يجب أن نتكلم عن شيء يمكن اجراءه واداءه. التهديدات الخاوية لا تؤخر ولا تقدم شيئاً، بل تسبب في أن يشك الطفل ويتردد في كلام المربّي ولا يحسب له حساباً.

10ـ الاعتراف والاعتذار: الفرد عندما يحطّم غروره ويعترف بصراحة عن خطأه ويعتذر عن ذلك، هذا أيضاً من الأساليب ويمكن أن يكون درساً للشخص حتى لا يرتكب ذلك العمل مرة أخرى.

يجب أن نفهّم الطفل الذي ظلم أحداً أو سلب حق أحد، أو سبّب أذيّة وخسارة للآخرين، أنه ارتكب، عملاً سيئاً ويجب أن يعتذر. من مراتب التأديب أن نجعله يعتذر عن عمله أمام الجمع ويعطي قولاً على عدم ارتكاب ذلك العمل مرة أخرى.

التأديب بمعنى الضرب

عندما لا يؤثر التذكير والنصيحة التي يقدمها المربي، وعندما لا تؤثر أساليب الاخطار، التوبيخ، التهديد، الهجران ولا ترجعه الى صوابه، وعندما لا تؤثر فيه جميع أساليب المحبّة. وعندما لا يبقى طريقاً يردّه إلى صوابه ويترك هذه الأعمال فلا بدّ من الاستفادة من أسلوب الضرب.

ويجب أن نذكر هذه النكتة. وهي أن الذي يجب أن ننتبه إليه في التأديب الجسمي ليس إنزال الأذى بجسم الطفل، بل تحطيم الحاجز الذي يوجد فيما بينهم. المرّبي بمسح يده على وجه الطفل يريد أن يفهمه، على أن علاقة الانس والمحبّة والألفة مقطوعة عنه ولا يراه أهلاً للاحترام، أو التقدير والاحترام الذي كان يكنّه له، غير موجود الآن.

التأديب ان كان بقصد ايذاء الجسم، فأنه سيفقد أثره بالتدريج وبعد مدة، لأنه وعلى رأي العوام. الطفل بسبب الضرب والتأديب المكرر، يتعلم عليه بصورة لا يحس بعد ذلك بألم من الضرب أو يحس بالألم ولكنّه لا ينفعل في مقابله ولا يتخذ موقفاً مضاداً أو يجعله الضرب المكرر أن يحس بحرية في نفسه لارتكاب الذنوب لأنه بسبب هذا الضرب يحسب نفسه بريء الذمة.

لذلك التأديب، يجب أن يؤدي دور العلاج بالنسبة الى الطفل ونستعمله عندما لا تبقى أساليب أخرى وتسدّ جميع الأبواب. ونحن نعرف أن استعمال الدواء بمقدار قليل، لأن كثيره قاتل. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.