دعا ممثل المرجعية العليا في كربلاء السيد احمد الصافي إلى ضرورة أن تكون للإنسان علاقة "خاصة" مع الله لا يطّلع عليها غيره.
وقال في جانب من الخطبة الأولى لصلاة الجمعة التي ألقاها يوم أمس من الصحن الحسيني الشريف "اكتم الصدقة إذا أردت أن يطفئ الله عليك غضبه ، ولا تذكر الجزئيات إذا أردت ان تشيع هذه الثقافة".
وأضاف "لابد أن تكون للانسان علاقة خاصة مع الله تعالى لا يطلع عليها الا هو، بكاء ودعاء وإنابة وتصدق".
وفي ما يلي النص من الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 24/جمادى الاولى/1437هـ الموافق 4/3/2016م :
في الواقع نحن عباد لنا حاجة حقيقية الى الله تعالى نحن محض الحاجة ونحن محض الافتقار ونحن محض الفقر والله تبارك وتعالى هو الغني المطلق ..
التوبة اخواني حالة صحية ان الانسان قد تمر به بعض الزلات يميناً ويساراً ولكنه سرعان ما يؤوب ويرجع الى الله تعالى فضلا ً عن كونها من الامور الصحية واقعاً التوبة من الامور المربية ..
الانسان اذا اعتقد انه بحاجة دائماً الى غيره يحاول ان يرضي هذا الغير ويحاول ان يتصرف تصرفات يرضي هذا الغير وبالنتيجة نحن لابد ان نشعر دائماً بأننا بحاجة الى الله. الواقع نحن بحاجة الى الله لكن تارة نشعر بهذا الواقع وتارة لا نشعر ..
الانسان قد يحتطب على ظهره الآثام وهو لا يكترث الى ان يصل الى مشارف ونهاية العمر قد يلتفت اذا التفت سيشعر بالانكسار وسيحاول ان يصحح ما فات وسيعترف هناك بأنه محتاج الى الله تعالى وسيرى حقيقة هذا الاحتياج لأنه كل ما كان يتقوى به قد خرج منه وكل شيء انتهى وهو بينه وبين الاخرة لحظات ثم يصبح جثة هامدة وينتقل الى ذلك المكان الذي لابد ان ننتقل اليه جميعاً..
ولذلك التوبة فضلا ً عن هي اعادة ورجوع العبد الى الله هي حالة مربية تجعل الانسان دائماً في يقظة انه انتبه هناك من يراك وينظر اليك وهناك من تحتاجه بمجرد ان تلتفت فلا يخدعنك احد عن هذا الاحتياج..
لا يقول الانسان انا قوي وحصلت على هذه الاشياء بجهدي وعلمي لأنه سيرجع ويتنكر لهذه الاشياء .. الانسان العاقل عندما يلتفت انه بحاجة الى الله دائماً وكل انسان هو فقير الى الله .. وان التوبة هي سيماء الصالحين ..
اخواني ان مسألة التوبة هي مسألة تربوية ان الانسان يؤوب الى الله تعالى ويعود الى الله تعالى..
الامام السجاد (عليه السلام) يقول : (أَللَّهُمَّ يَا مَنْ لا يَصِفُهُ نَعْتُ الْوَاصِفِينَ ، وَيَا مَنْ لاَ يُجَاوِزُهُ رَجَاءُ الرَّاجِينَ ، وَيَا مَنْ لاَ يَضِيعُ لَدَيْهِ أَجْرُ الْمُحْسِنِينَ).
من هو المحسن ؟
لاحظوا اخواني كل منا يحب نفسه والانسان عندما يحب نفسه هذا ليس عيباً لكن العاقل هو الذي يأخذ بنفسه الى موارد الامان لا يوجد احد منّا لا يحب نفسه لكن من محبة الانسان لنفسه ان يكون مطيعاً لله لأنه يخاف على هذه النفس ومن محبة الانسان لنفسه ان يسعى وراء البر ..
المحسن لا تجد عنده الا حالة الاحسان لمن يعرف ولمن لا يعرف وهذا الاحسان مآله من الله تعالى فالله تبارك وتعالى اودع فينا آلات وافكار وارشدنا الى موارد البر والانسان عندما يُحسن الله تبارك وتعالى يقول انه لا يضيع اجر المحسنين.. وهذا خلاف الدنيا ففي الدنيا كثير من المحسنين لا يحصلون على اجرهم دنيوياً بل ان كثير من الناس قد تحارب المحسن..
لابد الانسان ان تكون عنده علاقة خاصة مع الله تعالى لا يطلع عليها الا هو، بكاء ودعاء وإنابة وتصدق وصدقة السر تطفئ غضب الرب، الانسان لا يجلس في أي مكان ويقول فلان تصدقت عليه لا تتبع هذه الصدقة بمنّ ، تريد الله تعالى يطفئ غضبه عليك اكتم الصدقة، نعم اذا اردت ان تشيع هذا الفعل حتى الناس تتعلم لا تذكر هذه الجزئيات..
الله تبارك وتعالى موازينه تختلف قد يكون الانسان يعيش 60 عمل من الاعمال يُقبل عند الله تعالى لخصوصية مفقودة في بقية الاعمال، لخصوصية هذا الفعل قد لا تكون في بقية الاعمال ولذلك اخواني لابد من وجود علاقة خاصة مع الله تعالى ادخرّها وكل ما عوّد الانسان نفسه ان تكون له هذه العلاقة الخاصة مع الله سيشعر بارتياح حتى ولو ان العالم بأسره اصبح ضدّه والائمة الاطهار عليهم السلام علمونا اشياء يحتاج الانسان ان يلتفت لها..
لاحظوا هذا الدعاء للامام السجاد (عليه السلام) كيف كان يدعوه الامام السجاد (عليه السلام) كان يدعوه كما انا ادعوه لا افهم معناه .. كان يدعوه بطريقة خاصة حيث كان (عليه السلام) عندما يتوضأ يرتعد ويصفر وجهه ويبدو هذه حالة طبيعية وعندما يُسئل لماذا يا بن رسول الله ؟ قال جاء وقت امانتي عرضها الله تعالى على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها حملها الانسان لا ادري اؤدي الامانة ام لا ..
وعندما نقرأ الصحيفة السجادية الامام السجاد (عليه السلام) كان يمارس هذه الادعية وكيف كان يدعو الامام (عليه السلام) ..
لاحظوا اخواني لا يأتينا الشيطان ويقول هؤلاء معصومون.. نعم العصمة ولكن لا ياتيني الشيطان ويقول لا تفعلوا فانكم لا تصلوا اليهم .. نحن لا نصل وهم معصومون ولكن قطعاً الحد الادنى لابد ان نعمله .. الحد الذي يجعلنا نقتدي بهم لابد ان نفعله والحد الذي يجعلنا نتأمل على أي شيء سنقبل لابد ان نفعله ولابد ان نسعى فلنا في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اسوة حسنة ، العصمة رحمة لا تكن العصمة لنا مانعة على اننا لا نعمل .. لكن بالنتيجة الامام (عليه السلام) بشر يتعب ويعرق ويتألم ويجرح ولسيد الشهداء (عليه السلام) في واقعة الطف جراحات كثيرة ونزف دمه الشريف وهو معصوم ..
العصمة تجعلنا اخواني نندفع وننهل من الائمة الاطهار عليهم السلام .. ولذلك الامام السجاد (عليه السلام) هذه الادعية كان يدعوها بطريقته .. نحن يجب ان نقرأ هذه الادعية بحيث تؤثر في سلوكياتنا هذه العبارات ..
الدعاء له قيمة وقد لا يتيسر دائماً وإقبال النفس لا يتيسر دائماً فالانسان تارة تصيبه حالة من الإدبار فتراه تارة يقرأ بخشوع وتدبر وتارة يقرأ وهو لا يعلم ماذا يقرأ..