المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

جرعة الخروج exit dose
28-2-2019
الملوثات بحسب طبيعتها - ملوثات أحيائية
1/9/2022
استنجاد الامام بالكوفة
1-5-2016
من هم الذين كانت لهم عهود «إلى مدّة»
8-10-2014
Tetranacci Constant
9-12-2020
معنى كلمة ملل
26/11/2022


المركز والهامش في الدلالة  
  
718   01:10 مساءً   التاريخ: 21-4-2018
المؤلف : د. إبراهيم أنيس
الكتاب أو المصدر : دلالة الألفاظ
الجزء والصفحة : ص81- 92
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / الدال و المدلول /

 

المركز والهامش في الدلالة

يعيش الناس في مدينة القاهرة حياة اجتماعية تتضمن قدراً كبيرا من التعاون وتبادل المصالح، فيتصل بعضهم ببعض، وينتفع بعضهم ببعض، ولا يقتصر هذا الاتصال أو تلك المنفعة علي حدود ضيقة كالأسرة أو الأقارب، بل يسمعي الفرد منهم وراء رزقه ومصالحه يوما في شمالها وآخر في جنوبها، وساعة مع باعتها، وأخري مع موظفيها، ويتخذون في هذا الاتصال وسيلة واحدة هي اللغة التي تلتظمهم جميعاً، وتيسر عليهم ذلك التعاون الاجتماعي النشود، وهم مع هذا ربما نشأوا في بيئات مختلفة ، وتأثروا بتجارب متباينة في حياتهم السابقة، مما قد يترك أثرا قوياً في فهمهم للألفاظ، ولكنهم رغم ذلك يتعاملون بتلك الألفاظ، ويتنازل كل منهم عن تلك الفروق التي تلون الدلالات بلون خاص في ذهن كل منهم، ويقنعون في تلك الحياة الاجتماعية بقدر مشترك من الدلالة بصل بهم إلي نوع من الفهم التقريبي الذي يكتفي به الناس في حياتهم العامة.

وهذا القدر المشترك من الدلالة هوالذي يسجله اللغوي في معجمه ، ويسميه بالدلالة المركزية وقد تكون تلك الدلالة المركزية واضحة في أذهان كل الناس كما قدتكون مبهمة في أذهان بعضهم. ويمكن أن تشبه الدلالة بتلك الدوائر التي تحدث عقب إلقاء حجر في الماء، فما يتكون منها أولا يعد بمثابة الدلالة المركزيه للألفاظ، يقع فهم بعض الناس منها في نقطة المركز، وبعضهم في جوانب الدائرة أوعلي حدود محيطها. ثم تتسع تلك الدوائر وتصبح في أذهان القلة من الناس وقد تضمنت ظلالا من المعاني لا يشركهم فيها غيرهم.

وأقصى ما يطمع فيه اللغوي هو أن يجعل تلك الدلالة المركزية واضحة في أذهان الناس، ولذا بعمد إلي ذلك القدر المشترك فيحدده ويشرحه في معجمه ، مستعينا في هذا بطبقة المثقفين من جمهورالناس، ومتخذاً منهم نماذجه الدلالية في ذلك المعجم.

فالدلالة المركزية لكلمة مثل «الشجرة» تتضح في ذهل الطفل منذ السنين الأولي من حياته، وتظل واضحة في ذهنه طول حياته دون زيادة كبيرة في دلالتها

ص81

المركزية، في حين أن كلمة أخري مثل «الحزن أو الغضب» تتطور دلالتها المركزية معنا، وتأخذ وضعاً في طفولتنا غير الذي تأخذه في شبابنا، ثم نستقر علي حال معينة في شيخوختنا.

ومع اختلاف كثير من الناس في تلك الدلالة المركزية، لا يعوقهم هذا الاختلاف عن التفاهم وتبادل وجهات النظر، لأنه خلاف في نسبة الوضوح ... لك الذلالة ، فهي عند بعضهم أوضح منها عند آخرين، ولكنها علي كل حال واضحة وضوحاً كافياً عندهم جميعاً.

أما الدلالة الهامشية فهي تلك الظلال التي تختلف باختلاف الأفراد و تجاربهم وأمزحتهم وتركيب أجسامهم وما ورثوه عن آبائهم و أجدادهم فالمتكلم ينطق باللفظة أمام السامع محاولا بهذا أن يوصل إلي ذهن السامع دلالتها، فتبعث تلك اللفظة في ذهن السامع دلالة معينة اكتسبها هذا السامع من تجاربه السابقة، ويفترض بعد سماعها أن مادار في خلد هذا المتكلم يطابق تمام المطابقة ما يدور يخلده. فهو لم يتغلغل في عقل ذلك المتكلم ، ولم يكشف عن حقيقة ما يجول في دهنه، ولم يقف علي حدود دلالته وما حولها من ظلال أوهالة، وإنما بني فهمه وأسسه علي تجاربه هو و فهمه الخاص لمثل تلك اللفظة.

فهناك شاب يسمع لفظ «المسدس» ويدرك من توه دلالته للركزية، ولكن هذا اللفظ لايكاد بشير مع دلالته للركزية ، شيئاً من ظلال المعاني، أو ربما بذكره بطفولته وملاعب صباه حين كانت له لعبة صغيرة في صورة «للسدس» يطلقخت في الهواء فتبعث شرراً أو تقذف قطرات من الماء أمام لداته من الأطفال، والجميع يضحكون ويمرحون، وهو بلعبته فخور مسرور.

وهناك شاب آخر مر به في حياته حادث أليم رأي فيه مجرماً أثيما يصوب مسدساً نحو أبيه أو أحد أقاربه، ثم يطلقه فينبعث منه طلق يدوي في أنحاء المكان، ويخر الأب بعده صريعاً تتدفق الدماء من صدره. للفظ المسدس أمام هذا الشاب لايصور تلك الدلالة المركزية وحدها، بل يبعث في ذهنه صورة بنيضة مؤلمة تختلف كل الاختلاف عن تلك التي تجول في ذهن زميله الآخر.

ولفظ «البنسلين» أمام قروي صحيح البدن إن دل علي شئ فإنما تقتصر دلالته علي نوع من الدواء سمع عنه أو رآه، ولكن نفس اللفظ يقع من أدن المريض وقعاً آخر بعد أن جرب آلام الحقن عدة مرات، وقاضي عذاب المرض زمناً ما، فأحيط لفظ البنسلين في ذهنه يظلال من المعاني لا أثر لها في دهن القروي.

ص82

وأصحاب الأمزجة المرحة يسمعون لفظ «الموت» فلا يفزعهم، في حين أن المتشائم يجفل لدي سماعه، وترتعد فرائضه، وقد يتصور ملاك الموت مقبلا عليه في صورة بشعة مخيفة.

من أجل هذا اختلفت الدلالة الهامشية باختلاف تجارب الناس وأمر جتهم وما ورثوه من أسلافهم.

فبينما تجمع الدلالة المركزية بين الناس، تفرق بينهم الدلالة الهامشية، وبينما تساعد الأولي علي تكوين المجتمع ونماونه وقضاء مصالحه، قد تعمل الثانية علي خلق الشقاق وانزاع بين أفراده. ولكن الناس في حياتهم العامة يعتمدون علي الدلالات المركزية ويكتفون بها عادة، وهو من يمن الطالع أو رحمة الخالق بعباده، وإلا كانت الحياة جحيما لا يطلق، كلها شقاق ونزاع وسوء فهم بعضهم لبعض.

وتسود الدلاة الهاسشية في بعض مجالات الحياة، وتصبح حينئذ شرا مستطيراً لبني الإنسان. وأوضح مجال للدلالة الهامشية المجال السياسي.

المجال السياسي:

هنا تفرق الدلالة الهامشية بين الإنسان وأحيه الإنسان، وتنفر الشعوب بعضها من بعض، وتقيم بينهم أسوارا وحواجز، بل قد تدفعهم إلي الحروب وويلاتها. فالد يمقراطية كنظام سياسي بفهمها الروسي فهماً مباينا لفهم الا مريكي لها، والاشترا كية عند الإنجليز عيرها عند الألمان أيام هتلر، والحرية لدي هؤلاء وهؤلاء تتخذ مظاهر متباينة.

ويعمد السياسيون أحياناً إلي شخن تلك الألفاظ السياسية بقدر كبير من الدلالات الهامشية، ويستغلونها أسوأ استغلال في دعاباتهم، وفرض آرائهم وعقائدهم علي جمهور الناس. فالفدائي يجعلونه إرهابياً ، والوطني قد يصفو... بالتهور المتعصب، والهزيمة يصورونها في صورة النصر المبين.

فألفاظ السياسة فوق أنها ألفاظ كاذبة الدلالة في غالب الأحيان تحاط عادة بهالة من الدلالات الهامشية التي تؤثر في عقول الناس ونفوسهم، وتوجههم توجيها معينا نحوالخير حينا ونحول الثر أحيانا.

وإذا صح ما يقوله بعض علماء الفرنسيين من أن الإنسان إنما يتكلم ليخفي مايدور في ذهنه، فليس ينطبق هذا القول علي شئ مثل انطباقه علي لغة السياسة ومؤتمرات السياسيين. ففيها يحتدم النفاش، ويشتد الجدل حول مدلولات الألفاظ

ص83

لأنها شحنت في أذهان المؤتمرين بظلال من المعاني تفرق بين وجهات النظر وقد نؤدي إلي فشلهم في الوصول إلي حل من الحلول.

وفي مثل هذه المجالات السياسية لا تحقق اللغة الهدف الأساسي لها، يل تصبح نقمة علي بني الإنسان، وهي التي أريد بها أن تكون نعمة لهم.

ولا تفشل المؤتمرات السياسية لتباين العقائد والمبادئ وحدها، بل كثيراً ما تفشل لنباين دلالات الألفاظ، وما تتضمن في الأذهان من دلالات ها مشية مختلفة.

أمام القضاء والمحاكم:

تهدف الشرائع السماوية والقوانين الوضعية إلي الوئام والتعاون وتبادل المصالح بين الناس، ولكن الناس لا يزالون يختصمون، لمافطر عليه بعضهم من شر أو أنانية. ولكن ذلك الخصام بزداد اشتعالا، ويمتدلهبه نتيجة تلك الدلالات الهامشية التي تختلف في أذهانهم وتباعد بينهم. ويشهد القضاء كل يوم صراءً. قوياً نشأ عن تلك الدلالات الهامشية ، فيحاول المشرع سد الثغرات، وتحديد الدلالات ولكن هيهات.

حتي الألفاظ القرآنية نراها أحياناً مثار النزاع في تفسيرها بين الأئمة وعا...ء الشريعة، فهم جميعاً يقرأون: «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء» ، ويختلفون في مدلول «القرء» ، ويرتبون علي هذا الخلاف أحكاما شرعية.

ولمل رجال القانون يدركون أكثر من غير هم أثر تلك الدلالات الهامشية في النزاع بين الناس. فيسمع القاضي للمتخاصمين وقد احتدم بينهما الجدل لا لشئ سوي أن أحدهما قد لون دلالته للفظ من الألفاظ بلون خاص، واصطبغ هذا اللفظ في ذهن الآخر بصبغة أخري، ثم يحكم القاضي متأثراً في حكمه بدلالته الخاصة، وفهمه الذي اكتسبه من تجاربه السابقة، لا تجارب المتخاصمين أو فهمهم.

وقليل من الألفظ القانونية تلك التي تكتسب صبغة الاصطلاح، فتصبح كالمصطلحات العلمية في الهندسة أو الكيمياء أو الطب، وذلك لأن الكثرة الغالبة من دلفاظ القانونيين تتصل اتصالا وثيقاً بحياة الجمهور ومعاشهم، وتصف مشا كلهم، وتدبر شئونهم، وترعي مصالحهم . فألفاظ الخطاب ... ألفاظ القانون في غالب الأحيان. والقانوني يحاول في تشريعه أن يجدد معالم تلك الألفاظ، وباقي في هذا من العنت والمشقة الشيء الكثير، ولكن الناس مع هذا لا بزالون يختصمون.

فالمشرع ينص علي وجوب «إعلان المدعي عليه في موطنه»، قانعاً بمثل هذا

ص84

النص، معتقداً أن كلمة «الموطن» ذات دلالة محددة في أذهان الناس، ثم لايلبث أن يخيب ظنه حين يفد المتقاضون يتنازعون حول هذه الكلمة التي لها في أذهانهم ظلال من المعاني متباينة.

وليس من الضروري أن نفترض المغالطة في كل نزاع من هذا النوع فقد يكون النزاع حول مدلول اللفظ عن عقيدة وإيمان بين كل من المتخاصمين.

فالقضاة والمحامون يقضون نصف حياتهم أو حياتهم كلها في صراع مع تلك الألفاظ ومدلولاتها، وحدود تلك الدلالات، فيوفقون حيناً ويفشلون حيناً آخر.

يقف الدائن ويعلن أن مدينه أ..لس، فيصر الخصم علي أن هذا لا يسمي إفلاسا، وهنا يشتد الجدل حول معني «الإفلاس»!!

يقف المتقاضون فيدعي بعضهم أن المبلغ كان بمثابة تأمين، فيصيح الخصم بل وديعة، أو أنه بمثابة «عربون» فيقول الخصم بل هو «خلو رجل» !! ولذا لا ندهش حين نقرأ تلك المذكرات المسهبة التي يحاول فيها القانوني شرح لفظ من الألفاظ وتحديد دلالته. فعملية «النصب» قد يفسرها المحامي أحياناً بأنها لا تعدو أن تكون «كذبا» جاز علي عقل أحد المغفلين، ولا يحمي القانون أمثال هؤلاء المغفلين !!

بل قد تكون الدلالة للفظ من الألفاظ مسألة حياة أو موت، فكلمة «العمد» تكون ركناً أساسياً في الجنايات الخطيرة. فإذا اقتنع القاضي بنية «العمد» في سلوك الجاني فقد يدفع به إلي حبل المشنقة، وإلا تحولت الجناية إلي جنحة، وعدّت الجريمة من قبيل الخطأ. ولكن هل من اليسير تحديد معالم تلك الدلالة المجردة في كلمة «العمد»؟ أليس مرجعها أولا وقبل كل شئ إلي النية وإلي الضمير؟ ولا عرابة إذن حين يثبت ركن العمد عند قاض وينتفي عند آخر في نفس الجريمة ، لأن دلالة «العمد» في ذهن كل منهما متأثرة بتجاربهما الخاصة، وبتلك الظلال الهامشية التي تختلف باختلاف الناس.

ففي كل يوم نقرأ علي صفحات الجرائد عن جدل ثار أمام القضاء حول تفسير لفظ أو مدلول كلمة. ولما صدر قانون التشرد حار رجال القانون في تحديده و تكييفه حتي استقرت دلالته أو كادت بعد حين من الزمن. ومند صدور قانون القمار والمحاكم في صراع حول حدوده، ولا يزالون حتي الآن يختلفون في مدلول «القمار» الذي عناه المشرع وأوجب تحريمه.

ص85

وعلي قدر ما يتاح للمرء من تجارب تصطبغ دلالته بصبغة خاصة وتتلون بلون خاص، وتحاط بظلال من المعاني لا يشركه فيها غيره من الناس. وتصبح وقد شحنتها تلك التجارب بما نسميه بالدلالة الهامشية.

وليست تقتصر تلك التجارب علي الأحداث وفرض السماع. بل إن الرقي العقلي، وما يكتسبه المرء من علم و معرفة، وما يتاح له من فرص ثقافية، كل هذا يترك أتراً قوياً في دلالته، ويصبغها بصبغة متميزة، فليست كلمة «البيع» في ذهن البائع المتجول تؤدي مانؤديه في ذهن للستاد كنجيب الهلالي الدي أخرج له كتاباً ضخماً جع عنوانه «البيع» ، وعالج فيه تلك العملية الشرائية التي تتم بين الناس صغيرهم و كبيرهم في كل لحظة من لحظات البهار و طرفاً من الليل.

وهل «الملكية» في ذهن رجل أي من أصحاب الأملاك أو الضياع، هي «الملكية» التي كانت في ذهن الدكتو كامل مرسي حين ألف كتابه المشهور وجعل عنوانه «الملكية» ؟

ولعل من تتمة الفائدة أن ...شير هنا إلي وقائع معينة، أو قضايا مشهورة كانت فيها الدلالة محل نزاع وجدل في تاريخنا الحديث.

فلنتذكر مثلا محاكمة الشيخ عبدالعزيز جاويش بسبب مقاله المشهور في ذكري دلشواي، وما فيه من ألفاظ فهمتها النيابة علي أنها «إهانة»، وفسرها الدفاع علي أنها من القدف المباح. وإن ماثار في تلك المحاكمة من جدل و نقاش بين النيابة والدفاع حول مدلول الألفاظ لهما بشر الدهشة والعجب. ولنتذكر أيضاً كتاب «وطنيتي» للشيخ ال... و محاكمة محمد فريد والشيخ جاويش لكتابتهما مقدمة لهذا الكتاب، وما ثار في هذالشأن من نقاش و تأويل وتخريج مرة علي لسان النيابة وأخري علي لسان الدفاع. ولنبتسم مع .. لتلك العبارة التي جاءت مرتين علي لسان النيابة، ولنتساءل ماد... كل النائب يعني ..بقوله (1) . وهل من أصالة الرأي إنهاض الهمم] ؟! أملا يدل هذا علي أن الجماعة إنما قصدوا إنهاض الهمم !!

ولعل الإمام أبا حنيفة حين اشترط لنفاذ عقد الزواج أن يكون الزوج كفئاً، لم يخطر في ذهنه أن الناس سيختلفون من بعده في مدلول «الكفاءة» وحدودها. ولم يخلف لنا ذلك الإمام المشهور من معالم تلك الصفة التي يجب أن تتوفر في الزوج سوي لفظ «الكفاءة» : وترك الناس بعده يدهبون فيها كل مذهب، إلي أن كانت تلك

ص86

القضية المشهورة في تاريخنا الحديث حين تزوج الشيخ علي يوسف صفية السادات، واعتراض ولي أمرها علي هذا الزواج وقد شغلت هذه القضية الرأي العام شهوراً فيها كان الناس يتساءلون عن معني الكفاءة وحدودها وعما إذا كان من المقبول المعقول أن يوصف كاتب مشهور من كتاب مصر، وصاحب جريدة المؤيد بأنه غير كيفء؟! ولم يشفع له أنه استحق التكريم من حاكم البلاد فمنحه الباشوية، ولم تشفع له شهرته السياسية ولا ثقافته ولا ماله.

ومثل هذه القضية ترينا إلي أي حد يمكن أن يختلف الناس في دلالات الألفاظ، عن هوي حينا، وعن إيمان وعقيدة حينا آخر، والدلالة في كلتا الحالين قد شحنت بظلال من المعاني، وأحيطت بصفات هامشية يستمسك بها كل فريق، ويناضل عنها نضال المستميت.

أمام القضاء الإنجليزي

كننا في لندن سنة 1936 حين أبرمت المعاهدة المشهورة، ودعي أحد الصحفيين المصريين لإلقاء محاضرة في النادي المصري، ولا أدري ما إذا كان هو الذي اختار عنوانها، أو اختارته له اللجنظ التنفيذية للنادي. وكان عنوان المخاصرة علي كل حال [واجبنا بعد المعاهدة]. فتصدي له الأستاذ (ق) وحاول أن يوجه المناقشة نحو البحث في نصوص المعاهدة، معلنا أنه من المستحيل أن نعرف واجبنا بعد المعاهدة ما لم ندرس المعاهدة ذاتها، ونتعرف علي مزاياها ونقائصها. وكان من المعروف حينئذ عن هذا الأستاذ أنه من المعارضين للمعاهدة، فتكهرب جو المحاضرة. وخشي رئيس النادي والمشرف علي المحاضرة الدكتور (م) أن بتورط الأعضاء في نقاش سياسي معارض قد تكون عاقبته وخيمة. فحال بين الأستاذ (ق) ومنعه من الاسترسال في الكلام، فكان بينهما نقاش حاد تبودلت فيه بعض العبارات القاسية، وانصرف الأستاذ (ق) مهدداً متوعداً.

ثم انعقدت اللجنة التنفيذية لتنظر في أمر الأستاذ (ق) يوصفه عضواً من الأعضاء، ورأت أن قانون النادي يسمح لها بإحالته إلي مجلس تأديب مالم يعتذر عما صدر منه.

وأصر كل علي موقفه، واستحال التفاهم، وتطور الأمر ولم يعتذر الأستاذ (ق) ، وقررت اللجنة تنفيذ نصوص القانون. وكان لهذا القانون صورتان إحداهما بالعربية، وأخري بالإنجليربة فيها ترجمت عبارة «مجلس تأديب» بالعبارة الإنجنيزية

Disciplinary councih .

ص87

وأحيل الأستاذ (ق) إلي مجلس تأديب، ووضع القرار في لوحة الإعلانات بالنادي كما هي العادة في كل قرارات للجنة التنفيذية.

وهنا رفع الاستاذ (ق) أمره إلي القضاء الإنجليري مدعيا أن في إعلان هذا القرار تشهيراً به، وقذفا في حقه ترتب عليه خسارة مادية وأدبية. فهو بوصفه من أصحاب الأعمال في لندن، وأصحاب السمعة الطيبة بين المتعاملين قد لحقه من هذا الإعلان ضرر بليغ في سمعته وفي ماله. وكلف «السير ستافرد كريبس» بإقامة الدعوي علي أعضاء اللجنة التنفيذبة الخمسة، وكلهم الآن في مراكز كبيرة، متضامنين مع مدير البعثات حينئذ والمستشار السياسي للسفارة المصرية [ع ح ] .

وكان أهم ما اسند إليه الأستاذ (ق) في دعواه أن كلمة «تأديبي» تناظر الكلمة الإنجلزية punitive ، فهي في رأيه كلمة مهينة فيها قذف وتشهير.

وظلت القضية ثلاث سنين حا فيها القضائ الإنجليزي بصدد ترجمة كلمة «تأديبي» الواردة في الإعلان ، هل هي Disciplibary أو punitive وانتدب للشهادة بعض المصريين من المتخصصين في اللغتين العربية والإنجليزية، فلم يجمعوا علي رأي، واختلف وجهات النظر، أو بعبارة أخري ظهر ما لدي كل فريق من دلالة هامشية إزاء هذه الكلمة. وتحملت الحكومة المصرية آلا... من الجنيهات في هذه القضية العجبية، كما تحمل الأستاذ المدعي آلافاً أحري، وانتهت القضية بأن تدخل بعض أعضاء البرلمان الإنجليزي من أصدقاء الطرفين للتوفيق بين فريقين من المصريين في لندن. وكانت اجتماعات ومداولات شهدتها حجرة خاصة في البرلمان الإنجليزي، ثم تصافي الفريقان، وتنازل الأستاد عن قصيته، دون الاهتداء إلي رأي حصم قاطع في دلالة كلمة «تأديبي» !!

من كل ما تقدم يري كيف تسيطر الدلالة الهامشية علي أذهان بعض الناس، وكيف تثير بينهم النزاع والشقاق، وكيف فشلت اللغة في أداء مهمتها حين استعملت في المجان السياسي أو في قض المنازعات القضائية، وكيف يمكن أن تسمي الأشيائ بغير أسمائها، أو يزاد أو ينتقص من دلالاتها. وسواء كمانت تلك الدلالة الهامشية سبيها الهوي والغرض، أو عن عقيدة وإيمان، فهي تتصل اتصالا وثيقاً بما بسميه علماء النفس بالعاطفة.

وقد أحس الفلاسفة قديما و حديثاً بغموض الدلالات، وأن الألفاظ سرعان ما تتحكم في تصورالناس للأشياء، مما ساعد السفسطائيين القدماء علي استقلال ذلك الغموض في دلالة الألفاظ، فتمكنوا عن طريقه من هدم حقائق العلم و مبادئ

ص88

الأخلاق، بل استطاعوا تأييد موضوع ماومعارضته في وقت واحد.

ولذا دعا «أرسطو» إلي تحديد معاني الألفاظ، وتعرف مدلولاتها علي وجه دقيق، حين كمان يناقش موقف السفسطائين.

وليست تلك الدلالة الهامشية كلها شراً، فقد تكون سبباً من أسباب المتعة

لبني الإنسان حين يستغلها الأدبائ والشعراء الذين لايقنعون في غالب الأحوال بتلك الدلالات المركزية، ويعدون ما بقتصر عليها من الأساليب، أسلوبا عامياً لا يهدف إلا إلي إبصال الحقائق دون زيادة أو مغالاة.

فكلمة «اربيع» حين يقتصر في شأنها علي الدلالات المركزية تصبح كما يصفها علماء الطبيعة بقولهم مثلا «اربيع أحد فصول السنة يحل لأسباب طبيعية خاصة وفي شهور معينة وتصحبه خضرة في الأشجار و اعتدال في الطقس» ، ولكن الربيع في رأي الأديب حين يستغل عاطفته، ويشحن دلالاته بصفات هامشية بصبح شيئاً آخر (2)

فادللالة الهامشية هي المسئولة عن روائع الآداب، وهي التي خلقت علماً بسمي بالنقد الأدبي، الفت فيه الكتب ووضعت له الأسس والمقابيس. ويعرض أصحاب النقدر العربي إلي مايسمونه بالذوق العام والدوق الخاص، ولا شك أن دلك الذوق الخامس يتأثر إلي حد كبير بمان سميه بالدلالة الهامشية التي تختلف باختلاف الناس، وتجاربهم وأمجتهم، وعوا طفهم ، وبيئاتهم.

ويتضح أثر الدلالة الهامشية في تلك الأسئلة الكثيرة التي بسوفها نقاد الأدب في كتبهم، ولاسيما حين ينصب نقدهم علي دلالة لفظ من الألفاظ. وفي كتاب الموشح للمرزباني، والموازنة بين الطائيين للآمدي، والعمدة لابن رشيق والصناعتين لأبي هلال العسكري، وأسرار البلاغة للجرجاني، والمثل السائر لابن الأثير وغيرها، أمثلة كثيرة نكتفي هنا بعرض طرف منها لتوضيح أثر الدلالة الهامشية في الحكم علي دلالة الألفاظ العربية.

ولسنا في اقتباس هذه الأمثلة القليلة من كتب النقد الأدبي تحاول اتتحام هذا الميدان أو الزج بأنفسنا في مجال الأدب ونقده.

ص89

1- روي أن الأصمعي كان يعيب علي ذي الرمة الشاعر قوله:

فغار إذا ما الروع أبدي عن الورى       ونقري عبيط الشحم والماء حامس

 فيقول: إنما يقال للجا...د من السمن وما أشبهه جنس !! فمدلول كلمة (جامس)، فكيف تمت هذه الصورة في ذهن الأصمعي إلا عن طريق تجاربه مع نصوص أخري تصادف أن سمعها وتأثر بها، وتصادف أن استعمات فيها هذه الكلمة مع السمن والدهن و نجوهما من السوائل ولكن ذا الرمة الشاعر للعربي قد تعود مع نفس الكلمة عبر ما تعود الأصمعي، ولعله عرفها في نصوص أخري وقد استمعمات مع الماء، أو لعله خلع عليها من الدلالة الهامشية ما سمع له بمثل هذا الاستعمال. فلكل من الرجلين تجاربه الخاصة، ومزاجه الخاص، ولا يشتركان إلا في الدلالة المركزية وهي تحمد السائل، متخذا هذا التجمد في ذهن كل منهما سورة ممينة، ولا يقال حينئذ إن أحدهما أصاب وإن الآخر أحطأ، ولا يصح أن تحعل أهمدهما أوغير هما حكما في مثل هذا الأمر لأن الدلالات الهامشية في أي لغة من اللغات مسألة فردية شخصية لا تكاد تعرض لها المعاجم أو تعني بها.

فالشاعر يصف قومه بحب الغارات وشنها كلما ثارث حرب بين الناس، وأنهم في نفس الوقت كرماء يقدمون لضيوفهم أشهي الطعام في أيام الشتاء حين يقل الخير، ولايجد الناس ما يسد الرمق.

2-وكان الأصمعي أيضاً يعيب قول عدي بن الرقاع:

لهم راية تهدي الجموع كأنها إذا خطرت في ثعلب الرمح طائر

 فيقول : الراية لا تخطر إنما اخطران للرمح !!

3-وعاب النقاد علي أبي تمام قوله:

رقيق حواشي الحلم لو أن حلمه                بكفيك ما ماريت في أنه ثوب

فيقول أحدهم: ماعلمت أحدا من شعراء الجاهلية والإسلام وصف الحلم بالرقة وإنما يوصف الحلم بالعظم والرجحان والنقل والرزانة !!

4-وعجب أحد النفاد لأن أبا العتاهية مقدم بين الشعراء مع قوله:

رويدك يا إنسان لا أنت تقفزُ

ص90

 

ورأي هذا الناقد أن كلمة «تقفز» لم تخرج من فم شاعر محسن قط !!

فأي ثأر بين هذا الناقد وهذه الكلمة ، إلا أن تكون قد ارتبطت في ذهنه بدلالة ها مشية خاصة نتيجة تجاريه السابقة، مما بغضه فيها، وصور دلالتها في ذهنه علي سورة بغيضة كريهة لا تليق بالشعر والشعراء.

فلما قال: أبوالعتاهيه في نسيبه أو تشبيبه بإحدي الحسان قوله:

إني أعوذ من التي شغفت             مني الفؤاد بآية الكرسي

قال النقاد: آية الكرسي يهرب منها الشياطين، ويحترس بها من الغيلا!! ولا يخطر في أذهانهم أن لآية الكرسي دلالة هامشية خاصة في ذهن الشاعر تختلف عما في أذهانهم، أو بعبارة أخري لم يسمحوا للشاعر أن يستممد من نجاربه الخاصة ومزاجه الخاص دلالة هامشية لهذه الكلمة تباين ماعندهم.

5-ولما حملت قطر الندي بنت حماريه إلي الخليفة المعتضد وكتب معها أبوها يذكره بخدمة سلفها، أمر الخليفة وزيرة بالجواب عن الكتاب، وكلف الوزير أحد كتابه بالرد، فغاب أياما وأتي بنسخة يقول فيها «وأما عن الوديعة فهمي بمنزلة شئ انتقل من يمينك إلي شمالك، عناية بها وحيامة عليها»

ثم أقبل علي الوزير معجباً بحسن ماوقع له من هذا وقال: تسميتي لها بالوديعة نصف البلاغة !! فقال الوزير ما أقبح هذا ... تفاء لت لامرأة زفت إلي صاحبها بالوديعة، والوديعة مستردة!!

فكلمة الوديعة في ذهن كل من الرجلين دلالة هامشية خاصة تتصل بتجارب كل منها، ولذا حسنت في عين أحدهما، وقبحت في عين الآخر.

و مما تقدم نري أن قدراً غير قليل من أحكام النقد الأدبي مرجعها إلي تلك الدلالة الهامشية التي تختلف باختلاف الأفراد في البيئة الواحدة، ويعظم اختلافها باختلاف الناس في البيئات المتباينة. فليست ريح الشمال لدي سكان جزيرة العرب كريح الشمال لدي المصريين، فهي في شبه الجزيرة ترتبط بالبرد والجدب والع...ر، فهي بغيضة .و كريهة لذي سكانها ولكنها محببة في مصر تعد النوافذ والشبابيك وواجهات البيوت لاستقبالها والتمتع بنسيمها.

في الأدب الحديث:

ولعل من تتمة الفائدة بصدد هذه الدلالة الهامشية أن نسوق هنا مثلا من الأدب الحديث لكاتب كبير هو الأستاذ عباس العقاد، حين يحدثنا في مقال ممتع نشر في

ص91

إحدى الصحف الأسبوعية عن كلمني السعادة والخير فيقول. أيهما نتمناه لو أعطينا مناناً؟ نتمني الخير أو نتمني السعادة؟ وترجو أن توصف بالأخيار أو ترجو أن توصف بالسعداء؟ بغير حاجة إلي استفتاء خاص أو عام يمكننا أن نجزم بأن السعادة تظفر بأكثر الأصوات في انتخابات الأمنية المشتهاة. وبغير حاجة إلي استفتاء علي الإطلاق يمكننا أن نقول إننا في الواقع نختار اسماً جذاباً حين نختار السعادة، وقلما نتريث أو نتدبر في حقيقة معناه». إلي أن يقول «وإذا تصورنا السعادة فصورتها أمامنا صورة فتاه حسناء تمتع الحس والنفس وتشبع اللذة والأمل. ولكننا لانتصور الخير في صورة أنئوية، ويغلب علي الخيال أنه يرسمه لنا في صورة شيخ جليل مهيب الطلعة طويل اللحية ، ولعلنا نتصوره في الصورة الأنثوية، ونخلع عليه سمت الأمومة التي تتقاضانا الجد والأدب، ولا ترتضي منا أن تتاقاها باللعب والمزاح. وشتان بين الصورتينن».

«أما بعد الروية فالأمر يختلف. بعد الروية ترجح أصوات الخير علي أصوات السعادة في معركة الانتخابات. فالسعادة في ...الأكثرين نوبة فرح طاقية. وليس من طبيعة النوبات أن تدوم. ونكاد أن نقول إنها كالطعام الحسن الشهي الذي نستحب مذاقه، ولكننا نسأمه ونعافه إذا تكرر علينا ولم تدق معه شيئاً يخالفه، ولو لم يكن مقبول المذاق كما نتمناه. والخير لاسآمة فيه. لأنه حالة تحتوينا ولا نحكم عليها بإحساسنا، وإنما تسترينا السآمة من جانب الإحساس...» إلي أن ينتهي من مقاله بقول: «والشرق إذن أدري بما يقوله في أعياده و تهنئاته لأنه يتمني لأبناده الخير كل عام، ولا يرتضيه أن تكون التهنئة بالعام السعيد».

تلك هي دلالة السعادة ودلالة الخير عقد كاتب كبير جرب من شئون الحياة تجازب كثيرة متلوعة فلما يشركه فيها غيره، وتثقف بثقافات متباينة منها ماطبع بالطابع العربي الظرفي، ومنها ما اصطبغ بصبغة أوربية حديثة، فكان له من مزيج الثقافات ووافر العلم والتجربة شخصيته المتمبرة التي لونت مدلول كلمتي السعادة والخير علي النحو الآنف الذكر. ولكنا رغم تلك الصورة الممتعة التي صورتها لنا الكات سنظل تختلف في دلالة السعادة ودلالة الخير.

وأفراد البيئة اللغوية رغم اختلافهم في تلك الدلالات الهامشية، يشتركون في إحساس لطيف غامض يص... تجديد مداه، ولم يقطن له معظم اللنويين وهو ما نكتسبه من كثرة تجاربنا مع ألفاظنا ودلالاتها من إمكان التنبؤ بالدلالة أو جزء منها لدي سماع ألفاظ لم نسمعها من قبل ولم نتعلم شيئا عنها، وذلك هو ماسيمناه بوحي الأصوات.

ص92

________________

(1) المرافعات في أشهر الفصايا محمود عاصم صفحة 108 المجموعة الثانية.

(2) أصول النقد الأدبي للشايب صفحه 62.

 

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.