أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-08-2015
42263
التاريخ: 25-10-2014
1977
التاريخ: 10-5-2020
1169
التاريخ: 24-10-2014
1347
|
إعلم أن صفات الكمال والجمال لا تنحصر لأن الخلو عن الكمال نقص وكل نقص منفي وكل كمال ثابت له تعالى وإلا لاستحال كونه صانعا لأن كل صانع لا يمكن أن يكون صانعا إلا اذا كان كاملا في صنعه فلا بد أن يكون صانع جميع العالم كاملا بكل كمال بالذات من جميع الجهات، والمقصود من الصفات الثبوتية نفي أضدادها، إذ صفاته تعالى لا كيفية لها ولا سبيل الى إدراكها، فالقصور منها سبب أضدادها فهي مسلوب في الحقيقة، فمعنى قوله تعالى قادرا عالما أي ليس بعاجز ولا جاهل لأن العجز والجهل نقصان لا يليق بالكامل بالذات من جميع الجهات وهكذا في جميع الصفات.
فصفات اللّه تعالى الثبوتية ثمانية: القدرة والعلم والحياة والإرادة والكراهة والادراك والكلام والسرمدية.
الأول : في قدرته تعالى :
أنه قادر ليس بعاجز لا يعجز عن شيء من الأشياء، والدليل على ذلك:
أولا: استحالة الصانعية والخالقية بدون القدرة التي هي من صفات الكمال.
ثانيا: أن العجز نقص لا يليق بالكامل ... [فيجب] كمال الواجب.
ثالثا: صدور الأفاعيل العجيبة منه تعالى الدالة على كمال قدرته، ويكفي في كمال قدرته التفكير في عجائب مخلوقاته التي خلقت من الانسان فضلا عن غيره ويتدبر فيما للأطفال في البكاء من المنافع العظيمة حيث أن في أدمغتهم رطوبة عظيمة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره، وكيف جعلت آلات الجماع في الذكر والانثى جميعا على وفق الحكمة فجعل في الذكر آلة منتشرة تمتد حتى تصل النطفة الى الرحم إذ كان محتاجا الى أن يقذف ماءه في غيره، وخلق للانثى وعاء قعر ليشتمل على الماءين جميعا ويحتمل الولد ويصونه، وتفكر في منافع أعضاء البدن فاليدان للعلاج والرجلان للسعي والعينان للاهتداء والفم للاغتذاء والمعدة للهضم والكبد للتخليص والمنافذ لتنفيذ الفضول والأوعية لحملها والفرج لإقامة النسل وهكذا.
ويتفكر في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد ويستحيل في الكبد بلطف التدبير دما وتنفذه إلى البدن كله في مجاري مهيأة لذلك، وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مفايض قد اعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة والصفراء جرى إلى المرارة، وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة، وانظر إلى ما خص به الإنسان في خلقه تشريفا وتفضيلا على البهائم فإنه خلق ينتصب قائما ويستوى جالسا مستقبل الأشياء بيديه وجوارحه ويمكنه العلاج والعمل بهما، فلو كان مكبوبا على وجهه كذات الأربع لما استطاع أن يستعمل شيئا من الأعمال وإلى ما خصّ به الإنسان من الحواس من خلقه وشرف بها على غيره.
كيف جعلت العينان في الرأس كالمصابيح فوق المنارة وليتمكن من مطالعة الأشياء ولم تجعل في الأعضاء التي تحتهن كاليدين والرجلين فتعرضها الآفات وتصيبها من مباشرة العمل والحركة ما يعللها ويؤثر فيها وينقص منها ولا في الأعضاء التي وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر اطلاعها نحو الأشياء، وفكر في الأعضاء التي خلقت زوجا وفردا، فإن الرأس مثلا لو كان زوجا لكان كلا على الإنسان لا فائدة فيه بخلاف اليدين والرجلين والعينين ونحوها، فإن حكم تعددها لا يخفى، وتأمل في الجفن على العين كيف جعل كالغشاء والاشفار كالعرى.
وتفكر في نعمة اللّه تعالى على الإنسان لا تعد ولا تحصى في مطعمه ومشربه وآلاتهما وتسهيل خروج الأذى منه، وكيف جعل منفذ الخلاء من الإنسان في الستر موضع منه فلم يجعل بارزا من خلقته ولا ناشرا من بين يديه بل هو مغيب في موضع غامض من البدن مستور محجوب تلتقي عليه الفخذان وتحجبه الأليتان بما عليهما من اللحم فيواريانه، فإذا احتاج الإنسان إلى الخلاء وجلس تلك الجلسة وجد ذلك المنفذ منه منصبا مهيئا لانحدار الثقل.
وتفكر في هذه الطواحن التي جعلت للإنسان فبعضها محدد لقطع الطعام وقرضه وبعضها عرائض لمضغه ورضه.
وتفكر فيما أنعم اللّه على الإنسان من النطق بمفاد قوله تعالى علمه البيان الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه، ولو لا ذلك كان بمنزلة البهائم التي لا تخبر عن نفسها بشيء، وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين وأخبار الباقين وبها ترقم العلوم والآداب وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحسابات ولولاه لاختلت امور الناس في معادهم ومعاشهم وفيما اعطي الإنسان علمه وما منع منه وستر عنه فأعطي علم جميع ما فيه صلاح دينه من معرفة خالقه وتكاليفه وما فيه صلاح دنياه من الزراعة والغرس والنساجة والحياكة والخياطة والصيد وغير ذلك من الأعمال والأفعال وكيف ستر عنه العلم بعمره، فإنه لو علمه قصيرا لم يتهنأ دينه ودنياه بالعيش مع ترقب الموت ولو علمه طويلا وثق بالبقاء وانهمك باللذات والمعاصي وفسد عليه دينه ودنياه، وبالجملة تعداد مصنوعات اللّه ومقدوراته يحتاج إلى مجلدات كبيرة وما ذكرنا كما يدل على القدرة، كذلك يدل على مسألة الصفات الكمالية ويكفي في ثبوت القدرة النقل أيضا، قال اللّه تعالى في مواضع: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] ، وقال تعالى : {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27].
الثاني : أنه تعالى مختار في أفعاله إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وليس بموجب مضطر في صدور الأفعال عنه كالنار في الإحراق والشمس في الإشراق، والدليل عليه مضافا إلى أدلة القدرة، ومضافا إلى النقل كقوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } [القصص: 68] ، وقوله تعالى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] وغير ذلك من النقل القطعي أن الايجاب عجز والاضطرار نقص، فلا يجوز عليه تعالى.
وبعبارة واضحة هو أنه تعالى أوجد كل الأشياء باختياره، فلو لم يكن مختارا على خلقها وتكوينها لزم أن يكون مجبرا على خلقها من قبل قوة قاهرة تجبره على الخلق، وحيث لم تكن هناك قوة قاهرة تجبره على الخلق مثبت أنه تعالى مختار.
الثالث : عالم حكيم ويدل عليه أنه تعالى لو لم يكن عالما لكان جاهلا، والجهل من أهم عوامل النقص في الذات، والذات لا تكمل إلا بإزالة كل ما ينقصها، واحتمال وجود النقص في ذات واجب الوجود يجعله مفتقرا ومحتاجا إلى من يكمل فيه النقص، وإن اللّه تعالى كامل بذاته لا يتصور فيه النقص وتشهد حكمته وتدبيره واتقانه خلق كل شيء على علمه.
فالدقة في الصنعة وكنونات العالم والروعة في كل ما خلق من أكبر الأدلة على علمه بكل شيء كان وما سيكون وما هو كائن.
أما النقل فيدل عليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] ، وقال تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] ، وقال تعالى: { أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [البقرة: 231] ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ق: 16]. ويكفي في ثبوت علمه تعالى الآيات الكثيرة والأخبار المتواترة بناء عليه لا يخفى خرافات المتكلمين وبعض فلاسفة العالم، وأن العلم فيه تعالى حضوري أو حصولي بل إن اللّه تعالى يعلم الأشياء قبل وجودها كعلمه بها بعد وجودها لا تخفى عليه خافية يعلم السر وأخفى وما تكن الصدور ولا يجهل شيئا .
والحكيم يطلق على معان : أحدها وضع الأشياء في محلها وضده الظلم والسفه، وثانيها العلم بالأشياء كما هي عليه وضده الجهل، وثالثها ترك القبيح الذي هو الإخلال بالواجب، ورابعها العلم بالأشياء ومعرفتها بأفضل العلوم، وأفضل العلوم العلم باللّه تعالى وأجل الأشياء هو اللّه تعالى، واللّه سبحانه لا يعرفه كنه معرفته غيره وجلالة العلم بقدر المعلوم فهو الحكيم حقا لعلمه أجل الأشياء بأجل العلم، ويدل على أنه حكيم ايجاد الموجودات ومكونات العالم بأحسن نظام، وفي الذرة دلائل على وجود حكمته تعالى بل في كل زاوية الكون الحكمة متجلية كما ذكرنا في إثبات وجود المبدأ سابقا.
ويدل عليه قول الرضا عليه السّلام في دعائه : سبحانه من خلق الخلق بقدرته واتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شيء منه موضعه بعلمه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وأيضا كما أن جميع الممكنات أثر لوجوده فكذا جميع كمالاتها أثر لكمال والذي ينتهي إليه جميع العلوم لا يجهل شيئا.
واعلم أن علمه تعالى عام يعم جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها لوجهين:
الأول: لو لم يكن كذلك لزم الجهل ولو في البعض وهو نقص يجب تنزيهه تعالى عنه.
الثاني: أنه تعالى منزه عن المكان والزمان ... فلا نسبة بينه تعالى وبين مخلوقاته إلا وجوب ذاته وإمكان مخلوقاته وقدرته عليها.
وما زعمه بعض حكماء اليونان من عدم عموم علمه تعالى بل انحصاره كالعلم بأن الإنسان حيوان ناطق والحمار حيوان ناهق دون الجزئيات كزيد وعمرو وبكر، ومرض كل منهم وصحته وطوله وقصره لأنها متجددة حادثة والعلم يتبع المعلوم فيلزم تغير العلم وتجدده فيكون تعالى محلا للحوادث فهو فاسد لأن علم الخالق لا يقاس بعلم المخلوق والعلم التابع للمعلوم إنما هو علم المخلوق دون الخالق إذ هو تعالى عالم إذ لا معلوم، وعالم بما كان قبل أن يكون فلا تغير ولا حدوث في علمه الأزلي فله معنى العالمية إذ لا معلوم كما له تعالى معنى القادرية إذ لا مقدور ومعنى الخالقية إذ لا مخلوق، ولنضرب لذلك مثالا للتفهيم، فنقول :
إذا أراد زيد يوم السبت إنشاء كلام يوم الخميس فهو عالم يوم السبت بما ينشئ يوم الخميس وكذلك عالم يوم الجمعة بما أنشأ يوم الخميس، فلا تغير ولا حدوث في علمه أصلا.
الرابع : في أنه تعالى حي كما قال تعالى {هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] ، والمراد بالحياة صفته يتأتى معها العلم والقدرة، ويدل على ذلك مضافا إلى النقل ثبوت القدرة والعلم له تعالى وثبوتهما دليل على الحياة بل لازمهما فهو الحي الذي لا يموت .
وتوضيح ذلك إنا لما رأينا هذا العالم من السماوات والأرضين وما بينهما علمنا أن له بانيا قادرا عالما بناه بقدرته وعلمه، ولما رأيناه تجدد الحوادث فيه وانتظامه من الإماتة والإحياء ونمو النبات ونزول الماء وسكون الأرض وتحرك الهواء ودوران الفلك الدوار وسير الشمس والقمر بالليل والنهار والإفقار والإغناء والتمليك والإفناء والإضحاك والإبكاء والتمريض والشفاء ونحو ذلك علمنا أن فاعل هذه الأفاعيل حي، واعلم أن حياة الممكنات إنما تحقق بعروض صفة زائدة لها، وحياة اللّه تعالى عين ذاته كسائر صفاته غير زائدة عليها، ومرجعها إلى القدرة والعلم، ومرجع جميع الصفات إلى الذات المقدسة .
والتعبير بهذه العبارات للإفهام:
عباراتنا شتى وحسنك واحد و كل إلى ذاك الجمال يشير .
الخامس : قديم أزلي أبدي سرمدي، إن من مستلزمات ذات العالم القادر والوجود الواجب الحياة والبقاء لأنهما لو عدما من ذاته كان ممكنا لا واجبا لأن الفناء والانعدام يستلزمان وجود المفنى والمعدم أو قوة تطرؤهما على الذات من الخارج، وأن وجود الواجب الوجود هو ما يستلزمه بقاء المخلوقات والموجودات، وإن من خصائص المادة الحركة، والحركة تلزم وجود المحرك لها وبدون المحرك تتوقف الحركة، فذاته تعالى باق إلى الأبد حتى فناء مخلوقاته لأن انعدام الحركة لا يوجب انعدام المحرك، إما أنه قديم أبدي فإنه لو لم يكن قديما لكان حادثا، واللّه ليس بحادث لأن الحدوث من صفات الممكنات.
وبعبارة واضحة أنه تعالى قديم أزلي أبدي سرمدي ليس مسبوقا بعلة ولا يعتريه عدم، بل هو الأول بلا أول يكون قبله والآخر بلا آخر يكون بعده ولم يسبق له حال حالا فيكون أولا قبل أن يكون آخرا ، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا، قال تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة: 60] والدليل على ذلك مضافا إلى النقل الصحيح أنه لو جاز عليه ذلك لاحتاج إلى مؤثر في إيجاده وإعدامه فيكون ذلك المؤثر أولى بأن يكون هو الواجب، ولأنه لو لم يكن كذلك لم يكن وجوده واجبا ولا أزليا فيكون محتاجا، تعالى اللّه عن ذلك بل هو الغنى بذاته عما سواه.
سئل مولانا إمامنا الباقر عليه السّلام عن اللّه متى كان، فقال: متى لم يكن حتى أخبرك متى كان.
وعن أمير المؤمنين عليه السّلام إنما يقال : متى كان لما لم يكن، فإما ما كان فلا يقال: متى كان، كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد.
السادس : مدرك متكلم : اجمع المسلمون على أن اللّه تعالى يدرك حقائق الكون ودقائق الوجود، ومن إدراكه أنه سميع بصير كما لا خلاف بين المسلمين ان اللّه تعالى متكلم وكيفية سمعه وأبصاره وكلامه تختلف عن كيفية سمع مخلوقاته وأبصارهم وتكلمهم لأنهم يسمعون ويبصرون ويتكلمون بآلة السمع وجهاز الابصار واللسان، أما هو تعالى فإنه يتكلم بخلق الأصوات والكلمات في بعض مخلوقاته فتنطق بما يريد وتتكلم بما يدل على إرادته مثال ذلك كلامه مع النبي موسى عليه السّلام كما في القرآن: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] فإنه تعالى خلق الكلام في الشجرة في البقعة المباركة، وذلك كما جاء في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: 30].
كما أنه تعالى يسمع ويبصر لأنه يدرك المسموعات والمبصرات بعلمه وبقدرته ودليل ذلك قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 103] ويدل أيضا على ذلك أنه تعالى عالم بجميع المعلومات التي من جملتها المدركات فيكون مدركا بهذا المعنى وهو المطلوب.
السابع : مريد كاره : أن اللّه تعالى مختار ومن الاختيار أنه يريد ويكره ، فلولا وجود الإرادة فيه لما خلق الدنيا وما فيها، ووجود الإرادة تثبت وجود إرادة الشيء ونفي ضده، ولما كان اللّه تعالى حكيما فإنه يريد الخير ويكره الشر، يريد من عباده الطاعة ويكره منهم العصيان، ولو لا وجود الإرادة والكره لما كان اللّه مختارا ولكان مجبرا على أفعاله، والدليل على أنه تعالى مريد لأفعاله أنه خصّص إيجاد الحوادث بوقت دون وقت وعلى صفة دون اخرى مع عموم قدرته وكون الأوقات والصفات كلها صالحة للإيجاد بمقتضى القدرة، فلا بد من مرجّح للوقت والشكل لاستحالة الترجيح بلا مرجّح عقلا وذلك هو الإرادة، فيكون تعالى مريدا لأفعاله وهو المطلوب.
الثامن : في أنه تعالى صادق ولا يجوز عليه الكذب مطلقا لأن الكذب قبيح وهو تعالى منزّه عن القبائح، والكذب للإصلاح إنما جاز للمخلوق لارتكاب أقل القبيحين لأجل عجزهم وعدم قدرتهم على دفع فساد الصدق، واللّه تعالى لا يوصف بعجز، ولأن الصدق كمال وضده نقص والواجب يجب أن يكون كاملا من جميع الجهات كما تقدم.
صفاته تعالى عين ذاته وجودا وعينا:
الصفات الكمالية كالعلم والقدرة والاختيار والحياة والإرادة والكراهة والسمع والبصر والسرمدية ونحوها من صفات الكمال هي عين ذاته تعالى وجودا وعينا وفعلا وتأثيرا، بمعنى أن ذاته تعالى بذاته يترتب عليه آثار جميع الكمالات ويكون هو من حيث ذاته مبدأ لانتزاعها منه ومصدقا لحملنا عليه، وان كانت هي غيره من حيث المفهوم والمعنى، وذلك لجواز أن يوجد الأشياء المختلفة والحقائق المتباينة بوجود واحد ونظير ذلك للإفهام المخلوق ، فإنه مع كونه واحد يصدق عليه أنه مقدور معلوم ومحيى ومراد ومخلوق ومرزوق باعتبارات متعددة وحيثيات مختلفة، وبالجملة فليست صفاته تعالى مغايرة للذات كما في صفاتنا فإن علمنا وقدرتنا وحياتنا مثلا غير ذواتنا بل زائدة عليها ضرورة فإنا كنا معدومين ثم وجدنا وكنا جاهلين فعلمنا وكنا عاجزين فقدرنا وهكذا ...
واللّه تعالى ليس كمثله شيء ولا يشبه خلقه فصفاته عين ذاته غير زائدة عليها.
ويدل عليه العلم والقدرة من أنها لو كانت غير ذاته لكان تعالى محتاجا في كامليته الى صفاته واذا كان محتاجا كان ممكنا فلا يكون واجبا صانعا و[هذا باطل] ، وأيضا إن الصفة متأخرة عن الموصوف فيلزم أن يكون اللّه تعالى عاجزا جاهلا في وقت ثم صار قادرا عالما تعالى اللّه عما يقول الكافرون علوا كبيرا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|