المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{مثنى‏ وثلاث ورباع}
2024-04-29
معنى حوب
2024-04-29
صلة الأرحام
2024-04-29
عادات الدجاج الرومي
2024-04-29
مباني الديك الرومي وتجهيزاتها
2024-04-29
تعريف بعدد من الكتب / المسائل الصاغانيّة.
2024-04-29

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المودة والرحمة نتيجة الزواج  
  
6673   11:32 صباحاً   التاريخ: 15-10-2017
المؤلف : د. رضا باك نجاد
الكتاب أو المصدر : الواجبات الزوجية للمرأة في الاسلام
الجزء والصفحة : ص18ـ28
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-27 794
التاريخ: 24-1-2023 1166
التاريخ: 21-8-2018 1461
التاريخ: 21-10-2020 1840

لو كان عند الله لبني الإنسان شيء خير من الدين لأرسله إليهم عن طريق الانبياء بدل الدين. ومن جملة ما يدل على أن الله تعالى أرحم الراحمين هو انه عز وجل لا يحرم الإنسان – الذي يجلب لنفسه المصائب ويقترف الآثام بيده ـ من رحمته، وما من أمة إلا وقد أرسل الله إليها نذيرا. فقد قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24]. وما من أمة إلا وقد جاءها معلم أخلاق {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7].

فليس هناك من جماعة او قوم إلا وقد حملهم الله عبئا من الأمانة بما يتناسب مع ما منّ به عليهم من فيضه. {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}[الحجر:21] ، {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. وأرسل الإنسان الظلوم الى ميدان الوجود؛ فهو ظلوم من حيث أنه إذا لم يخن الامانة فليس بظالم، وجهول على اعتبار ان الأمين يبقى قدره مجهولا.

وهذه الأمانة ليست إلا الدّين الذي لو كان عند الله سواه لمنحه للإنسان. ولا يمكن للإنسان أن ينال أكثر من هذا التكريم. ولو كان غيره أكثر منه كفاءة وأمانة، لانصرفت هذه الأمانة إليه. أجل إن الدين أمانة. ومن جملة الفقرات التي يتألف منها العمود الفقري للدين هو : رسول الله، والقرآن، والولاية، وشهادة سيد الشهداء الحسين. ومن جملتها أيضا: الامانة الملقاة على عاتق الزوج وأسمها: الزوجة. والأمانة المسماة باسم: الزوج , ويجب على الزوجة أن تبذل قصارى جهدها في صيانتها والحفاظ عليها. فثمرة الزواج هي المودة والرحمة {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21]. وقيمة كل شجرة، بل وكل شيء يتوقف على ما يعطيه من ثمار. وثمرة الزواج تتوقف على مدى ما يحققه من مودة ورحمة. والثمرة التي تتمخض عن صيانة الأمانة وحفظ ما يؤتمن المرء عليه هي جنات تجري من تحتها الانهار وينال المرء كل الطيبات في الفردوس الأعلى .. {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ}[الزخرف: 71].

كل هذه النعم الأبدية التي ينالها الإنسان في جنة الخلد إنما يحصل عليها بما يتناسب مع حفظه للأمانة. أما المودة والرحمة التي تتحقق في ظل الزواج فالمراد منها هو ان الزواج إذا سار على نفس الوتيرة الطيبة المقدسة، والجذابة التي كان عليها من قبل، فذلك يعني أن الرجل قد نال ما كان يصبو إليه من أمر الزواج ، وان المرأة حصلت فيه على ما كانت تحلم به، وإلا فستشعر المرأة حينذاك، بأنها قد فقدت الجوانب الإيجابية التي كانت تستشعرها في الحياة مع والديها، وأخذت تتجرع حاليا غصص الحياة الزوجية. ويرى الرجل أن الحياة التي كان يحلم بها قد أمست سرابا، وإذا بالزوجة التي كان يأمل منها ان تكون بمثابة الأم قد بدت زوجة الأب، ولم تتحقق هناك الأمانة ولم يحصل أي رباط مقدس في هذه الحياة الزوجية.

ومع أن القرآن الكريم يؤكد على أن الله تعالى أرسل الانبياء مبشرين ومنذرين ، يبشرون الأخيار وينذرون الأشرار ، ولكنه في الوقت ذاته ينص على : {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر:24]. وهذه الآية تشير فقط الى جانب التخويف والإنذار فقط. وهذا المطلب ينطوي على معنى جدير بالتأمّل:

روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال : (اللهم إني لم أعبدك خوفا من نارك ولا طمعا في

جنتك، لكن وجدتك أهلا للعابدة فعبدتك)(1). ولكن يستدل من الدراسات والتحقيقات التي أجريت في هذا المجال أن أكثر الناس المتدينين يعبدون الله خوفا من ناره، وهناك عدد أقل منهم يبعدا الله طمعا في جنته، ولا يوجد إلا عدد قليل من أمثال الإمام علي , ممن يعبد الله انطلاقا من كونه أهلا للعبادة. ويفهم من هذا ان معظم الناس يخافون، ولهذا يجب تقديم النذير على البشير. وعلى كل الأحوال فإن عدم مداراة الزوج بالشكل الصحيح، وعدم رعاية الزوجة كما ينبغي لا مكان لهما إلا في جحيم الحياة الدنيا، وهو مكان لا وجود فيه للمودة والرحمة، ولا ينالهما منه في الآخرة إلا نار الغضب الإلهي.

لا شك في ان المرأة المسلمة تلتزم بالأحكام الإسلامية حتى في حياتها الاجتماعية، وهي حتى وإن اضطرتها الظروف الى مجاراة العادات الاجتماعية السائدة بين الآخرين؛ فإنها لا تتخلى عن موقفها الإسلامي. والإسلام ثروة تأخذها المرأة معها الى دار الزوجية، وتشترك مع زوجها المسلم في تكوين أسرة مسلمة، وتحافظ على طابع الاعتدال في المهر وفي سائر القيم الإسلامية كما وكيفا.

عندما تذهب المرأة المسلمة الى بيت الزوجية يجب ان لا يتعلق قلبها بزوجها فقط ، وإنما يجب ان يتعلق بالإسلام أيضا. وكذلك الرجل يجب عليه ان ينظر الى هذه الحقيقة وهي أنه إذا كان من المقدر ان تكون هناك علاقة مودة ورحمة بينه وبين زوجته، فلا بد ان هناك بينه وبين الإسلام علاقة أخرى على غرار هذه العلاقة. وهذه المحبة ليست ذات جانب واحد. لأن المحبة ذات الجانب الواحد لا قيمة لها، بل إن كل من يحب الإسلام، فإن الإسلام يحبه أيضا. وهذه المعادلة ذات الطرفين موجودة في كل مكان؛ فمن يتوب يتوب الله عليه، ومن ينصر الله ينصره، ومن يحب الله يحبه الله. ومن هنا قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (أنا وعلي أبوا هذه الأمة)(2). وكل من يحب الإسلام فهو من أبناء الأمة الإسلامية. والإنسان مجبول على حب كل من يربيه ويوصله الى الكمال، ومثله في ذلك كمثل الذي يحب أبناءه ويحبونه. ومحمد وعلي أبوا هذه الأمة.

وحتى إذا لم تتحقق بين الرجل والمرأة المودة والرحمة ولم يكن زواجهما من ذلك الطراز الذي يجلب عليهما المودة والرحمة؛ فإنهما لا يخرجان عن الإطار الإسلامي؛ لأنهما متزوجان بعقد إسلامي ولا يفترقان إلا بطريق إسلامي، بل ويبكيان على شهداء الإسلام قبل بكائهما على وفاة ذويهما، ويحرصان على تسمية أبنائهما باسم أعلام الدين ، ويقضيان عمرهما سوية في حب الإسلام، ويحثان أسرتيهما على هذه المحبة حتى في وصيتهما. أما إذا لم تكن العلاقة بين الزوج  والزوجة علاقة حسنة، فمعنى ذلك أنهما لا يراعيان أحكام الِإسلام، ولا يطبقان تعاليمه في حياتهما، وحتى إذا كان للإسلام في حياتهما ثمة وجود؛ فلا يعدو ان يكون مزيجا من تعاليم الإسلام وآرائهما الشخصية.

جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى خاطب الرجال بقوله : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21].

أود ان ألفت انتباهكم هنا الى النكات التالية: إن الباري تعالى لم يقل في هذه الآية: آيات لقوم يعبدون، او لقوم يعملون صالحا، او يقاتلون في سبيل الله، او يتاجرون؛ بل قال لقوم يعقلون.

إن الأشخاص الذين يستعملون المخدرات لاستجلاب السكينة لأنفسهم يتصفون بروح مبدعة؛ فهم بعدما يعجزون عن تطبيق إبداعهم في البيئة التي يعيشون فيها، وبعد ما يتضح لهم ضعفهم عن مجاراة الأجواء التي يعيشون فيها، ينقلبون الى أنفسهم، فيتخذون منها خصما لهم. ولهذا نلاحظ أنهم في الحقيقة لا يحققون لأنفسهم السكينة. نلاحظ ان أرذل القوى الشيطانية تظهر النساء أحيانا بشكل مخدر للرجال. والواعون من أصحاب الفكر فقط يدركون أن تلك القوى إنما تسلب من النساء – بواسطة هذه الأساليب – مقدرتهن في الخلق والإبداع. والموضوع الذي يشير إليه القرآن بقوله: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21] هو الذي يفهم أصحاب الفكر ما هو المقصود منه؛ المقصود منه علاقة الرجل والمرأة في إطار الخلق والأبداع. ويفهم من هنا ان المرأة – في رأي القرآن – كائن قادر على الأبداع وبناء الحياة.

وصف الله الجنة بأنها موضع للسكينة التي تنال بعد العمل، وهذا المعنى ينسجم الى حد بعيد مع قول الرسول (صلى الله عليه واله):(الجنة تحت أقدام الأمهات)(3) إذ ان الجنة والمرأة كليهما تشعران الإنسان بالسكينة، لان عملهما يصب في إطار رضا الله.

من الطبيعي ان الرجل يحتاج الى المنزل. وقد ورد في القرآن الكريم ان موسى (عليه السلام) دعا ربه قائلا): {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} [المؤمنون: 29]. موسى هنا يطلب من الله بيتا يأوي إليه، وآسية تدعو الله ان يبني لها بيتا عنده في الجنة في قولها: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}[التحريم:11]. فكلاهما بحاجة الى منزل يستشعران فيه السكينة والاستقرار. ويقول الباري تعالى لآدم:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: 35]. وهذه السكينة يحصل عليها الرجل بواسطة المرأة.

يجب ان يكون للرجل موئل يمنحه السكينة هي امرأته. وإذا لم يشعر الرجل، ولم تشعر المرأة بالسكينة في المنزل؛ فإن ذلك المنزل يتحول من جنة الى جحيم عليهما. ونلاحظ ان القرآن يتحدث ـ بعد ذكر السكينة ـ عن موضوع المودة والرحمة؛ لأن السكينة تستجلب من ورائها المودة ومن بعدها الرحمة. وهذه على غرار إشارة القرآن الكريم الى أن منازل الجنة ذات مدارج متفاوتة.

إذا لم يحصل الرجل على السكينة لدى المرأة ـ التي تتصف عادة بالإبداع والخلق والمقدرة على تسكين الرجل ـ قد يلجأ الى المخدرات أو الى النساء اللائي يتصفن بالمقدرة على تخدير النساء بالرجال والرجال بالنساء.

يشير القرآن الكريم الى ان الذكر والأنثى خلقا من جنس واحد لكي تتكون بينهما مودة ورحمة. ولم يحصر المودة بالرجل ولا الرحمة بالمرأة، وإنما جعلها مقاسمة بينهما (بينكم). فالمودة هي الحب الذي يحمله أحدهما تجاه الآخر، ويكون على درجة من الفاعلية بحيث يبقى تأثيره موجودا أثناء غيابهما وحضورهما، ويكون مبعث سرور لهما عندما يلتقيان، ولا يحمل أحدهما في قلبه للآخر إلا الخير. ويستشف من الأحاديث الشريفة أن هذه المحبة موجودة في القلب وجارية على اللسان، والجانب الكامن منها أقوى وأكثر من الظاهر. وفي مقابل هذه المودة هناك: الشجار والصراع والعداء والبغي والتمرد. وأوضح دليل على ذلك هو تلك الأحاديث الواردة عن الأئمة (عليهم السلام). فقد روي أن الإمام علي (عليه السلام) قال : (البشاشة حبالة المودة) (4). (لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم)(5).(استُعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب) (6).(اللهم صل على محمد وآل محمد وأبدلني من بغضة أهل الشنآن المحبة، ومن حسد أهل البغي المودة)(7). (وأرق على أهل البلاء منهم رحمة، وأسرُّ لهم بالغيب مودة)(8).

أما كلمة الرحمة التي تعني – من قبل الخالق - : الفضل والإحسان والكرم، وتعني – من قبل الإنسان -: الرأفة والعطف، فقد وردت الى جانب كلمات أخرى في القرآن الكريم مثل (صلوات ورحمة، مغفرة ورحمة، هدى ورحمة، وإماما ورحمة، ورحمة ورضوان، ورحمة الله وبركاته، شفاء ورحمة، ورأفة ورحمة). وتختلف الرحمة عن المودة في أن الرحمة عندما تحل تدفع كل الضراء والسوء والعذاب والنقمة، وتحل محلها. {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا}[يونس: 21]. {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17]. {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}[الحديد: 13].

وفي ضوء ما مر ذكره فإن الزواج يعني الربط بين جسمين منفصلين كليا من أجل ان يحصلا على اللذة والراحة ويشعرا بالاستقرار والسكينة، وهذه السكينة لا تتعدى طبعا ذلك النوع الحيواني المؤذي. أما إذا كانت هذه العلاقة الجنسية مقرونة بالحب، ينتفي تلقائيا مفهوم الإثم المرتبط في عرفنا بالعلاقات الجنسية. وتصبح المرأة ذات معنى آخر بالنسبة للرجل، ويزداد الكمال الجنسي مع تزايد الجماع، ويتحقق عندئذ كل ما يطمح الإنسان الى تحقيقه من خلال الزواج ، وهو: المودة والرحمة. وهناك معنى خفيا يكمن في تقديم القرآن لكلمة المودة على كلمة الرحمة؛ وذلك لأن المودة بمثابة الوضوء والطهارة والاستعداد، والرحمة بمثابة الصلاة والعروج. وما لم يكن قلبا الرجل والمرأة مليئان بالحب والمودة لبعضهما الآخر سواء في الغياب او في الحضور، من المستحيل ان يرتبطا بأواصر المنفعة العملية الاجتماعية والأخلاقية، او ينجحا في تحقيق السعادة المنشودة. ومن هنا فقد اعتبرت الآية الكريمة المذكورة أنفا الرجل والمرأة متساويين في حصيلة السكينة والمودة والرحمة التي يجنيانها في ظل الزواج. فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال:(ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا من زوجة صالحة؛ إذا أمرها أطاعته، واذا أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله)(9).

المودة أرض خصبة لإنبات بذور الرحمة، فإذا انعدمت المودة فليس من رحمة. والرحمة تأتي كحصيلة للمودة. والمودة ـ التي هي بمثابة الغرس ـ يجب ان يكون موسمها معلوما كما هو الحال بالنسبة للفلاح الذي يعلم متى وأين يبذر البذور، ومتى يسقي كي يحصل على خير جنى.  وكما أن تحت حائر سيد الشهداء، ودعاء السحر، وآخر يوم الجمعة، وعند هطول المطر هي أفضل الأوقات والأماكن للدعاء، أي كما أن لظروف الزمان والمكان أثر في الدعاء، كذلك الحال في ما يخص المودة التي تعطي نتائج أفضل من المحبة والرحمة.

فإذا عرفت ان المودة تعني المحبة التي تضطرم في القلوب وتكون متبادلة بين الجانبين، أي ان الجانبين يحب أحدهما الآخر، وقد جبل عليها كلاهما بشكل متساو، وهي دائمة لا انقضاء لها، تنبه أيضا الى المودة التي وصفها الرسول بأنها الوشيجة بين أهل بيته وبني أمته، وذكر في آية المودة في القربى أنهما يحب أحدهما الآخر.

إذا كان هدف الزواج هو قضاء الشهوة الحيوانية، وإيجاد السكينة بمعناها الحيواني؛ فهو مجرد علاقة بين أجساد ميتة. بيد أن مراحل المودة تأتي كنتيجة للتواصل المبارك بين القلوب؛ وهي على درجات ومراتب تبدأ من المودة بين الزوج والزوجة حتى تصل الى المودة بين الرب وعبده الذي يكون قلبه خاليا إلا من حب الله. والمودة ـ كما سبقت الإشارة ـ تكون ذات جانبين، وهنا تكون بين العبد وربه، والرحمة تكون مقرونة بالهداية والرضوان وما شابه ذلك. وهذه الرحمة لها مراتب ودرجات أيضا تبتدئ من الرحمة بالأسرة وتتدرج الى مرحلة رحمة للعالمين، وهي مرحلة خاصة بالرسول الكريم. وقد تجلت هذه الرحمة في الغزوات والمعارك؛ حيث يروى انه لم يقتل في جميع الغزوات والمعارك إلا شخصا او شخصين على بعض الروايات.

إن في قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (أنا وعلى أبوا هذه الأمة) ووصف القرآن للرسول بأنه (رحمة للعالمين) وتخصيص (المودة في القربى) للإمام علي، تحمل معنى عميقا ودلالة رفيعة على مدى المودة والرحمة لدى أبوي هذه الأمة.  إذ لا يوجد ثمة حاجز يفصل البعد الحيواني والإلهي للإنسان أقرب من كونه رحمة للعالمين، ويكون في الوقت ذاته جديرا بمودة أمته له، ومودته لها. وقد وعد الله من يؤمن ويعمل صالحا ان يجعل له ودا. وهل من ود خير من علي؟ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم: 96].

إذا انعدمت المودة لا يبقى سبيل للوصول الى الرحمة. وقد ورد إضافة الى قوله (صلى الله عليه واله): (أنا وعلي أبوا هذه الأمة)(10)  حديث آخر مروي عنه (صلى الله عليه واله) وهو: (أنا مدينة العلم وعلي بابها).(11).

فما من سبيل لدخول المدينة إلا بابها، ولا طريق للوصول الى الرحمة إلا بالمودة. ولا يمكن تصديق وجود مودة بلا رحمة، او رحمة بلا مودة، مثلما لا يمكن التصديق بالنبوة بدون الولاية، او الولاية بدون النبوة. وهذا يعني ان طليعة الولاية لا بد وان يكون رأسه في وقت ولادته، في حجر حامل لواء الرسالة، ويأخذ صاحب الولاية رأس رسول الله في حجره أثناء رحلته التي تعتبر بمثابة حياة أبدية له ولكل المؤمنين بالتوحيد الحقيقي.

كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول: (أشهد أني عبد الله ورسوله) والإمام علي (عليه السلام) يقول: (أنا عبد من عبيد محمد)(12). وكلاهما يجسدان مدينة العلم، وبابها التسمك بالولاية. ولا يمكن للموالين دخول مدينة العلم إلا من بابها. أي لا يمكنهم تسلق جدارها ولا ثقب سقفها، كما جاء في بعض الكتب من قولهم إن عليا إذا كان مدينة العلم، فإن فلان سقفها وفلان قواعدها! ولكن حب الإسلام لا ينفصل عن العلم ويدفع المؤمن الى البحث عن سبيل لدخول مدينة علم الإسلام عن طريق علي. ومودة ذوي قربى الرسول رائحة يشمّ منها عطر الإذن بدخول مدينة علم النبي.

لا بد من الالتفات الى إقرار الخلفاء الراشدين الثلاثة بأعلمية علي، وعلاقة ذلك الإقرار بقول الرسول (صلى الله عليه واله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها).

يجب على المرأة ان تحث زوجها على السير في طريق الهدف الواضح والغاية الجلية، وتنتشله من حال القلق والاضطراب الفكري. وطالما لم يحصل الرجل على العمل الذي يرضيه، يجب على المرأة ان تأخذ هذا الجانب بنظر الاعتبار وتحثه وتساعده على العمل الذي يرضي طموحه.

______________

1ـ بحار الأنوار ، ج70، ص186.

2- كنز الفوائد ، ج1، ص13؛ معاني الأخبار ، ص118.

3- مستدرك وسائل الشيعة (طبع آل البيت) ج5، ص280.

4- نهج البلاغة الحكمة 6.

5- نهج البلاغة الرسائل 53.

6- نهج البلاغة الخطبة 108.

7- الصحيفة السجادية ، الدعاء العشرون.

8- الصحيفة السجادية، الدعاء السادس والعشرين.

9- مستدرك وسائل الشيعة (طبعة آل البيت) ج13، ص299، الحديث 5388.

10- كنز الفوائد ، ج1، ص13؛ معاني الأخبار، ص118.

11- بحار الأنوار ، ج10، ص120،ح10.

12- التوحيد، للشيخ الصدوق ، ص174، ح3.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






بالفيديوغراف: ممثل المرجعية الدينية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يتفقدان مشروع مطار كربلاء الدولي
بالصور: سنابل تفيض بالخير في مزارع العتبة الحسينية (عمليات حصاد الحنطة)
تضمنت الجولة توجيهات متعلقة براحة المسافرين.. ممثل المرجعية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يطلعان ميدانيا على سير العمل في مطار كربلاء الدولي
بالفيديو: مركز لعلاج العقم تابع للعتبة الحسينية يعلن عن أجراء (117) عملية تلقيح اصطناعي خلال الربع الاول من العام الحالي