أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-05-2015
1980
التاريخ: 3-05-2015
2115
التاريخ: 3-05-2015
2146
التاريخ: 10-11-2020
23067
|
لا شك أنّ الآيات القرآنية نزلت تدريجياً ، على قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة ثلاث وعشرين سنة ، ولا نريد في هذا المجال ، الحديث عن علة نزول القرآن هكذا ، لأنّه تحدث هو عن هذا في بعض الآيات (1).
وإنّما الذي يهمّنا الحديث عنه هنا هو : أنّ القرآن لم يكن كتاباً من صنع البشر يتكوّن من أبواب وفصول ويبحث في كل موضوع عن نقطة خاصة ، وإنّما هو كتاب سماوي أنزله الله تعالى لإرشاد البشر إلى المبدأ والمعاد والتكامل الروحي والجسمي ، ولا يحتاج مثل هذا الكتاب إلى التنظيم والالتزامات المتبعة في المؤلّفات الاُخرى ولأجل ذلك فله خصائص لا توجد في غيره ونشير إلى بعضها فيما يلي :
1. تنتقل الآيات من موضوع إلى موضوع آخر لمناسبات تستدعي الانتقال إذ ربّما تذكر عدة مواضيع في سورة واحدة ، هدفها الوعظ ، والإرشاد ، وإيقاظ الضمير ، والعطف نحو العقل والحكمة ، فجاءت تلكم المواضيع واحدة بعد اُخرى ، يجمعها ذلك الهدف الخاص ، ولكن يسبق إلى أذهان بعض أنّه لا ربط وثيق بينها ، إلاّ أنّه يجد عند الدقة والتدبّر ، نوعاً خاصاً من الارتباط الذي يسلك عقودها في سلك واحد ووجود هذا القسم من الآيات الكثيرة ، من الوفرة بحيث يغنينا عن التمثيل لها هنا.
2. أهمية توجيه الفكر الإنساني ، وفطرته نحو الهدى والحق من جانب وإيقاظ الضمائر الميتة الكامنة في نفوس مريضة من جانب آخر ، تستدعي تكرار بعض الموضوعات في مناسبات شتى ، والعود إليها بمختلف الأساليب البيانية ، وهذا في تكرار الخطابات من الأهمية بمكان وهو من المحسنات التي لابد منها في الكلام الموجه إلى الناس بشكل عام.
مثلاً أنّنا نرى القرآن الكريم يكرّر في مناسبات شتى موضوع الاعتبار من حياة الاُمم السالفة والملوك والجبابرة والطغاة الماضين كما أنّه يذكر موضوع : { سِيرُوا فِي الأَرْضِ } في أكثر من مناسبة واحدة ، وفلسفة هذا التكرار والعود إلى الموضوع مرّة بعد اُخرى هي ما ذكرناه.
3. ربّما يتحدث القرآن الكريم في سورة عن جانب خاص من جوانب قصة أو موضوع متعدد الجوانب ، واسع الأطراف لتعلّق ذاك الجانب الخاص فقط بما يقصده من الكلام دون سائر جزئياتها وتفاصيلها ، ثم يعود في سورة اُخرى إلى تلك القصة أو ذلك الموضوع ليذكرها بتفاصيلها وجزئياتها. وأكثر ما نشاهد هذا في قصص الاُمم الماضية للاعتبار بها ، وهذه طريقة ضرورية لكتاب اُنزل لهداية الناس وانتشالهم من الضلال.
4. يتبع القرآن طريقة التدرّج ، في بيان مفاهيمه العقلية ومعارفه التربوية فيستدل مثلاً على مفهوم من مفاهيمه في بعض السور باستدلال ، ثم يعود إلى استدلال آخر لنفس المفهوم في سورة اُخرى. وبهذا توزع الأدلّة في عدة أمكنة وتذكر حسب المناسبات التي تقتضي ذلك.
مثلاً أنّ موضوع المعاد والرجوع إلى حياة جديدة من المسائل الإسلامية والقرآنية المهمة التي ركّز على إثباتها القرآن ، فاستدل له بأدلّة ستة (2) ولكنّها موزّعة ، لكل واحدة منها في مكانها نكتة خاصة.
__________________
(1) { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [ الفرقان ـ 32 ].
(2) انّ الفكرة تتضح أبعادها ، وتنكشف جوانبها ، إذا تعددت الاستدلالات عليها من طرق شتى ، والمثال على ذلك حديث البعث والمعاد في القرآن الكريم ، فقد استدل القرآن على إمكان وقوعه بطرق ستة ، ونحن نذكرها في المقام على وجه الاجمال ونكتفي في بيان كل طريق ، بآية واحدة ، مع كثرتها في كل باب :
1. الاستدلال بعموم قدرته على كل شيء كما في قوله سبحانه : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ المَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الأحقاف ـ 33 ].
2. قياس الاعادة على الابتداء كما في قوله سبحانه : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ الانبياء ـ 104 ].
3. الاستدلال على امكان احياء الموتى ، بإحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات كما في قوله سبحانه : { وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ } [ الروم ـ 19 ].
4. قياس قدرة الاعادة على قدرة اخراج النار من الشجر الأخضر كما في قوله سبحانه : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ } [ يس : 79 ـ 80 ].
وسيوافيك في بحث المعاد أنّ للآية معنى آخر ألطف بكثير مما ذكره المفسرون ، ورائدنا فيه التدبير في ذيل الآية ، وما كشفه العلم الحديث في حقيقة الحرارة الكامنة في الأشجار وحقيقة انطلاقها منها عند الاحتراق.
5. الاستدلال بالوقوع على الامكان فإنّ أدل دليل على امكان الشيء وقوعه ولأجل ذلك نقل سبحانه قصة بقرة بني اسرائيل ( البقرة : 67 ـ 73 ) ، وحديث عزير ( البقرة ـ 259 ).
6. الاستدلال ببعض المنامات الطويلة التي امتدت ثلاثمائة سنين فإنّ النوم أخو الموت ولا سيما الطويل منه كما أنّ القيام منه يشبه تجدد الحياة وتطورها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|