أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2018
893
التاريخ: 2-07-2015
1557
التاريخ: 23-10-2014
2278
التاريخ: 25-3-2018
734
|
...إنّ المتغيّرَ مُحتاجٌ ، والعالَم ـ بجميع أجزائه وتركيبه ـ مُتغيّر فهو مُحتاجٌ ، والمحتاجُ لا بُدّ له من مُحتاجٍ إليه ، وهو صانعه.
مسألَةٌ [ في غناه ، ووجوبه ، وقدرته ] :
ولمّا ثَبَتَ هذا ، فلا بُدَّ أنْ يكون هو غنيّاً من كلّ وَجهٍ :
إذْ بَيَّنّا أنَّ الحاجة عِلّةٌ لإثبات المحتاج إليه ، فَهُوَ ـ بذاته ـ مُستَغْنٍ كلّ شيءٍ ، فيكون واجبَ الوجودِ بذاتهِ ، وكلُّ شيءٍ سواه يحتاج اليه.
وإذا كان مُؤثّراً ؛ فلا بُدَّ أنْ يكونَ وَجْهٍ يَصِحُّ أنْ يفعلَ ، ويَصِحُّ أنْ لا يفعلَ ، وهذا معنى كونه قادراً.
مسألة [ في علمه ] :
ولمّا ميَّزَ بين أجزاءِ الأفعالِ ، وقَصَدَ بَعْضَها دُون بَعْضٍ ، ورَكَّبَها على وَجْهٍ تَصْلُحُ للنَفْعِ ، واستَمَرَّ ذلك منه ؛ دَلَّ على كَوْنِهِ عالِماً.
مسألة [ في حياته ، ووجوده ] :
ولمّا عُلِمَ أنّه عالمٌ قادرٌ ؛ ثَبَتَ أنّه حَيٌّ ، موجود :
إذْ يَسْتحيلُ تصوُّرُ عالمٍ قادرٍ غَيْرَ حَيّ ، ولا موجودٍ.
على أنّا أثْبَتْنا ـ أوّلاَ ـ وجُوبَ وجودِهِ ، وإذا كانَ المُمكِنُ المحتاجُ مَوْجُوداً ؛ فَواجِبُ الوجُودِ ـ الذي لا يحتاجُ إلى غَيْره ـ بالوجود أوْلى.
مسألة [ في الارادة ، والاختيار ] :
ويتفرّعُ من كونه حيّاً ، وعالماً أنّهُ لا بُدَّ أنْ يَعْلَمَ الأشياء كما هِيَ ، إذْ لا اختصاصَ لِكَوْنِهِ عالماً بمعلومٍ دونَ مَعلومٍ.
فيَعْلمُ ما يُفْضي إلى صَلاحِ الخَلْقِ ، وما يُؤدّي إلى فسادِهِم ؛ فيخْتارُ ما يُفْضي إلى صَلاحِهِم ، ويُعَبَّرُ عنهُ بِالحَسَنِ ؛ ولا يَخْتارُ ما يُؤدّي إلى فَسادِهِم ، وهو القَبِيْحُ.
ثمّ ذلكَ الاختيارُ ، لا يخلُو : إمّا أنْ يتعلّقَ بِفِعلِه ، أوْ بِفِعْل غيره :
فما يَتَعَلّقُ بِفِعْلهِ يكونُ عِلْمُهُ بحُسْنِهِ داعياً إلى فِعْلهِ ؛ فيُسمّى مُريْداً.
وما يَتَعَلّق بفعل غيره ، يُعْلِمُهُ أنّ صلاحَهُ في بعضٍ ، وفسادَهُ في بَعْضٍ ، فيكونُ إعلامُهُ ، أمراً ونهياً ، وخَبراً.
ويُسمّى كارِهاً ؛ إذا تَعَلَّقَ عِلمهُ بِقُبحِ شيءٍ ، ويصرِفُهُ علمُه عنه ، أو ينهى عنه غيره.
مسألة [ في الادراك ] :
وعلمه ـ أيضاً ـ يتعلّق بالمعدوم والموجود :
فما يتعلّق بالمعدوم يسمى كونه عالماً ، فحسب.
وما يتعلّق بالموجود المدرك يسمى كونه مدركاً.
والسمع ورد بأن يوصف ـ تعالى ـ بكونه : مدركاً سميعاً ، بصيراً ، وإلا ؛ فقد كفانا إثبات كونه عالماً بجميع المعلومات أنّه يعلم المدركات، والمسموعات ، والمبصرات؛ إذ ليس إدراكه لشيء منها من جهة الحاسة.
مسألة [ في القدم ولوازمه ] :
وإذا ثبت أنّه تعالى واجب الوجود من كلّ وجه؛ فلا يتوقف وجوده على غيره ، فلا يحتاج إلى فاعلٍ ، ولا شرطٍ ، ولا علّة ، ولا زمانٍ ، ولا مكانٍ ، ولا غاية ، ولا ابتداءٍ ، ولا انتهاءٍ :
لأن هذه الأشياء غيره ، وقد قررنا أنّه لا يحياج إلى غيره.
فيكون قديماً ـ موجوداً أزلاً؛ إذْ هو عبارة عمّا لا أوّل له ، ولا يزال؛ إذْ هو عبارة عمّا لا آخر
له ـ :
إذ لو توقف وجوده على الابتداء والانتهاء ؛ لبطل وجوب وجوده ، وقد ثبت وجوبه.
مسألة [ في التوحيد ولوازمه ] :
واذ قد ثبت وجوب وجوده؛ فهو واحد من كلّ وجهٍ؛ لا ثاني له : لأنّه لوكان له ثانٍ واستَغْنى عنه من كلّ وَجْهٍ ؛ لَما استَغْنى عنه في العَدَدِ ، وهو كونُهما اثْنينِ ، وقد فرضناهُ غَنِيّاً من كلِّ وَجْهٍ.
وأيضاً : لما تَميَّزَ الواحِدُ من اثْنينِ ، إذْ كانَ من كلّ وجهٍ مِثْلَهُ ، فبماذا يَتَمَيَّزُ منه ؟!
وإثباتُ ما لا يَتَمَيَّزُ يُفضي إلى الجهالاتِ.
وكما لا ثاني له ؛ فلا جُزْءِ له :
لأنّه لو كان له جُزْءَ ؛ لاحْتاجَ إلى ذلك الجُزْءِ ؛ فيكونُ محتاجاً إلى غيره ، وقد فرضناهُ غَنِيّاً من كُلّ أحَدٍ.
فقد ثَبَتَ أنّهُ واحِدٌ لا ثاني له ، ولا جُزْءَ له.
مسألة [ في التنزيه ولوازمه ] :
ولما ثَبَتَ غِناهُ وعِلمُهُ ؛ فكُلّ ما يجوزُ على المحتاج لا يجوزُ عليه :
فلا يحتاجُ إلى الجهَةِ ، لِيَشْغَلَها ؛ فلا يكونُ جَوْهَراً.
ولا إلى التَركيبِ ، فلا يكونُ جِسْماً.
ولا إلى المحلّ ، فلا يكونُ عَرَضاً.
ولا إلى الزَمانِ ؛ إذْ قد ثَبَتَ قِدَمُهُ ، فَبَطَلَ عَدَمُهُ.
ولا إلى المَكانِ ؛ إذْ هُوَ من لواحِقِ الجِسْمِ.
ولا يختارُ إلا ما هوَ صَلاح العِبادِ ؛ لأنّهُ لا يحتاجُ إلى فِعْله ، فلا بُدّ مِن أنْ يكونَ قد خَلَقَ الخَلْقَ لِغايةٍ تُؤدّي إليها حِكْمَتُهُ ، وتلكَ الغايَةُ تكونُ كمالَ خَلقِه.
والطريقُ إلى ذلك الكمالِ لا يَخْلُو : إمّا أنْ يَفْعَلَهُ هُوَ ، [ أ ] وْ أنْ يُعَلِّمنا الطريقَ إليه :
وما يَفْعَلُه هُوَ ، لا يَخْلُو :
إمّا أنْ يَفْعَلَهُ ـ أوّلاً ـ لا مِنْ شَيءٍ ، ويُسمّى ذلكَ الفِعْلُ مُخْتَرعاً.
أو يَخلقُ شَيْئاً من شَيءٍ ، وهُو المُتولِّدُ.
والمُخْتَرَعُ يكونُ مَبْدَأ المُتَوَلّدُ ، لأنّهُ لا بُدّ وأنْ يَبتدِئ أوّلاً ، ثمّ يَخلُقَ منه شيئاً.
فقد عَرفْتَ ـ حيئنذٍ ـ أنّ الملائكةَ ملأٌ خَلَقَهم اللهُ ـ تعالى ـ لا عن شيءٍ ، لمّا عَلِمَ أنّ كُنْهَ قُدرةِ البَشَرِ لا يبلُغُ أدنى أثر ؛ جعلَ الملائكةِ واسطةَ المتولّداتِ ، وهُم الذينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ في كتابِهِ : من حَمَلة عَرشِهِ وسُكّانِ سماواتِهِ والذارياتِ والمُرْسلاتِ وغيرهم ، ممّن لا يَعْلمهُمْ إلا اللهُ ـ تعالى ـ كما قال : ( ... وما يَعْلمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ ... ) [الآية (31) من سوره المدثر (74)].
والمقصودُ من هذا : أنَّ العَبْدَ لا يَصِلُ إلى كمالهِ ونجاتهِ إلا :
إمّا بفعله ، كخلقه.
[ أ ] وْ بَعْثَ الملائكِةِ إلى ما يحتاجُ إليه ، وإعلامِهِ بأنّ كماله فيما هو ؟
وهو الكلام في النُبوّات.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|