أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-3-2018
832
التاريخ: 1-07-2015
1093
التاريخ: 26-3-2018
845
التاريخ: 2-07-2015
1031
|
برهانه : إن سلسلة الموجودات : إما أن تكون مشتملة على ما يجب صدق الموجود عليه لذاته مع قطع النظر عن جميع ما هو خارج عنه ، أو لا .
وعلى الثاني نقول : إذا وجد ممكن فلا بد أن يكون مفيض وجوده موجودا مع وجوده ، فلما كان المفيض أيضا ممكنا موجودا، فمفيض وجود هذا المفيض أيضا موجود معهما وهكذا ، فيلزم اجتماع الموجودات المترتبة الغير المتناهية ، والتالي باطل .
أما الملازمة ، فغنية عن البيان . وأما بطلان التالي (1) ، فلأن المعلول الأخير في سلسلة ما متصف بإضافة المعلولية فقط ، وكل واحد من السلسلة المذكورة غير المعلول الأخير متصف بإضافة العلية والمعلولية ، فتحقق هنا سلسلتان غير متناهيتين ، إحداهما سلسلة العلية ، والأخرى سلسلة المعلولية ، وعدد المعلولية زائد على عدد العلية بواحد ، لاشتراك ما عدا المعلول الأخير في العلية والمعلولية ، واختصاص الأخير بالمعلولية .
وجعله علة لحصول المجموع ، أو جعله علة لأمر آخر غير حصول المجموع لو فرض كون كل معلول علة لمعلول آخر ، لا يضر هاهنا ، لأن لنا أن نأخذ واحدا من السلسلة ونقول معلوليته بإزاء علية علته ، ومعلولية العلة بإزاء علية علة العلة وهكذا ، وحينئذ نقطع النظر عن معلول ذلك الواحد إن كان له معلول ، ونتم البرهان بأن نضائف معلولية الواحد ليس مع علته ، وإن اتصف ذلك الواحد بها أيضا ، بل مع علية علته ، وحينئذ يلزم زيادة أحد المتضايفين الحقيقيين على الآخر ، على تقدير عدم اشتمال السلسلة على الواجب ، وهو محال ، فعدم اشتماله عليه محال .
وأيضا عدم انتهاء سلسلة الموجودات إلى الواجب يستلزم انتهاؤها إليه ، لأن لنا أن نفرض معلول ما إلى ما لا يتناهى سلسلة واحدة ، ثم نبدأ من مبدء آخر من تلك السلسلة إلى ما لا يتناهى ، فتطبق السلسلتين من المبدأين المفروضين ما امتدتا ، فلا يمكن وقوع كل واحد من إحداهما بإزاء كل واحد من الأخرى ، وإلا يلزم تساوي الكل والجزء ، فيلزم أن ينتهي الكل والجزء، فيلزم أن ينتهي الجزء قبل أن ينتهي الكل ، فالجزء متناه والكل زائد عليه بعدد متناه فهو متناه ، ومنتهى السلسلة هو الواجب بالذات .
فإن قلت : لا نسلم احتياج وجود الممكن إلى المفيض ، فلم لا يجوز أن يوجد بالأولوية الذاتية ؟
قلت : لا يمكن وجوده بالأولوية الذاتية ، لأنه على تقدير وجوده بها : فإما أن يكون الوجود عينه، أو زائدا عليه (2) .
وكون الوجود عينا في الأمر القائم بالذات ، يستلزم امتناع العدم ، فما فرضته ممكنا كان واجبا . وعلى تقدير زيادة الوجود فيه
وفي الأمر القائم بالغير لا بد لصدق الموجود على الموصوف من مقتض ، فإما أن يكون المقتضي هو الموصوف بالوجود ، أو أمر آخر . فعلى التقدير الأول يلزم أن يكون الموصوف بالوجود موجودا قبل هذا الوجود ، والمفروض كونه موجودا به .
وأيضا يمكن إجراء ما ذكر في هذا الوجود في الوجود السابق وسابق السابق وهكذا ، فيلزم أن يكون للشئ المفروض وجودات غير متناهية مترتبة ، وتعدد
الوجود لشئ واحد ظاهر البطلان ، فكيف الوجودات الغير المتناهية له .
وأما كون الوجود عينا في الأمر القائم بالغير ، فلا معنى له هاهنا ، لأن مرادنا بعينية الوجود صدق الموجود عليه ، مع قطع النظر عن جميع ما عداه ، ولا يصح كون الوجود عينا للأمر القائم بالغير بهذا المعنى ، لأن لموصوفه مدخلا في صدق الموجود عليه ، فوجود الأمر القائم بالغير بالأولوية الذاتية يبطل بما أبطل به الوجود بها على تقدير الزيادة ، ولو جوزت العينية فيه بالمعنى الذي ذكرته ، فيبطل بما أبطل به العينية في الأمر القائم بالذات مع زيادة لزوم الغنى والحاجة ، لفرض عينية الوجود والقيام بالغير .
وعلى التقدير الثاني ، فوجوده بهذا الأمر لا بالأولوية الذاتية .
وربما يقال لإثبات امتناع وجود الممكن بالأولوية الخارجية من غير أن ينتهي إلى الوجوب ما حاصله : إنه على تقدير أولوية الوجود : إما أن يمكن الوجود بالغير ، أو لا .
فعلى الثاني كان ما فرضته أولى واجبا هذا خلف ، وعلى الأول لا يلزم من فرض وقوعه محال ، وإذا فرض تحقق العدم مع أولوية الوجود يلزم ترجح المرجوح ، وهو أظهر بطلانا من ترجح أحد المتساويين على الآخر بلا مرجح الذي هو بديهي البطلان .
وإن شئت فقل : وعلى تقدير إمكان العدم المرجوح يلزم إمكان المحال ، وهو محال كوقوعه .
وهذا وإن كان جيدا ، لكن قد يظن جريانه في إبطال الأولوية الذاتية ، وهو توهم ، لأنه إذا أجري فيه فلقائل أن يقول : أي شئ أردت من قولك " إما أن يمكن العدم أو لا " فإن أردت الإمكان وعدمه من غير ضميمة أصلا نختار النفي ، قولك " فعلى الثاني كان ما فرضته أولى واجبا " ممنوع إنما يلزم وجوبه (3) إن لم يمكن أن يعارض الطرف الراجح رجحان الطرف الآخر ببعض الأمور ، بحيث يصير المغلوب بحسب الذات من غير اعتبار الأمور الخارجة غالبا باعتبار هذه الأمور ، على ما لولا هذه الأمور كان غالبا ، ولا دليل على عدم الإمكان ، فلم لا يجوز أن يكون الوجود واجبا بشرط (4) عدم ما يمنع مقتضى الأولوية ، أو غلبة الأولوية على المانع ؟
وأما على تقدير غلبة المانع على الأولوية ، فيمكن أن يكون العدم واجبا ، فلا يلزم الوجوب المطلق لما فرض أولى بشرط غلبة الأولوية ليس خلفا .
وإن أردت الإمكان وعدمه مطلقا ، سواء كان مع ضميمة أم بدونها ، نختار الإثبات ، وما فرضته من تحقق العدم على وجه فرضت خارج عن الإمكان ، لأن تحقق العدم إنما يمكن إن صار السبب الخارجي للعدم راجحا على الأولوية الذاتية للوجود ، وحينئذ ما زعمته من لزوم ترجح المرجوح ممنوع ، وإنما يلزم لو كان ترجح العدم على الوجود حين كونه مرجوحا ، وأما إذا كان ترجحه حين صيرورته راجحا باعتبار الأمور الخارجة فلا ، فلعله هاهنا كذلك .
فإن قلت : قد حكمت بلزوم الوجود على تقدير غلبة الأولوية ، وبلزوم العدم على تقدير غلبة الأمور الخارجة على الأولوية ، فيكون الممكن على تقدير تساويهما إما موجودا ، وإما معدوما، لبطلان الواسطة ، فلا يصح تخصيص الوجود والعدم بالغلبة .
وأيضا أيهما تحقق حينئذ يلزم الترجح بلا مرجح ، فلم حكمت بكونه ظاهر البطلان ؟
قلت : ظهور بطلانه واضح ، وإذا كان التساوي المذكور مستلزما للترجح المحال ، فهو محال لا محالة ، فلا يمكن وقوعه وإن كان من المحتملات في بادئ الرأي .
فإن قال قائل على التقرير الأول لإبطال التالي : إن تماميته مبنية على لزوم معية المتضائفين ، وهو في بعض الأنواع كالمحاذاة والموازاة والفوقية وأمثالها واضح ، وفي بعضها كالتقدم والتأخر الزمانيين غير واضح ، وإن كان المشهور لزوم المعية في المتضايفين مطلقا ، ولعل تقدم أمر زماني على زماني في نفس الأمر لا يتوقف على حصولهما معا في نفس الأمر ، بل لا معنى للتقدم الزماني إلا كون المتقدم في زمان هو قبل زمان المتأخر ، والقول بأن لا تضايف بين المتقدم والمتأخر الزمانيين إلا بحسب الذهن فقط وهما مجتمعان فيه خال عن الدليل .
وبالجملة معية جميع أنواع المتضايفين ليست بديهية ، ولهذا منع لزوم المعية في بعض أنواعهما بعض أجلة العلماء طاب ثراه ، وإذ لم يكن اجتماع المتضايفين لازما في المتقدم والمتأخر الزمانيين ، فلا بد من بيان اجتماع العلة وعلة العلة وهكذا مع المعلول الأخير حتى يتم البرهان، وكون مفيض وجود أمر مع الأمر وإن كان بديهيا ، لكن ربما كان وجوده مع الأمر وقبله وبعد ما أوجد الأمر انتفى المفيض وبقي الأمر ، ومفيض المفيض بعد ما أوجد المفيض انعدم وبقي المفيض وهكذا إلى ما لا بداية له ، بناء على احتمال كون سبب الاحتياج إلى العلة الحدوث أو ما يلازمه ، فلا يلزم اجتماع السلسلة .
فحينئذ إن كان المراد بزيادة العدد زيادة عدد المعلولية الموجودة على عدد العلية الموجودة ، فلا فساد فيها .
وإن كان المراد زيادة عددها على عددها مطلقا ، فلا يمكن الحكم بها على تقدير عدم لزوم الاجتماع ، لعدم صحة الحكم باتصاف إحدى السلسلتين المعدومتين بالزيادة على الأخرى في نفس الأمر مع وجودهما فيها .
وإن كان الحكم بزيادة ما يوجد من إحداهما في الذهن على الأخرى فيه ، فلا انتفاع فيه ، لكون ما يوجد منهما متناهيا .
وعلى التقرير الأخير إن تطبيق السلسلتين مع عدم وجودهما والحكم بزيادة إحداهما على الأخرى لا معنى له ، وكيف يحكم باتصاف إحداهما بالزيادة على الأخرى مع انتفاء الموصوف بالزيادة والنقصان ؟
أجيب بأن سبب احتياج الممكن إلى السبب هو الإمكان ، كما تقرر في محله ، ألا يرى أنه إذا نظر إلى إمكان وجود شئ بحسب ذاته بعد إبطال الأولوية الذاتية يحكم العقل من غير حاجة إلى ملاحظة أمر آخر باحتياجه إلى السبب ، ولا فرق بين الابتداء والاستدامة ، وإلا يلزم قلب المهية ، فيلزم اجتماع الأسباب المفيضة مع المعلول الأخير ، وحينئذ يتم التقريران المذكوران كما لا يخفى .
_______________
(1) لم أتعرض لإبطال الدور اللازم على تقدير انقطاع السلسلة ، بصيرورة بعض المعلولات علة لعلته ، على ما يذكره جماعة ، لعدم تجويزه عقل أحد بادي الرأي حتى يحتاج إلى الإبطال " منه " .
(2) وعلى تقدير الجزئية يلزم في الجزء الآخر ما لزم على تقدير الزيادة ، وفي الجزء الذي هو الوجود ما لزم في العينية ، فما ذكرته كاف للعلم ببطلان هذا الاحتمال " منه " .
(3) اعلم أن المراد من الوجوب على تقدير إجراء البرهان في إبطال الأولوية الغيرية هو الوجوب بالغير ، والمراد من الإمكان وعدمه هو الإمكان وعدمه من غير ضميمة ، كما لا يخفى .
ولزوم الوجوب بالغير حينئذ على تقدير عدم إمكان العدم ظاهر لا يقبل المنع ، وأما إذا أجري في إبطال الأولوية الذاتية ، فالمراد من الوجوب في واجبا هو الوجوب بالذات ، وحينئذ يرد أنه إنما يلزم وجوبه إلى آخره كما أوردته " منه " .
(4) فإن قلت : إذا كان الوجود واجبا بالأولوية بشرط عدم أمر ، فلا يكون وجوب الوجود بالأولوية فقط ، كما هو المفروض ، بل بها مع عدمه .
قلت : الغرض من الكلام هو التشكيك في حاجة الممكن إلى سبب موجود ، فإذا كان الأولوية منضمة إلى عدم المانع كافية في وجوب الوجود ، فلا حاجة له في الوجود إلى سبب موجود ، وبه يتم التشكيك " منه " .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|