المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

خروج الامام (عليه السلام)في آخر الزمان
4-08-2015
تأخير الزواج
27-11-2016
الانثناء (E-bend (E
20-10-2018
اختصاصات مجلس الإدارة
26-6-2016
حالة اكتساب الجنسية بالزواج المختلط
2-12-2021
نظرية الشأن العام في المجتمع والاتصال Public Sphere
2023-04-15


عدم مشروعية المسح على الارجل بل المتعين الغسل  
  
1076   08:40 صباحاً   التاريخ: 20-11-2016
المؤلف : السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
الكتاب أو المصدر : موسوعة الامام عبد الحسين شرف الدين الموسوي (مسائل فقهية )
الجزء والصفحة : ج4 - ص 1888- 1903
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / الفقه /

[جواب الشبهة]

اختلف علماء الإسلام في نوع طهارة الأرجل من أعضاء الوضوء فذهب فقهاء الجمهور و منهم الأئمة الأربعة إلى وجوب الغسل فرضا على التعيين، و أوجب داود بن علي، و الناصر للحق من أئمة الزيدية الجمع بين الغسل و المسح [1] و رب قائل منهم بالتخيير بينهما [2] و الذي عليه الإمامية «تبعا لأئمة العترة الطاهرة» مسحها فرضا معينا [3].

حجة الإمامية :

هي قوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] .

و قد كفانا الإمام الرازي بيان الوجه في الاحتجاج بهذه الآية بما صدع به مفصلا إذ قال: حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين المشهورتين في قوله وأرجلكم (قال): فقرأ ابن كثير و حمزة و أبو عمرو و عاصم- في رواية أبي بكر عنه- بالجر، و قرأ نافع و ابن عامر و عاصم- في رواية حفص عنه- بالنصب (قال):

فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس، فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل، قال: فان قيل لم لا يجوز أن يقال هذا كسر على الجوار، كما في قوله: جحر ضب خرب و قوله: كبير أناس في بجاد مزمل، قلنا: هذا باطل من وجوه، الأول: ان الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر و كلام اللّه يجب تنزيهه عنه. و ثانيها: ان الكسر على الجوار إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن الالتباس كما في قوله: جحر ضب خرب، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتا للضب بل للجحر، و في هذه الآية الا من الالتباس غير حاصل، و ثالثها: ان الكسر بالجوار انما يكون بدون‌

حرف العطف، و أما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب (قال): و أما القراءة بالنصب فقالوا أيضا أنها توجب المسح و ذلك لأن قوله: و امسحوا برؤوسكم.

فرؤوسكم في محل النصب- بامسحوا لأنه المفعول به- و لكنها مجرورة لفظا بالباء فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفا على محل الرؤوس [4] و جاز الجر عطفا على الظاهر (قال): إذا ثبت هذا فنقول ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله و أرجلكم هو قوله و امسحوا [5] و يجوز أن يكون هو قوله فأغسلوا [6] لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى [7] (قال) فوجب أن يكون عامل النصب في قوله و أرجلكم هو قوله و امسحوا (قال) فثبت أن‌ قراءة و أرجلكم بنصب اللام توجب المسح أيضا (قال) ثم قالوا و لا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد [8] و نسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز ا ه‍.

هذا كلامه بلفظه لم يتعقبه، و لكنه قال: ان الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل و الغسل مشتمل على المسح و لا ينعكس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط، فوجب المصير إليه [9] (قال) و على هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها إلخ.

قلت: أما اخبار الغسل فستعلم رأي أئمة أهل البيت و أوليائهم فيها قريبا ان شاء اللّه تعالى.

و أما قوله بأن الغسل مشتمل على المسح فمغالطة واضحة بل هما حقيقتان لغة و عرفا و شرعا [10] فالواجب إذا هو القطع بأن غسل الأرجل لا يقوم مقام مسحها، لكن الإمام الرازي وقف بين محذورين هما مخالفة الآية المحكمة و مخالفة الأخبار الصحيحة في نظره فغالط نفسه بقوله ان‌ الغسل مشتمل على المسح و أنه أقرب إلى الاحتياط و أنه يقوم مقام المسح ظنا منه بأنه قد جمع بهذا بين الآية و الأخبار، و من أمعن في دفاعه هذا وجده في ارتباك و لو لا ان الآية واضحة الدلالة على وجوب المسح ما احتاج إلى جعل الغسل قائماً مقامه فأمعن و تأمل مليا.

وعلى هذا المنهاج جرى جماعة من جهابذة الفقه و العربية منهم الفقيه البحاثة الشيخ إبراهيم الحلبي إذ بحث الآية في الوضوء من كتابه- غنية المتملي في شرح منية المصلي على المذهب الحنفي- فقال: قرئ في السبعة بالنصب و الجر، و المشهور ان النصب بالعطف على وجوهكم و الجر على الجوار (قال) و الصحيح ان الأرجل معطوفة على الرؤوس في القراءتين، و نصبها على المحل، و جرها على اللفظ، (قال): و ذلك لامتناع العطف على وجوهكم للفصل بين العاطف و المعطوف عليه بجملة أجنبية (هي و امسحوا برؤوسكم) (قال) و الأصل أن لا يفصل بينهما بمفرد فضلا عن الجملة (قال): و لم نسمع في الفصيح ضربت زيدا و مررت ببكر و عمرا بعطف عمرا على زيدا (قال) و أما الجر على الجوار فإنما يكون على قلة في النعت كقول بعضهم: هذا جحر ضب خرب، و في التأكيد كقول الشاعر‌ يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم ان ليس وصل إذا انحلت عري الذنب بجر كلهم على ما حكاه القراء (قال) و أما في عطف النسق فلا يكون لان العاطف يمنع المجاورة هذا كلامه بنصه [11].

وممن نهج هذا المنهاج الواضح أبو الحسن الامام محمد بن عبد الهادي المعروف بالسندي في حاشيته على سنن ابن ماجة إذ قال (بعد أن جزم بأن ظاهر القرآن هو المسح) و إنما كان المسح هو ظاهر الكتاب لأن قراءة الجر ظاهرة فيه و حمل قراءة النصب عليها بجعل العطف على المحل أقرب من حمل قراءة الجر على قراءة النصب كما صرح به النحاة (قال) لشذوذ الجوار و اطراد العطف على المحل (قال) و أيضا فيه خلوص عن الفصل بالأجنبي بين المعطوف و المعطوف عليه فصار ظاهر القرآن هو المسح هذا نصه [12] لكنه كغيره أوجب حمل القرآن على الاخبار الصريحة بالغسل‌ وتفلسف الإمام الزمخشري في كشافه حول هذه الآية إذ قال: الأرجل من بين الأعضاء المغسولة الثلاثة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الثالث الممسوح لا لتسمح، و لكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها (قال) و قيل الى الكعبين فجي‌ء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ‍.

هذه فلسفته في عطف الأرجل على الرؤوس و في ذكر الغاية من الأرجل، و هي كما ترى ليست في شي‌ء من استنباط الأحكام الشرعية عن الآية المحكمة و لا في شي‌ء من تفسيرها و لا الآية بدالة على شي‌ء منها بشي‌ء من الدوالي و إنما هي تحكم في تطبيق الآية على مذهبه بدلا من استنباط المذهب من الأدلة، و قد أغرب في تكهنه بما لا يصغي إليه الا من كان غسل الأرجل عنده مفروغا عنه بحكم الضرورة الأولية أما مع كونه محل النزاع فلا يؤبه به و لا سيما مع اعترافهم بظهور الكتاب في وجوب المسح و حسبنا في ذلك ما توجبه القواعد العربية من عطف الأرجل على الرؤوس الممسوحة بالإجماع نصا و فتوى.

نظرة في أخبار الغسل :

أخبار الغسل قسمان منها ما هو غير دال عليه كحديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص إذ قال- كما في الصحيحين- تختلف عنا النبي صلى الله عليه واله في سفر سافرناه معه فأدركنا و قد حضرت صلاة العصر فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى:

ويل للأعقاب من النار [13].

وهذا لو صح لاقتضى المسح إذ لم ينكره صلى الله عليه واله عليهم بل أقرهم عليه كما ترى و إنما أنكر عليهم قذارة أعقابهم، ولا غرو فإن فيهم أعرابا حفاة جهلة بوالين على أعقابهم و لا سيما في السفر فتوعدهم بالنار لئلا يدخلوا في الصلاة بتلك الأعقاب المتنجسة.

ومنها ما هو دال على الغسل كحديث حمران مولى عثمان بن عفان. إذ قال: رأيت عثمان و قد أفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض و استنشق و استنثر الحديث وقد جاء فيه ثم غسل كل رجل ثلاثا. ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه واله يتوضأ نحو وضوئي، و مثله حديث عبد اللّه بن زيد بن عاصم الأنصاري و قد قيل له: توضأ لنا وضوء رسول اللّه صلى الله عليه واله فدعا بإناء فأكفأ منها على يديه الحديث وفي آخره ثم غسل رجليه إلى الكعبين. ثم قال: هكذا كان وضوء‌ رسول اللّه صلى الله عليه واله إلى غير ذلك من أخبار جاءت في هذا المعنى و فيها نظر من وجوه أحدها أنها جاءت مخالفة لكتاب اللّه عز و جل و لما أجمعت عليه أئمة العترة الطاهرة [14] والكتاب والعترة ثقلا رسول اللّه صلى الله عليه واله لن يفترقا أبدا و لن تضل الأمة ما ان تمسكت بهما فليضرب بكل ما خالفهما عرض الجدار.

وحسبك في إنكار الغسل و وهن أخباره ما كان من حبر الأمة و عيبة الكتاب و السنة عبد اللّه بن عباس إذ كان يحتج للمسح فيقول افترض اللّه غسلتين و مسحتين الا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين و ترك المسحتين.

وكان يقول الوضوء غسلتان و مسحتان [15] ولما بلغه أن الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية تزعم أن‌ النبي صلى الله عليه واله توضأ عندها فغسل رجليه، أتاها يسألها عن ذلك و حين حدثته به قال غير مصدق بل منكرا و محتجا- ان الناس أبوا إلا الغسل و لا أجد في كتاب اللّه الا المسح .

ثانيها: انها لو كانت حقا لأربت على التواتر لأن الحاجة إلى معرفة طهارة الأرجل في الوضوء حاجة عامة لرجال الأمة و نسائها أحرارها و مماليكها و هي حاجة لهم ماسة في كل يوم و ليلة فلو كانت غير المسح المدلول عليه بحكم الآية لعلمه المكلفون في عهد النبوة و بعده و لكان مسلّما بينهم و لتواترت أخباره عن النبي صلى الله عليه واله في كل عصر و مصر فلا يبقى مجال لإنكاره و لا للريب فيه و لما لم يكن الأمر كذلك ظهر لنا الوهن المسقط لتلك الأخبار عن درجة الاعتبار.

ثالثها: ان الاخبار في نوع طهارة القدمين متعارضة بعضها يقتضي الغسل كحديثي حمران و ابن عاصم و قد سمعتها و بعضها يقتضي المسح كالحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، و رواه كل من أحمد و ابن أبي شيبة و ابن أبي عمر والبغوي والطبراني والماوردي كلهم‌ من طريق كل رجاله ثقات [16] عن أبي الأسود عن عباد ابن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه واله يتوضأ و يمسح على رجليه.

وكالذي أخرجه الشيخ في الصحيح عن زرارة و بكير ابني أعين عن الباقر عليه السلام أنه حكى وضوء رسول اللّه صلى الله عليه واله فمسح رأسه و قدميه إلى الكعبين بفضل كفيه لم يجدد ماء.

وعن ابن عباس أنه حكى وضوء رسول اللّه صلى الله عليه واله فمسح- كما في مجمع البيان- على قدميه.

وحيث تعارضت الاخبار كان المرجع كتاب اللّه عز و جل لا نبغي عنه حولا.

نظرة في احتجاجهم هنا بالاستحسان

ربما احتج الجمهور على غسل الأرجل أنهم رأوه أشد مناسبة للقدمين من المسح كما ان المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل إذ كان القدمان لا ينقى دنسهما الا بالغسل غالبا بخلاف الرأس فإنه ينقى غالبا بالمسح.

وقد قالوا ان المصالح المعقولة لا يمتنع أن تكون أسبابا‌ للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لاحظ فيها معنيين معنى مصلحيا و معنى عباديا و عنوا بالمصلحي ما يرجع إلى الأمور المحسوسة و بالعبادي ما يرجع إلى زكاة النفس.

فأقول: نحن نؤمن بأن الشارع المقدس لا حظ عباده في كل ما ينههم الا عما فيه مفسدة لهم لكنه مع ذلك لم يجعل شيئا من مدارك كلفهم به من أحكامه الشرعية فلم يأمرهم إلا بما فيه مصلحتهم و لم تلك الأحكام منوطا من حيث المصالح و المفاسد بآراء العباد بل تعبدهم بأدلة قويمة عينها لهم فلم يجعل لهم مندوحة عنها إلى ما سواها و أول تلك الأدلة الحكيمة كتاب اللّه عز و جل و قد حكم بمسح الرؤوس و الأرجل في الوضوء فلا مندوحة عن البحوع لحكمه، أما نقاء الأرجل من الدنس فلا بد من إحرازه قبل المسح عليها عملا بأدلة خاصة دلت على اشتراط الطهارة في أعضاء الوضوء قبل الشروع فيه [17]، و لعل غسل رسول اللّه صلى الله عليه واله رجليه المدعي في أخبار الغسل انما كان من هذا الباب و لعله كان من باب التبرد أو كان من باب المبالغة في النظافة بعد الفراغ من الوضوء و اللّه تعالى أعلم.

تنبيه :

أخرج ابن ماجة فيما جاء في غسل القدمين من سننه من طريق أبي إسحاق عن أبي حية. قال: رأيت عليا توضأ يغسل قدميه إلى الكعبين ثم قال: أردت أن أريكم طهور نبيكم صلى الله عليه واله .

قال السندي- حيث انتهى إلى هذا الحديث في تعليقته على السنن- هذا رد بليغ على الشيعة القائلين بالمسح على الرجلين حيث الغسل من رواية علي (قال) و لذلك ذكره المصنف من رواية علي و بدأ به الباب و لقد أحسن المصنف و أجاد في تخريج حديث علي في هذا الباب جزاه اللّه خيرا (قال) و ظاهر القرآن يقتضي المسح كما جاء عن ابن عباس فيجب حمله على الغسل [18] هذا كلامه بلفظه عفا اللّه عنه و عن الإمام ابن ماجة و سائر علماء الجمهور فإنهم يعلمون سقوط هذا الحديث بسقوط سنده من عدة جهات.

الأولى: ان إباحية راوي هذا الحديث نكرة من أبهم النكرات و قد أورده الذهبي في الكنى من ميزانه فنص على أنه: لا يعرف ثم نقل عن ابن المديني و أبي الوليد الفرضي النص على أنه: مجهول ثم قال: و قال أبو زرعة:

لا يسمى، قلت: أمعنت بحثا عن أبي حية فما أفادني البحث‌ الا مزيد الجهل به و لعله إنما اختلقه مختلق حديثه و اللّه تعالى أعلم.

الثانية: ان هذا الحديث تفرد به أبو إسحاق [19] و قد شاخ و نسي و اختلط فتركه الناس [20] و لم يروه عنه إلا أبو الأحوص و زهير بن معاوية الجعفي [21] فعابهم الناس بذلك [22] ولا غرو فان المحدث إذا اختلط سقط من حديثه كل ما لم يحرز صدوره عنه قبل الاختلاط سواء أعلم صدوره بعد الاختلاط كهذا الحديث أم جهل تاريخ صدوره لأن العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة يوجب اجتناب الأطراف كلها كما هو مقرر في أصول الفقه.

الثالثة: ان هذا الحديث يعارض الأحاديث الثابتة عن أمير المؤمنين و عن أبنائه الميامين أهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الوحي و التنزيل و يخالف كتاب اللّه عز و جل فليضرب به عرض الجدار.

إلى الكعبين :

الكعبان في آية الوضوء، هما: مفصلا الساقين عن القدمين [23] بحكم الصحيح عن زرارة و بكير ابني أعين إذ سألا الإمام الباقر عنهما [24] وهو الظاهر مما رواه الصدوق عنه أيضا [25] و قد نص أئمة اللغة على أن كل مفصل للعظام كعب [26].

و ذهب الجمهور إلى أن الكعبين هنا إنما هما العظمان الناتئان في جانبي كل ساق. و احتجوا بأنه لو كان الكعب مفصل الساق عن القدم لكان الحاصل في كل رجل كعبا واحدا فكان ينبغي أن يقول و أرجلكم إلى الكعاب كما انه لما كان الحاصل في كل يد مرفقا واحدا قال و أيديكم‌ إلى المرافق.

قلت: و لو قال هنا إلى المرفقين لصح بلا اشكال و يكون المعنى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] إلى مرفقي كل منكم {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] من كل منكم فتثنية الكلمتين في الآية و جمعهما في الصحة سواء و كذلك جمع إحداهما و تثنية الأخرى و لعل التفنن في التعبير قد اقتضاه.

هذا إذا كان الحاصل في كل رجل كعبا واحدا، أما إذا كان الحاصل في كل رجل كعبين فلا يبقى لكلامهم وجه، و قد أجمع علماء التشريح على أن هناك عظما مستديرا مثل كعب البقر و الغنم تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق و القدم يسمى كعبا أيضا [27] و عليه فمسح كل رجل ينتهي إلى كعبين اثنين هما المفصل نفسه و الكعب المستدير تحته. و في تثنية الكعب في الآية دون المرفق نكتة لطيفة و اشارة إلى ما لا يعلمه الا علماء التشريح فسبحان الخلاق العليم الحكيم.

____________________
[1] نقل عنهما فخر الدين الرازي حول آية الوضوء من تفسيره الكبير و كأنهما وقعا في حيرة فالتبس الأمر عليهما بسبب التعارض بين الآية و الأخبار، فأوجبا الجمع عملا بهما معا.

[2] كالحسن البصري، و محمد بن جرير الطبري فيما نقله عنهما الرازي و غيره و كأنهما حيث كان كل من الكتاب و السنة حقا لا يأتيه الباطل رأيا ان كلا من المسح و الغسل حق و ان الواجب أحدهما على سبيل التخيير.

[3] و هذا مذهب ابن عباس و انس بن مالك و عكرمة و الشعبي و الإمام أبي جعفر الباقر فيما ذكره الرازي في تفسيره نقلا عن تفسير القفال. قلت و عليه سائر أئمتنا عليهم السلام.

[4] و هذا في كلامه كثير، قالوا: ليس فلان بعالم و لا عاملا و أنشد بعضهم:

معاوي أننا بشر فاسجح              فلسنا بالجبال و لا الحــــــــديدا .

و قال تأبط شرا :

هل أنت باعث دينار لحاجتنا       أو عبد رب أخا عون بن مخراق .

بنصب عبد عطفا على موضع دينار.

[5] بل يجب ذلك، و لا يجوز كون العامل فأغسلوا لما ستسمعه.

[6] بل لا يجوز ذلك قطعا لاستلزامه عطف الأرجل على الوجوه، و هذا ممنوع باتفاق أهل اللغة لعدم جواز الفصل بين العاطف و المعطوف عليه بمفرد فضلا عن الجملة الأجنبية.

[7] ليس هنا الا عامل واحد و هو و امسحوا لما بيناه.

[8] بل هي مما لم يثبت عندنا أصلا.

[9] لا يأتي الاحتياط إلا بالجمع بين المسح و الغسل لكونهما حقيقتين مختلفتين.

[10] لأن الغسل مأخوذ في مفهومه سيلان الماء على المغسول و لو قليلا و المسح مأخوذ في مفهومه عدم السيلان و الاكتفاء بمرور اليد على الممسوح.

[11] فراجع في ص 16 من غنية المتملي المعروف بحلبي كبير وهو موجود أيضا في مختصره المعروف بحلبي صغير و كلاهما منشور مشهور.

[12] في تعليقه على ما جاء في غسل القدمين ص 88 من الجزء الأول من شرح سنن ابن ماجة و الذين صرحوا بما صرح به الرازي و الحلبي و السندي كثيرون لا يسعنا استقصاؤهم فحسبنا هؤلاء الأئمة الثلاثة عليهم رحمة اللّه تعالى.

[13] هذه الكلمة ويل للأعقاب من النار- جاءت أيضا في حديث كل من عمرو و عائشة و أبي هريرة صحيحة على شرط الشيخين.

[14] أجمعوا عليهم السلام على وجوب المسح و تلك نصوصهم في وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة و في سائر المؤلفات في فقههم و حديثهم.

[15] ومنه أخذ الإمام الشريف بحر العلوم في منظومته الفقهية (درة النجف) إذ يقول :

الوضوء غسلتان عندنا              ومسحتان والكتاب معنـــا

فالغسل للوجه و لليدين              والمسح للرأس و للرجلين 

[16] وصفهم بكونهم كلهم ثقات ابن حجر العسقلاني حيث أورد هذا الحديث في ترجمة تميم بن زيد من القسم الأول من الإصابة نقلا عمن ذكرناهم من أصحاب المسانيد.

[17] و لذا ترى حفاة الشيعة و العمال منهم كأهل الحرث و أمثالهم و سائر من لا يبالون بطاهرة أرجلهم في غير أوقات العبادة المشروطة لطهارة إذا أرادوا الوضوء غسلوا أرجلهم ثم توضأوا فمسحوا عليها نقبة جافة.

[18] تطبيقا للقرآن على مذهبه بدلا عن استنباط المذهب من القرآن.

[19] كما نص عليه الذهبي حيث أورد إباحية في الكنى من ميزانه فقال: تفرد عنه أبو إسحاق بوضوء علي فمسح رأسه و غسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ثلاثا.

[20] كما هو مذكور في أحواله- و اسمه عمر بن عبد اللّه السبيعي- من معاجم التراجم كميزان الاعتدال و غيره.

[21] كما نص عليه الذهبي إذ أورد إباحية و حديثه هذا في ميزان الاعتدال.

[22] حتى قال الإمام أحمد و قد ذكر زهير بن معاوية هو ثبت فيما يرويه عن المشايخ (قال) وفي حديثه عن أبي إسحاق لين سمع منه بآخرة انتهى. و قال أبو زرعة: زهير بن معاوية ثقة الا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط. وقال الذهبي (بعد أن نقل عن أحمد و أبي زرعة ما قد سمعت) قلت: لين روايته عن أبي إسحاق من قبل أبي إسحاق لا من قبله.

[23] و قيل هما قبتا القدمين و الأول أحوط و أقوى.

[24] في حديث رواه الشيخ الطوسي بسنده الصحيح إليهما و قد قالا للإمام فأين الكعبان؟ قال عليه السلام: ها هنا يعني المفصل دون الساق.

[25] روى الصدوق عن الباقر و قد حكى صفة وضوء رسول اللّه صلى الله عليه واله . فقال: و مسح على مقدم رأسه و ظهر قدميه دون عظمي الساقين.

[26] و معاجم اللغة تعلن ذلك فراجع.

[27] وقد ذهب محمد بن الحسن الشيباني و الأصمعي إلى أن الكعب في آية الوضوء انما هو هذا العظم تحت الساق. و كان الأصمعي يقول: ان العظمين الناتئين في جانب السابق يسميان المنجمين، و ظن الرازي ان هذا هو مذهب الإمامية فرد عليهم بأن العظم المستدير الموضوع تحت السابق شي‌ء خفي لا يعرفه إلا المشرحون بخلاف الناتئين في طرفي كل ساق فإنهما محسوسان (قال) و مناط التكاليف العامة يجب أن يكون أمرا ظاهرا لا خفيا. و الجواب أن الرازي لما رأي الإمامية يمسحون إلى مفصل الساق ظنهم يقولون بما قاله الشيباني و الأصمعي و لم يدر أن الكعب عندهم هو المفصل نفسه المحسوس المعلوم لكل حد.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.