المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4876 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Focus formulae
4-5-2022
أمثلة بسيطة عن الطاقة الكامنة في ضوء الشمس
23-11-2014
زياد بن حفص التميمي
5-9-2017
نماذج للإكثار الكمي للطفيليات والمفترسات
4-11-2021
أهمية الخبر
23/10/2022
يوم الأربعين
1-12-2017


الزواج المؤقت (المتعة) محرم في الكتاب والسنّة وإجماع الأمة  
  
1270   09:52 صباحاً   التاريخ: 12-1-2017
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الشيعة (شبهات وردود)
الجزء والصفحة : ص 99 - 113
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / الفقه /

[جواب الشبهة] :

جاء الزواج المؤقت في كتاب الله العزيز بلفظ «المتعة» حيث يقول: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ( النساء، الآية 24).

والنقطة المهمّة هنا أن هناك روايات كثيرة تنقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء فيها لفظ المتعة بمعنى الزواج المؤقت، وسنعرض على القارئ المحترم هذه الروايات في الأبحاث الآتية.

إضافة إلى أنّه جاء في كتب فقهاء الإسلام ـ أعم من الشيعة والسنّة ـ التعبير عن الزواج المؤقت بالمتعة. وإنكار هذا الموضوع من قبيل إنكار المسلّمات وسنعرض لكم مجموعة من كلمات الفقهاء في البحوث التالية أيضاً.

ومع هذا يصرّ بعضهم على تفسير «الاستمتاع» في الآية بالتلذذ، وقالوا: إنّ معنى الآية هو إعطاء المهر للمرأة التي يراد الاستمتاع بها جنسياً.

وهنا نذكر ردّان على هذا القول:

أولاً: إنّ وجوب دفع المهر هو مقتضى العقد، بمعنى: أنه بمجرد تحقق العقد يمكن للمرأة المطالبة بالمهر كاملاً، حتى وإن لم يتحقق الدخول، أو قبل حصول أي ملاعبة.

نعم لو وقع الطلاق قبل الدخول، يصبح المهر نصفاً بعد الطلاق. فتأمل.

ثانياً: إن مصطلح «المتعة» كما ذكرنا في العرف الشرعي وكلمات الفقهاء من الشيعة والسنّة وما جاء في الروايات هو بمعنى العقد المؤقت، وسنرى كثرة الأدلة المؤيدة لذلك.

فهذا المرحوم الشيخ الطبرسي المفسّر المعروف صاحب تفسير «مجمع البيان» في تفسيره لهذه الآية يصرح بأنّ هناك نظريتين في تفسير هذه الآية:

أ) نظرية من فسر الاستمتاع هنا بمعنى التلذذ، وذكر مجموعة من الصحابة والتابعين وغيرهم.

ب) نظرية من فسّر الاستمتاع بعقد المتعة والزواج المؤقت، وهذا رأي ابن عباس والسدي وابن مسعود وجماعة من التابعين.

ويستمر الشيخ في حديثه ويقول: والنظرية الثانية واضحة; لأنّ لفظ المتعة والاستمتاع في العرف الشرعي يعني الزواج المؤقت، إضافة إلى أنّ وجوب المهر للمرأة غير مشروط بالتلذذ (1).

وهذا القرطبي في تفسيره قال: المقصود من الآية في نظر الجمهور هو النكاح المؤقت الذي كان موجوداً في صدر الإسلام (2).

وأشار كل من السيوطي في الدر المنثور وأبي حيان وابن كثير والثعالبي في تفاسيرهم إلى هذا المعنى.

إنّ مسألة وجود الزواج المؤقت في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) مسلّم به بين جميع علماء الإسلام، سواء كانوا شيعة أم سنّة، ولكن هناك مجموعة من فقهاء أهل السنّة يعتقدون بأن هذا الحكم قد نسخ فيما بعد، وهناك اختلاف شديد فيما بينهم في تحديد زمان نسخه، ومنها:

ما قاله العالم المعروف «النووي» في شرحه لصحيح مسلم:

1. البعض يقول: إنها كانت حلالاً في غزوة خيبر الأولى، وحرّمت فيما بعد.

2. كانت حلالاً في عمرة القضاء فقط.

3. كانت حلالاً في اليوم الأول لفتح مكة، وحرّمت فيما بعد.

4. حرّمت في غزوة تبوك من السنة الثامنة للهجرة.

5. كانت مباحةً في معركة أوطاس من السنة الثامنة للهجرة فقط.

6. كانت حلالاً في حجة الوداع من السنة العاشرة للهجرة (3).

والملفت للنظر أنّه نقل في هذا الموضوع روايات متناقضة ومتعارضة، وخصوصاً روايات التحريم في خيبر، وروايات التحريم في حجة الوداع المعروفة، حيث بذل مجموعة من فقهاء أهل السنّة جهداً في الجمع بين هذه الروايات، ولكن لم يقدموا حلاً مناسباً (4).

والأجمل من هذا ما نقل من كلام عن الشافعي، حيث يقول: «لا أعلم شيئاً أحلّه اللهُ ثمّ حرّمه ثمّ أحلّه ثمّ حّرمه إلاّ المتعة» (5) .

ونقل في نفس الوقت ابن حجر عن السهيلي: إنّه لم ينقل أحد من أرباب التاريخ ورواة الأخبار أنّ تحريم المتعة وقع في يوم خيبر(6).

7. وهناك قول آخر يقول: إنّ المتعة كانت حلالاً في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد ذلك نهى عمر عنها، كما نقرأ ذلك في صحيح مسلم الذي يعد من أكثر الكتب اعتباراً عند أهل السنّة: عن «أبي نضرة» قال: «كنت عند جابر بن عبدالله فأتاه آت فقال: إنّ ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين. فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما»(7).

فهل يمكن القول مرة أخرى مع هذا النص الصريح والموجود في صحيح مسلم إنّ المتعة قد حرمت في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله).

من الذي حرم المتعة؟

يشير الكلام المذكور الذي نقلناه عن جابر بن عبدالله الأنصاري إلى الحديث المعروف الذي ينقله جمع كثير من المحدثين والمفسرين والفقهاء من أهل السنّة في كتبهم عن الخليفة الثاني، ونص الحديث هو: «متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أنهى عنهما، متعة الحج ومتعة النساء». وجاء في بعض الأحاديث «وأعاقب عليهما».

والمقصود من متعة الحج: هي العمرة الأولى التي يأتي بها الحاج للخروج من إحرامه، وبعد فترة طويلة أو قصيرة يجدد إحرامه استعداداً للحج.

هذا الحديث من الأحاديث المشهورة التي نقلت عن عمر مع اختلاف يسير، حيث قام ببيانه في حضور الناس وهو على المنبر، وسنشير إلى سبعة من المصادر الحديثية والفقهية والتفسيرية التي ذكرت هذا الحديث:

1. مسند أحمد، ج 3، ص 325.

2. سنن البيهقي، ج 7، ص 206.

3. المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 27.

4. المغني لابن قدامة، ج 7، ص 571.

5. المحلى لابن حزم، ج 7، ص 107.

6. كنز العمّال، ج 16، ص 521.

7. التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 10، ص 52.

وهذا الحديث يكشف الغطاء عن مسائل متعددة، منها:

أ) حلية المتعة في مرحلة الخليفة الأوّل :

إنّ المتعة أو الزواج المؤقت كانت مباحة طوال فترة حياة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وحتى في فترة الخليفة الأول، وقام الخليفة الثاني بالنهي عنها.

ب) الاجتهاد في مقابل النص :

لقد أجاز الخليفة الثاني لنفسه أن يضع قانوناً في مقابل النص الصريح للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في الوقت الذي يقول تعالى في القرآن: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)( الحشر، الآية 7).

فهل هناك شخص له الحق في التصرف في الأحكام الإلهيّة غير النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ؟

فهل يمكن لشخص أن يقول: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل كذا، وأنا أفعل كذا؟

فهل يجوز الاجتهاد مقابل النص الصريح للنبي (صلى الله عليه وآله) والذي هو في الواقع كلام الله؟

وفي الحقيقة إنّه لأمر محير جدّاً أن يُترك قانون رسول الله (صلى الله عليه وآله) جانباً مع هذا التصريح والوضوح !

إضافة إلى أن باب الاجتهاد إذا فتح في مقابل النص فبأي دليل لا يحق للآخرين فعل ذلك؟

فهل الاجتهاد مختص بشخص واحد، والآخرون ليسوا مجتهدين؟ وهذه من المسائل المهمة; لأنه مع فتح باب الاجتهاد في مقابل النص فلا تبقى للأحكام الإلهيّة أي حصانة، وستعُمّ الفوضى في أحكام الإسلام الخالدة ، وستتعرض الأحكام الإلهيّة للخطر.

ج) لماذا انبرى عمر لمخالفة هذين الحكمين؟

لقد كان تصوره في حج التمتع هو أنّه يجب على المسلم عندما يأتي إلى الحج أن يتمّ حجّه وعمرته ليحلّ من إحرامه ويقارب زوجته، أمّا أنّه يأتي بعمرة التمتع، ويحلّ بعد أيّام من إحرامه ويصبح حرّ التصرف بعده. فهذا عمل غير صحيح ولا يتناسب مع روح الحج.

والواقع إنّ هذا الرأي غير صحيح; لأنّ أعمال الحج منفصلة عن أعمال العمرة، فمن الممكن أن يؤدي الإنسان العمرة قبل شهر من أعمال الحج، فالمسلمون في شهر شوال أو ذي القعدة يتشرفون بزيارة مكة ويؤدون أعمال العمرة، وهم في حِلِّ إلى اليوم الثامن من ذي الحجّة، وبعدها يُحرِمون لأعمال الحج ويذهبون إلى عرفات، فأين المشكلة في هذا الأمر التي أثارت حفيظته.

وأمّا موضوع المتعة والزواج المؤقت فقد احتمل بعضهم أنّه إذا كان العقد المؤقت جائزاً فيصعب التفريق بين النكاح والزنا، لأنّ أي رجل بإمكانه أن يدعي عندما يضبط (8) مع امرأة أنّه متزوج منها زواجاً مؤقتاً، وهذا يؤدّي إلى انتشار الزنا.

وهذا التصور أكثر ضعفاً من الأول، لأنّه على العكس تماماً، لأنّ منع عقد المتعة هو الذي يساعد على انتشار الزنا وعدم العفاف... ، فالكثير من الشبّان لا يملكون القدرة على الزواج الدائم، أو أنّ أزواجهم بعيدات عنهم، فهم على مفترق طريقين، إمّا الزواج المؤقت أو الزنا، فصدهم عن الزواج المؤقت ـ المنظم والمخطط له بشكل صحيح ـ سيؤدّي إلى سقوطهم في دائرة المعصية والانغماس في الزنا وعدم العفاف.

ولأجل هذا نقل عن الإمام علي (عليه السلام) الحديث المعروف: «لولا أنّ عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلاّ شقي» (9).

د) الاختلاف الكبير في زمن التحريم :

لقد روى مجموعة كبيرة من محدّثي ومفسّري وفقهاء أهل السنّة الحديث المذكور، ويمكن أن نستفيد منه وبشكل واضح أنّ تحريم المتعة كان في عهد عمر، وليس في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وقد نقلت روايات أخرى متعددة في نفس المصادر مؤيدة لذلك، ونذكر منها على سبيل المثال:

1. ينقل الترمذي المحدّث المعروف: «إنّ رجلاً من أهل الشام سأل عبد الله بن عمر عن متعة النساء، فقال: حلال، فقال السائل: إنّ أباك عمر قد نهى عنها، فقال عبد الله: أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وقد سنّها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنترك السنّة ونتبع قول أبي»؟!(10)

2. ونقرأ في حديث آخر عن جابر بن عبد الله يقول: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق لأيّام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث(11).

3. وفي حديث آخر من نفس الكتاب جاء: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين. فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما (12).

4. كان ابن عباس وهو «حبر هذه الأمّة» ومن المنكرين لنسخ حكم المتعة في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وشاهداً على المشاجرة التي دارت بينه وبين عبد الله بن الزبير، حيث جاء في صحيح مسلم: «إنّ عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال: إنّ ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة، يعرض برجل [مقصوده ابن عباس] فناداه فقال إنّك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك (13). وهذا منطق الظلم والتهديد.

على العالم الجليل ابن عباس، وهو في سن أبيه، ومن جهة العلم فغير قابل للمقايسة، وعلى فرض أنّه على مستوى من العلم، فلا يحق له أن يتحدث معه بهذه الصورة، لأنّه إذا أقدم شخص على هذا العمل وفقاً لفتواه، فأقصى ما يمكن أن يقال: إنّه اشتبه، فيكون وطؤه «وطء شبهة»، ووطء الشبهة لا حدّ له، فتهديده بالرجم لا معنى له، وكلام جهّال.

وطبعاً لا يستبعد صدور هذا الموقف القبيح من شاب جاهل وسيء الخلق مثل عبد الله بن الزبير.

والملفت للنظر أنّ الراغب الاصفهاني في كتابه (المحاضرات) نقل هذه الحادثة : عيّر عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة، فقال له (ابن عباس): سل أمّك كيف سطعت المجامر بينها و بين أبيك؟! فسألها، فقالت: «ما ولدتك إلاّ في المتعة». وقال ابن عباس: أول مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير(14).

5. نقرأ في مسند أحمد: إنّ «ابن الحصين» يقول: «نزلت آية المتعة في كتاب الله وعملنا بها، ولم تنزل أية آية ناسخة لها حتى أغمض النبي (صلى الله عليه وآله) عينيه عن الدنيا»(15).

هذه نماذج من الروايات التي تنفي بشكل صريح عدم نسخ حكم المتعة.

وفي مقابل هذه الروايات نقلوا روايات أخرى تشير إلى أنّ حكم المتعة نسخ في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن ليست على وتيرة واحدة وليست متّفقة، ومع الأسف أنّها تختلف مع بعضها من ناحية الزمان:

1. جاء في بعض الروايات أنّ حكم تحريم المتعة صدر في معركة خيبر من السنة السابعة للهجرة(16).

2. وهناك روايات أخرى ذكرت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجاز المتعة في عام الفتح من السنة الثامنة للهجرة في مكة، ونهى عنها بعد فترة وجيزة من نفس العام (17).

3. وجاء في روايات أخرى أيضاً : أنّه (صلى الله عليه وآله) أجازها لمدّة ثلاثة أيّام في غزوة أوطاس التي حدثت بعد فتح مكة في منطقة هوازن التي تقع بالقرب من مكة، ونهى عنها بعد ذلك.

ولو كان لدينا سعة صدر لمناقشة الأقوال المختلفة في هذا البحث، لكانت المسألة أوسع من ذلك; لأنّ الفقيه المعروف من أهل السنّة «النووي» في شرح صحيح البخاري نقل ستة أقوال في هذه المسألة، وذكر لكل رأي روايات تناسبه، والأقوال هي:

1. حللت المتعة في معركة خيبر وحرّمت بعد أيّام.

2. أجيزت في عمرة القضاء وبعد ذلك حرّمت.

3. أجيزت في يوم فتح مكة وحرّمت فيما بعد.

4. حرّمها رسول الله(صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك.

5. أجيزت في معركة أوطاس في أرض هوازن.

6. كانت حلالاً في حجّة الوداع، في السنة الأخيرة من عمر النبي(صلى الله عليه وآله) (18).

والأكثر حيرة من ذلك كلام الشافعي حيث يقول: «لا أعلم شيئاً أحلّه اللهُ ثمّ حرّمه ثمّ أحلّه ثمّ حّرمه إلاّ المتعة»(19).

وكل محقّق حينما يرى هذا التناقض والتضاد في الروايات يتأكد أنّ هذه الروايات وضعت لتحقيق أغراض سياسية.

الطريق الأمثل للحل:

إنّ هذه الأقوال المختلفة والمتعارضة تجبر الإنسان على المطالعة الجدية، وإلاّ فما هو الداعي لهذا القدر من التناقض في الروايات، ولماذا ينتخب كل محدّث أو فقيه رأياً خاصاً به؟

وكيف يمكن الجمع بين هذه الروايات المتعارضة؟

ألا يكون هذا الكم من الاختلاف دليلا على أنّ هذه المسألة المطروحة حساسة سياسياً، ممّا أدى إلى تحريك بعض واضعي الحديث لوضع بعض الأحاديث، باستغلال بعض أسماء أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأتباعه، ونسبتها لهم، وهم بالتالي ينقلون عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال كذا وكذا.

إنّ المسألة السياسية ليست إلاّ ما قاله الخليفة الثاني «متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنا أنهى عنهما ، متعة الحج ومتعة النساء».

وهذا الحديث له نتائج سلبية عجيبة، فإذا استطاع آحاد الأمّة أو الخلفاء أن يغيروا الأحكام الإسلاميّة بشكل صريح، ـ ولا يوجد دليل على اختصاص هذا الأمر بالخليفة الثاني ـ فالآخرون أيضاً من حقّهم أن يجتهدوا في مقابل نص النبي (صلى الله عليه وآله)، وسيؤدّي هذا إلى حصول الفوضى والاختلاف العجيب في الأحكام الإسلاميّة، فهناك واجبات ومحرمات، ولكن مع مرور الزمان لا يبقى من الإسلام شيء.

واضطروا لتفادي الآثار السلبية لهذا الأمر أن يوظفوا مجموعة لتقول: إنّ تحريم المتعتين كان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله)، ووضعوا أحاديث ونسبوها إلى صحابة النبي (صلى الله عليه وآله)، وبسبب عدم واقعيتها وقع بينها التناقض والتضاد وانكشف الأمر.

وإلاّ كيف يمكن أن يفسّر كل هذا التناقض والتضاد في الروايات، حتى إنّ بعض الفقهاء ولأجل الجمع بينها قال: «كانت المتعة مباحة لفترة، وبعد ذلك حرّمت، ثم أبيحت، ثم حرّمت»!!

فهل أصبحت الأحكام الإلهيّة لعباً ولهواً؟!

وإذا تجاوزنا كل هذا، نقول: إنّ إباحة المتعة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) كانت للضرورة حتماً، وهذه الضرورة قد تحصل في العصور اللاحقة أيضاً، وخصوصاً في عصرنا الحاضر إن لم تكن أشدّ، فلماذا تصبح حراماً؟ وهذه الضرورة تشمل بعض الشبّان أو المسافرين إلى بلاد بعيدة وبخاصة بلاد الغرب سفراً طويلاً.

ولم يكن الوضع في العالم الإسلامي في ذلك الزمان بهذه الصورة المهيجة، فلم توجد النساء السافرات وغير المحجبات والأفلام السيئة في التلفاز والإنترنت والصحون اللاقطة للمحطات الفضائية والمجالس المفسدة والإعلام المضلل الذي يؤثر على الكثير من الشبّان مورداً للإبتلاء.

فهل يمكن القبول بهذا الكلام: بأنّ المتعة كانت مباحة في ذلك العصر لضرورة ثم تحرم تحريماً أبدياً؟

وإذا تجاوزنا هذا أيضاً، ولنفرض أنّ هناك مجموعة كثيرة من فقهاء الإسلام ترى حرمة الزواج المؤقت، وهناك مجموعة أخرى أيضاً ترى حلّيته، وإنّ المسألة خلافية، فإذاً ليس من اللائق أن يتهم من يقول بالحلّية مخالفيه بأنّهم غير ملتزمين بالأحكام الدينية، وكذلك أن يتهم المحرّمون من أباحها بإشاعة الزنا ـ والعياذ بالله ـ . بماذا سيجيبون الله يوم القيامة؟

وأقصى ما يمكن قوله في هذا الموضوع: إنّه اختلاف في الاجتهاد.

قال الفخر الرازي في تفسيره وبعصبية خاصة في هذا النوع من المسائل: «ذهب السواد الأعظم من الأمّة إلى أنّها صارت منسوخة، وقال السواد منهم أنّها بقيت كما كانت»(20)، وبعبارة أخرى : إنّ المسألة خلافية.

وهنا نختم بحث الزواج المؤقت، ونأمل من الجميع أن لا يحكموا قبل البحث، ولا ينسبوا الأقوال بشكل غير صحيح، فلابدّ من إعادة البحث والتدقيق ثم الحكم، وسيطمئنوا بأنّ المتعة مازالت حكماً إلهيّاً، ومع مراعاة الشروط ستحلّ الكثير من المشاكل يقيناً.

______________

1. أنظر مجمع البيان، ج 3، ص 60 .

2. أنظر تفسير القرطبى، ج 5، ص 120; وفتح الغدير، ج 1، ص 449 .

3. أنظر شرح صحيح مسلم، ج 9، ص 191 .

4. أنظر نفس المصدر.

5. المغني لابن قدامة، ج 7، ص 572 .

6. فتح الباري، ج9، ص 138.

7. صحيح مسلم، ج 4، ص 59، ح 3307 دار الفكر بيروت.

8. يمسك متلبساً بالفعل.

9. التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 10، ص 50 .

10. هذا الحديث ليس موجوداً في صحيح الترمذي المتوفر بين أيدينا اليوم، فقد جاء بدلاً من لفظ متعة النساء متعة الحج، ولكن ذكر كل من زين العابدين المعروف بالشهيد الثاني من علماء القرن العاشر في كتاب اللمعة الدمشقية، والسيد ابن طاووس من علماء القرن السابع الهجري في كتاب الطرائف هذا الحديث في مورد متعة النساء، ويظهر أنّ الحديث في النسخ القديمة لكتاب صحيح الترمذي كان بهذه الصورة، ولكن النسخ التي جاءت فيما بعد ولأسباب معلومة قد تغيرت و كم له من نظير.

11. صحيح مسلم، ج 2، ص 131 .

12. نفس المصدر، ص 131.

13. صحيح مسلم، ج 2، ص 133.

14. المحاضرات، ج 2، ص 214. انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 20، ص 130 .

15. مسند أحمد، ج 4، ص 436 .

16. تفسير الدر المنثور، ج 2، ص 486 .

17. صحيح مسلم، ج 4، ص 133 .

18. شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 191 .

19. المغني لابن قدامه، ج 7، ص 572 .

20. التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 10، ص 49 .




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.