المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16642 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (58) من سورة النساء  
  
9842   05:51 مساءً   التاريخ: 10-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2017 12681
التاريخ: 10-2-2017 10940
التاريخ: 9-12-2016 7156
التاريخ: 14-2-2017 5817


قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 58] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

أمر سبحانه بأداء الأمانة فقال : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } : قيل في المعنى بهذه الآية أقوال أحدها : إنها في كل من اؤتمن أمانة من الأمانات ، وأمانات الله : أوامره ونواهيه . وأمانات عباده : فيما يأتمن بعضهم بعضا من المال وغيره ، عن ابن عباس ، وأبي بن كعب ، وابن مسعود ، والحسن ، وقتادة ، وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما السلام . وثانيها : إن المراد به : ولاة الأمر ، أمرهم الله أن يقوموا برعاية الرعية ، وحملهم على موجب الدين والشريعة ، عن زيد بن أسلم ، ومكحول ، وشهر بن حوشب ، وهو اختيار الجبائي ، ورواه أصحابنا عن أبي جعفر الباقر ، وأبي عبد الله الصادق ، قالا : " أمر الله تعالى كل واحد من الأئمة أن يسلم الأمر إلى من بعده ، ويعضده أنه سبحانه أمر الرعية بعد هذا بطاعة ولاة الأمر " .

وروي عنهم أنهم قالوا : " آيتان إحداهما لنا ، والأخرى لكم . قال الله : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } الآية . ثم قال : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} الآية . وهذا القول داخل في القول الأول ، لأنه من جملة ما ائتمن الله عليه الأئمة الصادقين ، ولذلك قال أبو جعفر عليه السلام : إن أداء الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، من الأمانة ، ويكون من جملتها الأمر لولاة الأمر بقسم الصدقات والغنائم وغير ذلك مما يتعلق به حق الرعية ، وقد عظم الله سبحانه أمر الأمانة بقوله : {يعلم خائنة الأعين} . وقوله : {ولا تخونوا الله والرسول} . وقوله : {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} الآية .

وثالثها : إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم برد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة ، حين قبض منه المفتاح ، يوم فتح مكة ، وأراد أن يدفعه إلى العباس ، لتكون له الحجابة والسقاية ، عن ابن جريج . والمعول على ما تقدم ، وإن صح القول الأخير ، والرواية فيه ، فقد دل الدليل على أن الأمر إذا ورد على سبب لا يجب قصره عليه بل يكون على عمومه .

{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} أمر الله الولاة والحكام أن يحكموا بالعدل والنصفة ، ونظيره قوله : {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص : 26] . وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي : " سو بين الخصمين في لحظك ولفظك " . وورد في الآثار أن الصبيين ارتفعا إلى الحسن بن علي في خط كتباه وحكماه في ذلك ، ليحكم أي الخطين أجود ، فبصر به علي ، فقال : يا بني أنظر كيف تحكم ، فإن هذا حكم والله سائلك عنه يوم القيامة . {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء : 58] أي نعم الشيء ما يعظكم به من الأمر برد الأمانة ، والنهي عن الخيانة ، والحكم بالعدل . ومعنى الوعظ : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . وقيل : هو الأمر بالخير ، والنهي عن الشر {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا} بجميع المسموعات ، و {بَصِيرًا} بجميع المبصرات . وقيل : معناه عالم بأقوالكم وأفعالكم ، وأدخل (كان) تنبيها على أن هذه الصفة ، واجبة له فيما لم يزل .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 112-113.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{ إِنَّ اللَّهً يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها } . لقد تضمنت الآية وجوب تأدية الأمانة ، والعدل في الحكم ، وإطاعة اللَّه والرسول وأولي الأمر . . وقد جاء في الكتاب والسنة العديد من الآيات والروايات في الحث على حفظ الأمانة وأدائها لصاحبها برا كان أو فاجرا ، لأنها حق له بما هو إنسان ، لا بما هو صالح أو طالح ، فمن القرآن هذه الآية : « إِنَّ اللَّهً يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ » . ومنه :

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهً والرَّسُولَ وتَخُونُوا أَماناتِكُمْ} [الأنفال : 27] .

ومن الروايات : « لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له » .

ولكن لم يرد في الكتاب والسنة - على ما نعلم - تحديد لمعنى الأمانة .

والذي نفهمه ان الأمانة هي الوديعة عندك لغيرك . . وعليك أن تحتفظ بها وتحرص عليها ، وان تردها لصاحبها عند طلبها ، كما هي ، فإذا أمسكتها عنه ، أو رددتها ناقصة محرفة فأنت خائن بحكم الكتاب والسنة .

وليس من الضروري أن تكون الأمانة عينا حسية ، كالمال والكتاب ، فقد تكون سرا ، أو نصيحة ، أو عملا . . وأيضا ليس من الضروري أن يكون صاحبها الذي أن تؤديها له شخصا حقيقيا ، فقد يكون الدين أو العلم ، بل قد تكون نفسك بالذات صاحبة الأمانة ، وأمانة الدين والعلم ما تعلمه من حلال اللَّه وحرامه ، ومن الخير والشر ، وتتحقق التأدية لهذه الأمانة بأن تعمل بما تعلم ، أما أمانة نفسك عندك فأن تختار ما هو الأصلح لها في دنياها وآخرتها .

وبكلمة ان الأمين هو الذي يؤدي ما عليه كاملا غير منقوص ، سواء أكان الذي فرض هذا الواجب هو الدين ، أو العلم ، أو الوطن ، أو المجتمع ، أو أي شيء آخر . . فليست الأمانة - على هذا - ذوقا وسليقة يعجبها من الطعام أو الشراب هذا ، لا ذاك ، ومن النساء هذه ، لا تلك ، ولا وصفا يحبب الناس بصاحبه ، كاللطف وخفة الروح ، بل الأمانة عصب الحياة وقوامها الذي لا يستقيم شيء بدونه ، والى هذا المعنى أشار الإمام علي (عليه السلام) بقوله : « الأمانات نظام الأمة » أي ان الأمة لا تنتظم شؤونها إلا إذا أدى كل إنسان ما يطلب منه . . وقال :

« من لم يختلف سره وعلانيته ، وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة ، وأخلص العبادة . . ومن استهان بالأمانة ، ورتع في الخيانة ، ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحل بنفسه في الدنيا الخزي ، وهو في الآخرة أذل وأخزى ، وان أعظم الخيانة خيانة الأمة ، وأفظع الغش غش الأمة » . يشير إلى القادة اللصوص ، وسوء أثرهم ، وفظاعة خطرهم .

ومن الدلائل على قداسة الأمانة وعظمتها قول الفقهاء : من أعلن الحرب على الإسلام والمسلمين ، وأباح دماءهم وأموالهم ، لا لشيء إلا بغضا بكلمة التوحيد حل ماله ودمه ، ولا تحل أمانته ، قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : لو ائتمني قاتل أبي على السيف الذي ذبحه به لما خنته . . وقال رجل للإمام الرضا (عليه السلام) :

ان يهوديا خانني في ألف درهم ، وحلف ، ثم وقعت له عندي أرباح ، فهل اقتص منه ؟ . قال الإمام : ان كان ظلمك فلا تظلمه . . وفي رواية ثانية :

« ان خانك فلا تخنه ، ولا تدخل فيما عبته عليه » ، والسر في ذلك ان الأمانة حق لصاحبها بوصفه إنسانا ، لا بوصفه مسلما ، لا مشركا ، أو طيبا ، لا خبيثا . وسنعود إلى الحديث عن الأمانة عند تفسير الآية 72 من سورة الأحزاب : {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والأَرْضِ} .

{ وإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } . بعد أن أوجب سبحانه رد الأمانة إلى أهلها عقب بوجوب العدل في الحكم بين الناس ، لأن من لا ينصف الناس من نفسه فلا يحق له أن ينصبها حكما بينهم . . ووجوب العدل لا يختص بالقاضي ، بل يشمل الوالي أيضا ، والوالي العادل هو الذي يهتم بجميع نواحي الحياة ، كالصحة والثقافة والعيش والحرية للجميع . . وقبل كل شيء يجب عليه أن لا يدع منفذا لطامع - أجنبيا كان أو من الوطن - يسلك منه إلى التحكم والسيطرة على شأن من شؤون الناس ومقدراتهم . . فلقد أثبتت الأحداث التي مررنا بها ان المصدر الأول والأخير لما أصابنا من ويلات ونكبات هو تسرب اللصوص وغير الأكفاء إلى مراكز القوة ، والمناصب العالية .

أما عدل القاضي فيتمثل في مساواته بين الخصمين في كل شيء ، وإعطاء كل ذي حق حقه بصرف النظر عن دينه وعقيدته ، وصداقته وعداوته ، وعظمته وضعته ، وما عرف التاريخ شريعة اهتمت وتشددت في ذلك كالشريعة الإسلامية ، قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين » يشير إلى أن مهمة القاضي أصعب المهمات وأدقها ، لأن عليه أن يجاهد نفسه ويكافحها إذا كان الحق على غير ما يهوى . . وقال « القضاة ثلاثة : قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ، فأما الذي في الجنة فرجل علم الحق ، فقضى به ، وأما اللذان في النار فرجل قضى للناس على جهل ، ورجل علم الحق ، وقضى بخلافه » . . وقد تواتر ان عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) جلس للمحاكمة بين يدي قاضيه شريح هو ونصراني خاصمه في درع .

{إِنَّ اللَّهً نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} . المراد بالعظة هنا الأمر برد الأمانة ، ولفظ نعم يشعر بأن اللَّه سبحانه لا يأمر إلا بما فيه الخير والصلاح .

__________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 355-357 .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ } إلخ الفقرة الثانية من الآية : { وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } ظاهره الارتباط بالآيات السابقة عليها فإن البيان الإلهي فيها يدور حول حكم اليهود للمشركين بأنهم أهدى سبيلا من المؤمنين ، وقد وصفهم الله تعالى في أول بيانه بأنهم أوتوا نصيبا من الكتاب والذي في الكتاب هو تبيين آيات الله والمعارف الإلهية ، وهي أمانات مأخوذ عليها الميثاق أن تبين للناس ، ولا تكتم عن أهله.

وهذا الذي ذكر من القرائن يؤيد أن يكون المراد بالأمانات ما يعم الأمانات المالية وغيرها من المعنويات كالعلوم والمعارف الحقة التي من حقها أن يبلغها حاملوها أهلها من الناس.

وبالجملة لما خانت اليهود الأمانات الإلهية المودعة عندهم من العلم بمعارف التوحيد وآيات نبوة محمد صلى الله عليه وآله فكتموها ولم يظهروها في واجب وقتها ، ثم لم يقنعوا بذلك حتى جاروا في الحكم بين المؤمنين والمشركين فحكموا للوثنية على التوحيد فآل أمرهم فيه إلى اللعن الإلهي وجر ذلك إياهم إلى عذاب السعير فلما كان من أمرهم ما كان ، غير سبحانه سياق الكلام من التكلم إلى الغيبة فأمر الناس بتأدية الأمانات إلى أهلها ، وبالعدل في الحكم فقال : { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ } « إلخ ».

والذي وسعنا به معنى تأدية الأمانات والعدل في الحكم هو الذي يقضي به السياق على ما عرفت ، فلا يرد عليه أنه عدول عن ظاهر لفظ الأمانة والحكم فإن المتبادر في مرحلة التشريع من مضمون الآية وجوب رد الأمانة المالية إلى صاحبها ، وعدل القاضي وهو الحكم في مورد القضاء الشرعي ، وذلك أن التشريع المطلق لا يتقيد بما يتقيد به موضوعات الأحكام الفرعية في الفقه بل القرآن مثلا يبين وجوب رد الأمانة على الإطلاق ، ووجوب العدل في الحكم على الإطلاق فما كان من ذلك راجعا إلى الفقه من الأمانة المالية والقضاء في المرافعات راجعه فيه الفقه ، وما كان غير ذلك استفاد منه فن أصول المعارف ، وهكذا.

________________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 321 .

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قانونان إسلاميان مهمان :

الآية الحاضرة وإنّ نزلت ـ كالكثير من الآيات ـ في مورد خاص ، إلّا أن من البديهي أنّها تتضمّن حكما عامّا وشاملا للجميع ، فهي تقول بصراحة : {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها}.

ومن الواضح أنّ للأمانة معنى وسيعا يشمل كلّ شيء مادي ومعنوي ، ويجب على كل مسلم ـ بصريح هذه الآية ـ أن لا يخون أحدا في أية أمانة دون استثناء ، سواء كان صاحب الأمانة مسلما أو غير مسلم ، وهذا هو في الواقع إحدى المواد في «الميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان» التي يتساوى تجاهها كل أفراد البشر .

والجدير بالذكر أنّ الأمانة المذكورة في سبب النزول لم تكن مجرد أمانة مادية ، ومن جانب آخر كان صاحبها المؤدى إليه تلك الأمانة مشركا.

ثمّ إنّه سبحانه يشير ـ في القسم الثّاني من الآية ـ إلى قانون مهم آخر ، وهو مسألة «العدالة في الحكومة» فيقول : {وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} أي إنّ الله يوصيكم أيضا أن تلتزموا جانب العدالة في القضاء والحكم بين الناس ، فتحكموا بعدل.

ثمّ قال سبحانه تأكيدا لهذين التعليمين : {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} .

ثمّ يقول مؤكدا ذلك أيضا : {إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً} فهو يراقب أعمالكم وهو يسمع أحاديثكم ويرى أفعالكم .

إنّ هذا القانون هو الآخر قانون كلّي وعام ، ويشمل كل نوع من القضاء والحكومة ، سواء في الأمور الكبيرة والأمور الصغيرة ، إلى درجة أنّنا نقرأ في الأحاديث الإسلامية أنّ صبين ترافعا إلى الإمام الحسن بن علي في خط كتباه وحكماه في ذلك ليحكم أيّ الخطين أجود ، فبصر به عليّ عليه ‌السلام فقال : «يا بني انظر كيف تحكم فإن هذا حكم والله سائلك عنه يوم القيامة» (2) .

إنّ هذين القانونين المهمّين (حفظ الأمانة ، والعدالة في الحكم والحكومة) يمثلان قاعدة المجتمع الإنساني السليم ، ولا يستقيم أمر مجتمع ، سواء كان ماديا أو إلهيا من دون تنفيذ وإجراء هذين الأصلين .

فالأصل الأوّل يقول : إنّ الأموال والثروات والمناصب والمسؤوليات والمهام والرساميل الإنسانية والثقافات والتراث والمخلفات التاريخية ، كلها أمانات إلهية سلمت بأيدي أشخاص مختلفين في المجتمع ، والجميع مكلّفون أن يحفظوا هذه الأمانات ، ويجتهدوا في تسليمها إلى أصحابها الأصليين ، ولا يخونوا فيها أبدا .

ومن جهة أخرى حيث إنّ الاجتماعات تلازم التصادمات والاحتكاكات في المصالح والمنافع ، ولهذا يتطلب الحل والفصل على أساس من الحكومة العادلة والقضاء العادل حتى يزول وينمحي كل أنواع التمييز الظالم من الحياة الاجتماعية .

وكما أسلفنا فإنّ الأمانة لا تنحصر في الأموال التي يودعها الناس ـ بعضهم عند بعض ـ بل العلماء في المجتمع هم أيضا مستأمنون يجب عليهم أن لا يكتموا الحقائق ، بل حتى أبناء الإنسان وأولاده أمانات إلهية لدى الآباء والأمهات فلا يفرطوا في تربيتهم ، ولا يقصروا في تأديبهم وتعليمهم ، وإلّا كان ذلك خيانة في الأمانة الإلهية التي أمر الله بأدائها ، بل وفوق ذلك كلّه الوجود الإنساني ، فهو وجميع الطاقات المودوعة فيه «أمانات الله» التي يجب على الإنسان أن يجتهد في المحافظة عليها ، كما عليه أن يحافظ على صحّة جسمه وسلامة روحه ، ويحافظ على طاقة الشباب الفياضة ، وفكره ، ولا يفرط فيها ، ولهذا لا يجوز له أن ينتحر أو يلحق الضرر بنفسه ، حتى أنّه يستفاد من بعض الأحاديث والنصوص الإسلامية إنّ علوم الإمامة وأسرارها وودائعها التي يسلمها كل إمام إلى الإمام الذي بعده داخلة في هذه الآية

أيضا (3) . والجدير بالذكر ، إنّ مسألة «أداء الأمانة» قدمت في هذه الآية على مسألة «العدالة» ولعلّ ذلك لأجل أنّ مسألة العدل في القضاء والحكم مترتبة دائما على الخيانة ، لأنّ الأصل هو أن أمناء بالأصالة ، فإذا انحرف شخص أو أشخاص عن هذا الأصل وصل الدور إلى العدالة لتوفّقهم على مسئولياتهم وتعرفهم بوظائفهم .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 170-172 .

2. تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٦٤.

3. نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٤٩٦.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .