أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-03
1024
التاريخ: 2023-08-28
871
التاريخ: ص449-450
2721
التاريخ: 2023-08-28
1004
|
نذكر أولا سبب ملكهم العرب بنجد ونسوق الحادثة إلى قتله وما يتصل به فنقول:
كان سفهاء بكر قد غلبوا على عقلائها وغلبوهم على الأمر وأكل القوي الضعيف فنظر العقلاء في أمرهم فرأوا أن يملكوا عليهم ملكا يأخذ للضعيف من القوي فنهاهم العرب وعلموا أن هذا لا يستقيم بأن يكون الملك منهم لأنه يطيعه القوم ويخالفه آخرون فساروا إلى بعض تبابعة اليمن وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين وطلبوا منه أن يملك عليهم ملكا فملك عليهم حجر بن عمرو آكل المرار فقدم عليهم ونزل ببطن عاقل وأغار ببكر فانتزع عامة ما كان بأيدي اللخميين من أرض بكر وبقي كذلك إلى أن مات فدفن ببطن عاقل فلما مات صار عمرو بن حجر آكل المرار وهو المقصور ملكا بعد أبيه وإنما قيل له المقصور لأنه قصر على ملك أبيه وكان أخوه معاوية وهو الجون على اليمامة فلما مات عمرو ملك بعده ابنه الحارث وكان شديد الملك بعيد الصوت فلما ملك قباذ بن فيروز الفرس خرج في أيامه مزدك فدعا الناس إلى الزندقة كما ذكرناه فأجابه قباذ إلى ذلك وكان المنذر بن ماء السماء عاملا للأكاسرة على الحيرة ونواحيها فدعاه قباذ إلى الدخول معه فامتنع فدعا الحارث بن عمرو إلى ذلك فأجابه فاستعمله على الحيرة وطرد المنذر عن مملكته وقيل في تمليكه غير ذلك ، فبقوا كذلك إلى أن ملك كسرى أنوشروان بن قباذ بعد أبيه فقتل مزدك وأصحابه وأعاد المنذر بن ماء السماء إلى ولاية الحيرة وطلب الحارث بن عمرو وكان بالأنبار وبها منزله فهرب بأولاده وماله وهجانه وتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء فلحق بأرض كلب فنجا وانتهبوا ماله وهجانه وأخذت تغلب ثمانية وأربعين نفسا من بني آكل المرار فيهم عمرو ومالك ابنا الحارث فقدموا بهم على المنذر فقتلهم في ديار بني مرينا وفيهم يقول عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا وابنا بالملوك مصفدينا
وفيهم يقول امرؤ القيس:
ملوك من بني حجر بن عمرو يساقون العشية يقتلـــــونــا
فلو في يوم معـــــركة أصيبوا ولكن في ديـار بني مريــنا
ولم تغســـل جماجمهـــم بغسل ولكـــن في الدماء مرمليــنا
تظل الطيـــر عاكفـــــة عليهـم وتنتزع الحواجب والعيونا
وأقام الحارث بديار كلب فتزعم كلب أنهم قتلوه وعلماء كندة تزعم أنه خرج يتصيد فتبع تيسا من الظباء فأعجزه فأقسم أن لا يأكل شيئا إلا من كبده فطلبته الخيل فأتى به بعد ثلاثة وقد كاد يهلك جوعا فشوى له بطنه فأكل فلذه من كبده حارة فمات.
ولما كان الحارث بالحيرة أتاه أشراف عدة قبائل من نزار فقالوا إنا في طاعتك وقد وقع بيننا من الشر بالقتل ما تعلم ونخاف الفناء فوجه معنا بنيك ينزلون فينا فيكفون بعضنا عن بعض ففرق أولاده في قبائل العرب فملك ابنه حجرا على بني أسد بن خزيمة وغطفان وملك ابنه شرحبيل وهو الذي قتل يوم الكلاب على بكر بن وائل بأسرها وعلى غيرها وملك ابنه معد يكرب وهو غلفاء وإنما قيل له غلفاء لأنه كان يغلف رأسه بالطيب على قيس عيلان وطوائف غيرهم وملك ابنه سلمة على تغلب والنمر بن قاسط وبنى سعد بن زيد مناة من تميم فبقي حجر في بني أسد وله عليهم جائزة وإتاوة كل سنة لما يحتاج إليه فبقي كذلك دهرا ثم بعث إليهم من يجبي ذلك منهم وكانوا بتهامة وطردوا رسله وضربوهم فبلغ ذلك حجرا فسار إليهم بجند من ربيعة وجند من جند أخيه من قيس وكنانة فأتاهم فأخذ سرواتهم وخيارهم وجعل يقتلهم بالعصا وأباح الأموال وسيرهم إلى تهامة وحبس منهم جماعة من أشرافهم منهم عبيد بن الأرض الشاعر فقال شعرا يستعطفه لهم فرق لهم وأرسل من يردهم, فلما صاروا على يوم منه تكهن كاهنهم وهو عوف بن ربيعة بن عامر الأسدي فقال لهم :من الملك الصلهب الغلاب غير المغلب في الابل كأنها الربرب هذا دمه يتثعب وهو غدا أول من يستلب ؟ قالوا: ومن هو قال لولا بجيش نفس خاشية لأخبرتكم أنه حجر ضاحية فركبوا كل صعب وذلول حتى بلغوا إلى عسكر حجر فهجموا عليه في قبته فقتلوه وطعنه علباء بن الحارث الكاهلي فقتله وكان حجر قتل أباه فلما قتل قالت بنو أسد يا معشر كنانة وقيس أنتم إخواننا وبنو عمنا والرجل بعيد النسب منا ومنكم وقد رأيتم سيرته وما كان يصنع بكم هو وقومه فانتهبوهم فشدوا على هجانه فانتهبوها ولفوه في ربطة بيضاء وألقوه على الطريق فلما رأته قيس وكنانة أنتهبوا أسلابه وأجار عمرو بن مسعود عياله, وقيل إن حجرا لما رأى اجتماع بني أسد عليه خافهم فاستجار عويمر بن شجنة أحد بني عطارد بن كعب بن زيد مناة بن تميم لبنته هند بنت حجر وعياله وقال لبني أسد إن كان هذا شأنكم فإني مرتحل عنكم ومخليكم وشأنكم فودعوه على ذلك وسار عنهم وأقام في قومه مدة ثم جمع لهم جمعا عظيما وأقبل إليهم مدلا بمن معه فتآمرت بنو أسد وقالوا والله لئن قهركم ليحكمن عليكم حكم الصبي فما خير العيش حينئذ فموتوا كراما, فاجتمعوا وساروا إلى حجر فلقوه فاقتتلوا قتالا شديدا وكان صاحب أمرهم علباء بن الحارث فحمل على حجر فطعنه فقتله وانهزمت كندة ومن معهم وأسر بنو أسد من أهل بيت حجر وغنموا حتى ملأوا أيديهم من الغنائم وأخذوا جواريه ونساءه وما معهم فاقتسموه بينهم وقيل إن حجرا أخذ أسيرا في المعركة وجعل في قبة فوثب عليه ابن أخت علباء فضربه بحديدة كانت معه لأن حجرا كان قتل أباه فلما جرحه لم يقض عليه فأوصى حجر ودفع كتابه إلى رجل وقال له انطلق إلى ابني نافع وكان أكبر أولاده فإن بكى وجزع فاتركه واستقرهم واحدا واحدا حتى تأتي امرأ القيس وكان أصغرهم فأيهم لم يجزع فادفع إليه خيلي وسلاحي ووصيتي وقد كان بين في وصيته من قتله وكيف كان خبره, فانطلق الرجل بوصيته إلى ابنه نافع فوضع التراب على رأسه ثم أتاهم كلهم ففعلوا مثله حتى أتى امرأ القيس فوجده مع نديم له يشرب الخمر ويلعب معه بالنرد فقال قتل حجر فلم يلتفت إلى قوله وأمسك نديمه فقال له امرؤ القيس اضرب فضرب حتى إذا فرغ قال ما كنت لأفسد دستك, ثم سأل الرسول عن أمر أبيه كله فأخبره فقال له الخمر والنساء علي حرام حتى أقتل من بني أسد مائة وأطلق مائة, وكان حجر قد طرد امرأ القيس لقوله الشعر وكان يأنف منه وكانت أم امرئ القيس فاطمة بنت ربيعة بن الحارث أخت كليب بن وائل وكان يسير في أحياء العرب يشرب الخمر على الغدران ويتصيد فأتاه خبر قتل أبيه وهو بدمون من أرض اليمن فلما سمع الخبر قال:
تطاول الليل علينا دمون دمون إنا معشر يمانون
وإننـــا لقومنـــا محبــــون
ثم قال ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا لأصحو اليوم ولأسكر غدا اليوم خمر وغدا أمر فذهبت مثلا. ثم ارتحل حتى نزل ببكر وتغلب فسألهم النصر على بني أسد فأجابوه فبعث العيون إلى بني أسد فنذروا به فلجأوا إلى بني كنانة وعيون امرئ القيس معهم فقال لهم علباء بن الحارث اعلموا أن عيون امرئ القيس قد عادوا إليه بخبركم وإنكم عند بني كنانة فارحلوا بليل ولا تعلموا بني كنانة، فارتحلوا وأقبل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب وغيرهم حتى انتهى إلى بني كنانة وهو يظنهم بني أسد فوضع السلاح فيهم وقال يا لثارات الملك يا لثارات الهمام فقيل له أبيت اللعن لسنا لك بثأر نحن بنو كنانة فدونك ثارك فاطلبهم فإن القوم قد ساروا بالأمس فتبع بني أسد ففاتوه ليلتهم فقال في ذلك:
الا يـا لهـــف هند اثر قــوم هموا كانوا الشفاء فلم يصابوا
وقاهم جدهــــم ببنــي أبيهـم وبالأشقين ما كـــان العقــــاب
وأفلتهن علبـــاء جــريضــا ولو أدركتــــه صفـر الوطاب
يعني ببني أبيهم كنانة فإن أسدا وكنانة ابني خزيمة هما أخوان وقوله ولو أدركته صفر الوطاب قيل كانوا قتلوه واستاقوا إبله فصفرت وطابه من اللبن أي خلت وقيل كانوا قتلوه فخلا جلده وهو وطابه من دمه بقتله .
فسار امرؤ القيس في آثار بني أسد فأدركهم ظهرا وقد تقطعت خيله وهلكوا عطشا وبنو أسد نازلون على الماء فقاتلهم حتى كثرت القتلى بينهم وهربت بنو أسد فلما أصبحت بكر وتغلب أبوا أن يتبعوهم وقالوا قد أصبت ثارك، فقال: لا والله فقالوا بلى ولكنك رجل مشؤوم وكرهوا قتلهم بني كنانة فانصرفوا عنه .ومضى إلى ازد شنوءة يستنصرهم فأبوا أن ينصروه وقالوا إخواننا وجيراننا فسار عنهم ونزل بقيل يدعى مرثد الخير بن ذي جدن الحميري وكان بينهما قرابة فاستنصره على بني أسد فأمده بخمسمائة رجل من حمير ومات مرثد قبل رحيل امرئ القيس وملك بعده رجل من حمير يقال له قرمل فزود امرأ القيس ثم سير معه ذلك الجيش وتبعه شذاذ من العرب واستأجر غيرهم من قبائل اليمن فسار بهم إلى بني أسد وظفر بهم, ثم إن المنذر طلب امرأ القيس ولج في طلبه ووجه الجيوش إليه فلم يكن لامرئ القيس بهم طاقة وتفرق عنه من كان معه من حمير وغيرهم فنجا في جماعة من أهله ونزل بالحارث بن شهاب اليربوعي وهو أبو عتيبة بن الحارث فأرسل إليه المنذر يتوعده بالقتال إن لم يسلمهم إليه فسلمهم ونجا امرؤ القيس ومعه يزيد بن معاوية بن الحارث وابنته هند ابنة امرئ القيس وأدراعه وسلاحه وماله فخرج ونزل على سعد بن الضباب الأيادي سيد قومه فأجاره ومدحه امرؤ القيس ثم تحول عنه ونزل على المعلى بن تيم الطائي فأقام عنده واتخذ إبلا هناك فعدا قوم من جديلة يقال لهم بنو زيد عليها فأخذوها فأعطاه بنو نبهان معزى يحلبها فقال:
إذا لم تكن إبل فمعزي كأن قرون جلتها العصي
الأبيات.
ثم رحل عنهم ونزل بعامر بن جوين فأراد أن يغلب امرأ القيس على ماله وأهله فعلم امرؤ القيس بذلك فانتقل إلى رجل من بني ثعل يقال له حارثة بن مر فاستجاره فأجاره فوقعت بين عامر بن جوين والثعلي حرب وكانت أمور كبيرة فلما رأى امرؤ القيس أن الحرب قد وقعت بين طيء بسببه خرج من عندهم فقصد السموأل ابن عادياء اليهودي فأكرمه وأنزله فأقام عند امرؤ القيس ما شاء الله ثم طلب منه أن يكتب له إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ليوصله إلى قيصر ففعل ذلك وسار إلى الحارث وأودعه أهله وأدراعه عند السموأل فلما وصل إلى قيصر أكرمه فبلغ ذلك بني أسد فأرسلوا رجلا منهم يقال له الطماح كان امرؤ القيس قتل أخا له فوصل الأسدي وقد سير قيصر مع امرئ القيس جيشا كثيفا فيهم جماعة من أبناء الملوك فلما سار امرؤ القيس قال الطماح لقيصر إن امرأ القيس غوي عاهر وقد ذكر أنه كان يراسل ابنتك ويواصلها وقال فيها أشعارا أشهرها بها في العرب, فبعث إليه قيصر بحلة وشي منسوجة بالذهب مسمومة وكتب إليه إني أرسلت بحلتي التي كنت ألبسها تكرمة لك فالبسها واكتب إلى بخبرك من منزل منزل، فلبسها امرؤ القيس وسر بذلك فاسرع فيه السم وسقط جلده فلذلك سمي ذا القروح فقال امرؤ القيس في ذلك:
لقد طمح الطماح من نحو أرضه ليلبسني مما يلبس أبؤسا
فلو أنهــــا نفس تمــــوت ســـوية ولكنها نفس تساقط أنفسا
فلما وصل إلى موضع من بلاد الروم يقال له ( أنقرة ) احتضر بها فقال: رب خطبة مسحنفره وطعنه مثعنجره وجفنه مستحيرة حلت بأرض أنقرة, ورأى قبر امرأة من بنات ملوك الروم وقد دفنت بجنب عسيب وهو جبل فقال:
أجــارتنا أن الخطــوب تنوب وإني مقيــم مـا أقام عسيب
أجارتنـــا إنـــا غريبـــان ههنا وكل غريب للغريب نسيب
ثم مات فدفن إلى جنب المرأة فقبره هناك.
ولما مات امرؤ القيس سار الحارث بن أبي شمر الغساني إلى السموأل بن عادياء وطالبه بأدراع امرئ القيس وكانت مائة درع وبما له عنده فلم يعطه فأخذ الحارث ابنا للسموأل فقال إما أن تسلم الدرع وإما قتلت ابنك فأبى السموأل أن يسلم إليه شيئا فقتل ابنه فقال السموأل في ذلك: وفيت بــأدرع الكـــــندي إني إذا ما ذم أقوام وفـــيت
وأوصى عاديا يوما بـــأن لا تهدم يا سموأل ما بنيت
بنى لي عاديا حصنا حصينا وماء كلما شئت استقيت
وقد ذكر الأعشى هذه الحادثة فقال:
كن كالسموأل إذ طاف الهمـام بـه في جحفل كسواد الليل جرار
إذ سامه خطتي خســــف فقال لـه قل ما تشاء فإني سامع حــار
فقال غــــدر وثكل أنــت بينـــهما فاختر فما فيهما حظ لمختار
فشــك غــير طـــويل ثـــم قال لـه اقتل أسيرك إني مانع جاري
وهي أكثر من هذا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|