أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2022
3551
التاريخ: 7-6-2022
2155
التاريخ: 26-5-2022
1003
التاريخ: 28-6-2022
2317
|
1- لمحة تاريخية عن الآشوريين :
تقع أشور في شمال العراق ، ومكانها الحالي ، قلعة شرقاط على الضفة الغربية من دجلة ، على بعد تسعين كيلو مترا جنوبي الموصل ، وقد بدأت في الظهور منذ عهد بعيد ، ولكن لم تبرز كدولة عظمى إلا خلال الألف الأولى ق.م (1)،ويقسم بعض المؤرخين تاريخ أشور إلى أربع مراحل : ففي العصر العتي ق ( 2500- 2000 ق.م)دخلت بلاد أشور ضمن النطاق السياسي - والثقافي للإمبراطورية الاكادية ، حيث وجدت نصوص كتابية ت عود إلى هذا العهد ت ذ ك ر أن بلاد أشور كانت تدار من قبل حكام تابعين للدولة الاكادية ، ولعل أوثق تأثير خلفها لعهد الأكدي في بلاد أشور هو ما تركته اللهجة الأكدية في اللغة الآشورية القديمة(2) وفي العصر الآشوري القديم :( 2000- 1500 ق.م) دخلت أشور في عهد ملكها - ، (إيلوشوما ) في حرب مع الملك البابلي ( سوم أبوم ) دون انتصار حاسم لأي منهما (3) ويعود الفضل في ازدهار أشور واتساعها إلى الملك (شمشي أدد) الذي نجح في إخضاع ماري ، وبسط سيطرته على طرق القوافل التجارية المؤدية إلى سواحل البحر المتوسط وآسيا الصغرى (4)، لكن ما لبثت أن اعترفت آشور بنفوذ الدولة البابلية في عهد حمورابي ولم تسترد كيانها إلا بسقوط الدولة البابلية الأولى(5) ومما يجدر ذكره في هذا العهد هو ازدهار المستعمر ة التجارية الآشورية في بلاد الأناضول ،و التي أنشئت بهدف استغلال ثروات المنطقة وممارسة التجارة على أوسع نطاق كما تذكر النصوص المعروفة بألواح قبادوسيا(6) أما في العصر الآشوري الأوسط ( 1500- 1000 ق.م) فقد استطاع الملك أشور أوباليط ( 1365 - 1330 ق.م) من تخليص أشور من النفوذ الميتاني ، بل وإسقاط الدولة الميتانية منتهزا الأوضاع الدولية المتمثلة في الصراع القائم بين مصر وبلاد الحيثيين(7) ومن أشهر ملوك هذا العصر كذلك ( تجلات بيليصر 1114- 1076 ق.م) الذي بلغت - توسعاته جنوب شرقي آسيا الصغرى ولبنان وشمال سوريا، وعرفت آشور، في هذا العصر ازدهارا واضحا وتجلى في مجالات العمارة والفن والتشريع (8) أما في العصر الآشوري الحديث ( 911 - 612 ق.م ) فيبدأ باعتلاء الملك ( أدد نيراري) العرش، فبعد تثبيت أركان حكمه وجه عدة حملات ضد الآراميين لتأمين حدوده الغربية ،وأخرى في الجنوب تمكن خلالها من التوسع على حساب البابليين(9) وشكلت فترة حكم ( آشور ناصربال 884 - 859 ق.م )ذروة التوسع الآشوري في مرحلته الأولى ، واتسمت انتصاراته بطابع القسوة في مواجهة أعدائه وطبق سياسة التهجير الجماعي ضد الجماعات التي كانت تفكر في الاستقلال(10) ولما تولى بعده ( شلمناصر الثالث) قاد عدة حملات ضد إمارات بلاد الشام كبيت أديني، ودمشق وإسرائيل ، وامتدت مملكته من الخليج العربي حتى جبال أرمينيا شمالا ومن بلاد عيلام إلى سواحل البحر المتوسط غربا، وشهدت أشور في أواخر عهده حربا أهلية دامت ست سنوات بعد ثورة قام بها ابنه عليه(11) ولم ينقذها من هذه الفوضى إلا الملك ( تجلات بيلاصر) الذي يعد المؤسس الحقيقي للإمبراطورية الآشورية الثانية، فقام بتنظيم مقاطعات المملكة وصغر مساحاتها بهدف تقليص قوة الحكام الذين تزايد نفوذهم وأشهر خلفائه،( آشور بانيبال 669 - 627 ق.م)(12)، الذي احتل عيلام ودمر عاصمتها سوسة، ودخلت البلاد في أواخر عهده حرب أهلية بين ولديه، استغلها ( نبوبولصر) أول ملوك الدولة الكلدانية وتمكن بالتحالف مع الميديين من القضاء على الدولة الآشورية(13)
2- محتوى القوانين الآشورية :
لم يترك الآشوريون إلا القليل من القوانين، وهذا لا يتناسب مع شهر ة و عظمة الدولة الآشورية وملو كها و كثرة إنجازاتهم، و عود هذا النقص إلى انهماك الملوك الآشوريين بالأعمال العسكرية و العمرانية التي شغلتهم بعض الشيء عن الانصراف لجوانب الإدارة والتنظيم ومنها إصدار القوانين. ويرد البعض هذا النقص، لكون الآشوريين قد حكموا إمبراطورية واسعة ضمت شعوبا وأمما مختلفة، ذات ثقافات و عادات متباينة ، الأمر الذي تعذر معه سن قوانين تتقبلها جميع شعوب الإمبراطورية . لكن الرأي الراجح هو اعتماد الآشوريين على القوانين السابقة ، وخاصة قانون حمورابي ، و مما يؤكد ذل ك ,انه تم اكتشاف استنساخ لفقرات قانونية في مكتبة الملك أشور بانيبال، كما يدعم ذلك أيضا أن المجموعة القليلة من الفقرات الآشورية المعروفة تتفق في أحكامها مع القوانين البابلية (14) ومهما تكن من أسباب هذا النقص في النصوص القانونية الآشورية ، فقد أمكن من التعرف على بعض الألواح الطينية التي تح مل مواد قانونية من العهدين الآشوريين القديم والوسيط.
ويقسم الباحثون تلك النماذج من القوانين التي عثر عليها من حيث تاريخها إلى مجموعتين :
فالمجموعة الأولى تعود إلى العهد الآشوري القديم في أواخر الألف الثالثة ق.م ،وهي عبارة عن ثلاثة ألواح طينية وجدت في حالة رديئة جدا، لا يمكن قراءة محتواها بصورة دقيقة ومما جاء فيها أنها تحمل مواد قانونية تخص تنظيم المحاكم وأصول المرافعات ، وبصورة خاصة فيما له علاقة بالتجارة والحياة الاقتصادية ، وهي تعود لجالية تجارية تقيم في منطقة كولتبة (15)
أما المجموعة الثانية و المعرفة ب ( القوانين الآشورية المتوسطة ) ، فقد عثر عليها مدونة على مجموعة من الألواح الطينية في الحفائر التي أجراها العلماء الألمان في مدينة أشور ( 1903-1914 ) ،ولا يعرف مشرع هذه القوانين ويعتقد أن أحكامها كانت سارية في مدينة آشور وما جاورها من المدن. (16)ولا تؤلف القوانين الأشورية وحده قانونية ، وموادها لا تكمل بعضها البعض، ومن ثم فقد اعتبر البعض أن موادها لم تكن في الأصل سوى قرارات أو أقضية سابقة، صدرت بخصوص قضايا معينة، فدونت وصيغت بهيئة مواد قانونية. (17) وعالجت القوانين الأشورية الكثير من المواضيع منها ، شؤون الأسرة وأمور البيع والشراء والقروض والرهون والاعتداء على الغير(18) ويعتبر القانون الأشوري أقسى القوانين في بلاد الرافدين على الإطلاق ، فكثيرا من الذنوب كانت عقوبتها الإعدام أو تشويه الأعضاء ، كبتر الأصابع والأنف والثديين والأذنين والجلد بالسياط (19) فقد حكم المشرع الآشوري بالإعدام على من يغتصب امرأة متزوجة رغما عنها، أو يشتغل بالسحر(المادة 47 )، وأجاز للزوج أن يصلم أذني زوجته إذا سرقته وهو مريض (المادة 3) ، كما قضت بقطع أصبع من يلمس خد امرأة متزوجة وقطع شفته إذا قبلها ( المادة 9) (20) ومن الأمور المميزة في التشريع الآشوري أنه يحط من منزله النساء اللاتي فقدن الكثير من حقوقهن مقارنة بالتشريعات السابقة له (21)، إذ منح المشرع الآشوري الزوج الولاية على زوجته وسمح له أن يعفو عنها إذا أراد أو يطبق عليها بنفسه أقسى العقوبات البدنية من صلم وجدع وضرب (المادة 4) (22) ومن أغرب وأقسى العقوبات في حق المرأة ، تلك المادة التي تنص على تسليم زوجة مغتصب للدعارة وألا تعاد إليه (المادة 55 ) ، فعقاب المغتصب يكون في زوجته حتى يشعر بالعار والعذاب ، فالمرأة هنا تعاقب على جريمة لم ترتكبها(23) وأصبح لا يجوز للزوجة أن تأخذ أي شئ من بيت زوجها دون موافقته وإلا فإنها تتهم بالسرقة وتعاقب عقابا شديدا ، وعليها أيضا أن تتحمل مع زوجها ما يقع عليه من ديون، وفي حالة عدم مقدرة الزوج على إيفاء الدين، كان بإمكانه بيعها مع أطفالها أو وضعها تحت عبودية الدائن (المادتان 3- 32) (24) ويلاحظ أن القانون الآشوري قد ميز بين فئتين هما : الآشوري والسيد ، كما يفهم من بعض المواد( 24 و 40 من اللوح أ ) التي جعلت من الرجل الأشوري في درجة أدنى من درجة السيد (25) وتتشابه القوانين الأشورية مع القوانين البابلية في بعض الأحكام لدرجة أن جعلت البعض يعتبر أن القوانين الآشورية قد اعتمدت على أحكام بابلية سابقة، عدلت لتناسب الآشوريين الأقل مدنية (26) ويتضح ذلك التشابه في العقوبات الصارمة التي طبقها حمورابي والأشوريون من بعده، ويلتقيان في بعض النقاط منها : حق المحارب في استرداد زوجته إذا عاد من الأسر، إذ ينص القانون الآشوري على المرأة أن تنتظر زوجها المحارب الغائب خمس سنوات (المادة 36 )، وإذا كانت بدون أولاد وعلمت أن زوجها مأسور، فعليها أن تنتظره عامين فقط ، وكفلت للزوجة في هذه الحالة ما تتعيش به (المادة 45 ) (27) وفي حالة اتهام امرأة بالفاحشة دون شهود، يعتمد كل من التشريعين ابلابلي والأشوري مبدأ التحكيم الإلهي أي الالتجاء إلى الاختبار النهري(28) ومن الأحكام التي انفرد بها القانون الآشوري عن غيره من القوانين العراقية القديمة منع ارتداء الحجاب على الإماء والعاهرات ،لأنه كان من شارات نساء الطبقة العليا، إلا إذا كن بصحبة سيداتهن ، وإذا خالفن ذلك وحاولن التشبه بالحرائر، عوقبن بتجديدهن من الثياب وصب القار على الرأس ( المادة 40 )(29) وعلى العموم يمكن القول أن جميع التشريعات العراقية القديمة قد تضمنت مقدمة وخاتمة ، باستثناء القوانين الآشورية، في حين جاءت مقدمة بعضها غير واضحة بسبب التلف الذي أصابها . واتبعت هذه التشريعات تقاليد كتابية ثابتة ، حيث تبين أولا عظمة الآلهة ورعايتها للناس ثم تمجد الملك وتظهر خصاله وصفاته الحميدة ، وتسبغ عليه الاختيار الإلهي ليمنح لقانونه الهيبة والاحترام . كما لا تهمل المقدمة الإشارة إلى الأوضاع المتردية وسوء الإدارة وفساد الموظفين، ومن هنا ادعى المشرعون أنهم تصدوا للفساد ونشروا العدل بإصدار القوانين .
___________
1- محمد عبد القادر محمد ، الساميون في العصور القديمة ، دار النهضة العربية ، بيروت، 1968 ، ص. 211
2- طه باقر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ،ط 1973، 1 ، ص-ص 475 .
3 - عبد العزيز صالح ، الأسرة في المجتمع المصري القديم ، دار القلم ،القاهرة، 1961،ص 494 .
4- محمد عبد القادر محمد ، المرجع السابق ، ص 212 .
5- عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص. 495 .
6- محمد عبد اللطيف محمد علي ، المراكز التجارية الآشورية بوسط آسيا في العصر الآشوري القديم الإسكندرية ، 1984 ، ص 18
7- طه باقر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، ط 1 ، 1973 ،ص 487
8- عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص 503 .
9- المرجع نفسه ، ص508.
10- ف. فون زودن ، مدخل إلى حضارات الشرق القديم ، تر: فاروق إسماعيل ، ط 1، دار المدى ، دمشق ، 2003 ، ص 65 .
11- طه باقر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، ط 2 1955 ، ص 184.
12- رغم شدة ( آشور بانيبال ) وحملاته الدموية التي قام بها ضد جيرانه ، فإنه كان في الوقت ذاته عالما كبيرا ومحبا للكتب إذ ترك أهم مكتبة في الشوق الأدنى القديم ، جمع فيها كل ما أبدعته الأجيال السابقة في حقل الأدب والمعرفة ، وربما من دون المبالغة القول أن معرفة المؤرخين بتاريخ و ثقافة بلاد الرافدين تعود إلى العمل المكتبي الذي قام به هذا الملك ، وهذا من خلال جمع مختلف الرقم الطينية التي تحتوي على نصوص مختلفة تعالج القضايا الدينية والاقتصادية والسياسية: للمزيد أنظر :ألكسندر ستيبتشفيتش ، تاريخ الكتاب، القسم الأول، تر : محمد الأرناؤوط ، سلسلة عالم المعرفة ( 160 ) ، الكويت 1993 ، ص 22 ، محمد موفاكو، الكتابة والكتاب والمكتبات لدى الحضارات القديمة في المشرق الأوسط، مجلة التراث العربي، ع 31 ، السنة 8، دمشق، افريل 1988
www.awu-dam.org
13- ف . فون زودن ، المرجع السابق ، ص.ص 67 ، محمد حرب فرزات ، عيد مرعي ، دول وحضارات الشرق العربي القديم ، ط 2 ، دار طلاس ، دمشق ، 1994 ، ص 187
14- سامي سعيد الأحمد وآخرون ،حضارة العراق ، ج 2 ، بغداد 1985 ، ص-ص 81 .
15 - عامر سليمان،القانون في العراق القديم، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل ، (د.ت) ، ص277.
16- أحمد أمين سليم، مصر والعراق دراسة حضارية ، دار النهضة العربية ، ط 1 بيروت، 2002 ، ص 387 .
17- محمد بيومي مهران ، حضارات الشرق الأدنى القديم ، ج 1، الحياة السياسية والاقتصادية والتشريعية ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية ، 1999 ، ص 465 .
18 -عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص 504 .
19- سبتينو موسكاتي ، الحضارات السامية القديمة ، تر ، يعقوب بوبكر ، بيروت ، 1968 ص 101 .
20 - عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص- ص 504 .
21 - ف.فون زودن ، المرجع السابق ، ص 155 .
22- عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ص. 505 .
23- جورج بوييه شمار ، المسؤولية الجزائية في الآداب الآشورية والبابلية تر: سليم الصويص ، دار الرشيد للنشر ، بغداد، 1981 ص-ص 284
24- ثلماستيان عقراوي ، المرأة دورها ومكانتها في حضارة وادي الرافدين ، دار الحرية للطباعة والنشر بغداد ، 1978 ، ص 41 .
25- -8 ألبريشت جونز وآخرون ، شريعة حمورابي وأصل التشريع في العراق القديم ، تر: أسامة سراس، ط 3 ، دار علاء الدين ، دمشق ، 2003 ، ص 62 ، حاشية 2 .
26- المرجع نفسه ، ص 12 .
27- محمد بيومي مهران ، حضارات الشرق الأدنى القديم ، ص. 469 .
28- عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص 505.
29- ثلماستيان عقراوي ، المرجع السابق ، 148.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|