أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-7-2018
2240
التاريخ: 28-6-2018
2912
التاريخ: 21-9-2016
1633
التاريخ: 21-9-2016
8438
|
والبحث في هذه الجهة يقع في مقامين:
المقام الأوّل: في الفرق بينهما بنظر العامّة :
فقد ذكروا للفرق بينهما وجوهاً خمسة، وأوّل من فرّق بينهما- على ما قيل (1) - هو شهاب الدين القرافي في كتابه المسمّى بالفروق (2) .
الوجه الأوّل: أنّ الموضوع في القواعد الاصولية هو الأدلّة والأحكام، فإنّ القاعدة الاصولية حدّ وسط بين الأدلّة والأحكام، ويستنبط بها الأحكام من أدلّتها، بينما أنّ الموضوع في القواعد الفقهيّة هو فعل المكلّف.
الوجه الثاني: أنّ القواعد الاصوليّة كلّية، بخلاف القواعد الفقهيّة، فإنّها أغلبيّة.
الوجه الثالث: أنّ القواعد الاصولية آلة لاستنباط الأحكام الشرعيّة، بخلاف القواعد الفقهيّة، فإنّها عبارة عن حكم الجزئيّات المتشابهة المشتركة في علّة واحدة.
الوجه الرابع: أنّ القواعد الفقهيّة متأخّرة عن الفروع في الوجود الذهني والواقعي؛ لأنّها جمع أشتات وربط بينهما. وأمّا القواعد الاصوليّة فإنّها متقدّمة على الفروع؛ لتوقّف الاستنباط عليها.
الوجه الخامس: أنّ القواعد الاصوليّة امور استنباطية والأحكام تستنبط منها بخلاف القواعد الفقهيّة، فإنّها امور تطبيقيّة والفروع مندرجة تحتها (3) .
ويرد على الأوّل: أنّ الموضوع في بعض القواعد الفقهيّة ليس فعل المكلّف كقاعدة «لا ضرر»، فإنّ الموضوع فيه هو الحكم الضرري بناءً على تفسير المشهور.
وعلى الثاني: أنّا قلنا سابقاً (4) : إنّ الاستثناء في القواعد الفقهيّة لا يدلّ على الغالبيّة، ولا ملازمة بين الاستثناء وبين كون القاعدة أغلبية.
المقام الثاني: في الفرق بينهما بنظر الإماميّة.
فنقول: يستفاد من كلمات الأصحاب رضوان اللَّه تعالى عليهم وجوه ستّة.
الوجه الأوّل: ما يستفاد من بعض كلمات الشيخ الأعظم (5) وتبعه المحقّق النائيني(6) من أنّ نتيجة المسألة الاصولية نافعة للمجتهد فقط، بخلاف القاعدة الفقهيّة، فإنّها نافعة للمقلّد أيضاً، وبعبارة اخرى: إعمال القاعدة الفقهيّة مشترك بين المجتهد والمقلّد.
وقد أورد عليه المحقّق الخوئي (7) : بأنّا نسلّم كون النتيجة في المسألة الاصولية نافعة بحال المجتهد فقط، ولكن لا نسلّم اشتراك النتيجة بين المجتهد والمقلّد في القاعدة الفقهيّة ، فمثلًا أنّ قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» من أيّ طريق يعلم المقلّد أنّ البيع مثلًا من العقود الّتي يكون في صحيحها الضمان ؟ ومثلًا قاعدة «الصلح جائز بين المسلمين إلّا ما خالف كتاب اللَّه» فمن أيّ سبيل يتوجّه المقلّد أنّ هذا الشرط هل هو موافق للكتاب أو مخالف له ؟
والظاهر عدم ورود الإشكال؛ لأنّ المقصود من كون النتيجة نافعة للمقلّد، أنّه قادر على التطبيق، ومعنى هذا أنّ المقلّد بعد السؤال والفحص عن أنّ البيع من العقود الّتي يكون في صحيحها الضمان، يقدر على تطبيق القاعدة ويحكم بأنّ في فاسدها أيضاً الضمان.
وبعبارة اخرى: أنّه قدس سره يعتقد بأنّ القواعد الفقهيّة من باب تطبيق المضامين، ومن الواضح أنّ التطبيق غير مختصّ بالمجتهد.
الوجه الثاني: ما ذكره المحقّق النائيني قدس سره (8) من أنّ القواعد الاصوليّة متضمّنة للأحكام الكليّة الّتي لا ربط لها بالعمل بلا واسطة، بخلاف القاعدة الفقهية؛ فإنّها وإن كانت قد تكون متضمّنة للحكم الكلّي، إلّا أنّها تصلح لاستفادة الأحكام الجزئيّة منها في الموارد الجزئية، فمثلًا قاعدة «ما يضمن» تكون صالحة لاستفادة الضمان منها في البيع الشخصي المعيّن الفاسد، وبعبارة اخرى: أنّ الفرق بينهما من باب الفرق بين الكليّة- بمعنى عدم التعلّق بالعمل بلا واسطة- والجزئيّة، بمعنى التعلّق بالعمل بلا واسطة.
وفيه: أنّ اللازم بيان الفرق بين القاعدة الاصولية والفقهيّة، وما ذكره من الجزئيّة شامل للمسألة الفقهيّة أيضاً، وبعبارة اخرى : لسنا في مقام الفرق بين القاعدة الاصوليّة والفقهيّة فقط، بل في مقام الملاك لكون القاعدة فقهيّة، وما ذكره جار في المسألة الفقهيّة، مع أنّها ليست بقاعدة فقهية، فتدبّر.
هذا مع تفسير الكليّة والجزئيّة بالمعنى الّذي ذكر على خلاف ما هو الظاهر منهما، مضافاً إلى أنّ بعض المسائل الاصوليّة قد تكون صالحاً للاستفادة الأحكام الجزئيّة كالاستصحاب، فتأمّل.
الوجه الثالث: ما ذهب إليه المحقّق الخوئي قدس سره (9) من أنّ استفادة الأحكام الشرعيّة من المسألة الاصولية يكون على نحو التوسيط والاستنباط، بخلاف القاعدة الفقهيّة، فإنّ الأحكام الشرعيّة تستفاد منها على نحو التطبيق أي تطبيق الكلّي على الجزئي.
وأشكل عليه الشهيد الصدر قدس سره (10) بإشكالين:
الإشكال الأوّل: أنّ مسألة الاستنباط موجودة في بعض القواعد الفقهيّة ولا تختصّ بالقواعد الاصوليّة، ولم يذكر قدس سره له مثالًا.
الإشكال الثاني: لو كان ملاك الفرق بينهما من هذه الجهة للزم أن يكون الخلاف بينهما ناشئاً من اختلاف كيفيّة طرح البحث في قاعدة، فمثلًا قاعدة أنّ «النهي عن الشيء هل يقتضي الفساد» لو طرحت بعنوان البحث عن الاقتضاء لكان البطلان مستنبطاً من الاقتضاء، وأمّا لو صيغت بأنّه هل العبادة المنهيّ عنها باطلة أم لا؟ فتأتي مسألة التطبيق، فهذا الإيراد يدلّنا على أنّ الفرق الجوهري بينهما شيء آخر، والاستنباط والتطبيق يكونان من آثاره.
فتبيّن أنّ هذا الوجه أيضاً غير تامّ .
الوجه الرابع: أنّ القاعدة الاصوليّة يتمّ الاستعانة بها في جميع أبواب الفقه، بخلاف القاعدة الفقهيّة .
وفيه: أنّ بعض القواعد الفقهيّة مرتبط بجميع أبواب الفقه، فمثلًا قاعدة أنّ «علل الشرع معرّفات» بناءً على كونها قاعدة فقهيّة، وأيضاً قاعدة «لا ضرر» تجري في العبادات والمعاملات والعقود والإيقاعات. نعم، بعض القواعد الفقهيّة مختصّ بباب واحد.
الوجه الخامس: ما يستفاد من كلمات السيّد المحقّق الإمام الخميني قدس سره (11) من أنّ القواعد الاصولية آليّة، بخلاف القاعدة الفقهيّة، فإنّها استقلاليّة.
وهذا الفرق متين جدّاً، ولكن لا يستفاد منه الملاك في كون القاعدة فقهيّة، فتأمّل.
الوجه السادس: أنّ الاستنتاج في القاعدة الاصولية غير متوقّف على القاعدة الفقهيّة، بخلافها، فإنّها متوقّفة على القاعدة الاصوليّة (12) .
هذا، وهنا فروق أيضاً بينهما من جهة المصدر والمدرك فيهما ...
_________________
(1) القائل هو النووي في القواعد الفقهيّة: 1/ 67.
(2) الفروق: 1/ 5- 6، خطبة المصنّف.
(3) القواعد الفقهية للندوي: 68- 69 مفصّلًا.
(4) في ص 9- 10.
(5) فرائد الاصول( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 18- 19.
(6) فوائد الاصول: 4/ 309- 310.
(7) محاضرات في اصول الفقه: 1/ 13- 14.
(8) فوائد الاصول: 1/ 19 و ج 4/ 309.
(9) محاضرات في اصول الفقه: 1/ 11.
(10) بحوث في علم الاصول: 1/ 22.
(11) تهذيب الاصول: 1/ 5- 6.
(12) الاصول العامّة للفقه المقارن: 43.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|