المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06
النضج السياسي في الوطن العربي
2024-11-06

الموسيقى ترفع البركة
4-6-2019
الاهـميـة التـاريخـية للسياسـة المـاليـة
27-6-2022
البيئة الغذائية لزراعة الأنسجة النباتية
21-11-2017
اخبر تقله
15-3-2021
حقيقة القرآن ومراتب المعرفة عند الطباطبائي
11-11-2020
On H. P. Grice’s account of meaning
2024-07-13


قاعدة « الاشتراك »  
  
365   09:55 صباحاً   التاريخ: 16-9-2016
المؤلف : آية اللَّه العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ص305 - 323.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الاشتراك - الاشتراك في التكاليف /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2016 376
التاريخ: 2024-07-27 361
التاريخ: 2024-07-27 314
التاريخ: 2024-07-27 294

وهي ... من القواعد الفقهية المعروفة، ويترتّب عليها فروع كثيرة، بل قلّ ما تخلو مسألة في الفقه من الحاجة إليها والابتناء عليها؛ إذ معظم الأدلّة لم يرد بعنوان قضية كلّية حتى تشمل الأشخاص والأزمان والأحوال، بل وردت في وقائع خاصّة دعت الحاجة المكلّفين إلى السؤال عنها، فلا عموم فيها، والمقصود منها أنّه إذا ثبت حكم لواحد من المكلّفين أو لطائفة منهم، ولم يكن هناك ما يدلّ على مدخليّة خصوصية لا تنطبق إلّا على شخص خاصّ، أو طائفة خاصّة، أو زمان خاصّ كزمان حضور الإمام عليه السلام، فالحكم مشترك بين جميع المكلّفين رجالًا ونساءً إلى يوم القيامة؛ سواء كان ثبوته بخطاب لفظي أو دليل لبّي من إجماع أو غيره، والكلام في هذه القاعدة أيضاً يقع في مقامات :

المقام الأوّل: في مدركها ومستندها، وهي امور متعدّدة:

الأوّل: الاتّفاق القطعي من الأصحاب على اشتراك الجميع في الحكم المتوجّه إلى بعض آحاد المكلّفين‏ (1)، ويشهد به استدلالهم بالخطابات الخاصّة في إثبات‏ عموم الحكم خلفاً بعد سلف، وكان هذا هو المتداول من الصدر الأوّل إلى يومنا هذا، فترى مثلًا في صحيحة زرارة المعروفة- الواردة في الاستصحاب- أنّ المفروض في موردها إصابة دم الرعاف أو شي‏ء من المني إلى ثوب زرارة (2)، والحكم الواقع في الجواب في جميع الفروض المفروضة لزرارة إنّما وقع بصورة الخطاب الشخصي متوجّهاً إلى زرارة، وهكذا في كثير من الروايات الواردة بهذه المثابة، ومع ذلك يستدلّون بها للحكم الكلّي، ولم يناقش فيه أحد منهم.

ومنه يظهر عدم ارتباط ذلك بمسألة عموم الخطابات الشفاهية وعدمه، التي هي مسألة مختلف فيها أيضاً، وسكوتهم عن التعرّض لمسألة الاشتراك وعدم إقامة الحجّة عليه، إنّما هو للإتّكال على كونه من المسلّم عندهم، بل ربّما يقال: إنّه من ضروري الدين، ولا أقلّ من كونه من ضروري الفقه.

نعم، من الواضح أنّه لو كان قيد مأخوذاً في الموضوع كقيد الاستطاعة الوارد في دليل وجوب الحج، فلا مجال لدعوى اقتضاء الاشتراك لثبوت التكليف لغير المستطيع أيضاً، كما أنّه لو احتمل اشتراط التكليف بمثل وجود الإمام أو نائبه الخاصّ، كالتكليف بوجوب صلاة الجمعة، لا مجال لدعوى كون القاعدة مقتضية للاشتراك بالإضافة إلى زمن الغيبة أيضاً.

والإنصاف تمامية هذا الدليل وثبوت الإتّفاق بل الضرورة على ذلك، وقد بلغ نقل الإجماع في ذلك- مضافاً إلى الإجماع المحصّل- إلى حدّ الاستفاضة، بل التواتر (3).

الثاني: الاستصحاب، وتقريبه أن يقال: إذا توجّه حكم إلى بعض آحاد المكلّفين أو إلى طائفة منهم، فلا شبهة في عدم الاختصاص بذلك البعض أو تلك الطائفة بالإضافة إلى الموجودين في زمان صدور الحكم من الإمام عليه السلام، بل يعمّ الموجودين قطعاً، وعليه: فالحكم ثابت في ذلك الزمان بالنسبة إلى الجميع، ومع الشك في البقاء بالنسبة إلى الموجودين بعد ذلك الزمان، يكون مقتضى الاستصحاب البقاء، وهو معنى قاعدة الاشتراك.

واورد عليه‏ أوّلًا: بأنّ الخطاب إذا كان متوجها إلى شخص خاصّ أو طائفة مخصوصة، فمن أين نعلم باتّحاد الموجودين في زمان صدور الحكم مع المخاطب أو المخاطبين؟

وثانياً: أنّه إذا كان الاتّحاد بالإضافة إلى الموجودين في ذلك الزمان معلوماً، فالإتّحاد بالإضافة إلى الموجودين في الأزمنة المتأخّرة أيضاً يكون معلوماً، لأنّه لا خصوصية لوجودهم في ذلك الزمان، ومع العلم لا يبقى مجال للاستصحاب.

وثالثاً: أنّ الاستصحاب إنّما تصل النوبة إليه لو لم تكن الأدلّة اللفظية قائمة على البقاء، ومع وجودها تكون حاكمة على الاستصحاب‏ (4).

وأنت خبير- بعد وضوح عدم كون الإيراد الثالث وارداً على الدليل؛ لأنّ كلّ دليل إنّما يلاحظ مستقلّاً ومع قطع النظر عن الدليل الآخر، وإلّا فالإجماع القطعي الذي كان دليلًا لا يبقي مجالًا للاستصحاب، مع عدم كونه دليلًا لفظيّاً- بأنّ اشتراك الموجودين في زمن الخطاب مع المخاطبين، إن كان من مصاديق قاعدة الاشتراك يكون الاستناد إليه أوّل الكلام، وإلّا فلو فرض كونه مسلّماً في نفسه وخارجاً عن قاعدة الاشتراك لا يبقى مجال للإيرادين الأوّلين.

مع أنّه يمكن تقرير الاستصحاب بنحو يكون المستصحب هو الحكم الثابت لذلك الشخص أو تلك الطائفة، فإنّه يشك في بقائه مع زواله، ومقتضى‏ الاستصحاب البقاء، ولازمه التعلّق بجميع الموجودين في الأزمنة المتأخّرة؛ إذ لا معنى للبقاء مع عدم التعلّق، كما أنّه لا معنى للبقاء مع التعلّق بواحد غير معلوم، ولا يجري فيه إمكان الترجيح، فتدبّر.

الثالث: ثبوت ارتكاز المتشرّعة حتى العوام منهم على‏ أنّ حكم اللَّه في هذه الواقعة واحد وثابت للجميع، من دون أن يكون مختصّاً بالمخاطب، وهذا الارتكاز لا محالة قد نشأ من مبدأ الوحي والرّسالة، وقد انتقل من السلف إلى الخلف، ولذا لو سأل أحد مقلّديهم من المجتهد واستفتاه في حكم موضوع، يستفيد منه المقلّد الآخر وتتعيّن وظيفته أيضاً، من دون حاجة إلى استفتاء جديد، والسؤال في الروايات إنّما كان على هذا المنوال.

فإذا قال الإمام عليه السلام في جواب زرارة- الذي سأله عن إصابة المني إلى ثوبه وقد نسيه فصلّى فيه-: أعد صلاتك مثلًا، يكون المرتكز في ذهن المتشرّعة ثبوت هذا الحكم بالإضافة إلى جميع من كان منطبقاً عليه مفروض السؤال وإن كان المخاطب بحسب اللفظ والبيان هو زرارة، وهذا لا ينافي اختصاص بعض التكاليف ببعض الطوائف أو بعض الأشخاص؛ فإنّ المراد من الاشتراك عدم اختصاص التكليف بمن توجّه الخطاب إليه.

وهذا لا ينافي كون موضوع الحكم- أي المكلّف- مقيّداً ببعض القيود أو متّصفاً ببعض الصفات، أو كونه من طائفة خاصّة أو كونه من الرجال أو من النساء؛ لأنّه ليس المراد من قاعدة الاشتراك اشتراك جميع المكلّفين؛ سواء كانوا واجدين لقيود موضوع الحكم أم لم يكونوا واجدين لها، فالاشتراك في تكليف الحج مرجعه إلى ثبوت وجوبه لكلّ مستطيع، لا وجوبه على الكلّ، مستطيعاً كان أم لم يكن، كما مرّ في الدليل الأوّل.

الرّابع: أنّه قد ثبت في محلّه بمقتضى الأخبار وتسلّم الأخيار أنّه لا يخلو شي‏ء من الوقائع المبتلى بها عن حكم من الأحكام الإلهيّة، فإذا ثبت حكم لأحد مثل زرارة في المثال المتقدّم، فاللازم الحكم بثبوته لغيره ممّن هو مثله في الجهات الراجعة إلى الحكم؛ إذ مع عدم ثبوته لغيره لابدّ إمّا من الالتزام بخلوّ نفس هذه الواقعة بالإضافة إلى غيره عن الحكم، فينافي مع ما دلّت عليه الأخبار والتزم به الأخيار، وإمّا من الالتزام بجعل مثله بالنسبة إلى الغير بجعل مستقلّ جديد، والمفروض أنّه لا دليل على هذا الجعل؛ إذ الفرض أنّ الدليل في المسألة منحصر بما ورد في قصّة زرارة مثلًا، ولا دليل على جعل آخر بنحو العموم كما لا يخفى.

والظاهر أنّه إلى هذا الدليل ينظر كلام بعض المحققين، حيث إنّه يقول في ما حكي عنه: والقول بأنّ الكون في زمان النبي صلى الله عليه و آله دخيل في اتّحاد الصنف الذي هو شرط شمول الخطابات، هدم لأساس الشريعة؛ وذلك من جهة أنّ الأحكام إن كانت مخصوصة بالحاضرين في مجلس النبيّ صلى الله عليه و آله المخاطبين، أو مطلق الموجودين في ذلك الزمان فقط، فانتهى‏ أمر الدين- العياذ باللَّه- وتكون الناس بعد ذلك كالبهائم والمجانين. وهذا أمر باطل بالضرورة؛ لأنّه يوجب هدم أساس الدين.

فإدّعاء الضرورة على اشتراك الجميع في التكاليف لا بعد فيه، بل هو كذلك‏ (5).

الخامس: دلالة نفس الأدلّة اللفظية الواردة في موارد خاصّة على العموم، بحسب المتفاهم العرفي والظهور العقلائي المعتبر في باب دلالة الألفاظ، فإذا سأل سائل عن حكم رجل شك في الصلاة بين الثلاث والأربع، لا ينسبق إلى أذهان العرف إلّا كون مورد السؤال نفس الشك بين الثلاث والأربع، من دون أن يكون للرّجولية خصوصية في ذلك، ولذا يجرى الجواب المتصدّي لبيان الحكم في النساء أيضاً، وفي مثال زرارة المتقدم يكون المتفاهم العرفي من سؤال زرارة هو إصابة ثوب المكلّف وملاقاة الدم أو شي‏ء من المني له، لا إصابة شي‏ء من ذلك إلى ثوب زرارة وإن كان الثوب مضافاً إليه، ففي الحقيقة يكون مقتضى هذا الدليل عموم نفس ذلك الدليل اللفظي، وعدم كون الخصوصية دخيلة بنظر العرف والعقلاء أصلًا.

السادس: ما ربّما يقال من تنقيح المناط القطعي؛ نظراً إلى أنّ الأحكام التابعة للمفاسد والمصالح النفس الأمريّة لا تختلف بحسب أفراد المكلّفين؛ للزوم دفع المضرّة وجلب المنفعة اللازمة على الكل.

ودعوى أنّ المفروض تبعيّتها للوجوه والاعتبارات ولعلّ للخصوصية مدخلية، مدفوعة بأنّ المراد بالوجوه والاعتبار ما عدا خصوصيات المكلّفين من حيث هم كذلك؛ لأنّها أشخاص مختلفة لا يدور مدارها الامور نفس الأمرية، بل مدارها على المفاهيم العامّة، كالمريض والصحيح، والمسافر والحاضر، ونحو ذلك من الصفات اللاحقة للمكلّفين أو العارضة للأفعال. وأمّا مع إتّحاد ذلك فخصوص زيد وعمرو لا دخل له في ذلك.

ودعوى انتقاضه بخصائص النبيّ صلى الله عليه و آله، مدفوعة بعدم كون الخصائص لشخصه، بل إنّما هو لعنوان كلّي، غاية الأمر انحصار ذلك العنوان في فرد واحد ومصداق فارد، ويؤيّد هذا الدليل طريقة العقلاء؛ فإنّهم إذا رأوا رجلًا فعل فعلًا فتضرّر به، أو فعل فعلًا فانتفع به؛ فإنّهم يجتنبون عن الأوّل ويرتكبون الثاني، ولا يلتفتون إلى احتمال الخصوصية أصلًا (6).

السابع: الرّوايات الواردة في المقام الدالّة على اشتراك أحكام اللَّه تبارك وتعالى بين الكلّ، وعدم مدخلية خصوصية الأشخاص والعوارض المشخصّة لهم، ككونه أباً لفلان أو إبناً له، أو لونه كذا، أو قبيلته فلان، أو سنّه كذا، أو حرفته‏ كذا أو علمه كذا، وأمثال ذلك، وهي كثيرة :

منها: ما رواه في ‏الوسائل عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في حديث طويل في كتاب الجهاد، في باب من يجوز له جمع العساكر والخروج بها إلى الجهاد، قال عليه السلام فيه بعد كلام طويل في شرائط من يتصدّي لجمع العساكر للجهاد: لأنّ حكم اللَّه- عزّ وجلّ- في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء، إلّا من علّة أو حادث يكون، والأوّلون والآخرون أيضاً في ‏منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عمّا يسأل عنه الأوّلون، ويحاسبون عمّا به يحاسبون‏ (7).

ومنها: النبوي المشهور: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة (8)، وظهوره في الاشتراك- بعد كون المراد بالجماعة هو العموم لا جماعة خاصّة- إنّما هو بلحاظ أنّ الظاهر منه أنّ حكمي الذي هو حكم اللَّه على أحدكم لأجل كونه مخاطباً أو مورداً، لا يختصّ بذلك المخاطب أو ذلك المورد، بل يعمّ الجميع، فدلالته على الاشتراك ظاهرة.

ومنها: قوله عليه السلام في الخبر المشهور: حلال محمد صلى الله عليه و آله حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة (9)، وتقريب دلالته- بعد وضوح أنّ‏ المراد بالإضافة هو حلال اللَّه وحرامه، وإضافته إلى النبيّ صلى الله عليه و آله إنّما هي بلحاظ كونه واسطة في الوحي ومبلّغاً لأحكام اللَّه تعالى، وبعد وضوح أنّ المراد ليس خصوص الحلال والحرام من بين الأحكام، بل المقصود جميع الأحكام الإلهية والقوانين السّماوية- أنّ بقاء الأحكام إلى يوم القيامة مرجعه إلى عدم الاختصاص بزمان ولا بشخص أو طائفة، ضرورة أنّه إذا كان جميع الأزمنة متساوية من حيث الحكم، فلا محالة يشترك جميع المكلّفين فيه، ومعناه تساوي الأوّلين والآخرين في ذلك، فإذا كان هذا التساوي ثابتاً، فالتساوي في زمن صدور الحكم بين المخاطب وغيره يكون بطريق أولى، بل يستفاد من الرواية مفروغيته.

ومنها: قوله صلى الله عليه و آله: فليبلّغ الشاهد الغائب‏ (10)، فإنّ إيجاب تبليغ الشاهد الغائب لا يكون له وجه إلّا اشتراكهما في ثبوت الحكم وتحقّق التكليف؛ لأنّه لا مجال له مع عدم الاشتراك، وإطلاق الغائب ينفي خصوص جماعة من الغائبين، بل يشمل الغائب المعدوم في زمن الخطاب الموجود بعده أيضاً.

ومنها: قوله صلى الله عليه و آله: اوصي الشاهد من امّتي والغائب منهم، ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة، أن يصل الرّحم‏ (11)، ومن الواضح أنّه لا خصوصية لصلة الرحم من بين الأحكام. ودعوى أنّ التصريح بالاشتراك في‏ خصوص صلة الرحم لعلّه كان لأجل خصوصيّة فيه دون غيره، مدفوعة بوضوح خلافها.

ومنها: غير ذلك من الروايات التي يستفاد منها الاشتراك، كالروايات الواردة في إرجاع الناس إلى جماعة من الرواة ونقلة الحديث، كزرارة (12)، وزكريّا ابن آدم‏ (13)، ويونس بن عبد الرحمن‏ (14)، وأمثالهم‏ (15)؛ فإنّ هذا الإرجاع لا يكاد يصحّ إلّا مع كون الحكم الذي تعلّمه الراوي من الإمام عليه السلام وأخذه منه مشتركاً بين العموم، وإلّا فلو كان الحكم في مثال زرارة المتقدّم منحصراً به؛ باعتبار كونه المخاطب بالإعادة مثلًا، لما كان وجه لإرجاع النّاس إليه.

ودعوى كون الإرجاع محدوداً بالأحكام الخالية عن الخطاب، المتعلّقة بالعناوين العامّة، مدفوعة بوضوح عدم محدوديّة دائرة الإرجاع، ضرورة أنّه إذا رجع مكلّف إلى زرارة في المثال المتقدّم لما كان زرارة آبياً عن جوابه نظراً إلى كونه المخاطب، كما لا يخفى.

الثامن: ما جعله المحقق البجنوردي قدس سره وجهاً وجيهاً، وما هو التحقيق عنده، وملخّصه: أنّ جعل الأحكام من الأزل على الموضوعات المقدّرة الوجود على نحو القضايا الحقيقيّة، وليس من قبيل القضايا الخارجيّة حتى تكون تسريته إلى غير الحاضرين في مجلس الخطاب، أو غير الموجودين في ذلك الزمان بدليل الاشتراك، بل شموله للحاضرين والغائبين والمعدومين على نسق واحد.

كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية الكلية؛ سواء كان إخباراً أو إنشاءً، فقول اللَّه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] ، في قوّة أن يقال بصورة الجملة الخبريّة: «كلّ إنسان مستطيع يجب عليه الحجّ»، يشمل الموجودين والمعدومين في عرض واحد.

وبعبارة اخرى: حيث إنّ اللَّه- تعالى- عالم في الأزل بوجود المصلحة الملزمة في الفعل الفلاني الصادر من شخص متّصف بكذا وكذا. وهذا العلم علّة لجعل الوجوب متعلّقاً به- فلا محالة يحصل الجعل، فيكون الفعل واجباً على كلّ شخص كان مصداقاً لذلك العنوان مع القيود المأخوذة فيه، ونسبة الحكم إلى جميع المصاديق في عرض واحد، ولو كان بين أفراد ذلك الموضوع تقدّم وتأخّر بحسب الوجود- إلى أن قال:- فلا يبقى محلّ ومجال لدليل الاشتراك.

وفي الحقيقة هذا الوجه يوجب هدم هذه القاعدة، ولا يبقى معه احتياج إلى تلك القاعدة (16).

أقول: قد مرّت الإشارة إلى أنّ مورد قاعدة الاشتراك ما إذا لم يكن بيان الحكم بصورة القضية الحقيقية، أو بما يرجع إليها، مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].

فإن كان مراده أنّ بيان جميع الأحكام إنّما يكون بهذه الصورة حتى مثل قوله عليه السلام: «أعد» مخاطباً لزرارة في المثال المتقدّم، بحيث كان مرجعه إلى أنّ الحكم في مثله إنّما يكون بنحو كلّي وبهذه الصورة، فيدفعه وضوح خلافه، بل إنّما نرى الاختلاف بين الرجال والنساء في كثير من الأحكام، وهذا لا ينافي ما تقدّم منّا من إلغاء الخصوصيّة في مثله‏، فتدبرّ.

وإن كان مراده أنّه لا مجال لدليل الاشتراك فيما إذا كان بيان الحكم بصورة القضيّة الحقيقيّة، فهذا لا ينافي ثبوت القاعدة في غير هذه الصورة، كما في مثال زرارة المتقدّم‏ .

التاسع: مفهوم ما دلّ على الاختصاص في بعض المقامات؛ كقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] ، والنصوص في أنّ الرجل يفعل كذا، والمرأة تفعل كذا؛ فإنّها دالّة على أنّ غير ما نصّ فيه على الاختصاص شامل للعموم.

فانقدح من جميع ما ذكرنا في هذا المقام ثبوت المستند بل المستندات لقاعدة الاشتراك، وأنّه لا مجال للخدشة فيها من حيث المدرك بوجه.

المقام الثاني: في مُفاد قاعدة الاشتراك والمراد منها، وقد مرّت الإشارة إليه مراراً، ولمزيد التوضيح نقول: إنّ محلّ الاستفادة من القاعدة ما إذا توجّه حكم إلى شخص أو طائفة بحيث كان المخاطب في بيان الحكم وثبوته هو ذلك الشخص أو الطائفة، ولا يشمل دليل الحكم بحسب الدّلالة اللفظية غيرهما، فدليل الاشتراك يوجب التعميم وإثبات الحكم لكلّ من كان مصداقاً لما اخذ موضوعاً لذلك الحكم؛ يعني كان متّحد الصنف مع ذلك الشخص أو تلك الطائفة، كما في مثال زرارة الذي مرّت الإشارة إليه مراراً.

وأمّا لو كان الحكم مبيّناً بصورة القضية الحقيقية أو بما يرجع إليها، فلا مجال لقاعدة الاشتراك؛ لشمول الدليل بحسب الدلالة اللفظية للمعدومين كما يشمل الموجودين، فقوله تعالى: وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، كما يدلّ على وجوب الحجّ على المستطيع الموجود في زمان نزول الآية وصدور الحكم، كذلك يدلّ على وجوبه على المستطيع الذي يوجد بعداً، والدلالة عليه في عرض الدلالة على الأوّل، وفي مثله لا حاجة إلى قاعدة الاشتراك أصلًا.

المقام الثالث: في موارد تطبيق هذه القاعدة، وقد ذكرنا أنّ موارد تطبيقها كثيرة جدّاً، وأنّ هذه القاعدة مورد للحاجة في جميع أبواب الفقه؛ من أوّل كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديات؛ فإنّه ما من مسألة إلّا وقد وردت فيها رواية أو روايات يكون موردها أو المخاطب فيها شخصاً أو طائفة، وتحتاج تسرية الحكم إلى قاعدة الاشتراك، مثل صحيحة زرارة الواردة في باب الاستصحاب المستدلّ بها على حجية الاستصحاب؛ فإنّ موردها والمخاطب فيها زرارة، وقد وقع فيها التعبير بقوله عليه السلام: لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ، وترى مثله في أكثر أبواب الفقه، ولا يبعد أن يقال بابتناء الفقه على هذه القاعدة؛ لأنّ بيان الحكم بصورة القضيّة الحقيقية أو بما يرجع إليها لا يبلغ من الكثرة مقدار موارد قاعدة الاشتراك، كما يظهر بالمراجعة إلى الكتب الفقهية الاستدلاليّة والأحاديث الواردة في المسائل الفقهيّة، فراجع.

المقام الرابع: في بيان الموارد التي قيل بانخرام القاعدة فيها، وهي متعدّدة:

منها: مسألة الظهر والبطن في الوضوء للرجل و المرأة؛ فإنّه يستحبّ على الرجل صبّ الماء ابتداءً على ظهر اليد، وعلى المرأة صبّه كذلك على بطنها، وقد ورد فيه رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: فرض اللَّه على النساء في الوضوء للصلاة أن يبتدأن بباطن أذرعهنّ، وفي الرجال بظاهر الذراع‏ (17).

ومنها: مسألة الستر الواجب شرطاً في الصلاة، فإنّه يجب على الرجل ستر العورتين فقط، وعلى المرأة ستر تمام البدن، ما عدا الوجه والكفين والقدمين، وقد وردت فيه روايات متعدّدة يستفاد منها التفصيل بهذه الكيفية (18)، وهكذا الستر الواجب نفسيّاً وإن كان بعض المستثنيات للمرأة محلّ مناقشة وإشكال.

ومنها: مسألة الجهر والإخفات، فإنّه يتعيّن على الرّجل الجهر في الصلوات الجهرية، وعلى المرأة الإخفات فيها، ولا أقلّ من عدم تعيّن الجهر عليها.

ومنها: مسألة لبس الذهب والحرير؛ فإنّه لا يجوز للرجال مطلقاً لا في حال الصلاة ولا في غيرها، بخلاف النساء، فإنّه يجوز لبسهنّ لهما مطلقاً.

ومنها: غير ذلك من الموارد الكثيرة، مثل كيفيات قيامها وقعودها في الصلاة، وجواز لبس المخيط في الإحرام، وعدم وجوب الجهاد ابتداءً عليها، وقبول توبتها إذا كانت مرتدّة عن فطرة، وعدم الجزّ والتغريب عليها في باب الزّنا، وعدم جواز إمامتها للرجال، وعدم رجحان خروجها إلى المسجد، وعدم وجوب الجمعة عليها، وتحريم لبس ما يستر ظهر القدم والتظليل في الإحرام للرجل دون المرأة، وإفاضتها من المشعر قبل الفجر، وغير ذلك من الموارد.

هذا، والظاهر أنّ خروج هذه الموارد عن قاعدة الاشتراك ليس بنحو التخصيص حتى يوجب انخرام القاعدة، بل بنحو التخصّص الذي مرجعه إلى عدم كونه داخلًا في القاعدة من الأوّل؛ ضرورة أنّ موردها كما عرفت مراراً ما إذا ورد حكم في مورد أو خطاب إلى شخص أو طائفة، ولم يقم دليل على الاختصاص ولا على عدمه، وكان غير ذلك المورد أو غير ذلك الشخص أو الطائفة متّحداً معه في‏ الجهات والخصوصيات، فمقتضى قاعدة الاشتراك هو العموم والشمول.

وأمّا لو كان الدليل بنفسه دالّاً على الاختصاص فلا مجال لقاعدة الاشتراك، فإذا دلّ الدليل على الفرق بين الرجل والمرأة في الجهر والإخفات، وفي الستر الواجب نفساً أو شرطاً، وكذا في باب الوضوء وحدّ الزنا ومثلها، فلا يكون مثله مورداً للقاعدة حتى يكون خارجاً عنها، أفهل يمكن أن يقال بأنّ المسافر والحاضر خارجان عن القاعدة تخصيصاً؟ أو المستطيع وغير المستطيع في باب الحجّ أو العناوين التسعة المرفوعة في حديث الرفع‏ (19)، فهل رفع الحرمة عن شرب الخمر الواقع إكراهاً قد خرج عن القاعدة كذلك؟ من الواضح خلافه؛ فإنّ قيام الدليل على اختصاص حكم بعنوان يوجب خروجه عن مجرى القاعدة تخصّصاً، فالظاهر عدم انخرام القاعدة في شي‏ء من الموارد.

خاتمة: قال صاحب العناوين : إنّ فقهاءنا قد يمنعون إجراء حكم صدر في واقعة في غيرها، ويقولون: إنّه قضية في واقعة.

وتحقيق القول فيه: أنّ القضايا الواقعة في مقاماتٍ خاصةٍ إن كانت عناوينها معلومة من لفظ المعصوم أو السائل الذي اجيب عنه فهو متّبع، يطّرد الحكم في مقاماتها كافّة؛ لما مرّ من القاعدة- يعني قاعدة الاشتراك- إلّا إذا عارض ذلك دليل أقوى منه، فيأوّل بأحد التأويلات- ومنها: احتمال الخصوصية في ذلك- وإن كان خلاف الظاهر، وأمّا بدونه فلا وجه لردّه بأنّه قضية في واقعة.

نعم، لو نقله ناقل شاهَدَ الواقعة- كما في قضايا أمير المؤمنين عليه السلام- فهناك محلّ البحث، يحتمل أن يقال: إنّه يعمّ الجميع اتباعاً للفظ الناقل وعنوانه الذي عبّر به، لأصالة عدم مدخلية شي‏ء آخر في ذلك، ويحتمل القول بالمنع؛ لأنّ الناقل لا يتمكّن غالباً من الالتفات إلى كلّ ما له مدخل في ذلك الحكم، فيتخيّل عدم مدخلية شي‏ء سوى ما ذكره.

والذي أراه الوجه الأوّل ما لم يعارضه معارض أقوى؛ لأنّ الثقة لا يعلّق الحكم على موضوع إلّامع فهمه كونه المناط في ذلك، ولا يجوز له التعبير بالأعمّ إذا احتمل إرادة الخصوصية، فينحلّ في الحقيقة إلى الإخبار بنوع الواقعة وحكمها، وخبر الثقة حجّة في ذلك.

ولعلّ قولهم: «إنّه قضيّة في واقعة»، إنّما هو مع قوّة المعارض، كما يشهد به تتبع كتب الفاضل العلّامة- أعلى اللَّه مقامه- وشيخنا الشهيد- قدّس روحه السّعيد- وإلّا فقد تراهم يتمسّكون بالوقائع الخاصّة لعموم الحكم في الحدود والتعزيرات كثيراً، وفي غيرها كذلك. واحتمال فهمهم من ذلك عدم الخصوصية بعيد جدّاً (20).

ومحصّله: أنّ حمل الحكم على كونه في واقعة خاصّة أو على أنّ القضية شخصية إنّما هو في صورة وجود المعارض الأقوى، ومن الواضح أنّ هذه الصورة خارجة عن مجرى قاعدة الاشتراك، كما عرفت.

هذا تمام الكلام في قاعدة الاشتراك.

_____________

( 1) العناوين: 1/ 23، القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 2/ 54.

( 2) تهذيب الأحكام: 1/ 421 ح 1335، الاستبصار: 1/ 183 ح 641، علل الشرائع: 361 ب 80 ح 1، وعنها وسائل الشيعة: 3/ 466، كتاب الطهارة ب 37 ح 1 و ص 477 ب 41 ح 1.

( 3) يراجع العناوين: 1/ 23.

( 4) القواعد الفقهيّة للمحقق البجنوردي: 2/ 54.

( 5) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 2/ 56.

( 6) العناوين: 1/ 24.

( 7) الكافي: 5/ 18 قطعة من ح 1، تهذيب الأحكام: 6/ 133 قطعة من ح 224، وعنهما وسائل الشيعة: 15/ 39، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ ب 9 قطعة من ح 1.

( 8) عوالي اللئالي: 1/ 456 ح 197، وعنه بحار الأنوار: 2/ 272 ح 4، ورواه السيوطي في الدرر المنتثرة في ‏الأحاديث المشتهرة: 67 ح 199.

( 9) الكافي: 1/ 58 ح 19، وأخرجه في وسائل الشيعة: 27/ 169، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 12 ح 52 والبحار: 2/ 260 ح 17 و ج 74/ 280 ح 7 عن كنز الفوائد للكراجكي: 1/ 352، وفي ج 11/ 56 ح 55 عن المحاسن: 1/ 420 ح 963، وفي ج 16/ 353- 354 ح 38 عن الكافي: 2/ 17 ح 2، وفي ج 68/ 326 ح 2 عن المحاسن والكافي، وفي ج 47/ 35 ملحق ح 33 عن كشف الغمّة: 2/ 197، وفي ج 93/ 3 عن رسالة المحكم والمتشابه نقلًا عن تفسير النعماني، المطبوع مع جامع الأخبار والاثار: 3/ 64

( 10) كتاب سليم بن قيس: 205، وعنها بحار الأنوار: 22/ 150 ذ ح 142، وفي ص 478 ح 27 عن الطرف: 20، الطرفة الحادية عشرة، وفي ج 10/ 143، قطعة من ح 5 و ج 44/ 63 قطعة من ح 12 عن أمالي الطوسي: 560 و 566 قطعة من ح 1173 و 1174، وفي ج 28/ 206 ح 6 و ج 38/ 173 قطعة من ح 1 عن الخصال: 371 قطعة من ح 85، وفي ج 28/ 263 قطعة من ح 45 عن كتاب سليم بن قيس: 30 والاحتجاج: 1/ 205. ورواه في الكافي: 8/ 344 ح 541.

( 11) الكافي: 2/ 151 ح 5، وعنه البحار: 74/ 114 ح 73، وفي ص 105 ح 68 عن عدّة الداعي: 90، وفي‏ مستدرك الوسائل: 15/ 236 ح 18107 عن مشكاة الأنوار: 287 ح 863.

( 12) اختيار معرفة الرجال، المعروف برجال الكشي: 133 رقم 211 و ص 135 رقم 216، وعنه وسائل ‏الشيعة: 27/ 143، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 11 ح 17 و 19.

( 13) اختيار معرفة الرجال، المعروف برجال الكشي: 594 رقم 1112، وعنه وسائل الشيعة: 27/ 146، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 11 ح 27.

( 14) اختيار معرفة الرجال، المعروف برجال الكشي: 490 رقم 935، وعنه وسائل الشيعة: 27/ 147، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 11 ح 33.

( 15) اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي: 171 رقم 291، وعنه وسائل الشيعة: 27/ 142، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب 11 ح 15.

( 16) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 2/ 62- 63.

( 17) الكافي: 3/ 28 ح 6، تهذيب الأحكام 1:/ 76 ح 193، وعنهما وسائل الشيعة: 1/ 466، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء ب 40 ح 1.

( 18) وسائل الشيعة: 2/ 34، كتاب الطهارة، أبواب آداب الحمام ب 4 و ج 4/ 405، كتاب الصلاة، أبواب ‏لباس المصلّي ب 28.

( 19) التوحيد: 353 ح 24، الخصال: 417 ح 9، الكافي: 2/ 335 ح 2، الفقيه 1/ 36 ح 132، وعنها وسائل ‏الشيعة: 7/ 293، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2، و ج 8/ 249، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 30 ح 2، و ج 15/ 369 و 370، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب 56 ح 1 و 3.

( 20) العناوين: 1/ 28- 29.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.