أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016
254
التاريخ: 15-9-2016
204
التاريخ: 14-9-2016
224
التاريخ: 14-9-2016
205
|
وهي من القواعد التي قد يقع الخلط بينها وبين الاستصحاب ، ولهذا تصدّى الاصوليون لبيان الفرق بينهما.
ولعلّ منشأ الخلط بينهما هو ما يقال من تقوّم كلّ من قاعدة اليقين والاستصحاب باليقين والشك وانّ متعلّق اليقين والشك في كل من القاعدتين يكون واحدا وانّ متعلّق اليقين فيهما يكون سابقا على متعلّق الشك إلاّ انّه مع ذلك هناك فرق جوهري بين القاعدتين وهو انّ الشك في قاعدة اليقين يكون من نحو الشك الساري ، وهذا بخلاف الشك في قاعدة الاستصحاب فإنّه يكون من نحو الشك الطارئ ، فالفرق بين نحوي الشك هو المائز الأساسي بين القاعدتين.
وبيان ذلك : انّ الشك في مورد الاستصحاب وان كان يتعلّق بعين ما تعلّق به اليقين إلاّ انّ جهة الشك في متعلّق اليقين انّما هو البقاء والاستمرار ، أمّا أصل الحدوث فيظلّ على حاله متيقّنا ، بمعنى انّ الشك لا يوجب زوال أصل اليقين بحدوث الحادث ، نعم هو يوجب التردّد في بقاء
واستمرار وجوده.
مثلا : لو كنا على يقين بعدالة زيد يوم الجمعة ثمّ وقع الشك في بقاء العدالة ليوم السبت مع انحفاظ اليقين بعدالته يوم الجمعة فإنّ هذا الفرض هو مورد الاستصحاب ، لأنّ جهة الشك في متعلّق اليقين هي بقاؤه واستمراره ، فمتعلّق اليقين والشك وان كان واحدا والذي هو « عدالة زيد » إلاّ انّ حيثيّة الشكّ مباينة لحيثيّة اليقين ، ثمّ انّ حيثيّة الشك لمّا كانت هي البقاء والاستمرار فهذا يعني انّ الشكّ في متعلّق اليقين يكون متأخرا زمانا عن اليقين بالمتعلّق ، إذ لا معنى للشكّ في بقاء المتعلّق ما لم يكن المتعلّق متيقّنا في رتبة سابقة.
ولهذا قالوا انّ الاستصحاب هو ما كان متعلّق اليقين والشك فيه متّحدا ذاتا ومتغايرا زمانا إلاّ انّ ذلك لا يعني لزوم تقدّم حالة اليقين بالحادث على الشك فيه ، فقد تكون كذلك وقد تكون الحالتين متزامنتين كما قد تكون حالة الشك متقدّمة على حالة اليقين ، فالمناط في جريان الاستصحاب هو أن يكون الحادث متيقّنا في زمن سابق ويكون مشكوكا في زمن لا حق أمّا أنّ اليقين يكون متقدّما أو متأخّرا أو مقارنا فهذا ما لا دخل له في قوام الاستصحاب وبما ذكرناه يتّضح انّ الشك في مورد الاستصحاب انّما هو الشك الطارئ على الحادث المتيقّن والذي لا يوجب زوال اليقين بأصل الحدوث وانّما يوجب التردّد في بقاء وجود الحادث واستمراره. ثمّ انّه يمكن أن يقال ان متعلّق اليقين ومتعلّق الشك في مورد الاستصحاب متباينان بالنظر الدقي ، وذلك بأن يقال انّ متعلّق اليقين هو أصل الحدوث ومتعلّق الشك هو البقاء والاستمرار ، وأصل الحدوث غير بقائه واستمراره ، وبهذا لا يكون اليقين والشكّ متواردين على متعلّق واحد.
وأمّا الشك في مورد قاعدة اليقين فهو من نحو الشك الساري والذي يسري لنفس متعلّق اليقين بالحادث ويوجب زوال اليقين عنه وانعدامه وتبدّله الى الشك ، فاليقين والشكّ يتواردان على متعلّق واحد ويكون زمانهما متّحدا ، نعم تكون حالة اليقين في مورد القاعدة متقدّمة على حالة الشك.
مثلا : لو كنّا على يقين من عدالة زيد يوم الجمعة ثمّ وقع الشك في أصل اشتماله على العدالة في يوم الجمعة ، بمعنى تبدّل اليقين بالعدالة الى الشك فيها ، فالشكّ في مورد القاعدة يسرى لنفس اليقين ويطرده عن المتعلّق ويحلّ محلّه ، وهذا هو معنى الاتحاد الذاتي بين متعلّق اليقين والشك والاتّحاد الزماني في مورد قاعدة اليقين ، إذ انّ متعلّقهما هو العدالة في المثال وزمانهما واحد وهو يوم الجمعة ، غايته انّ حالة اليقين نشأت قبل حالة الشك.
وبهذا اتّضح الفرق بين موردي قاعدة اليقين وقاعدة الاستصحاب. هذا وقد ذكر السيّد الصدر رحمه الله فرقا آخر بين القاعدتين يتّصل بمنشإ اعتبار القاعدتين بنظر العقلاء.
فالاستصحاب لو كان من الأمارات العقلائيّة فإنّ منشأ اعتباره هو ما يقتضيه طبع وجود الحادث من البقاء والاستمرار ، فإنّ هذا الطبع التكويني ينتج وثوقا لدى العقلاء ببقاء ما وقع وان زواله بعد حدوثه خلاف ما يقتضيه طبع الحادث.
وأمّا منشأ اعتبار قاعدة اليقين فهو انّ اليقين عادة ما يكون مطابقا للواقع وانّ اتفاق الخطأ في حالات اليقين نادرة ، وهذا ما يوجب البناء على واقعيّة متعلّق اليقين ـ وان عرضه الشك بعد ذلك ـ اعتماد على أقربيّة اليقين للواقع.
إذن فملاك اعتبار الاستصحاب يختلف عن ملاك اعتبار قاعدة اليقين ، فملاك الأوّل هو ما يقتضيه طبع الحادث من البقاء والاستمرار ، وملاك الثاني هو أقربيّة اليقين للواقع.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|