أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016
396
التاريخ: 8-9-2016
325
التاريخ: 22-5-2019
360
التاريخ: 9-9-2016
270
|
يمكن ان يراد من الاستحباب في المقام الاستحباب الطريقي ، بمعنى انّ الأمر به نشأ عن تعلّق إرادة المولى بالتحفّظ على الأحكام الواقعية ، فالاحتياط ليس مطلوبا للمولى بنفسه بل انّ مطلوبيته باعتباره وسيلة للتحفّظ على الأحكام الواقعية.
ويمكن ان يراد من استحباب الاحتياط الاستحباب النفسي ، بمعنى انّ إرادة المولى قد تعلّقت بنفس الاحتياط وبقطع النظر عما يترتّب عليه من التحفّظ على الواقع.
ويمكن ان يكون الاحتياط مستحبا بالاستحباب الطريقي وكذلك النفسي كما مال الى ذلك السيد الصدر رحمه الله.
وكيف كان فمشهور الاصوليين ذهبوا الى استحباب الاحتياط ، وذلك للروايات الكثيرة الآمرة بالاحتياط ، ولمّا كان حملها على الوجوب يواجه مجموعة من الإشكالات فإنّ المتعين حينئذ حملها على الاستحباب ، إلاّ انّه في مقابل هذه الدعوى ادعى البعض استحالة الاستحباب المولوي للاحتياط ، ولذلك لا بدّ من حمل الروايات الآمرة بالاحتياط على انّها أوامر إرشادية بمعنى انّها متصدية للتنبيه على ما يدركه العقل من حسن الاحتياط.
واستدلّ لهذه الدعوى بدليلين :
الأول : انّه يلزم من جعل الاستحباب المولوي للاحتياط اللغوية ، وذلك لانّه إن كان الغرض من جعل الاستحباب هو بعث المكلّف نحو الاحتياط فهذا تحصيل للحاصل ، إذ انّ إدراك العقل لحسن الاحتياط وحسن التحفّظ على الاوامر المولوية الواقعية المحتملة كاف في بعث المكلّف نحو الاحتياط فلا مبرّر لجعل الاستحباب ، مما يعبّر عن انّ غرض الاوامر الباعثة نحو الاحتياط هو الإرشاد الى الحكم العقلي.
وقد أجاب الأعلام عن هذا الدليل بما حاصله :
انه قد يفترض انّ الأمر بالاحتياط مولويا ومفيدا للاستحباب ومع ذلك لا تلزم اللغويّة ، وذلك فيما لو كان الاستحباب نفسيا أي مطلوب بنفسه للمولى لكونه موجبا لتأكيد التقوى وترويض النفس على الطاعة وهذا الملاك بنفسه مطلوب للمولى وبقطع النظر على متعلّق الاحتياط ، وحينئذ يكون الباعث العقلي مؤكدا بالباعث المولوي فلا يكون الباعث المولوي تحصيلا للحاصل.
ثم انّه لو فرض انّ استحباب الاحتياط طريقي فلا يلزم منه اللغوية أيضا ، وذلك لانّه حينئذ يكشف عن تعلّق إرادة المولى بالتحفظ على الواقع ولو بنحو الإرادة الغير الملزمة ، وهذا ما يمنع من تهاون المكلّف بالتكاليف الواقعية المحتملة بدعوى انّها موهومة وانّ التحفظ عليها من الوسوسة كما ربما ينقدح ذلك في بعض الأذهان ، فيكون استحباب الاحتياط نافيا لهذه الدعوى ومؤكدا لما يحكم به العقل من حسن التحفظ على الواقع ـ وهذا الجواب ملفق من كلام المحقق النائيني رحمه الله والسيد الصدر رحمه الله.
الدليل الثاني : انّ حكم العقل بحسن الاحتياط واقع في سلسلة معلومات الحكم الشرعي وكلما كان الحكم العقلي واقعا في سلسلة معلومات الاحكام الشرعية فإنّ الامر به من قبل الشارع يكون إرشاديا ، هذا ما أفاده المحقق النائيني ، وبيانه :
ان حكم العقل بحسن الاحتياط معناه إدراك العقل لحسن التحفظ على الاوامر الواقعية المجهولة ، فهو إذن مترتب على وجود الأحكام الشرعية فما لم يكن في الواقع أحكام شرعية فإنّ العقل لا يحكم بحسن الاحتياط ، إذ لا أوامر في الواقع حتى يحكم العقل بحسن التحفّظ عليها ، إذن حكم العقل بحسن الاحتياط معلول لوجود الاحكام الواقعية ، وكلّما كان كذلك فالأمر من الشارع بما يقتضيه الحكم العقلي لا يكون مولويا.
ولتوضيح المطلب أكثر نمثّل بهذه الآية الشريفة وهي قوله تعالى ( أَطِيعُوا اللهَ ) فإنّ الأمر فيها لا بدّ من حمله على الإرشاد لما يدركه العقل من لزوم طاعة المولى جلّ وعلا ، ومنشأ ذلك هو انّ حكم العقل بلزوم طاعة المولى جلّ وعلا واقع في رتبة المعلول للأحكام الشرعية ، فلو لم يكن هناك أحكام شرعية فإنّ العقل لا يدرك لزوم طاعة المولى ، إذ المفترض انّ لا أوامر للمولى حتى يدرك العقل لزوم طاعتها ، إذن إدراك العقل للزوم الطاعة معلول لوجود الأوامر الشرعية او قل واقع في سلسلة معلولات الاوامر الشرعية ، وحينئذ يكون الأمر بطاعة هذه الاوامر إرشاديا وإلاّ لزم التسلسل ، إذ ما هو الملزم لطاعة المولى بأمره بالطاعة ، فإن كان الملزم هو أمر آخر للمولى ينسحب الكلام لذلك وهكذا ، أما لو كان القاضي بلزوم الطاعة هو العقل فإنّ التسلسل لا يلزم ، إذ انّ ثمة أوامر شرعية يدرك العقل لزوم طاعتها.
وبهذا يثبت انّ الأمر الصادر من الشارع إذا كان متناسبا مع ما يقتضيه الحكم العقلي وكان ذلك الحكم واقعا في رتبة المعلول للحكم الشرعي فإنّ المتعين هو حمل الأمر الصادر عن الشارع على الإرشادية ، والمقام من هذا القبيل ، إذ انّ الأمر بالاحتياط يتناسب مع الحكم العقلي وهو حسن التحفّظ على الحكم الشرعي الواقعي المجهول. وبه تسقط دعوى الاستحباب الشرعي بالاحتياط.
وأجاب عنه السيد الخوئي رحمه الله بما حاصله : انّه وان كنا نسلّم انّ حكم العقل بحسن الاحتياط واقع في سلسلة معلومات الحكم الشرعي إلاّ انّه مع ذلك يمكن ان يكون الأمر به أمرا مولويا شرعيا ، وذلك لأنّ مقدار ما يدركه انما هو حسن الاحتياط وهذا لا يمنع من أن يأمر الشارع بوجوب الاحتياط الشرعي تحفّظا على أغراضه التي قد تفوت لو لا حكمه بوجوب الاحتياط ، فالأمر بالاحتياط يكون مولويا رغم انّ ما يدركه العقل من حسن الاحتياط واقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي.
ثم انّ الجواب الذي ذكره السيد الصدر رحمه الله على الدليل الأول يصلح للجواب عن هذا الدليل مع شيء من التعديل فتأمل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|