أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2016
1766
التاريخ: 27-8-2016
928
التاريخ: 27-8-2016
1531
التاريخ: 27-8-2016
2287
|
في وقتنا الحاضر يتدرج شكل المسكن ومادته من النمط البدائي الى النمط الحضري العصري، وهنا تلعب العوامل الجغرافية دوراً مؤثراً، تتمثل في أنواع الصخور ومدى صلاحيتها للبناء، وأشكال السطح، والمناخ السائد بعناصره المختلفة التي أهمها في هذا المجال الحرارة والرياح وكميات المطر وتوزيعها على مدار السنة، ثم ما يغطي الأرض من حشائش أو أشحار تصلح أخشابها للبناء.
ففي قرى الواحات في المناطق الجافة تسود أنماط متباينة تبعا لاختلاف الحضارات والثقافات البشرية، لكن يشيع في أغلبها ظاهرات معينة، أهمها أن مادة البناء غالباً ما تكون من الطين المخلوط بالتبن أو القش (فتات أعود القمح) أو الطين المحروق، وقد يسود استخدام كتل الأملاح من السبخات لبناء المسكن، كما كان الحال في بعض الواحات بليبيا مثل واحة مرادة الواقعة على بعد نحو 120 كم جنوب خليج سيرت، أو من الأحجار الجيرية أو الرملية في حالة توفرها، وهنا يبنى المنزل بسقوف مسطحة، يلجأ إليها السكان للنوم في ليالي الصيف الشديد الحرارة، وتبدو مآذن المساجد عالية بارزة في واحات صحارى أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأستراليا.
أما في أقاليم الغابات الاستوائية والمدارية المطيرة فإن المساكن تكون متواضعة، ومصنوعة من مواد بيئية، فالأقزام في غابات حوض نهر الكنغو (زائير) وفي غابة إيتوري Ituri عند الحافة الغربية للأخدود الغربي فيما بين بحيرتي إدوارد وألبيرت، يبنون أكواخهم من مواد تتألف من أغصان وأوراق الأشجار والطين، وتقوم النسوة ببناء المسكن، وهو من واجباتهن، عن طريق تثبيت أطراف الأغصان الغليظة في الأرض، ثم يجمعن أطراف الأغصان العليا، ويربطنها ليكون شكل الكوخ مخروطيا، مما يسمح بإنزلاق مياه الأمطار، فلا تتراكم على السطح، ويقمن بتغطية هيكل المخروط بالطين والحشائش والأوراق، ويبني الكوخ بحيث يتسع لجميع أفراد الأسرة، وذلك لأن الأسرة في الغابة الكثيفة هي وحدة المجتمع، وليست القبيلة ولا العشيرة.
ويختلف الحال نسبياً في الأراضي المدارية الرطبة الفصلية المطر، ذلك أن الجفاف النسبي يحل في شهري الشتاء الشمالي (يناير وفبراير)، وفيما يتم تنظيف الأرض من الأشجار والحشائش، وتمهيدها للزراعة البدائية، وخير مثال لذلك شعب الفانج Fang الذي يعيش فوق مساحة كبيرة من جمهورية جابون المشرفة على المحيط الأطلسي في غرب افريقيا، وتخترقها دائرة الاستواء، وينتمي شعب الفانج الى شعوب (البانتو) الغربيين، ويعيش هذا الشعب في قرى صغيرة متناثرة، فوق أراضي مرتفعة نسبياً، تكون قريبة من المجاري المائية أو البحيرات التي يستخدمونها كوسائل للنقل، وللحصول على موارد المياه والأسماك، ونظام بناء مسكن القرية بسيط، فلا يتعدى صفين من الأكواخ المستطيلة الشكل والمتلاصقة، ويفصلها شارع رئيسي واحد، وتقام أبراج للحراسة من الخشب في نهايتي هذا الشارع، وتبنى المساكن من الأخشاب المتوفرة، وبعضها من الأخشاب التي تطلى بالطين.
أما القرى في مناطق الزراعة المستقرة، حيث تزداد كثافة السكان، وتتوفر الأيدي العاملة للقيام بعمليات الزراعة الشاقة، التي تبدأ بإزالة الحشائش والأعشاب، وعزق الأرض وحرثها وإروائها، وبذر البذور المختلفة لإنتاج محاصيل تكفي سد احتياجاتهم من الغذاء كالأرز والكاسافا والخضر والفاكهة، وطبيعي أن صغر مساحة الأرض بالنسبة لأعداد السكان المتزايدة، تدفع الى الاستقرار والعمل على إنتاج أكبر غلة ممكنة للفدان، كما هو الحال في جزر إندونيسيا وجنوب شرق آسيا وجنوبها، وفي كثير من بلدان أفريقيا المدارية كنيجيريا، وهنا نجد القرى المندمجة الكبيرة الحجم، حيث تبنى المساكن متجاورة متلاصقة، والحواري ضيقة لا تتسع لأكثر من حركة حيوانات الحمل، وتبنى المنازل من طابق واحد أو من طابقين وتميل أسقفها العليا نحو الخارج في الجهات المطيرة، وتتألف مادة البناء من الأحجار، أو من الآجر، وفي الجهات الأقل مطراً من الطوب اللبن.
وفي قرى مصر الحالية حيث الزراعة المستقرة منذ نحو سبعة آلاف سنة، نجد خليطاً من السكن الريفي القديم الذي يماثل ما كان عليه الريف المصري في مختلف عصور مصر الفرعونية، وعبر مختلف مراحل التاريخ المصري فيما بعد العهد الفرعوني حتى وقتنا الحاضر، ومن السكن الحضري الذي نراه في عاصمة مصر وحواضر أقاليمها، وما يزال كثير من قرى مصر يعتمد في بناء المساكن والمساجد وساحات المناسبات (الدوار) على الطوب اللبن المصنوع من طين النيل مخلوطاً بالتبن (قش أعواد القمح)، وفي بيوت الأعيان (العمدة والمشايخ وملاك الأرض) يستخدم الآجر أو الطوب المحروق، سواء مساكن الطوف اللبن والطوب المحروق تتألف من طابق واحد أو من طابقين، ويبنى السقف من سيقان (جذوع) النخل وجريدة (سعف النخل)، وفي بيوت الأعيان من أعمدة الخشب وألواحه، وفوق الأسقف يحتفظ صاحب الدار بالحطب (أعواد الذرة وأعواد القطن) لاستخدامه في الوقود.
ومنذ عهد غير بعيد تم تزويد عدد كبير من القرى بالكهرباء والمياه النقية، ومن ثم بدأ التحول الى بناء الفيلات من طابقين، بل والعمائر متعددة الطوابق، خاصة في القرى الكبيرة الحجم، التي تضم وحدات صحية، ومدارس للتعليم العام الابتدائي والإعدادي والثانوي، وأصبح استئجار الشقق في تلك العمارات من قبل الموظفين سواء مغتربين وغير مغتربين أمراً عادياً، وهنا دخلت مواد الإسمنت المسلح والآجر في بناء العمائر، مثلها في ذلك مثل عمائر المدن، وما تزال الحواري والأزقة والشوارع الضيقة سمة مميزة للسكن الريفي المصري.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|