أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
439
التاريخ: 26-8-2016
583
التاريخ: 25-8-2016
727
التاريخ: 25-8-2016
953
|
المقدمات التي يتوقف عليها وجود الواجب على قسمين: أحدهما المقدمات التي يتوقف عليها وجود المتعلق، من قبيل السفر الذي يتوقف أداء الحج عليه، أو الوضوء الذي تتوقف الصلاة عليه، أو التسلح الذي يتوقف الجهاد عليه. والآخر المقدمات التي تدخل في تكوين موضوع الوجوب، من قبيل نية الاقامة التي يتوقف عليها صوم شهر رمضان، والاستطاعة التي تتوقف عليها حجة الاسلام.
والفارق بين هذين القسمين أن المقدمة التي تدخل في تكوين موضوع الوجوب يتوقف على وجودها الوجوب نفسه، لما شرحناه سابقا من أن الحكم الشرعي يتوقف وجوده على وجود موضوعه، فكل مقدمة دخيلة في تحقق موضوع الحكم يتوقف عليها الحكم ولا يوجد بدونها، خلافا للمقدمات التي لا تدخل في تكوين الموضوع وإنما يتوقف عليها وجود المتعلق فحسب، فإن الحكم يوجد قبل وجودها، لأنها لا تدخل في موضوعه.
ولنوضح ذلك في مثال الاستطاعة والوضوء: فالاستطاعة مقدمة تتوقف عليها حجة الاسلام، والتكسب مقدمة للاستطاعة، وذهاب الشخص إلى محله في السوق مقدمة للتكسب، وحيث أن الاستطاعة تدخل في تكوين موضوع وجوب الحج، فلا وجوب للحج قبل الاستطاعة، وقبل تلك الامور التي تتوقف عليها الاستطاعة.
وأما الوضوء فلا يدخل في تكوين موضوع وجوب الصلاة، لان وجوب الصلاة لا ينتظر أن يتوضأ الانسان لكي يتجه إليه، بل يتجه إليه قبل ذلك، وإنما يتوقف متعلق الوجوب - أي الصلاة - على الوضوء، ويتوقف الوضوء على تحضير الماء الكافي، ويتوقف تحضير هذا الماء على فتح خزان الماء مثلا.
فهناك إذن سلسلتان من المقدمات: الاولى سلسلة مقدمات المتعلق أي الوضوء الذي تتوقف عليه الصلاة وتحضير الماء الذي يتوقف عليه الوضوء وفتح الخزان الذي يتوقف عليه تحضير الماء. والثاني سلسلة مقدمات الوجوب، وهي الاستطاعة التي تدخل في تكوين موضوع وجوب الحج، والتكسب الذي تتوقف عليه الاستطاعة، وذهاب الشخص إلى محله في السوق الذي يتوقف عليه التكسب. وموقف الوجوب من هذه السلسلة الثانية وكل ما يندرج في القسم الثاني من المقدمات سلبي دائما، لان هذا القسم يتوقف عليه وجود موضوع الحكم، وقد عرفنا سابقا أن الوجوب لا يمكن أن يدعو إلى موضوعه. وتسمى كل مقدمة من هذا القسم " مقدمة وجوب " أو " مقدمة وجوبية ".
وأما السلسلة الاولى والمقدمات التي تندرج في القسم الاول، فالمكلف مسؤول عن إيجادها، أي إن المكلف بالصلاة مثلا مسؤول عن الوضوء لكي يصلي، والمكلف بالحج مسؤول عن السفر لكي يحج، والمكلف بالجهاد مسؤول عن التسلح لكي يجاهد. والنقطة التي درسها الاصوليون هي نوع هذه المسؤولية، فقد قدموا لها تفسيرين: أحدهما أن الواجب شرعا على المكلف هو الصلاة فحسب دون مقدماتها من الوضوء ومقدماته، وإنما يجد المكلف نفسه مسؤولا عن إيجاد الوضوء وغيره من المقدمات عقلا، لأنه يرى أن إمتثال الواجب الشرعي لا يتأتى له إلا بإيجاد تلك المقدمات.
والآخر أن الوضوء واجب شرعا لانه مقدمة للواجب، ومقدمة الواجب واجبة شرعا، فهناك إذن واجبان شرعيان على المكلف: أحدهما الصلاة، والآخر الوضوء بوصفه مقدمة الصلاة.
ويسمى الاول ب " الواجب النفسي "، لانه واجب لأجل نفسه.
ويسمى الثاني ب " الواجب الغيري "، لانه واجب لأجل غيره، أي لأجل ذي المقدمة وهو الصلاة.
وهذا التفسير أخذ به جماعة من الاصوليين إيمانا منهم بقيام علاقة تلازم بين وجوب الشيء، ووجوب مقدمته فكلما حكم الشارع بوجوب فعل حكم عقيب ذلك مباشرة بوجوب مقدماته.
ويمكن الاعتراض على ذلك بأن حكم الشارع بوجوب المقدمة في هذه الحالة لا فائدة فيه ولا موجب له، لانه أراد به إلزام المكلف بالمقدمة فهذا حاصل بدون حاجة إلى حكمه بوجوبها، إذا بعد أن وجب الفعل المتوقف عليها يدرك العقل مسؤولية المكلف من هذه الناحية، وأن اراد الشارع بذلك مطلبا آخر دعاه إلى الحكم بوجوب المقدمة فلا نتعقله، وعلى هذا الاساس يعتبر حكم الشارع بوجوب المقدمة لغوا فيستحيل ثبوته، فضلا عن أن يكون ضروري الثبوت كما يدعيه القائل بالتلازم بين وجوب الشيء، ووجوب مقدمته.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|