أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
605
التاريخ: 3-8-2016
620
التاريخ: 25-8-2016
680
التاريخ: 3-8-2016
550
|
قد عنونت مسألة الإجزاء في كتب الأُصوليّين بعنوانات مختلفة وما ذكرناه من العنوان هو المختار عند أغلب الأُصوليين، و المراد من قولهم «على وجهه» هو الكيفية المعتبرة شرعاً وقد عرفت أنّ قصد الأمر من هذه الكيفية.
وهذه المسألة غير مسألة دلالة الأمر على المرة والتكرار فانّ هناك مسألتين بملاكين، فالبحث في المسألة الثانية عن مقدار مفاد الأمر وانّه هل هو نفس الطبيعة أو الطبيعة المقيدة بإحداهما؟ وأمّا المقام فالكلام فيه بعد الفراغ عن المفاد فيقال هل الإتيان بالمأمور به سواء أكان الطبيعة المطلقة أو المقيدة بالمرّة أو التكرار يقتضي الإجزاء أو لا.
كما أنّ هذه المسألة غير مسألة كون القضاء بأمر جديد أو بنفس الأمر الأوّل وذلك لاختلاف المسألتين من حيث الموضوع، فإنّ موضوع مسألتنا هو الإتيان بالمأمور به بنحو من الأنحاء والموضوع لمسألة تبعية القضاء للأداء هو فوت المأمور به في وقته فكيف تكونان مسألة واحدة؟
على أنّ النسبة بينهما من حيث المورد عموماً من وجه، فلو أتى بالمأمور به على وجهه الواقعي، يقع الكلام فيه في الإجزاء، ولا موضوع لمسألة التبعية كما أنّه إذا فاته الواقع، ولم يأت بالواجب أصلاً، فلا موضوع للإجزاء. ويجتمعان فيما إذا أتى بالواجب بأمر اضطراري أو ظاهري، فيصحّ البحث عنه من الجهتين، ومعه يصحّ عقد المسألتين، فلاحظ.
إذا عرفت ذلك يقع الكلام في مقامات ثلاثة :
الأوّل: في إجزاء امتثال كلّ أمر عن التعبد به ثانياً:
إنّ إجزاء امتثال الأمر عن التعبّد به ثانياً من أوضح القضايا وأبدهها، والوجه في ذلك أنّه لو لم يسقط، فإمّا أن يبقي ملاك الأمر، أو لا. و الأوّل خلاف الفرض، إذ لا معنى لبقاء الملاك مع الإتيان بالمأمور به، لأنّ إتيان المأمور به محصِّل لغرض المولى، بلا زيادة ولا نقيصة، ولولاه لما أمر به، ومع ذلك كيف يمكن القول ببقاء الغرض وعدم حصوله ؟والثاني أوضح فساداً لاستلزامه ثبوت الإرادة الجزافية للمولى، إذ لا يأمر إلاّ لتحصيل الغرض، وقد حصل بالامتثال الأوّل، فلا معنى لبقاء الغرض ثانياً، وهل هذا إلاّ كبقاء المعلول مع زوال علّته .
وإن شئت قلت: إنّ عدم السقوط ، سببه أُمور كلّها محكومة بالبطلان، فعدم السقوط إمّا:
ـ لأجل تعدّد المأمور به، والمفروض عدمه، إذ هو نفس الطبيعة.
ـ أو لأجل عدم حصول الغرض. وهو خلف أيضاً، لأنّ المفروض انّ المأتي به علّة، لحصوله و إلاّ لما أمر به.
ـ أو لأجل بقاء الأمر مع حصول الغرض، و هذا يستلزم الإرادة الجزافية.
فإن قلت: إنّ أبا هاشم (المتوفّى321هـ) والقاضي عبد الجبار(المتوفّى 415هـ) المعتزليَّـين ذهبا إلى أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه لا يقتضي الإجزاء، واستدلاّ عليه بما إذا أفسد المكلّف حجَّه بالجماع فتجب عليه الإعادة كلّما تمكّن.
قلت: إنّ الحجّ إمّا أن يكون فاسداً، كما إذا جامع عن علم; أو صحيحاً، كما إذا كان جاهلاً بالحكم ـ على القول بالصحّة في هذه الصورة ـ فكلتا الصورتين خارجتان عن محطّ البحث.
أمّا إذا كان فاسداً، فلأنّه لم يأت بالمأمور به على ما هو عليه، والبحث فيما إذا أتى به على النحو المطلوب.
وأمّا إذا كان صحيحاً فالأمر الثاني من باب العقوبة لا لعدم الإجزاء، وقد ورد به التصريح في رواياتنا.
قال زرارة: قلت: فأي الحَجَّتين لهما؟ قال: «الأُولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، والأُخرى عليهما عقوبة».(1)
و على ذلك فهناك أمران: أمر بنفس الحجّ بما انّه واجب عباديّ ماليّ وقد امتثله، وأمر به بما انّه عقوبة وكفّارة لما أحدثا في أثناء العبادة من الجماع.
فإن قلت: ربما يجوز تبديل امتثال بامتثال آخر، كما إذا طلب المولى ماءً ليشربه فأحضره، فانّ للعبد تبديل هذا الامتثال بامتثال أفضل، كما إذا أتى ثانياً بماء حلو أكثر، أو وعاء انظف قبل أن يقضي المولى حاجته بالشرب.
قلت: إنّ الأمر الأوّل قد سقط بإحضار الماء وليس المقام من قبيل تبديل امتثال بامتثال آخر، بل من قبيل تبديل فرد من المأمور به إلى فرد آخر أحلى منه، و الفرق بينهما واضح فانّ تبديل الفرد لا يتوقف على بقاء الأمر بل يصحّ وإن كان الأمر ساقطاً، بخلاف تبديل الامتثال فانّه فرع بقاء الأمر حتى يصدق عليه انّه تبديل امتثال بآخر.
فإن قلت: إذا أحضر الماء وأُهرق واطّلع العبد عليه وجب عليه إتيانه ثانياً.
قلت: إنّ الأمر الأوّل قد سقط بالامتثال، و أمّا الأمر الثاني فهو امتثال آخر
للغرض غير الحاصل للمولى لأجل إهراق الماء، فكأنّ هناك أمرين: أحدهما تعلّق بإحضار الماء وقد امتثل، و الثاني تعلّق بحكم العقل بتحصيل غرض المولى وهو بعد لم يُمتثل.
والحاصل انّ العلم بالغرض القطعي موضوع عند العقل بوجوب الامتثال وإن لم يكن هناك أمر ظاهري من المولى كما إذا غرق ابن المولى أو احترق البيت ووقف عليه العبد، دون المولى، ففي هذه المقامات العلم بالغرض موضوع تام للامتثال وتحصيل غرض المولى.
وبما ذكرنا تقف على ما ورد من إعادة الصلاة في أبواب الكسوف(2). أو إذا وجد جماعة وقد صلى فرادى(3)، أو صلّى مع المخالف(4) ووجد فرصة للإعادة. إذ ليس الامتثال الثاني من باب تبديل الامتثال الأوّل ب آخر حتى يكون الثاني بداعي الأمر الأوّل، بل من باب استحباب الإعادة بأمر ثان استحبابي لا بملاك الأمر الوجوبي الأوّل.
الثاني: إجزاء امتثال الأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي:
إذا كان المكلّف فاقداً للطهارة المائية فيجب عليه الصلاة بالطهارة الترابية، فالفرد الأوّل فرد اختياري، والفرد الثاني فرد اضطراري، و مثله ما إذا ابتلى بالتقية ولم يتمكّن من الامتثال بالفرد الاختياري، كان عليه الامتثال بالفرد الاضطراري كغسل الرجلين مكان مسحهما، إلى غير ذلك من الأمثلة، فهل يجزي الامتثال بالفرد الاضطراري عن الامتثال بالفرد الاختياري عند ما زال الاضطرار؟
أقول: ظاهر عنوان المسألة انّ هنا أمرين: أمراً بالفرد الواقعي، وأمراً بالفرد الاضطراري، والكلام في إجزاء الامتثال الثاني عن الامتثال الأوّل. ويظهر ذلك من أكثر المتأخّرين الذين عكفوا على دراسة هذه المسألة بعد الشيخ الأنصاري قدَّس سرَّه .
ولكن الحقّ انّ هنا أمراً واحداً وخطاباً فارداً لعامة المكلّفين من دون فرق بين المختار والمضطر، وهو قوله سبحانه: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78] ، غير انّ امتثال ذلك الأمر يختلف حسب اختلاف حالات المكلّفين من صحة وسقم، وقدرة وعجز، فيصلي السليم المتمكن، قائماً بالطهارة المائية كما يصلّي السقيم العاجز قاعداً بالطهارة الترابية، فالاختلاف يرجع إلى كيفية امتثال الأمر الواحد بالنسبة إلى اختلاف حالات المكلّفين، ونظير الآية السابقة قوله سبحانه: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] حيث إنّ ظاهر الآية وحدة الأمر في الحاضر والمسافر غير انّ المسافر يجوز له أن يُقصِّـر تلك الصلاة ويجعلها ركعتين من دون أن يختلف أمر الحاضر والمسافر.
ومثل الآيتين قوله سبحانه: « {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }.... {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] ، فالآية ظاهرة في أنّ كلاّ من الواجد والفاقد للماء يقصد أمراً واحداً لكنّهما يختلفان في كيفية إيجاد الجامع الصادق على الفردين، فأحدهما يأتي بها بالطهارة المائية والآخر يأتي بها بالطهارة الترابية، فكلا الفردين من مصاديق الصلاة التي أمر بها جميع المكلّفين على اختلاف حالاتهم.
والمبرِّر لوحدة الأمر مع اختلاف المتعلّق في الكيفية هو كون الطبيعة ذات عرض عريض وذات مراتب مختلفة، وقد مرّ في مبحث الصحيح والأعم(5) انّ الصلاة بمعنى واحد تصدق على جميع المراتب المختلفة من دون أن يكون اللفظ مشتركاً لفظيّاً بين المراتب.
فعلى هذا الأساس يتجلّى الإجزاء بصورة واضحة، لأنّ المفروض انّ الأمر واحد والطبيعة المتعلّقة للأمر، صادقة على فعل المتمكّن والمضطر وينطبق على كليهما عنوان الصلاة ـ وعند ذاك ـ لا وجه لعدم الإجزاء بعد تمامية المقدّمات.
ثمّ إنّ القول بوحدة الأمر إنّما يوجب الإجزاء في صورتين:
أ: إذا كان العذر مستوعِباً لتمام الوقت فامتثل الأمر بالفرد الاضطراري الموجب للإجزاء.
ب: إذا لم يكن العذر مستوعباً ولكن دلّ الدليل على كفاية العذر غير المستوعب في البدار إلى امتثال الأمر بالفرد الاضطراريّ وعدم اشتراط العذر المستوعب، فإذا كان الامتثال بإذن من الشارع وانطبق عليه عنوان الطبيعة سقط الأمر قطعاً، ولا يبقى لعدم الإجزاء وجه.
نعم لو كان العذر غير مستوعب ولم يدلّ دليل على جواز البدار إلى الامتثال بالفرد الاضطراري فلا وجه للقول بالإجزاء، لأنّ المقام يكون من قبيل الشكّ في سقوط الواجب بالفرد المشكوك فتجب عليه الإعادة في الوقت، والقضاء خارجه، ولو لم يُعِد والوقت باق فعليه القضاء.
هذا كلّه على القول بوحدة الأمر ، وأمّا على القول بتعدد الأمر وانّ هناك أمراً بالفرد الاختياري، وأمراً بالفرد الاضطراري، فإثبات الإجزاء على عاتق الدراسات العليا.
الثالث : إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الواقعي(6):
إنّ العمل بالأمارات والأُصول تارة يكون لأجل استكشاف أصل التكليف و الوظيفة، كالأمارة القائمة على كون الواجب هو صلاة الجمعة في ظهرها، أو الاستصحاب الدالّ على كونها الواجب.
وأُخرى لاستكشاف كيفية التكليف، كما إذا قامتا على عدم كون شيء شرطاً أو جزءاً أو مانعاً، أو على كونه شرطاً أو جزءاً أو مانعاً .
فيقع الكلام في موردين:
الأوّل: العمل بالأمارات أو الأُصول لاستكشاف كيفية التكليف، سواء أكانت الشبهة حكمية أو موضوعية.
الثاني : العمل بهما لاستكشاف أصل التكليف.
فلنقدم البحث في الأمارة على الأُصول كما تقدم إعمالها لاستكشاف الكيفيّة، على استكشاف أصل التكليف.
الف: العمل بالأمارة في استكشاف كيفية التكليف:
لو صلّى إنسان أو توضّأ أو اغتسل أو حجّ على وفق ما أخبر به الثقة اعتماداً على حجّية قوله لدى الشارع ثمّ بان خطأ الراوي، فهل يكون العمل مجزياً أو لا؟ حكى سيّد مشايخنا البروجردي قدَّس سرَّه تسالم القدماء على الإجزاء في الأمارات والأُصول في استكشاف كيفية التكليف، وإنّما طرأ القول بعدم الإجزاء من عصر الشيخ الأنصاري(1212ـ 1281هـ).
ويمكن أن يُستدلّ على الإجزاء بوجود الملازمة العرفية بين الأمر بالعمل بها في موردها، وإجزائه في مقام الامتثال مطلقاً، وافقت الواقع أم خالفت، مثلاً إذا قال الإمام : «العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعني يؤدّي، وما قال لك عني، فعني يقول، فاسمع له وأطع، فانّه الثقة المأمون» .(7) وهو يعلم انّ العمري إنسان غير معصوم ربما يخطأ ومع ذلك يأمر بالعمل بقوله على وجه الإطلاق. فيكون معنى هذا انّ المولى قد رضي في امتثال أوامره ونواهيه، وتحصيل أغراضه ومقاصده، على حدّما، أدّت إليه الأمارة، التي تكون مطابقة للواقع بدرجة كبيرة، فكون الأمارة محصِّلة للمقاصد بهذا المقدار صحَّحَ الأمر بالعمل بقوله مطلقاً وبالتالي أوجب رفع اليد عن أغراضه فيما إذا أخطأ، كلّ ذلك لمصلحة عالية وهو تسهيل الأمر على المكلّفين.
وما استظهرنا من الملازمة بين الأمر بالعمل بقول الثقة، والإجزاء مطلقاً سواء أوافق الأمر أم لا، هو المتفاهم في العرف في هذه الموارد. مثلاً :
لو أمر المولى عبده بأن يهيِّئ له دواء ليتداوى به وأمره بأن يسأل صيدليّاً معيّناً عن نوعيّة أجزائه وكمّية وكيفية تركيبه، فاتبع العبد إرشادات الصيدليّ الذي جعل قوله حجّة في هذا الباب، ثمّ ظهر أنّ الصّيدليّ قد أخطأ في مورد أو موردين، فانّ العرف يعدّون العبد ممتثلاً لأمر مولاه، ويرون عمله مسقطاً للتكليف، من دون ايجابه بالقيام مجدّداً بتهيئة الدواء، اللّهمّ إلاّ أن يأمره المولى مجدّداً.
وهذه الإرتكازات تدلّ على الملازمة بين الأمر بالرجوع إلى الثقات والخبراء، والاكتفاء في امتثال الأمر بما أتاه بإرشادهم وهدايتهم، وهذا يعطي أنّ الشارع اكتفى في دائرة المولوية والعبودية فيما يرجع إلى مقاصده، بما يؤديه إخبار الثقة، ولو بان الخلاف، فهو يرفع اليد عن مقاصده، تسهيلاً للأمر على العباد.
فإن قلت: فأي فرق بين هذا القول و بين القول بالتصويب، فانّ رفع اليد عن الحكم الواقعي في حقّ الجاهل ـ كما هو المفروض ـ تصويب وإنكار للحكم المشترك بين عامة الناس.
قلت: التصويب عبارة عن اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم وعدم شمولها للجاهل من رأس، وهذا بخلاف المقام، فانّ الأحكام الواقعية ـ على هذا القول ـ تشمل جميع الناس من دون تفاوت بين العالم والجاهل، ولكنّه سبحانه و تعالى تسهيلاً للأمر على العباد اكتفى في امتثال أوامره بإخبار الثقات، لمطابقتها للواقع بنسبة عالية، فأوجبت المصلحةُ التسهيلية عدمَ فعلية هذه الأحكام في موارد التخلّف.
وبالجملة فرق بين عدم جعل الحكم على الجاهل وبين عدم فعليته في حقّه، لأجل قيام الأمارة على خلاف الواقع.
فإن قلت: إنّ العبد وإن كان معذوراً في ترك الواقع ولكن غرض المولى بعدُ لم يستوف فتجب الإعادة والقضاء لذلك.
قلت: لو علم المكلّف بأنّ غرض المولى بعدُ لم يُستوف كما إذا أمر بإحضار الماء للتوضّؤ فأتى به ثمّ تلف يجب عليه تجديد الامتثال لأجل حفظ الغرض، وأمّا المقام فليس هناك علم بعدم استيفاء الغرض وذلك لما عرفت من أنّ المصلحة التسهيليّة سببَّت لأن يتضيّق غرض المولى بما أدّت إليه الأمارة التي تطابق الواقع بدرجة كبيرة، فليس له إلاّ هذا المقدار من الغرض.
نعم لولا المصلحة التسهيلية لربما يتعلّق غرضه باستيفائه في عامة الموارد وافقت الأمارة للواقع أو خالف. وعندئذ يقوى القول بعدم الإجزاء.
وبالجملة رفع الحرج عن المكلّفين وإيجاد الرغبة للناس إلى الدين من الأُمور التي صارت سبباً لتضييق غرضه وتحدّده بما توصل إليه الأمارة وغض النظر عمّا إذا لم يُستوفَ.
هذا هو المختار عندنا ولكن المتأخرين كالشيخ الأنصاري والمحقّق الخراساني وغيرهما من الأعلام ذهبوا إلى عدم الإجزاء في الأمارات القائمة على كيفية التكليف.
ب: العمل بالأمارة لاستكشاف أصل التكليف:
إذا قامت الأمارة على أصل التكليف، كما إذا قام على أنّ الواجب هو صلاة الظهر وكان الواجب هو صلاة الجمعة، فالحقّ عدم الإجزاء وذلك لوجود الفرق بين قيام الأمارة على كيفية التكليف وقيامها على أصل التكليف.
ففي الصورة الأُولى أتى بالمكلّف به و انطبق عليه عنوان الصلاة ولكنّه كان ناقصاً غير تام، فيمكن ادّعاء الملازمة العرفية بين الأمر بالعمل بالأمارة والإجزاء في صورة التخلّف، وأمّا إذا لم يمتثل أصلاً، كما لو أمره المولى بخياطة ثوبه فاخبرت الثقة بانّ الواجب هو طبخ الطعام فلا وجه للامتثال.
فالملازمة العرفية التي اعتمدنا عليها مختصة بما إذا كان هناك امتثال لأمره، غاية الأمر لم يكن المأتيّ به مطلوباً تاماً، و أمّا إذا لم يمتثل أبداً، ولم ينطبق عليه عنوان المأمور به، يبقى الغرض على ما كان عليه، فلا وجه لإجزاء امتثال أمر موهوم عن أمر حقيقي.
________________
1. الوسائل: 9، الباب 3 من أبواب كفارة الاستمتاع، الحديث 10.
2. الوسائل: 5، الباب 8 من أبواب صلاة الكسوف، الحديث 1.
3. الوسائل: 5، الباب 6 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
4. الوسائل: 5، الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
5. لاحظ صفحة 71.
6. الحكم الواقعي هو كلّ لم يؤخذ في موضوعه الشكّ في حكم، مثل الغنم حلال.
الحكم الظاهري هو كلّ حكم أخذ في موضوعه الشكّ في حكم شرعي نظير كلّ شيء حلال حتّى تعلم انّه حرام وسيوافيك تفصيلهما عند البحث في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي في ج 2 .
7. الوسائل: 18، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 4.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
أكثر 5 ماركات سيارات تعاني من مشاكل في المحرك في 2024
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|