أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-10-2014
1816
التاريخ: 2-07-2015
1330
التاريخ: 24-10-2014
1061
التاريخ: 10-3-2019
1082
|
لمّا كان الفاعل المختار عندهم هو الّذي يتساوى مقدوراته بالقياس إليه من حيث هو قادر احتاجوا إلى اثبات شيء بسببه يتخصّص الطرف الّذي يختاره. فاثبتوا له إرادة تتعلّق بذلك الطرف ويتخصّص ذلك الطرف لأجلها ؛فالأشاعرة على أنّها زائدة على الذات والقدرة والعلم وسائر الصفات وقديمة ،ولكن تعلّقها متجدّد حادث بها يرجّح وجود الفعل في وقت من الأوقات من دون مرجّح ومخصّص آخر ؛ إذ شأنها عندهم ذلك ؛وبعض شيوخ المعتزلة ـ كأبي الهذيل العلاّف وأبى على الجبائي وابنه أبي هاشم المثبت للأحوال ـ على أنها متجدّدة حادثة. وهم مع قولهم بتجدّدها قالوا : انّ إرادة الشيء عين خلقه وعين الحكم والأمر والإخبار.
وقال معمّر بن عباد ـ وهو أيضا من مشايخ المعتزلة ـ : أنها متجدّدة وغير الخلق والأمر والحكم والاخبار. وقد كان هذا الشيخ يبالغ في حدوث الإرادة ونفي القول بالصفات الأزلية الزائدة ، ويكفّر به. وهو الّذي قال بأنّ كلّ عرض قام بمحلّ قائما يقوم به لمعنى اوجب القيام ، بل قال : كلّ معنى اتصف به شيء ـ حتّى مخالفة الضدّ للضدّ ومغايرة المثل للمثل ـ فانّما يتّصف به لمعنى اوجب الاتصاف ؛ فقال بعدم تناهى أفراد انواع الأعراض والمعاني ، والتجأ إلى القول بالتسلسل في كلّها. ولذلك سمّى هو وأصحابه « بأصحاب المعاني ».
والكعبي وكثير من المعتزلة على أنّها قديمة غير زائدة على الذات والعلم وسائر الصفات. وهؤلاء من المعتزلة ـ الّذين لا يقولون بالإرادة المتجدّدة ـ لا يقولون بتجدّد التعلّق أيضا ، بل لا يعترفون بتجدّد شيء غير الفعل اصلا. وهؤلاء في علّة انفكاك الإرادة عن المراد وتخصيصه بقدر من الزمان افترقوا إلى فرق : ففرقة قالوا : انّ العلّة هي كون بعض الأوقات أصلح وأولى؛
فطائفة منهم يقول بوجوب الأصلح بمعنى كونه ممتنع العدم ـ بناء على أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ـ ،.وطائفة أخرى ـ كالبشرية وغيرهم من القدماء ـ قالوا بأولوية الأصلح دون وجوبه.
وفرقة قالوا : العلة هي امتناع الصدور قبل ذلك الوقت ، وإليه ذهب الكعبي.
ثمّ المشهور بين المحصّلين انّ مختار المحقّق الطوسي انّ الإرادة غير زائدة على الذات والعلم ، بل هي عين العلم بالأصلح وانّ العلّة في التخصيص هي كون بعض الاوقات أصلح للصدور ، وانّ العلم بالأصلح هو موجب. ولا ريب في كون الإرادة عنده عين الذات والعلم بالأصلح ـ كما هو الحقّ المنصور ـ ؛ ولكن في كون علّة التخصيص عنده هو العلم بالأصلح وكونه موجبا للصدور ، ففيه تأمّل ؛ لأنّ قوله في بحث الجواهر حيث قال : واختصّ الحدوث بوقت إذ لا وقت قبله (1) يدلّ على انّ علّة التخصيص هي امتناع الوقت قبل ذلك الوقت.
قيل : الظاهر انّ ما دعا الأكثر إلى الاعتقاد بانّ المرجّح على سبيل الوجوب عنده هو العلم بالأصلح قوله في آخر مقصد اثبات الصانع وصفاته : والأصلح قد يجب على الله تعالى ـ لوجود الداعي وانتفاء الصارف (2) ؛
وفيه : انّ المراد بالوجوب هناك هو ما يذمّ تاركه عقلا ، والمراد به هنا هو ما يمتنع عدمه لتعلّق العلّة المستقلّة للوجود ، فهو خلط بين وجوب الأصلح بالمعنى المراد هناك وبين وجوب الأصلح بالمعنى المراد هنا.
والظاهر انّ ما دعا الأكثر إلى نسبة ما نسبوه إليه هو ما صرّح به في مبحث الإرادة من التجريد : بأنّ الإرادة عين الداعي (3) والداعي عنده هو العلم بالأصلح. وفي شرح الرسالة : انّ حيثية قدرته ـ تعالى ـ وحيثية علمه بمقدوره لا يتغايران إلاّ بمحض الملاحظة العقلية ، وتوهّم تكثّرهما قياسا على الممكن خطاء ؛ والتنزيه أن يقال : {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]. ثمّ قال : والإرادة اخصّ من العلم والمتكلّمون ذهبوا إلى اثباتها ؛ فمنهم من قال : انّها صفة زائدة على العلم قديمة أو محدثة بها يتخصّص المراد من المعلوم ؛ ومنهم من قال : أنّها علم خاصّ بما في وجود المخلوقات من المصالح الراجعة إليهم ، وهو الداعي للإيجاد. والحكماء زعموا أنّها العلم بنظام الكلّ على الوجه الأتمّ. وإذا كانت القدرة والعلم سببا واحدا مقتضيا لوجود الممكنات على النظام الاكمل كانت القدرة والعلم والإرادة شيئا واحدا في ذاته مختلفا بالاعتبارات العقلية (4) ؛ انتهى.
ولا ريب في أنّ ما نسب إليه المشهور يظهر من كلامه هذا.
ثمّ الفرق بين مختاره ومذهب الحكماء : انّ ملحوظ الفاعل المختار في الايجاد عنده حال المعلولات وعندهم حال الايجاد ، فانّهم يقولون : اتمّ انحاء التأثير هو الدوام ، وهو يقول : الأصلح بحدوث المخلوقات.
فان قيل : كون الإرادة قديمة وعين الذات والعلم بالأصلح ينافي ما ورد عن ائمّتنا الراشدين ـ : ـ من كونها حادثة ومن أنّها من صفات الفعل ومن الصفات الاضافية الّتي لا توجد ولا تعقل إلاّ مقرونة بفعل ومعية إليه ـ كالرازقية والرضاء والسخط ـ بخلاف العلم والقدرة ، فانّها من صفات الذات. وكذا ينافي ما ورد عنهم من أنّ المشية محدثة وانّ علم الله ـ تعالى ـ غير المشية سابق عليها ، ومن ان الله ـ تعالى ـ لم يزل عالما قديرا ثمّ أراد. وقد نقل جميع ذلك ثقة الاسلام ـ ; ـ في الكافي ، وأفاد بعد النقل ضابطة حاصلها : انّ كلّ صفة ثبوتية يوصف بها وبضدّها جميعا الباري ـ تعالى ـ كالإرادة والكراهة فهي من صفات الفعل الزائدة على الذات حادثة ، وكلّ صفة تنفي عنه ضدّها كالعلم والقدرة فهي صفة الذات أزلية ، وإلاّ لا تصف بضدّها قبلها غير زائدة حينئذ لئلاّ يتعدّد القدماء (5) ؛
قلت : المراد بالإرادة والمشية فيما ورد عنهم ـ : ـ تعلّقهما. ويقرب منه أن يكون المراد بالإرادة في حقّه ـ تعالى ـ هو احداث الفعل على ما ورد عن العالم أنّ الإرادة من الله ـ تعالى ـ هو احداثه لا غير ذلك ؛ وحينئذ فلا منافاة.
وقال بعض الأعلام : لعلّ الإرادة الّتي غير زائدة على الذات هي المتعلّقة بمطلق الفعل وبوجود العالم جملة في الوقت الأصلح على أتمّ النظام ، وهي الّتي فيها الكلام ؛ ولا يمكن سبق شيء عليها ولا اتصافه ـ تعالى ـ بضدّها ، كما انّ علمه بذلك كذلك. بل الظاهر من كلام المحقّق الطوسي في شرح رسالة العلم : انّ علمه ـ تعالى ـ بالأصلح الّذي هو عين ذاته مرجّح لإيجاد العالم في وقته ولا يحتاج إلى معنى آخر به يرجّح ذلك يسمّى « بالإرادة ». وأمّا الإرادة المتعلّقة بخصوصيات الجزئيات المتغيّرة المتبدّلة من أفاعيله وأفاعيل عبيده فينبغي أن تكون زائدة متجدّدة. كيف لا؟! والعلم كذلك ، وذلك لا يوجب إلاّ التغير في الاضافات وفي الأمور المتباينة عن الذات. ولا يوهم التسلسل إذ يؤول الكلّ إلى الإرادة الأزلية والعلم الاجمالي كرجوع سلسلة الاسباب إلى ربّ الأرباب : قال الله ـ تعالى ـ : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ، وبذلك يرتفع المخالفة ؛ انتهى.
وحاصل كلامه تقسيم الإرادة إلى الاجمالية والتفصيلية ـ كالعلم ـ ، وكون القديمة هى الأولى ـ وهي الإرادة المتعلّقة بمطلق الفعل وبوجود العالم جملة ـ ، والحادثة هي الثانية ـ وهي المتعلّقة بخصوصيات الجزئيات المتغيّرة المتبدّلة من أفاعيله تعالى وأفاعيل عبيده ـ.
__________________
(1) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة السادسة من الفصل الثالث من المقصد الثاني ؛ كشف المراد ص ، 129.
(2) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة الثامنة عشر من الفصل الثالث من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص 270.
(3) راجع : تجريد الاعتقاد ، المسألة الرابعة من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص 223.
(4) راجع : رسالة شرح مسئلة العلم ، ص 42.
(5) راجع : الاصول من الكافي ، ج 1 ، ص 111.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|