المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

انبعاث كاثودي cathode emisssion
15-3-2018
الموصلية الكهربائية electrical conductivity
7-11-2018
المصاهرة
27-9-2016
إستصحاب الصحة عند الشك في المانع
8-9-2016
الاسمدة الحاوية على البوتاسيوم
28-8-2016
ذبابة اجراس العصفر Safflower fly
2-4-2018


تنبيهات منجزية العلم الإجمالي (إعتبار كون العلم الاجمالي مؤثرا في ثبوت التكليف الفعلي بالاجتناب عن الحرام المشتبه على كل تقدير)  
  
504   12:58 مساءاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.339
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016 646
التاريخ: 5-9-2016 619
التاريخ: 18-8-2016 1246
التاريخ: 4-9-2016 818

يعتبر في الحكم بوجوب الاجتناب ان يكون العلم الاجمالي مؤثرا في ثبوت التكليف الفعلي  بالاجتناب عن الحرام المشتبه على كل تقدير، بمعنى اعتبار ان يكون كل واحد من الاطراف بحيث لو علم تفصيلا كونه هو الحرام المشتبه لكان التكليف بالاجتناب عنه منجز فلو لم يكن بعض الاطراف كذلك، بان كان بعضها مما لا يحدث العلم تكليف بالنسبة إليه لكونه تالفا أو كثيرا لا ينفعل بملاقاة النجس أو كونه مما اضطر المكلف إلى ارتكابه بسبب سابق على العلم الاجمالي، لما كان للعلم الاجمالي تأثير في التكليف الفعلي بالاجتناب اصلا ولو بالنسبة إلى الطرف الاخر لرجوع الشك في التكليف بالنسبة إليه إلى كونه شكا في اصل التكليف لا في المكلف به وكذا إذا كان بعض الاطراف خارجا عن محل ابتلاء المكلف بمثابة يوجب خروجه عن تحت القدرة، اما عقلا، أو عادة بنحو يعد المكلف اجنبيا عن العمل عرفا وغير متمكن منه وهذا على الاول واضح لامتناع تعلق الارادة الفعلية على نحو التنجيز بما لا يقدر عليه المكلف (وكذا) على الثاني، فانه وان لم يكن مانعا عن اصل تمشى الارادة عقلا ولكنه مانع عرفا عن حسن توجيه الخطاب لاستهجان الخطاب البعثي نحو الفعل أو الترك عند العرف بما يعد المكلف اجنبيا عنه الا بنحو الاشتراط بفرض ابتلائه وتمكنه العادي منه، بل قد يكون بعد الوصول إلى الشيء لبعد المقدمات بمثابة يوجب استهجانه ولو بنحو التقييد والاشتراط كان يقال لعامي بليد إذا صرت مجتهدا يجب عليك التسهيل في الفتوى، أو لدهقان فقير إذا صرت سلطانا فلا تظلم رعيتك، حيث انه وان امكن عقلا بلوغ ذلك البليد إلى مرتبة الاجتهاد وكذا الدهقان الفقير إلى مرتبة الملوكية على خلاف ما تقتضيه العادة، لا ان بعد المقدمات يوجب عرفا استهجان الخطاب المزبور ولو بنحو الاشتراط وبما ذكرن ظهر ان المناط في استهجان توجيه الخطاب انما هو ببعد وصول المكلف إلى العمل بمثابة يعد كونه اجنبيا عنه عرفا وغير قادر عليه عادة لا ان المناط فيه هو متروكية العمل قهرا كما يظهر من الشيخ (قدس سره) وعليه فلا فرق في الاستهجان بين كون الخطاب امرا أو نهي فانه كما ان العرف لا يحسنون توجيه الخطاب التحريمي إلى من يرونه اجنبيا عن العمل وغير قادر عليه بحسب العادة، كذلك لا يحسنون توجيه الخطاب الايجابي ايضا في الفرض المزبور، ولذا ترى استهجان الخطاب الايجابي على وجه التنجيز إلى سوقي فقير بتزويج بنات الملوك غير معلق بفرض الابتلاء والتمكن العادي منه، بعين استهجان التكليف بالاجتناب عن تزويجهن، وهكذا الخطاب بوجوب اكله من الطعام الموضوع قدام الملك أو لبسه الثياب التي لبسها الملك ونحو ذلك من الامور التي يعد المكلف بحسب حاله اجنبيا عنها وغير قادر عليها عادة، ومجرد كون الغرض من النهي هو الترك الحاصل قهرا، ومن الامر الايجاد غير مجد في رفع استهجان الخطاب إلى من يرونه العرف غير قادر على العمل بحسب العادة فان محذور لغوية الخطاب لكونه تكليفا بأمر حاصل بالفعل غير محذور استهجانه من جهة كونه تكليفا بما هو غير مقدر عادى للمكلف، وليس يجدي ارتفاع احد المحذورين في ارتفاع المحذور الاخر كما هو ظاهر فالتفصيل حينئذ كما عن بعض في اعتبار القدرة العادية بين الخطاب التحريمي والخطاب الوجوبي باعتبارها في الاول في صحة الخطاب وحسنه دون الثاني لكفاية مجرد القدرة العقلية فيه في صحة الخطاب وحسنه منظور فيه يظهر وجهه مما قدمناه نعم يتجه الفرق المزبور بين الامر والنهى لو كان مناط الاستهجان هو لغوية الخطاب من حيث كونه تكليفا بأمر حاصل، لا كونه تكليف بما هو غير مقدر عادى للمكلف لان المطلوب في النواهي بعد ان كان هو مجرد الترك واستمراره وعدم نقضه بالوجود فلا جرم بعدم القدرة العادية على الايجاد يتحقق الترك الذى هو المطلوب وبحصوله يصير النهي عنه لغوا مستهجنا لكونه من التكليف بترك ما يكون من تركه -عادة- فلا يبقى معه مجال لأعمال المولوية بخلاف الاوامر فان المطلوب فيها انما يكون هو الفعل لاشتماله على مصلحة لازمة الاستيفاء في عالم التشريع، وحيث ان السبب لإيجاده لا يكون الا دعوة امره وكان المفروض هو تمكن المكلف من الايجاد عقلا كان لأعمال المولوية فيه مجال واسع، فله الامر بإيجاده ولو بتحصيل الاسباب البعيدة الخارجة عن القدرة العادية للمكلف ولكن ذلك كما ترى إذ مضافا إلى رجوعه إلى انكار دخل القدرة العادية في صحة التكليف وحسنه راسا حتى في الخطابات التحريمية، لعدم اجداء العجز العادي حينئذ شيئا سوى كونه منشاء للانتراك الذي هو الموجب للغوية النهي واستهجانه، فلا يكون تفصيلا في اعتبار القدرة العادية، ان اللازم بمقتضى التقابل بين الامر والنهى هو الالتزام بلغوية الامر ايضا في مورد لا يتمكن المكلف من الترك عادة، فانه مع الجزم للابدية؟ المكلف من الايجاد عادة لولا الامر يكون احداث الداعي في حقه لغوا، مع انه ليس كذلك جزما، بل اللازم بمقتضى المناط المزبور هو لغوية النهى في كل مورد يكون حصول الترك من جهة تنفر الطبع على الاقدام على الايجاد، كما في كشف العورة بمنظر من الناس خصوصا بالنسبة إلى ارباب المروة، والكذب بالنسبة إلى اهل الشرف، وكذا شرب الخمر بالنسبة إلى كثير من الاشخاص ولو لم يكن في البين نهى اصلا، حيث لا فرق في الاستهجان بمقتضى المناط المزبور بين ان يكون الترك حاصلا من جهة عدم القدرة العادية على الايجاد، أو من جهة تنفر الطبع عنه " فلابد " من قصر النواهي الشرعي بمن لم يتنفر طبعه من ايجاد المنهي عنه بتقييد الخطاب بعدمه كتقييده بالقدرة، مع ان ذلك مما لا يمكن الالتزام به " ودعوى " ان الترك الناشئ من تنفر الطبع راجع إلى عدم ارادة المكلف للفعل وهى مما لا دخل لها في حسن الخطاب كي يقيد بحال وجودها، بل لا يعقل ذلك (لان) الخطاب انما هو لتحريك المكلف من قبله وبعث ارادته بجعله داعيا إلى المأمور به فعلا أو تركا فلا يمكن اخذها قيدا في التكليف (مدفوعة) بمنع رجوع التقييد به إلى التقييد بالإرادة بل تنفر الطبع بنفسه مانع عن الاقدام على الفعل وكانت الارادة من تبعاته كتبعيتها للقدرة فلا مانع حينئذ من تقييد الخطاب بعدمه، فيكشف ذلك عن انه لا يكون مجرد ذلك مناطا لاستهجان الخطاب، وان المناط فيه انما هو بعد تمكن المكلف من العمل بمثابة يرى العرف كونه اجنبيا عنه وغير متمكن منه بحسب العادة، وعليه لا فرق في الاستهجان بين كون الخطاب تحريميا أو ايجابيا (وكيف كان) فما ذكرنا من سقوط العلم الاجمالي عن التأثير حتى بالنسبة إلى الطرف المبتلى به انما يكون إذا كان خروج بعض الاطراف عن الابتلاء قبل العلم الاجمالي أو مقارنا له (واما إذا) كان خروجه عن الابتلاء بعد العلم الاجمالي، فلا شبهة في منجزية العلم الاجمالي ووجوب الاجتناب عن الطرف المبتلى به (وتوهم) عدم الوجوب في هذه الصورة ايضا لانتفاء العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير عند خروج بعض الاطراف عن الابتلاء، لاحتمال كون الظرف الخارج عن الابتلاء هو المعلوم بالإجمال (مدفوع) بكفاية وجود العلم الاجمالي التدريجي في وجوب الاجتناب عن الطرف المبتل به فعلا كما شرحناه في طي مبحث الانحلال فراجع (نعم) يبقى الكلام فيما إذا شك في ان خروج الطرف عن الابتلاء كان قبل العلم أو بعده، فانه قد يقال بعدم وجوب الاجتناب عن الطرف المبتلى به فعلا لعدم العلم بالتكليف الفعلي مع الشك المزبور (ولكن) التحقيق خلافه فانه وان يستتبع الشك المزبور الشك في ثبوت التكليف الفعلي، ولكنه بعد ما لم يكن ذلك لقصور في اقتضاء التكليف من المولى، بل كان ذلك لاحتمال قصور العبد عن الامتثال مع تمامية مقتضيات التكليف فلا جرم يدخل في الشك في القدرة ويكون مصبا لقاعدة دفع الضرر المحتمل لا قبح العقاب بلا بيان كما هو ظاهر (نعم) لو اغمض عن ذلك لا مجال لأثبات الوجوب باستصحاب بقاء القدرة وعدم خروج الطرف عن الابتلاء إلى زمان حدوث العلم الاجمالي، لوضوح ان الاثر المقصود وهو تنجز المعلوم بالإجمال لا يكون من الاثار الشرعية للمستصحب وانما هو من الاثار العقلية المحضة والاستصحاب المزبور لا ينتج الاثر المقصود كي يترتب عليه بحكم العقل وجوب الاجتناب عن الطرف المبتلى به (كما لا مجال) ايضا لاستصحاب عدم وجوب الاجتناب عن المشكوك قبل العلم الاجمالي (إذ هو) انما يجدى إذا كان الشك في الوجوب من جهة القصور في الكاشف أو المنكشف وهو الجعل الشرعي في مرحلة اقتضائه، لا فيما كان الشك من جهة شرائط التنجيز الراجع إلى الشك في قابلية المحل للتنجز على كل تقدير كما هو مفرض الكلام فانه لا ينفع الاصل المزبور من هذه الجهة، لعدم العدم المزبور حينئذ مجعولا شرعيا ولا موضوعا لأثر مجعول حتى يجرى فيه التعبد بعدم نقض اليقين بالشك، فتدبر (وبما ذكرنا يظهر) ان الحكم كذلك في صورة الشك في خروج بعض اطراف العلم عن مورد الابتلاء من جهة الشبهة المصداقية أو الشبهة في الصدق كالشك في صدق الخروج عن الابتلاء بالنسبة إلى الخمر الموجود في البلاد المتوسطة بين القريبة والبعيدة المستتبع للشك في ثبوت التكليف المنجز بالاجتناب عنه (فان) الواجب حينئذ هو مراعات العلم الاجمالي بالاحتياط (لوجهين):

احدهما وهو العمدة ما عرفت من رجوع الشك المزبور إلى الشك في القدرة المحكوم عقلا بوجوب الاحتياط (فانه) بعد تمامية مقتضيات التكليف من طرف المولى وعدم دخل قدرة المكلف بكلا قسميها من العقلية والعادية في ملاكات الاحكام، يستقل العقل بلزوم رعاية الملاك بالاحتياط وعدم الاعتناء باحتمال الموانع الراجعة إلى قصور العبد عن الامتثال إلى ان يتبين العجز، ولا مجال في مثله لجريان قبح العقاب بلا بيان، لما عرفت من ان مصب تلك القاعدة انما هو صورة احتمال القصور من ناحية تمامية اقتضاء التكليف من طرف المولى (وقد يتوهم) اقتضاء المناط المزبور لوجوب الاجتناب عن الطرف المبتلى به حتى في فرض الجزم بخروج بعض الاطراف عن الابتلاء نظرا إلى تخيل صدق الشك في القدرة فيه ايضا (ولكنه) تخيل فاسد ناشئ عن قلة التأمل، ضرورة وضوح الفرق بين الفرضين (فان) موضوع حكم العقل بالاحتياط انما هو الشك في القدرة في مورد الملاك والمصلحة، وهذا المعنى متحقق في فرض الشك في خروج بعض الاطراف عن الابتلاء، حيث ان الطرف المشكوك على فرض كونه ظرفا لوجود الملاك والمصلحة يشك فيه في القدرة (بخلاف) الفرض السابق فانه لا شك فيه في القدرة على مورد المصلحة، فانه على تقدير وجود المصلحة في الخارج عن الابتلاء يقطع فيه بعدم القدرة، وعلى تقدير وجودها في غيره يقطع فيه بالقدرة فليس للمكلف شك في القدرة على كل تقدير، وانما الشك في ان مورد الملاك والمصلحة اي الامرين منهما، ومرجع ذلك إلى الشك في وجود الملاك في المقدور لا في القدرة وبين الامرين فرق واضح.

(الوجه الثاني) هو ما افاده الشيخ (قدس سره) من التمسك بأطلاق ادلة المحرمات، بتقريب ان من البين شمول اطلاق ما دل على حرمة شرب الخمر أو النجس لكلتا صورتي الابتلاء به وعدمه، والمقيد لذلك انما هو حكم العقل باعتبار التمكن العادي من موضوع التكليف وعدم خروجه عن الابتلاء في حسن التكليف والخطاب واستهجانه بدونه وبعد اجمال مفهوم القيد وتردده بين الاقل والاكثر لابد من الاقتصار في تقييد اطلاقه على المتيقن خروجه عن الابتلاء والرجوع في الزائد إلى اصالة الاطلاق، لما تقرر في محله من ان التخصيص والتقييد بالمجمل مفهوما المردد بين الاقل والاكثر لا يمنع عن التمسك بالعام والمطلق فيما عدى القدر المتيقن من التخصيص والتقييد خصوصا إذا كان المقيد لبيا كما في المقام (وقد اورد عليه) بوجوه، الاول ان جواز الرجوع إلى العام والمطلق عند اجمال المخصص والمقيد وتردده بين الاقل والاكثر انما هو في المخصصات المنفصلة من اللفظية وما بحكمها من العقليات النظرية (واما) في المخصصات المتصلة اللفظية وما بحكمها من العقليات الضرورية الارتكازية، فلا يجوز ذلك لسراية اجمالها حينئذ إلى العام والمطلق باتصالها بهما فلا ينعقد معهما ظهور للعام والمطلق في جميع ما يحتمل انطباق مفهوم المخصص والمقيد عليه حتى يجوز الاخذ بهما في المشكوك ويحكم عليه بحكم العام والمطلق (و من المعلوم) ان المخصص في المقام انما يكون من قبيل الثاني، لان حكم العقل باعتبار القدرة العادية على موضوع التكليف في صحة التكليف به واستهجان توجيه الخطاب بما لا يمكن ابتلاء المكلف به عادة انما يكون من الضروريات العقلية المرتكزة في اذهان العرف والعقلاء بحيث ينتقل إليه الذهن بمجرد صدور الخطاب ويرى صرفه بحسب الارتكاز عما لا يقدر عليه المكلف، فإذا اشتبه حاله وتردد لإجمال مفهومه بين الاقل والاكثر فلا محالة يسرى اجماله إلى العمومات والمطلقات فتسقط عن قابلية التمسك بها (وفيه) منع كون حكم العقل باعتبار القدرة مطلقا على موضوع التكليف في الارتكاز بمثابة يكون كالتخصيص بالمتصل في كونه من القرائن المحفوفة بالكلام (ولو سلم) ذلك فإنما هو في القدرة العقلية خاصة، لا في مثل القدرة العرفية العادية التي بدونها يستهجن البعث والزجر، فان من الواضح انه ليس اعتبار هذه عند العقل في الوضوح بمثابة يكون من الضروريات المرتكزة في اذهان العرف والعقلاء بحيث ينتقل الذهن بدوا إلى اعتبارها عند صدور الخطاب، بل انما هي من الامور المحتاجة اعتبارها في صحة توجيه الخطاب إلى نحو تأمل من العقل وتدبر منه، وعليه يكون المقيد في المقام من المقيدات المنفصلة غير الكاسرة لظهور المطلقات، ولازمه بعد الاعتراف بإجمال القيد مفهوما وتردده بين الاقل والاكثر هو الاخذ بأطلاق الخطابات فيما عدى القدر المتيقن من التقييد هذا (واجاب عنه) بعض الاعاظم (قدس سره) على ما في تقرير بعض تلاميذه تارة بنحو ما ذكرنا، واخرى بعد تسليم انه من قبيل المخصص المتصل، بما حاصله ان المخصص المتصل على قسمين :

(احدهما) ان يكون الخارج عن العام عنوانا واقعيا غير مختلف المراتب كعنوان الفاسق المردد مفهومه بين خصوص مرتكب الكبيرة أو الاعم منه ومن مرتكب الصغيرة.

(وثانيهما) ان يكون الخارج عن العام عنوانا ذا مراتب مختلفة كعنوان عدم الابتلاء في المقام (فالتزم) بقدح اجمال المخصص في الاول دون الثاني نظرا إلى ان مراتب المخصص بمنزلة مخصصات عديدة، فيقتصر في تخصيص العام على المرتبة المتيقن خروجها ويتمسك به فيما عداها من المراتب الاخر لرجوع الشك فيها إلى الشك في ورود مخصص آخر للعام غير ما علم التخصيص به (وفيه) اولا ان غاية ما يقتضيه البيان المزبور انما هو رجوع الشك في التخصيص في الزائد عن القدر المتيقن إلى الشك البدوي لانحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بالأقل والشك البدوي في غيره، ولكنه لا يدفع غائلة لزوم اجمال العام، فانه يكفى فيه اتصاله بما يصلح للقرينية عليه ولو بنحو الشك البدوي كما في موارد الاستثناء المتعقب لجمل متعددة، ولذا ترى بنائهم على الحكم بالإجمال فيما عدى الجملة الاخيرة، لا الاخذ بالعموم نظرا منهم إلى صلاحيته للرجوع إلى الجميع ، وما يتراءى منهم من التمسك بأصالة العموم والاطلاق والحقيقة عند الشك في القرنية فإنما هو فيما كان الشك في اصل وجود القرنية، لا فيما كان الشك في قرينية الموجود المحفوف بالكلام، وحينئذ فبعد تسليم كون المقام من قبيل المخصص المتصل فلا محالة يكفي في اجمال العام مجرد الشك البدوي في التخصيص به، ومعه لا يفرق بين كون الخارج عن العام عنوانا واقعيا غير مختلف المراتب، وبين كونه عنوانا ذا مراتب مختلفة فان الملاك في القدح انما هو اتصال المجمل به لا كونه ذا مرتبة واحدة (وثانيا) منع كون المقام من قبيل التخصيص بمختلف المراتب، بل هو من قبيل التخصيص بعنوان غير ذي مراتب، نظير عنوان الفاسق الخارج عن عموم اكرام العلماء الذي اعترف بسراية اجماله إلى العام عند اتصاله به، لوضوح ان البحث في المقام انما هو في الشك في تحقق عنوان الخروج عن الابتلاء بكون موضوع التكليف في البصرة مثلا بعد القطع بان الخارج بحكم العقل هو مطلق مراتبه الصادق على اول وجوده، فكان الشك "ح" في ان اول وجود الخروج عن الابتلاء يتحقق بأي مرتبة من البعد من موضوع التكليف، لا ان الشك في ان أي مرتبة من الخروج عن الابتلاء فارغا عن صدق العنوان عليه مخصص للعام حتى يكون من قبيل التخصيص بعنوان ذي مراتب، فيكون المقام من هذه الجهة نظير عنوان الفسق الذى يشك في حصوله بارتكاب الصغيرة (نعم) انما يكون المقام من قبيل التخصيص بمختلف المراتب فيما لو كان حكم العقل بخروج الخارج عن الابتلاء على نحو الاهمال، ولكنك عرفت ما فيه وعرفت ايضا عدم إجدائه لرفع غائلة اجمال العام باتصاله بالمجمل (الثاني) من وجوه المنع عن التمسك بالإطلاق ما افاده المحقق الخراساني (قدس سره) في كفايته، من ان صحة الرجوع إلى الاطلاق انما هو فيما إذا شك في التقييد بشيء بعد الفراغ عن صحة الاطلاق بدونه، لا في الشك في تحقق ما هو معتبر جزما في صحته .

(وحاصله) بتحرير منا هو ان القدرة على موضوع التكليف بكلا قسميها من العقلية والعادية كما انها شرط في صحة الخطاب الواقعي وتشريع الحكم النفس الأمري وبدونها يقبح التكليف ويستهجن الخطاب بعثا وزجرا، كذلك شرط في الخطاب الظاهري الدال على ايجاب التعبد بظهور الخطاب أو صدوره ايضا، ولذا لا يصح التعبد بالظهور أو الصدور في الخارج عن الابتلاء لعدم ترتب اثر عملي حينئذ على التعبد بمثله، وحينئذ فكما ان الخطاب الواقعي مشكوك مع الشك في القدرة على موضوع التكليف، كذلك الخطاب الظاهري الدال على ايجاب التعبد بظهوره مشكوك ايضا (فان) مرجع التعبد بظهور الخطاب انما هو إلى جعله طريقا إلى الواقع مقدمة للعمل ومع الشك في القدرة على موضوع التكليف يشك في الاثر العملي فلا يقطع بحجية الخطاب حتى يجوز التمسك به لأثبات التكليف الفعلي في المورد المشكوك فيه (فمرامه) (قدس سره) في المنع عن التمسك بالإطلاق انما هو من جهة عدم احراز قابلية المورد اثباتا لحجية الخطاب مع الشك في القدرة التي هي شرط ايضا للحكم الظاهري، لا انه من جهة اشتراط احراز قابلية الحكم النفس الأمري للإطلاق على وجه يعم المشكوك فيه (وعليه لا وجه) لرمي كلامه بالغرابة بمخالفته لما عليه ديدن الاصحاب من التمسك بالمطلقات واستكشاف الاطلاق النفس الامري من اطلاق الكاشف، والاشكال عليه باقتضائه لسد باب التمسك بالمطلقات والعمومات اللفظية كلية (إذ ما) من مورد يشك في قيدية شيء الا ويرجع الشك فيه إلى الشك في امكان تسرية الحكم النفس الأمري إلى حالة عدمه خصوصا على مذهب العدلية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الكائنة في متعلقاتها، لملازمة الشك في قيدية شيء للشك في ثبوت المصلحة الموجبة للتقييد به المستلزم على تقدير ثبوتها في الواقع لامتناع الاطلاق للنفس الأمري على وجه يشمل حال عدمه (كما لا وجه) للاعتراض عليه بمنافات ذلك لما بنى عليه في مبحث العام والخاص من جواز التمسك بالعموم والاطلاق فيما إذا خصص أو قيد بأمر لبى عقلي أو غيره كقوله لعن الله بني امية قاطبة مع حكم العقل بقبح لعن المؤمن، بدعوى ان الملاك جاز في جميع القيود العقلية وليس لعدم الابتلاء خصوصية (لوضوح الفرق) بين المقامين، فان المخصص العقلي هناك بقبح لعن المؤمن يكون مقيدا لخصوص الحكم الواقعي فجاز التمسك بأطلاق اللعن لأثبات عدم ايمان من شك في ايمانه من تلك الشجرة الخبيثة وتسرية الحكم النفس الأمري بالنسبة إليه (بخلاف) حكمه باعتبار القدرة التي هي شرط للحكم الظاهري ايضا، فانه مع الشك فيها يشك في الحكم الظاهري، فلا يقطع بحجية الخطاب، حتى يجوز التمسك بإطلاقه لإثبات فعلية التكليف للمشكوك فيه هذا (ولكن) فيه ان ما افيد من شرطية القدرة عقلا في الخطابات الظاهرية انما يتم على القول بالموضوعية (واما) على ما هو التحقيق فيها من الطريقية الراجعة إلى مجرد الامر بالبناء العملي على مطابقة الظهور للواقع بلا جعل تكليف حقيقي في البين، فلا يلزم محذور، فان مرجع الامر المزبور حينئذ إلى كونه منجزا للواقع في صورة المصادفة مع كونه ايجابا صوريا في فرض عدم المصادفة (ومن) الواضح انه مع الشك في القدرة على موضوع التكليف لا محذور في توجيه مثل هذا التكليف إلى المكلف فتأمل ولازمه بمقتضى العلم الاجمالي هو الاجتناب عن الطرف المبتلى به عقلا (الثالث) من وجوه المنع ما افاده المحقق الخراساني (قدس سره) في حاشيته من ان الرجوع إلى الاطلاقات انما يجوز فيما لو كان القيد من الانقسامات السابقة على الخطاب بحيث يكون من احوال ما اطلق واطواره، لا فيما كان من القيود اللاحقة للخطاب كقيد الابتلاء بموضوع التكليف، فانه بحكم العقل والعرف يكون من شرائط تنجز الخطاب المتأخر عن اصل انشائه ويكون رتبة وجوده متأخرة عن رتبة اصل الخطاب، فكيف يرجع إلى الاطلاقات الواردة في مقام اصل انشائه في دفع ما شك في اعتباره في تنجزه (وفيه) ما لا يخفى إذ نمنع كون الابتلاء بموضوع التكليف من القيود المتأخرة عن الخطاب، بل هو كالقدرة العقلية من الانقسامات السابقة على التكليف والاوصاف العارضة على المكلف قبل التكليف من حيث كونه قادرا في نفسه على ايجاد موضوع التكليف مع قطع النظر عن تعلق التكليف به، فامكن حينئذ لحاظها في المرتبة السابقة على التكليف كغيرها من القيود الاخر كالاستطاعة والستر والطهارة، فإرجاع القدرة حينئذ إلى كونها من شرائط تنجيز الخطاب كالعلم به لا من شرائط نفسه مما لا نفهم له وجها (فان) العلم بالخطاب لكونه من شئونه وفي رتبة متأخرة عنه غير صالح لتقييد مضمونه، فمن ذلك لا محيص من ارجاعه إلى شرائط تنجيز الخطاب دون نفسه، واين ذلك من القدرة التي تصلح لتقييد نفس الخطاب في الرتبة السابقة عن تنجزه، ولهذا ترى بناء الاصحاب طرآ على الفرق بين العلم والقدرة في صلاحية القدرة لتقييد الخطاب ولو عقلا بخلاف العلم به (نعم) على فرض تسليم كونها من الانقسامات اللاحقة غير الموجبة لتقييد الخطاب بها لا مجال للأشكال عليه بان شرط التنجيز منحصر بالعلم وما يقوم مقامه فلا سبيل إلى دعوى كونها من الشرائط الموجبة للتنجيز (إذ يمكن) دفع ذلك بان المقصود من تنجيز الخطاب انما هو كونه منشئا لاستحقاق العقوبة على المخالفة، وهذا كما ان للوصول دخل فيه كذلك للقدرة دخل فيه، إذ لا يترتب ذلك على مجرد الوصول محضا (ثم لا يخفى) ان صحة التمسك بالإطلاقات انما هو فيما كان الشك في الابتلاء وعدمه من جهة الشبهة في الصدق، واما لو كان ذلك من جهة الشبهة المصداقية فلا يجوز التمسك بها لما حققناه في محله من عدم جواز التمسك بالعمومات والمطلقات في الشبهات المصداقية حتى في المخصصات اللبية ازاحة شبهة قد يقال كما عن بعض انه يلحق بالخروج عن الابتلاء موردان :

(احدهما) ماذا كان بعض اطراف العلم الاجمالي مما لا يقدر المكلف على التصرف فيه شرعا كما لو كان ملكا للغير الذى لا يرضى بالتصرف فيه، فالتزم فيه بعدم تأثير العلم الاجمالي بنجاسته أو نجاسة الاخر الذى هو ملكه وتحت تصرفه الا إذا كان في معرض البيع والشراء وكان المكلف بصدد شرائه بدعوى ان النهى الشرعي عن التصرف في ملك الغير موجب لسلب القدرة عنه ولأجله يصير بمنزلة غير المقدور العادي في استهجان التكليف بالاجتناب عنه فيسقط العلم الاجمالي عن التأثير، وبسقوطه يبقى الاصل النافي الجاري في الطرف الاخر بلا معارض .

(وثانيهما) ما إذا كان بعض الاطراف مما يبعد عادة اتفاق ابتلاء المكلف به كما لو علم اجمالا بنجاسة احد الترابين احدهما التراب الذي اعده للسجود عليه أو التيمم به، والاخر تراب الطريق الذى يبعد عادة اتفاق ابتلائه به من السجود عليه أو التيمم به، فالتزم فيه ايضا بعدم تأثير العلم الاجمالي (ولا يخفي عليك ما فيه) اما المورد الاول، فلان مجرد المنع الشرعي عن بعض اطراف العلم بوجه خاص كالغصب ونحوه لا يقتضى خروجه عن قابلية توجيه النهى إليه بوجه اخر حتى يقتضى سقوط العلم الاجمالي عن التأثير (فان) المعتبر في منجزية العلم الاجمالي كما اشرنا إليه واعترف به القائل المزبور، هو ان يكون كل من الاطراف بحيث لو علم تفصيلا كونه هو المعلوم بالإجمال لصح من المولى توجيه التكليف الفعلي بالاجتناب إليه (ومن الواضح) صدق هذا المعنى في المقام، فانه على تقدير كون النجس المعلوم بالإجمال الاناء الذى هو ملك الغير لا قصور في صحة توجيه الخطاب بالاجتناب عنه من جهة نجاسته بعد فرض قدرة المكلف عادة على التصرف فيه بغصب أو سرقة واستيلائه عليه خارجا (والا) لاقتضى ذلك في المورد العلم التفصيلي ايضا، ولازمه المنع عن امكان اجتماع النواهي المتعددة في شيء واحد بجهات عديدة وملاكات مختلفة (مع ان) البداهة قاضية ببطلانه، فانه لا شبهة في ان من شرب الخمر التي هي ملك الذمي غصبا يكون عاصيا من جهتين ويعاقب عقاب الغاصب وشارب الخمر ويترتب على النهى من كل جهة اثره الخاص من وجوب الحد عليه وضمان القيمة للذمي، وكذا فيمن زنى بجارية الغير حال طمثها فان العصيان فيه يكون من جهات، ولا يكون ذلك الا لكونه مجمع النواهي المتعددة، والامثلة لذلك كثيرة لا تحصى، ولذا ربما تجرى البرائة عن بعض تلك النواهي إذا شك فيه من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية حيث يجرى فيه حديث الرفع والحجب، بل ودليل الحلية ايضا على اشكال فيه، ويترتب عليه استحقاق العقوبة من الجهة المحرمة المعلومة دون الجهة المشكوكة، وإذا كانت الجهة المعلومة في نفسها من الصغائر لا يترتب على ارتكابه اثار الفسق بعد جريان البرائة بالنسبة إلى الجهة المشكوكة (واما المورد الثاني) الذى افاد الحاقه بالخارج عن الابتلاء، ففيه ان البعد المتصور في نحو المثال ان كان بمثابة يعد المكلف عرفا اجنبيا عنه عادة فهو من مصاديق الخارج عن الابتلاء لا ملحق به، وان لم يكن كذلك بل كان بعد اتفاق ابتلاء المكلف به من جهة بناء شخص المكلف على عدم ارتكابه واستقرار عادته على ترك السجود على تراب الطريق والتيمم به أو لكونه معرضا عنه بالطبع لمكان خسته وحقارته مع القدرة العادية عليه فلا وجه للإلحاق (كيف) ولازمه تخصيص النواهي الشرعية بمن ينقدح في نفسه ارادة الفعل لولا النهى وهو كما ترى، فانه لا شبهة في صحة النهي وحسنه في الموارد التي يكون المكلف بالطبع غير مريد للفعل كما في كشف العورة بمنظر من الناس ونحوها التي يمتنع عنها الطبع البشري لولا النهي " فرع " إذا كان المكلف محدثا وكان عنده ماء وتراب وعلم بنجاسة أحدهما مع انحصار الطهور بهما، ففي وجوب الجمع بين الوضوء والتيمم أو وجوب الوضوء فقط أو عدم وجوب شيء عليه لكونه بحكم فاقد الطهورين، وجوه " والتحقيق " ان يقال انه ان كان التراب مورد ابتلائه ايضا من غير جهة التيمم به، فاللازم هو الجمع بين الوضوء والتيمم للعلم الاجمالي والتمكن من تحصيل الطهارة، بل الواجب هو تقديم التيمم على الوضوء لان في فرض العكس يعلم تفصيلا ببطلان تيممه اما من جهة نجاسة محاله أو من جهة نجاسة ما يتيمم به (واما) إذا لم يكن التراب مورد ابتلائه الفعلي من غير جهة التيمم به، فالواجب هو الوضوء فقط، لا لان اصل الطهارة الجاري في الماء يرفع الابتلاء بالتيمم كما عن بعض المعاصرين، بل لعدم اقتضاء العلم الاجمالي حينئذ لأحداث التكليف الفعلي على كل تقدير فانه على تقدير كون النجس هو التراب لا يحدث من قبل نجاسته تكليف بالاجتناب عنه (لان) فرض نجاسته ملازم لطهارة الماء المستتبع للتكليف بالطهارة المائية، فعدم تكليفه حينئذ بالتيمم به ليس من جهة نجاسته بل هو من جهة كونه واجدا للماء الطاهر، وحينئذ فبعد سقوط العلم الاجمالي المزبور عن التأثير يرجع الشك في نجاسة الماء إلى كونه بدويا فتجري فيه اصالة الطهارة ويترتب على جريانها وجوب الوضوء.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.