أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
![]()
التاريخ: 4-9-2016
![]()
التاريخ: 10-8-2016
![]()
التاريخ: 10-8-2016
![]() |
من طرق الاستنباط ـ كما اشير إليه (1) ـ الطرد والعكس ، أي الدوران. وقد عرفت (2) أنّه الاستلزام في الوجود والعدم ـ أي كون الوصف بحيث يحدث الحكم بحدوثه وينعدم بعدمه ـ وهو قد يتحقّق في محلّ واحد ، كما في الإسكار والتحريم في العصير وقد يقع في محلّين ، كما في الكيل وتحريم التفاضل ؛ فإنّ أحد جزئيه ـ وهو الطرد ـ تحقّق في البرّ مثلا ، والآخر ـ وهو العكس ـ يتحقّق في الثياب مثلا.
وقد اختلف في إفادته للعلّيّة على أقوال (3) ثالثها : أنّه يفيدها ظنّا لا قطعا (4). وهو الحقّ ، إلاّ أنّ مثل هذا الظنّ لا يصلح أن يكون مؤسّسا لحكم شرعي. فعلى هذا يحكم بثبوت جميع الأحكام الدائرة مع الأوصاف في الموادّ المخصوصة التي ثبت فيها الترتيب من الشرع ، ولا يقطع بعلّيتها لها حتّى أمكن القياس عليها ، فيبطل قياس الطرد المركّب.
ثمّ لمّا كان العمل في المحالّ التي ثبت فيها الدوران بقول الشارع لما به ، فلا يتحقّق العمل بنفس الدوران ، كما لا يجوز العمل بالقياس على محالّه. هذا.
ولنا على ما اخترناه أنّ الحادث لا بدّ له من علّة ولم يظفر بعلّة غير المدار ، فبضميمة أصالة العدم يحصل الظنّ بعلّيّة المدار. وأيضا إذا وجد الدوران ولا مانع من العلّيّة من معيّة ، كما في المتضايفين ، أو تأخّر كما في المعلول ، أو غيرهما ، كما في الشرط المساوي حصل الظنّ بها، وذلك ممّا يقضي به العادة ؛ ويؤكّده أنّه إذا دعي الإنسان باسم مغضب فغضب ، ثمّ ترك فلم يغضب وتكرّر ذلك ، علم عادة أنّه سبب الغضب ، ولا يفيد القطع بالعلّيّة ؛ لجواز عدم احتياج الحكم الدائر إلى العلّة ، أو كون العلّة غير المدار ، أو قصر علّيّته على محلّ الدوران.
واحتجّ من قال بإفادته للعلّيّة قطعا (5) بأمثال ما ذكرناه ، وهو لا يفيد أزيد من الظنّ ، كما عرفت (6).
واحتجّ من أنكر إفادته للعلّيّة مطلقا بوجهين :
أحدهما : أنّ الطرد لا يؤثّر ، والعكس لا يعتبر (7).
أمّا الأوّل ، فلأنّ الاطّراد أن لا يوجد الوصف بدون الحكم ، ووجوده بدونه هو النقض. فالاطّراد هو السلامة عن النقض ، وهو أحد مفسدات العلّة. والسلامة عن مفسد واحد لا توجب انتفاء كلّ مفسد ، ولو سلّم ، فلا يصحّح علّيّته إلاّ بوجود مقتض للعلّيّة ؛ لأنّ رفع المانع وحده لا ينتهض علّة مقتضية.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الانعكاس ليس شرطا في العلّيّة ، كما يأتي ، فليس شرطا في صحّتها.
واجيب بأنّه قد يكون للمجموع أثر ليس لكلّ واحد من أجزائه ؛ فإنّ كلّ واحد من أجزاء العلّة المركّبة لا يصلح علّة ، ويحصل من اجتماعها مجموع هو العلّة (8).
وعلى ما اخترناه ، فجوابه أنّ كلّ واحد من الاطّراد والانعكاس يفيد ظنّا ما ، ومن اجتماعهما يتقوّى الظنّ.
وثانيهما : أنّ الدوران قد وجد في محالّ متعدّدة لم يثبت فيها العلّيّة ، كما في المتضايفين ، والعلّة والمعلول المتساويين ؛ لامتناع كون المعلول علّة لعلّته والمعلولين المتساويين وأجزاء العلّة المساوية لها ؛ فإنّها دائرة معها مع انتفاء العلّيّة ، وشرائط المعلول المساوية له ؛ فإنّها دائرة معه ومع علّته مع انتفاء العلّيّة ، ولوازم المعلول ؛ فإنّها دائرة معه ، ولوازم العلّة ؛ فإنّها دائرة معها ومع المعلول ، كالرائحة المخصوصة الملازمة للمسكر ؛ فإنّها توجد بوجوده وتعدم بعدمه وليس بعلّة ، والحدّ والمحدود والجسم واللون والحركة والزمان وغير ذلك (9).
واجيب بأنّ ارتفاع العلّيّة فيها لمانع ، والمبحث ما لم يوجد فيها المانع (10). هذا.
واعلم أنّ الدوران بين الوصف والحكم قد يتحقّق في محالّ متعدّدة ، كالدوران في الكيل وتحريم التفاضل ؛ فإنّه قد تحقّق كلّ واحد من جزئيه ـ أي الطرد والعكس ـ في محالّ متعدّدة ، فالأوّل قد وجد في البرّ والشعير والسمن والملح وغيرها ، والثاني قد وجد في الثياب والحيوان والأسلحة وغيرها.
وقد يتحقّق في محلّ واحد ، كما في الإسكار والتحريم ؛ فإنّ الدوران بينهما قد وجد في محلّ واحد وهو العصير. والمتحقّق في محلّ واحد إمّا أن يكون بالحدوث والزوال مرّة أو أكثر ؛ ولذلك يختلف مراتب الظنّ بعلّيّة المدارات ، فإنّه لو وجد في محلّ واحد بالحدوث والزوال مرّة يحصل منه ظنّ ضعيف ، وربّما لم يحصل منه شيء.
استدراك :
قد دريت ممّا ذكر أنّ ما يقتضيه قواعد الإماميّة بطلان كلّ قياس طريق إثباته إحدى الطرق المذكورة (11) وهو : قياس الإخالة ، وقياس الشبه ، وقياس السبر ، وقياس الطرد البسيط ، وقياس الطرد المركّب ، ويجمعها قياس مرجوح التأثير ـ وعدم صلاحيته للتقوية والتأييد ، ولكن له بعض هذه الطرق التي يمكن الاستدلال بها على حكم أوّلا ، وجعله علّة له من غير أن يجعل طريقا للقياس ، كالمناسبة.
والشبه لا يمتنع أن يجعل مؤيّدا ومرجّحا ؛ لأنّ ما يثبت بطلانه بالقاطع هو العمل بالقياس الذي كان طريق إثباته إحدى الطرق المذكورة ، لا بنفس هذه الطرق ، فإذا حصل من بعضها ظنّ بثبوت حكم أوّلا ، فلا بأس بجعله مرجّحا وإن لم يصلح أن يكون مؤسّسا للحكم.
___________
(1) في ص 438.
(2) في ص 424.
(3) حكاها الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 330.
(4) نسبه الآمدي إلى القاضي أبي بكر الباقلاني في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 330.
(5) حكاه الرازي في المحصول 5 : 207 ، والآمدي عن بعض المعتزلة في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 330.
(6) تقدّم آنفا.
(7) قاله الغزالي في المستصفى : 315 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 330 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 257.
(8) نسبه الفخر الرازي إلى الخصم في المحصول 5 : 218 و 219 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 331.
(9) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 222 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 332 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 257.
(10) حكاه الفخر الرازي في المحصول 5 : 210 ـ 216 ، وقاله الأسنوي في نهاية السؤل 4 : 125.
(11) راجع : تهذيب الوصول : 251 ، والوافية : 237 ـ 239.
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
مشاتل الكفيل تزيّن مجمّع أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) بالورد استعدادًا لحفل التخرج المركزي
|
|
|