(يَتْبَعُ في الإعْرَابِ الأَسْمَاءَ الأُوَل نَعْتٌ وَتَوكِيْدٌوَعَطْفٌ وَبَدَل) وتسمى لأجل ذلك التوابع. فالتابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد غير خبر. فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ والمفعول الثاني وحال المنصوب. وبغير خبر حامض من قولك هذا حلو حامض.
تنبيهات: الأول سيأتي أن التوكيد والبدل وعطف النسق تتبع غير الاسم وإنما خص الأسماء بالذكر لكونها الأصل في ذلك. الثاني في قوله الأول إشارة إلى منع تقديم التابع على متبوعه. وأجاز صاحب البديع تقديم الصفة على الموصوفإذا كان لاثنين أو جماعة وقد تقدم أحد الموصوفين، فتقول قام زيد العاقلان وعمرو، ومنه قوله:
وَلَسْتُ مُقِرًّا لِلرِّجَالِ ظُلاَمَةً أَبَى ذَاكَ عَمِّي الأَكْرَمَانِ وَخَالِيَا
ص188
وأجاز الكوفيون تقديم المعطوف بشروط تذكر في موضعها. الثالث اختلف في العامل في التابع فذهب الجمهور إلى أن العامل فيه هو العامل في المتبوع واختاره الناظم وهو ظاهر مذهب سيبويه. الرابع لم يتعرض هنا لبيان رتبة التابع. قال في التسهيل: ويبدأ عند اجتماع التوابع بالنعت، ثم بعطف البيان، ثم بالتوكيد، ثم بالبدل، ثم بالنسق أي فيقال: جاء الرجل الفاضل أبو بكر نفسه أخوك وزيد. الخامس قدم في التسهيل باب التوكيد على باب النعت، وكذا فعل ابن السراج وأبو علي والزمخشري وهو حسن لأن التوكيد بمعنى الأول والنعت على خلاف معناه لأنه يتضمن حقيقة الأول وحالاً من أحواله، والتوكيد يتضمن حقيقة الأول فقط. وقدم في الكافية النعت كما هنا. وكذا فعل أبو الفتح والزجاجي والجزولي نظراً لما سبق في التنبيه الرابع. (فَالنَّعْتُ) في عرف النحاة (تَابِعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ) أي مكمل المتبوع (بِوَسْمِهِ) أي بوسم المتبوع أي علامته (أَو وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ) فالتابع جنس يشمل جميع التوابع المذكورة، ومتم ما سبق مخرج للبدل والنسق، وبوسمه أو وسم ما به اعتلق مخرج لعطف البيان والتوكيد لأنهما شاركا النعت في إتمام ما سبق، لأن الثلاثة تكمل دلالته وترفع اشتراكه واحتماله، إلا أن النعت يوصل إلى ذلك بدلالته على معنى في المنعوت أو في متعلقه، والتوكيد والبيان ليسا كذلك. والمراد بالمتم المفيد ما يطلبه المتبوع بحسب المقام من توضيح نحو جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه، أو تخصيص نحو جاءني رجل تاجر أو تاجر أبوه، أو تعميم نحو يرزق الله عباده الطائعين والعاصين الساعية أقدامهم والساكنة أجسامهم، أو مدح نحو الحمد لله رب العالمين الجزيل عطاؤه، أو ذم نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، أو ترحم نحو اللهم أنا عبدك المسكين المنكسر قلبه، أو توكيد نحو أمس الدابر المنقضي أمده لا يعود، أو إبهام نحو تصدقت بصدقة كثيرة أو
ص189
قليلة ثوابها أو شائع احتسابها، أو تفصيل نحو مررت برجلين عربي وعجمي كريم أبواهما لئيم أحدهما. ويسمى الأول من هذه الأمثلة نعتاً حقيقياً والثاني سببياً (فَليُعْطَ) النعت مطلقاً (فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ مَا) أي الذي (لِمَا تَلاَ) وهو المنعوت (كَامْرُرْ بِقَومٍ كُرَمَا) وبقوم كرماء آباؤهم، وبالقوم الكرماء وبالقوم الكرماء آباؤهم.
تنبيهات: الأول ما ذكره من وجوب التبعية في التعريف والتنكير هو مذهب الجمهور. وأجاز الأخفش نعت النكرة إذا خصصت بالمعرفة، وجعل الأوليان صفة لآخران في قوله تعالى: {فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان} (المائدة: 107)، وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة، وأجازه ابن الطراوة بشرط كون الوصف خاصاً بذلك الموصوف كقوله:
أَبِيْتُ كَأَنِّي سَاوَرَتْنِي ضَئِيلَةٌ مِنَ الرُّقْشِ فِي أَنْيَابِهَا السُّمُّ نَاقِعُ
والصحيح مذهب الجمهور وما أوهم خلاف ذلك مؤول. الثاني استثنى الشارح من المعارف المعرف بلام الجنس قال فإنه لقرب مسافته من النكرة يجوز نعته بالنكرة المخصوصة، ولذلك تسمع النحويين يقولون في قوله:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي فَأَعِفُّ ثُمَّ أَقُولُ لاَ يَعْنِينِي
ص190
أن يسبني صفة لا حال، لأن المعنى ولقد أمر على لئيم من اللئام. ومنه قوله تعالى: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} (يس: 37)، وقولهم: ما ينبغي للرجل مثلك أو خير منك أن يفعل كذا. الثالث لا يمتنع النعت في النكرات بالأخص نحو رجل فصيح وغلام يافع. وأما في المعارف فلا يكون النعت أخص عند البصريين بل مساوياً أو أعم. وقال الشلوبين والفراء: ينعت الأعم بالأخص، قال المصنف وهو الصحيح. وقال بعض المتأخرين: توصف كل معرفة بكل معرفة كما توصف كل نكرة بكل نكرة اهـ. (وَهْوَ لَدَى التَّوحِيدِ وَالتَّذْكِيرِ أَو سِوَاهُمَا) وهو التثنية والجمع والتأنيث (كَالفِعْلِ فَاقْفُ مَا قَفَوا) أي يجري النعت في مطابقة المنعوت وعدمها مجرى الفعل الواقع موقعه، فإن كان جارياً على الذي هو له رفع ضمير المنعوتوطابقه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، تقول مررت برجلين حسنين وامرأة حسنة، كما تقول مررت برجلين حسنا وامرأة حسنت. وإن كان جارياً على ما هو لشيء من سببيه فإن لم يرفع السببي فهو كالجاري على ما هو له في مطابقته للمنعوت لأنه مثله في رفعه ضمير المنعوت نحو مررت بامرأة حسنة الوجه أو حسنة وجهاً، وبرجلين كريمي الأب أو كريمين أباً، وبرجال حسان الوجوه أو حسان وجوهاً، وإن رفع السببي كان بحسبه في التذكير والتأنيث كما هو في الفعل، فيقال مررت برجال حسنة وجوههم وبامرأة حسن وجهها كما يقال حسنت وجوههم وحسن وجهها.
ص191
تنبيهات: الأول يجوز في الوصف المسند إلى السببي المجموع الإفراد والتكسير فيقال مررت برجل كريم آباؤه وكرام آباؤه. الثاني قد يعامل الوصف الرافع ضمير المنعوت معاملة رافع السببي إذا كان معناه له، فيقال مررت برجل حسنة العين كما يقال حسنت عينه حكى ذلك الفراء وهو ضعيف، وذهب كثير منهم الجرمي إلى منعه. الثالث أفهم قوله كالفعل جواز تثنية الوصف الرافع للسببي وجمعه الجمع المذكر السالم على لغة أكلوني البراغيث، فيقال مررت برجل كريمين أبواه، وجاءني رجل حسنون غلمانه. الرابع ما ذكره من مطابقة النعت للمنعوت مشروط بأن لا يمنع منها مانع كما في صبور وجريح وأفعل من اهـ. (وَانْعَتْ بِمُشْتَقَ) والمراد به ما دل على حدث وصاحبه وذلك اسم الفاعل كضارب وقائم واسم المفعول كمضروب ومهان والصفة المشبهة. (كَصَعْبٍ وَذَرِبْ) وأفعل التفضيل كأقوى وأكرم، ولا يرد اسم الزمان والمكان والآلة لأنها ليست مشتقة بالمعنى المذكور وهو اصطلاح (وَشِبْهِهِ) أي شبه المشتق والمراد به ما أقيم مقام المشتق في المعنى من الجوامد (كَذَا) وفروعه من أسماء الإشارة غير المكانية (وَذِي) بمعنى صاحب والموصولة وفروعهما (وَالمُنْتَسِبْ) تقول مررت بزيد هذا، وذي المال، وذو قام، والقريشي، فمعناها الحاضر وصاحب المال، والقائم، والمنسوب إلى قريش (وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ) بثلاثة شروط: شرط في المنعوت وهو أن يكون (مُنْكَّرَاً) إما لفظاً ومعنى نحو: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} (البقرة: 281)، أو معنى لا لفظاً وهو المعرف بأل الجنسية كقوله:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
وشرطان في الجملة: أحدهما أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف إما ملفوظ كما تقدم أو مقدر كقوله تعالى: {واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً} (البقرة: 48)، أي لا تجزي فيه أو بدل منه كقوله:
كَأَنَّ حَفِيفَ النَّبْلِ مِنْ فَوقِ عَجْسِهَا
ص192
عَوَازِبُ نَحْلٍ أَخْطَأَ الغَارَ مُطْنِفُ
أي أخطأ غارها، فأل بدل من الضمير وإلى هذا الشرط الإشارة بقوله: (فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا) والثاني أن تكون خبرية أي محتملة للصدق والكذب وإليه الإشارة بقوله: (وَامْنَعْ هُنَا إيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) فلا يجوز مررت برجل أضربه أو لا تهنه، ولا بعبد بعتكه قاصداً إنشاء البيع (وَإِنْ أَتَتْ) الجملة الطلبية في كلامهم (فَالقَولَ أضْمِرْ تُصِبِ) كقوله:
جَاءُوا بِمَذْقٍ هَل رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ
أي جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول فيه عند رؤيته هذا الكلام.
تنبيهان: الأول ذكر في البديع أن الوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالجملة الاسمية. الثاني فهم من قوله:
فأعطيت ما أعطيته خبراً
أنها لا تقترن بالواو بخلاف الحالية فلذلك لم يقل ما أعطيته حالاً (وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيراً) وكان حقه أن لا ينعت به لجموده، ولكنهم فعلوا ذلك قصداً للمبالغة أو توسعاً بحذف مضاف (فَالتَزَمُوَا الإفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا) تنبيهاً على ذلك فقالوا رجل عدل ورضا وزور، وامرأة عدل ورضا وزور، ورجلان عدل ورضا وزور، وكذا في الجمع أي هو نفس العدل أو ذو عدل، وهو عند الكوفيين على التأويل بالمشتق أي عادل ومرضي وزائر.
ص193
تنبيهان: الأول وقوع المصدر نعتاً وإن كان كثيراً لا يطرد كما لا يطرد، وقوعه حالاً وإن كان أكثر من وقوعه نعتاً. الثاني أطلق المصدر وهو مقيد بأن لا يكون في أوله ميم زائدة كمزاد ومسير فإنه لاينعت به لا باطراد ولا بغيره (وَنَعْتُ غَيرِ وَاحِدٍ إذَا اخْتَلَفْ فَعَاطِفَاً فَرِّقْهُ لاَ إذَا ائْتَلَفْ) مثال المختلف مررت برجلين كريم وبخيل، ومثال المؤتلف مررت برجلين كريمين أو بخيلين.ويستثنى من الأول اسم الإشارة فلا يجوز تفريق نعته، فلا يقال مررت بهذين الطويل والقصير نص على ذلك سيبويه وغيره كالزيادي والزجاج والمبرد. قال الزيادي وقد يجوز ذلك على البدل أو عطف البيان.
تنبيهات: الأول قيل يندرج في غير الواحد ما هو مفرد لفظاً مجموع معنى كقوله:
فَوَافَينَاهُمُ مِنَّا بِجَمْعٍ كَأُسْدِ الغَابِ مُرْدَانٍ وَشِيبِ
وفيه نظر. الثاني قال في الارتشاف: والاختيار في مررت برجلين كريم وبخيل القطع. الثالث قال في التسهيل: يغلب التذكير والعقل عند الشمول وجوباً وعند التفصيل اختياراً (وَنَعْتَ مَعْمُولَي) عاملين (وَحِيدَي مَعْنَى وَعَمَلٍ أَتْبِعْ بِغَيرِ اسْتِثْنَا)أي أتبع مطلقاً نحو جاء زيد وأتى عمرو العاقلان، وهذا زيد وذاك خالد الكريمان، ورأيت زيداً وأبصرت عمراً الظريفين، وخصص بعضهم جواز الاتباع بكون المتبوعين فاعلي فعلين أو خبري مبتدأين، فإن اختلف العاملان في المعنى والعمل أو في أحدهما وجب القطع بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل نحو جاء زيد ورأيت عمراً الفاضلان أو الفاضلين، ونحو جاء زيد ومضى بكر الكريمان أو الكريمين، ونحو هذا مؤلم زيد وموجع عمرا الظريفان أو الظريفين. ولا يجوز الاتباع في ذلك لأن العمل الواحد لا يمكن نسبته لعاملين من شأن كل واحد منهما أن يستقل.
ص194
تنبيهان: الأول إذا كان عامل المعمولين واحداً ففيه ثلاث صور: الأولى أن يتحد العمل والنسبة نحو قام زيد وعمرو العاقلان. وهذه يجوز فيها الاتباع والقطع في أماكنه من غير إشكال. الثانية أن يختلف العمل وتختلف نسبة العامل إلى المعمولين من جهة المعنى نحو ضرب زيد عمرا الكريمان، ويجب في هذه القطع قطعاً. الثالثة أن يختلف العمل وتتحد النسبة من جهة المعنى نحو خاصم زيد عمرا الكريمان، فالقطع في هذه واجب عند البصريين وأجاز الفراء وابن سعدان الإتباع، والنص عن الفراء أنه إذا أتبع غلب المرفوع فتقول خاصم زيد عمرا الكريمان. ونص ابن سعدان على جواز اتباع أي شئت لأن كلاً منهما مخاصم ومخاصم، والصحيح مذهب البصريين: قيل بدليل أنه لا يجوز ضارب زيد هنداً العاقلة برفع العاقلة نعتاً لهند، لكن ذكر الناظم في باب أبنية الفعل من شرح التسهيل أن الاسمين من نحو ضارب زيد عمرا ليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب. قال ولو أتبع منصوبهما بمرفوع أو مرفوعهما بمنصوب لجاز، ومنه قول الراجز:
قَدْ سَالَمَ الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدَمَا الأُفْعُوَانَ وَالشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا
ص195
فنصب الأفعوان وهو بدل من الحيات وهو مرفوع لفظاً، لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان. وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير قد سالم الحيات منه القدم، وسالمت القدم الأفعوان. الثاني قوله أتبع يوهم وجوب الاتباع وليس كذلك لأن القطع في ذلك منصوص على جوازه (وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ) أي تبعت منعوتاً (مُفتَقِراً لِذِكْرِهِنَّ) بأن كان لا يعرف إلا بذكر جميعها (أُتْبِعَتْ) كلها لتنزيلها منه حينئذٍ منزلة الشيء الواحد، وذلك كقولك مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة أحدهم تاجر كاتب والآخر تاجر فقيه والآخر فقيه كاتب(وَاقْطَعْ) الجميع (أَو اتْبَعْ) الجميع أو اقطع البعض وأتبع البعض (إِنْ يَكُنْ) المنعوت (مُعَيَّناً بِدُونِهَا) كلها كما في قول خرنق:
لاَ يَبْعَدَنْ قَومِي الذِينَ همُ سمُّ العُدَاةِ وَآفَةُ الجُزُر
النازِلون بكل معتَرَكٍ والطيبون معاقدُ الأُزُر
فيجوز رفع النازلين والطيبين على الاتباع لقومي، أو على القطع بإضمارهم، ونصبهما بإضمار أمدح أو أذكر، ورفع الأول ونصب الثاني على ما ذكرنا، وعكسه على القطع فيهما (أو بَعْضَهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا) أي إذا كان المنعوت مفتقراً إلى بعض النعوت دون بعض وجب اتباع المفتقر إليه وجاز فيما سواه القطع والاتباع. هكذا في شرح الكافية.
تنبيهات: الأول إذا قطع بعض النعوت دون بعض قدم المتبع على المقطوع ولا يعكس، وفيه خلاف. قال ابن أبي الربيع الصحيح المنع. وقال صاحب البسيط الصحيح الجواز. ولو فرق بين الحالة الثانية وهي الاستغناء عن الجميع فيجوز والحالة الثالثة وهي الافتقار إلى البعض دون البعض فلا يجوز لكان مذهباً. الثاني إذا كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الاتباع وجاز في الباقي القطع كقوله:
وَيَأوِي إلَى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ وَشُعْثَاً مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِي
ص196
الثالث يستثنى من إطلاقه النعت المؤكد نحو إلهين اثنين، والملتزم نحو الشعري العبور، والجاري على مشاربه نحو هذا العالم فلا يجوز القطع في هذه (وَارْفَعْ أوِ انْصِبْ إنْ قَطَعْتَ) النعت عن التبعية (مُضْمِرَا مُبْتَدَأً أو نَاصِباًلَنْ يَظْهَرَا) أي لا يجوز إظهارهما، وهذا إذا كان النعت لمجرد مدح أو ذم أو ترحم نحو الحمد لله الحميد بالرفع بإضمار هو. ونحو: {وامرأته حمالة الحطب} (المسد: 4)، بالنصب بإضمار أذم. أما إذا كان للتوضيح أو للتخصيص فإنه يجوز إظهارهما، فتقول مررت بزيد التاجر بالأوجه الثلاثة، ولك أن تقول هو التاجر وأعني التاجر (وَمَا مِنَ المَنْعُوتِ وَالنّعْتِ عُقِل) أي علم (يَجُوزُ حَذْفُهُ) ويكثر ذلك في المنعوت (وَفِي النَّعْتِ يَقِل) فالأول شرطه إما كون النعت صالحاً لمباشرة العامل نحو: {أن اعمل سابغات} (سبأ: 11)، أي دروعاً سابغات، أو كون المنعوت بعض اسم مخفوض بمن أو في كقولهم: منا ظعن ومنا أقام: أي منا فريق ظعن ومنا فريق أقام. وكقوله:
لَو قُلتَ مَا فِي قَومِهَا لَمْ تِيثَمِ يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمِ
أصله لو قلت أحد يفضلها لم تأثم، فحذف الموصوف وهو أحد، وكسر حرف المضارعة من تأثم وأبدل الهمزة ياء، وقدم جواب لو فاصلاً بين الخبر المقدم وهو الجار والمجرور، والمبتدأ المؤخر وهو أحد المحذوف، فإن لم يصلح ولم يكن المنعوت بعض ما قبله من مجرور بمن أو في امتنع ذلك أي إقامة الجملة وشبهها مقامه إلا في الضرورة كقوله:
لَكُمْ قِبْصَةٌ مِنْ بَينَ أَثْرَى وَأَقْتَرَا
وقوله:
تَرْمِي بِكَفَّي كَانَ مِنْ أَرْمَى البَشَرْ
وقوله:
كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيشٍ يُقَعْقَعُ بَينَ رِجْلَيهِ بِشَنِّ
والثاني كقوله تعالى: {يأخذ كل سفينة غصبا} (الكهف: 79)، أي كل سفينة صالحة. وقوله:
ص197
فَلَمْ أُعْطَ شَيئَاً وَلَمْ أُمْنَعِ
أي شيئاً طائلاً. وقوله:
وَرُبَّ أَسِيلَةِ الخَدَّينِ بِكْرٍ مُهَفْهَفَةٍ لَهَا فَرْعٌ وَجِيدُ
أي فرع فاحم وجيد طويل.
تنبيهات: الأول قد يلي النعت لا أو إما فيجب تكررهما مقرونين بالواو نحو مررت برجل لا كريم ولا شجاع، ونحو ائتني برجل إما كريم وإما شجاع. الثاني يجوز عطف بعض النعوت المختلفة المعاني على بعض نحو مررت بزيد العالم والشجاع والكريم. الثالث إذا صلح النعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلاً منه المنعوت نحو: {إلى صراط العزيز الحميد لله} (إبراهيم: 1). الرابع إذا نعت بمفرد وظرف وجملة قدم المفرد وأخرت الجملة غالباً نحو: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} (غافر: 28)، وقد تقدم الجملة نحو: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} (الأنعام: 92)، {فسوف يأتي الله بقوم} (المائدة:54) الآية .
خاتمة: من الأسماء ما ينعت وينعت به كاسم الإشارة نحو مررت بزيد هذا وبهذا العالم، ونعته مصحوب أل خاصة، فإن كان جامداً محضاً نحو بهذا الرجل فهو عطف بيان على الأصح، ومنها ما لا ينعت ولا ينعت به كالمضمر مطلقاً خلافاً للكسائي في نعت ذي الغيبة تمسكاً بما سمع نحو صلى الله عليه الرؤوف الرحيم، وغيره يجعله بدلاً. ومنها ما ينعت ولا ينعت به كالعلم. ومنها ما ينعت به ولا ينعت كأي نحو مررن بفارس أي فارس. ولا يقال جاءني أي فارس. والله أعلم.
ص198