أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-7-2016
1819
التاريخ: 11-7-2016
2163
التاريخ: 2023-10-03
1377
التاريخ: 21-04-2015
7877
|
قال الصادق (عليه السلام) : فكر يا مفضل في الصحو والمطر كيف يتعاقبان على هذا العالم لما فيه صلاحه ولو دام واحد منهما عليه كان في ذلك فساده ، ألا ترى أن الأمطار إذا توالت عفنت البقول والخضر واسترخت أبدان الحيوان وخصر الهواء فاحدث ضروباً من الامراض وفسدت الطرق والمسالك . وأن الصحو إذا دام جفت الأرض واحترق النبات وغيض ماء العيون .
هنا أراد الإمام (عليه السلام) أن يذكر منافع الصحو والمطر وتعاقبهما وتواردهما بنظام واتقان لصالح هذا العالم وانتفاع الخلق بهما فيه حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية الشاملة فقال (عليه السلام) : (ولو دام واحد منهما عليه الخ).
وهذا واضح صحيح فإنا نرى بالوجدان أن الأمطار إذا دامت طول السنة دون فترة غلبت الرطوبة والبرودة على البقول والخضر بل على كل نبات لكثرة المياه وقلة اشعاع الشمس واذا استمرت هذه الحالة تعفنت وفسدت واذا فسدت ذهب غذاء الحيوان وقوام حياته على أن الحيوان هو نفسه يسترخي بدنه لذهاب والأودية فاضر ذلك بالناس وغلب اليبس على الهواء فأحدث ضروبا أخرى من الأمراض ، فإذا تعاقبا على العالم هذا التعاقب إعتدل الهواء ودفع كل واحد منهما عادية الأخر فصلحت الأشياء واستقامت فأن قال قائل :
ولم لا يكون في شيء من ذلك مضرة البتة ، قيل له : ليمض ذلك الإنسان ويؤلمه بعض الألم فيرعوى عن المعاصي فكما أن الإنسان إذا سقم بدنه احتاج إلى الأدوية المرة البشعة ليقوم طباعه ويصلح ما حرارة الشمس واشعاعها عنه فأنها كانت هي السبب في نشاطه وحركته كما أن الهواء أيضا إذا برد وخصر لتلك الأسباب المذكورة معه حصول الاسترخاء في الآبدان . حدث ضروبا من الأمراض مثل الروماتيزم (المفاصل) واسترخاء الأعصاب والشلل والزكام وغيرها من الأمراض الرطوبية الباردة مضافا إلى فساد الطرق بالاوحال وضيق المسالك بالمياه الكثيرة .
وعلى هذا فلابد للأرض من صحو وهذا الصحو لا يكون إلا بانقطاع المطر وظهور الشمس المشرفة والمشعة على العالم بنورها ونارها الموجبين لا يجاد النشاط والقوة والحياة في الأبدان والنبات بل وفي كل جزء من أجزاء العالم .
ثم أن الصحو مع ما فيه من مصالح ومآرب ودفع أضرار وأمراض فأنه لا صلاح باستمراره ودوامه لأن دوامه معناه دوام إشراق الشمس واستمرار اشعاعها وأرسال حرارتها المجففة المحرقة والتي أن دامت ودام انقطاع الأمطار سبب قلة المياه من على سطح الأرض وأن تفيض العيون والأودية لانقطاع نزول مياه الأمطار.
وهذا بما يضر بالناس أيضأ لجفاف الماء ويبس الهواء وقد يحدث أمراضا أخرى لا تقل فتكا عن الأمراض التي يحدثها استمرار نزول المطر نفسه ، لذلك افتضت الحكمة السماوية العادلة أن يتعاقبا على العالم بنظام وتدبير ليعتدل الهاء ويدفع كل واحد منهما بالتعاقب ضرر الأخر وعاديته فتصلح الأشياء وتستقيم الأبدان وتصفو الحياة .
وقد يقول قائل :
لماذا لم يرفع الله الأضرار وهو القادر فلا تكون في شيء منها مضرة البتة
فيقال له :
لما كانت الغاية من الخلقة هي معرفة الخالق وعبادته من معرفة ليثيب المطيع ويعاقب العاصي كان من اللطف أن يحدث لهما من الآيات والعبر دائما ما يرعوى العاصي عن المعاصي ويقبل المطيع على طاعة خالفه فلا شيطان يغويه ولا هوى يرديه ، ولتكون تلك المخاوف المنبهة و هاتيك الأمراض المزعجة المقلقة سببا لنجاته من العصيان وسخط الرحمن أن اعتبروا تعظ ، كالمريض الذي يحتاج إلى الدواء المر البشع ليقوم طباع ويزيل مرضه ويصلح ما فسد من بدنه .
ومثلا آخر اوضح وأجلى بقرب لك ما قصده الامام (عليه السلام) من هذا المعنى وهو انه لو كان ملك من ملوك الأرض فقسم على رعاياه وأهل مملكته القناطير المقنطرة من الذهب والفضة حتى اغناهم ورفع عنهم كثيرا من مؤنة العيش ألم يكن سيعظم عندهم ويكبر في أعينهم ويعلو ويبعد صيته ثم يكال له المدح والثناء في كل مكان وزمان وبذلك يطاع أمره وتجتنب معصيته ، على أن مثل هذا الملك وعلى فرض حصوله فنادر وعلى ندرته فآن هذا الكرم لا يحصل منه الأمر واحدة في طول حكمه وسلطانه ، ولعل ذلك يكون لمصلحة سياسية اراد بها دوام ملكه وبقاء سلطانه ، فأين هذا العطاء وهذا الكرم من قطرة تروى البلاد والعباد وتسقى الأرض لتنبت الغذاء فهي في الحقيقة خير من الذهب والفضة حيث بها حياة أهل الأرض جميعا لا أهل مملكة واحدة وبها غناء كل فرد من البشر لا أفراد شعب واحد عدا سائر المنافع والمصالح العامة والخاصة من تلك القطرة.
أفلا يجدر بالإنسان العاقل المفكر أن يرعوى ثم يشكر هذه النعمة العظيمة ويقدر هذا الاحسان الذي لم يمنحه الخالق إياه إلا لمنفعة أرادها للإنسان ومصلحة أقتضاها له.
ثم أليس من الأنصاف ان ينظر بعين البصيرة إلى هذه المطرة الواحدة فيرى معرفة لعظيم والمنفعة فيها .
ما اكبر قدرها وأعظم النعمة بها في وهم ساهون غافلون غير مقدرين لها ولا شاكرين منعهما .
ولا عجيب من وجود مثل هذه الخلة في الإنسان لأنه يطغى أن رآه استغني على أنه أن عيقت أو تأخرت له حاجة من حوائج الدنيا قد لا يكون لها قدر ولا قيمة يعتد بها في الحقيقة فتراه يتذمر لفقدها وربما سخط وغضب وما ذلك ألا لأنه يؤثر الشيء الخسيس قدره في الدنيا على ما سيعوض عنه في الأخرة مما يعظم نفعه استعجالا منه بتقديم الفاني على الباقي ، في حين أن هذا التأخير ربما كان من صالحه جميلا من لله محمود العاقبة ولكنه لقلة معرفته بالغناء العظيم والمنفعة الوافرة التي سيعطيها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ألا من اتى الله بقلب سليم (1).
_________________
1. 108-184 – أمالي الصادق (عليه السلام)
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|