أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2016
2493
التاريخ: 20-1-2016
2662
التاريخ: 20-1-2016
5033
التاريخ: 21-1-2016
1434
|
أ- النهي عن قطع الاشجار المثمرة :
اشارت الأحاديث الشريفة إلى النهي والتحذير من قطع الاشجار، وفي بعضها ما يوجب العقاب الأخروي على الفاعل.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:(لا تقطعوا الثمار فيصبّ الله عليكم العذاب صبّاً)(1).
وفي موثقة عمار بن موسى عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال : (مكروه قطع النخل، وسئل عن قطع الشجرة؟ قال : لا بأس به، قلت السدر، قال : لا باس به انما يكره قطع السدر بالبادية لأنه بها قليل، فأما هاهنا فلا يكره)(2).
وهذه الاحاديث وان اختلفت في دلالتها على الحرمة والكراهة، وليس غرضنا هنا من هذا البحث هو المناقشة في هذه الدلالة، ولكن هي على الاقل تبين ان الاسلام نهى عن قطع الاشجار (ولو على مستوى الكراهة).
وبينّت بعض الروايات ان عدم حرمة القطع انما هو لأجل غرس نوع اخر من الشجر المثمر بدلا من غير المثمر، وفي ذلك اشارة إلى ان جواز القطع هو في مثل هذه الحالة :
فعن احمد بن محمد بن ابي نصر قال : سالت ابا الحسن (عليه السلام) عن قطع السدر؟ فقال : سألني رجل من اصحابك عنه؟ فكتبت اليه: قد قطع ابو الحسن (عليه السلام) سدرا وغرس مكانه عنبا(3).
وتضمنت بعض الاحاديث المروية في كتب العامة التحريم مطلقا وبصفة عامة وقاعدة ثابتة، بقول مؤكد وثابت.
قال رسول الله (صلى الله عليه واله):(من قطع سدرة صوب الله راسه في النار)(4).
وفي حديث اخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:(قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : إخرج فأذن في الناس من الله لا من رسوله لعن الله قاطع السدرة)(5).
ولنا ان نقول بانه لا يمكن الالتزام بالحرمة هنا ولكن المستفاد من روايات القطع للأشجار ما يلي :
1ـ كراهية قطع الاشجار المثمرة.
2- جواز القطع بشرط غرس شجرة عوضا عما يقطعه القاطع.
3- كراهية القطع تتأكد فيما لو كان المكان يحتوي على نوع نادر من الشجر، او كان الشجر في معرض الانقراض.
4- ترتب الاثر الأخروي (العقاب) على الترك.
ب- حرمة قطع الاشجار وحرقها في الحروب :
إن ترغيب الاسلام بإحياء الموات من الارض، وحثه على زراعة الارض وغرس الاشجار تعكس لنا بوضوح موقف الاسلام من قطع الاشجار.
وقد ترقى الاسلام وارتقى اكثر في النظم البيئية والمحافظة على البيئة الحيوية (النباتات والحيوانات) وذلك في الحروب والمعارك التي تجوز للإنسان الكثير من الافعال بهدف الانتصار في المعركة.
ولكن الاسلام لم يكن ليستغل الحرب من أجل اهلاك الحرث والنسل بل كانت فلسفة الحروب في النظرة الاسلامية لها مغزى أعمق وانبل مما قد يتصوره البعض، لهذا وضع الاسلام قوانين للحرب وجعل لها مبادئ وشرع لها احكام واخلاقيات ينبغي على افراد الجيش الاسلامي التحلي بها، وهذا ما تبينه لنا وصايا النبي الاعظم ورسول الرحمة (صلى الله عليه واله) في وصاياه إلى قادة الجيش وامراء السرايا، وكان على رأس هذه الوصايا عدم قطع الاشجار وعدم احراق النخل وغيرها من المسائل التي قد يعتقد البعض جواز فعلها.
وتضمنت وصايا النبي (صلى الله عليه واله) إلى الجيش الاسلامي امورا منها : عدم احراق المزروعات والبساتين، وتلويث مياه الانهار والبحار، وقتل الثروات الحيوانية، والتمثيل بقتلى العدو او الغدر ونقض العهود او القاء السم في المياه، وغيرها من الامور التي حذر النبي (صلى الله عليه واله) من فعلها.
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:(ان النبي (صلى الله عليه واله) كان اذا بعث اميرا على سرية امره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه، ثم في اصحابه عامة، ثم يقول : اغز بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله ولا تغدروا ولا تغلوا وتمثلوا، ولا تقتلوا وليدا ولا متبتلا في شاهق، ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعا، لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون اليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه الا ما بدا لكم من اكله...)(6).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:(كان رسول الله (صلى الله عليه واله) اذا بعث سرية دعا بأميرها فأجلسه إلى جنبه واجلس اصحابه بين يديه ثم قال : سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه واله) لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقطعوا شجرة الا ان تضطروا اليها، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة...)(7).
واستدل الفقهاء من هذه الروايات على حرمة قطع الاشجار وغيرها من الامور، الا في الحالات التي عبرت عنها الروايات (الا ان تضطروا اليها)، وقال الكثير منهم بدلالتها على الكراهة دون الحرمة.
ـ قطع او حرق نخيل بني النضير :
لعل ما أشارت اليه الآية الكريمة في قوله تعالى:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}[الحشر: 5].
هو الحدث الوحيد الذي حصل فيه قطع للأشجار او احراقها بأمر من الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله)، ولم يكن هناك ما يماثلها الا في غزوة بني النضير.
و(اللينة) من مادة (لون) تقال لنوع جيد من النخل، وقال اخرون : انها من مادة (لين) بمعنى الليونة التي تطلق على نوع من النخل، والتي لها أغصان لينة قريبة من الارض وثمارها لينة ولذيذة.
وذكر الراغب في مفرداته ان اللينة : النخلة الناعمة من دون اختصاص منه بنوع منها دون نوع(8).
وفي أسباب نزول هذه الآية ان قسما من المسلمين اقدموا على قطع بعض نخيل بني النضير (قوم من اليهود)، في الوقت الذي خالف البعض الاخر ذلك، وهنا نزلت الآية اعلاه وفصلت نزاعهم في هذا الموضوع.
وقال البعض الاخر : ان الآية دالة على عمل شخصين من الصحابة، وقد كان احدهم يقوم بقطع الجيد من الشجر النخل ليغضب اليهود ويخرجهم من قلاعهم، والاخر يقوم بقطع الرديء من الاشجار كي يبقى ما هو جيد ومفيد، وحصل خلاف بينهم في ذلك، فنزلت الآية حيث اخبرت ان عملهما بأذن الله.
ولكن ظاهر الآية يدل على ان المسلمين قطعوا بعض النخيل (اللينة) وهي نوع جيد من النخل، وتركوا قسما اخر، مما اثار هذا العمل اليهود، فأجابهم القرآن الكريم بان هذا العمل لم يكن عن هوى نفس، بل عن أمر الهي صدر في هذا المجال، وفي دائرة محدودة لكي لا تكون الخسائر فادحة.
وعلى كل حال فان هذا العمل كان استثناء من الاحكام الاسلامية الاولية التي تنهى عن قطع الاشجار وقتل الحيوانات وتدمير وحرق المزارع... والعمل اعلاه كان مرتبطا بمورد معين حيث اريد اخراج العدو من القلعة وجره إلى موقع انسب للقتال وما إلى ذلك، وعادة توجد استثناءات جزئية في كل قانون، كما في جواز أكل لحم الميت عند الضرورة القصوى والاجبار.
وقوله تعالى:{وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}[الحشر: 5] ، ترينا على الأقل ان احد اهداف هذا العمل هو خزي ناقضي العهد هؤلاء، وكسر لشوكتهم وتمزيق لروحيتهم (9).
وعلق سيد قطب على هذه المسالة بالقول:(وكان المسلمون منهيين قبل هذا الحادث وبعده عن مثل هذا الاتجاه في التخريب والتحريق، فاحتاج هذا الاستثناء إلى بيان خاص يطمئن القلوب، فجاءهم هذا البيان يربط الفعل والترك باذن الله، أراد به ان يخزي الفاسقين وقطع النخيل يخزيهم بالحسرة بل قطعه، وتركه يخزيهم بالحسرة على فوته، وارادة الله وراء هذا وذلك على السواء)(10).
فلم يكن قطع الاشجار او احراقها حكما جائزا في كل الاحوال بل ان قضية احراق نخيل بني النضير قضية خارجية لا ينبغي تعميمها، ولذا قال صاحب الجواهر :(ومما ذكرناه في التعليق على قضية قطعه (صلى الله عليه واله) لنخيل بني النضير يظهر ما في الاستدلال للجواز بما روي عنه (صلى الله عليه واله) انه قطع شجر الطائف)(11).
فهذه المسألة بحسب قول الفقهاء قضية في واقعة، لا يمكن تعميمها، او القياس عليها، او اتخاذها قاعدة يستدل منها على الجواز مطلقا.
واذا كانت هذه القضية قد حصلت استثناء في التاريخ الاسلامي فأنها تحصل مرارا وتكرارا لدى الانظمة الجائرة ومن دون قيد او شرط، فمن اشهر حوادث حرق الاشجار في العالم الحديث حرق القوات الامريكية للغابات الاستوائية في فيتنام، وحرق فرنسا لما يزيد عن اربعة ملايين هكتار في الجزائر اثناء حرب الاستقلال، وغير ذلك....
__________________
1ـ وسائل الشيعة، ج19، ص39، باب 7، ح1.
2- وسائل الشيعة، ج19، ص40، باب 7، ح3.
3- راجع هذه الاحاديث في الوسائل والبحار، باب المزارعة واستحباب الغرس...
4- نفس المصدر السابق.
5- نفس المصدر السابق.
6- الكافي،م.س،ج5،ص29.
7- الكافي، م.س، ج5،ص30.
8- مفردات الراغب، م.س، مادة لينة.
9- تفسير الامثل، م.س، ج18، ص128 – 129.
10- سيد قطب، في ظلال القران، راجع تفسير الآية : 5 من سورة الحشر.
11- جواهر الكلام، م.س، ج21، ص67.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|