أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
![]()
التاريخ: 3-05-2015
![]()
التاريخ: 18-11-2014
![]()
التاريخ: 12-10-2014
![]() |
نعم ، لقد وردت - كما قال في البحار - روايات كثيرة من طرق العامة والخاصة تدل على تعدد نزول القرآن ، وأنه نزل إلى البيت المعمور أولا ، ثم انزل من البيت المعمور تدريجا في خلال عشرين أو نيف وعشرين سنة ، وسيأتي بعضها إن شاء الله تعالى.
ولكنها - مع كثرتها واختلاف ألفاظها ودلالاتها - لا تدل على أن القرآن قد نزل جملة واحدة أولا على النبي ثم انزل عليه نجوما إلا رواية واحدة ضعيفة السند منقولة عن المفضل بن عمر ، وستأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
ومن تلك الروايات الكثيرة المشار إليها ما رواه الكليني (رحمه الله) عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن القاسم عن محمد بن سليمان عن داود عن حفص ابن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز وجل : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة : 185] وإنما انزل القرآن في عشرين سنة بين أوله وآخره ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثم نزل في طول عشرين سنة.
ثم قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان ، وانزلت التوارة لست مضين من شهر رمضان ، وانزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وانزل الزبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان ، وانزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان (1).
وسند هذه الرواية ، وإن اشتمل على محمد بن القاسم المعروف بكاسولا ، وحديثه على ما نقل عن ابن الغضائري يعرف وينكر ، إلا أنه قد نقل عنه أيضا أنه لا مانع من الاستشهاد بحديثه (2) ، كما أن مضمون هذه الرواية مؤيد بأخبار أخر ، تركناها خوفا من الإطالة.
وروى مثله العياشي ، إلا أنه قال : انزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان (3). وفي الدر المنثور : أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : شهر رمضان والليلة المباركة وليلة القدر ، فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة ، وهي في رمضان. نزل القرآن جملة واحدة من الذكر إلى البيت المعمور ، وهو موقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ، ثم نزل على محمد (صلى الله عليه وآله) في الأمر والنهي ، وفي الحروب رسلا رسلا (4).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة واحدة على جبرئيل في ليلة القدر ، فكان لا ينزل منه إلا ما أمر به (5).
وبعد كل ما قدمناه نقول : إننا لا نجد دليلا - لا من القرآن ولا من الآثار - يدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعرف القرآن قبل نزوله منجما.
وأما الجمع بين الآيتين السابقتين فلا ينحصر بالقول بمعرفته (صلى الله عليه وآله) به قبل نزوله منجما ، بل يكفي فيه ما ورد في تلك الروايات الدالة على نزول القرآن دفعة إلى البيت المعمور مرة ، واخرى على الرسول (صلى الله عليه وآله) منجما ، فلا تنافي بعد بينهما أصلا.
ما رواه المفضل بن عمر :
نعم ، قد روى المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) ما يدل على الجمع الأول. قال المفضل : يا مولاي ، فهذا تنزيله الذي ذكره الله في كتابه ، وكيف ظهر الوحي في ثلاث وعشرين سنة ؟ قال : نعم يا مفضل ، أعطاه الله القرآن في شهر رمضان ، وكان لا يبلغه إلا في وقت استحقاق الخطاب ، ولا يؤديه إلا في وقت أمر ونهي ، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بالوحي فبلغ ما يؤمر به ، وقوله " لا تحرك به لسانك لتعجل به " (6).
وهذه الرواية قد ذكرها بتمامها في البحار ، في باب ما يكون عند ظهوره (عليه السلام) قال :
روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسني عن أبي شعيب (و) محمد بن نصير عن عمر ابن الفرات ، عن محمد بن المفضل عن المفضل بن عمر قال : سألت سيدي الصادق... الخ (7).
تضعيف سند الرواية :
ولقد حقق المعلق في سند الرواية في الهامش فقال : " بل الظاهر الحق أن مفضل بن عمر الجعفي وجابر بن يزيد الجعفي ويونس بن ظبيان وأضرابهم ممن أخذوا عن الصادقين (عليهما السلام) كانوا صحيحي الاعتقاد ، صالحي الرواية ، صادقي اللهجة ، متحرجين من الكذب وسائر الآثام ، غير أنه قد كذب عليهم - إلى أن قال :
فإذا لابد وأن نحقق عن حال من أسند عنه ، فنرى في الحديث محمد بن نصير - وهو النميري الكذاب الغالي الخبيث ، المدعي للنيابة ، على ما في غيبة الشيخ ص ٢٥٠ - يروي عن عمر بن الفرات الكاتب البغدادي الغالي ذي المناكير ، عن محمد بن المفضل بن عمر ، مهمل أو مجهول ، ولكن الظاهر أن الكذب إنما جاء من قبل البغدادي الكاتب ذي المناكير ، وهو الذي كتب وصنف هذا الحديث وسردها بطوله ، أو الجاعل هو نفس النميري ، فراجع (8).
فتلخص أن لا شئ يدل على علم النبي (صلى الله عليه وآله) بالقرآن قبل نزوله عليه نجوما في المناسبات المختلفة ، وأنه - من الممكن - إنما كان يعجل بالقرآن مخافة النسيان فنهاه الله عن العجلة حتى يتم الوحي على حسب بعض الأحاديث المتقدمة الدال على أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يعرف القرآن ، وكان بعد نزول هذا النهي إذا نزل جبرئيل أطرق ، فإذا ذهب قرأ.
بقي أن نشير هنا إلى أمر ورد في الروايات الآنفة الذكر وغيرها وهو : أن نزول القرآن في شهر رمضان بمعنى نزوله إلى السماء الدنيا في شهر رمضان هو أحد الأقوال في المسألة ، وجعله في الإتقان هو الأصح والأشهر ، ونقل عن ابن عباس عدة روايات بأسانيد مختلفة تصل إلى الثمانية تدل على هذا القول (9).
وسبق أيضا من طريق الخاصة ما يدل عليه ، وجعله في تفسير مجمع البيان أول الأقوال ، ونسبه إلى ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ، وإلى المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (10).
أقوال اخر :
وهنا أقوال اخر في ذلك منها : ما اختاره الزمخشري من أن معنى " انزل فيه القرآن " ابتدى فيه إنزاله ، وكان ذلك في ليلة القدر (11). واختاره أيضا في تفسير
المنار ونفى الإشكال فيه ، ثم قال : ورووا في حل الإشكال أن القرآن نزل في ليلة القدر من رمضان إلى سماء الدنيا - إلى أن قال : - قال الأستاذ الإمام : ولم يصح من هذه الأقوال والروايات شئ وإنما هي حواش أضافوها لتعظيم رمضان ، ولا حاجة لنا بها (12).
ولكن ما اختاره في المنار ونفي الإشكال عنه ليس هو المعنى الظاهر للآية ، فضلا عن أن يكون هو الظاهر بلا ريب ولا إشكال فيه.
مناقشة الأقوال :
والظاهر المستفاد من الآية هو أن لفظ " القرآن " في قوله تعالى " شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن " هو تمام القرآن ، وهو الذي ينبغي أن يتصف فيما بعد بقوله : " هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " لا البعض ، فإن خمس آيات من أول سورة العلق على قول ، أو كلها على القول بأنها أول سورة نزلت على النبي لا يصح أن يقال إنها هدى للناس وبينات ، فإن الآيات الخمس أو السورة كلها معلومة المضمون والمدلول ، ولا يناسبها ذينك الوصفين المتقدمين ، مضافا إلى أن نزول القرآن بمعنى بعضه لا يختص برمضان ، بل القرآن بهذا المعنى نزل في جميع شهور السنة ، فلا يكون ثمة فضل لرمضان إلا من جهة الابتداء بالنزول فيه. ولو أننا سلمنا الكبرى وهي أن الابتداء بالنزول فضل فلا نسلم الصغرى وهي أن ابتداء النزول كان في رمضان ، بل هو محل اختلاف ، وفيه أقوال كثيرة :
منها أن أوائل سورة العلق أول آيات نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو بغار حراء في يوم البعثة ، وهو يوم سبعة وعشرين من رجب ، كما هو الأصح.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى.
___________________
(1) الكافي : ج ٢ ص ٦٢٨ كتاب فضل القرآن.
(2) الخلاصة للعلامة : ص ٢٤٨.
(3) تفسير العياشي : ج ١ ص ٨٠.
(4) الدر المنثور : ج ١ ص ١٨٩.
(5) الدر المنثور : ج ١ ص ١٨٩.
(6) بحار الأنوار : ج ٩٢ ص ٣٨.
(7) بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ١.
(8) هامش بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٢.
(9) الإتقان : ج ١ ص ٤١.
(10) تفسير مجمع البيان : في تفسير آية ١٨٥ من سورة البقرة.
(11) الكشاف : ج ١ ص ٢٢٧.
(12) تفسير المنار : في تفسير آية ١٨٥ من سورة البقرة.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ووفد من جامعة البصرة يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
|
|
|