أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
2334
التاريخ: 2023-07-26
1993
التاريخ: 14-06-2015
2061
التاريخ: 11-6-2021
2687
|
ينقسم القرآن الكريم الى مرحلتين تبعا لمرحلتي الرسالة ، لاستمراره بالنزول فيهما ، وهما المرحلة المكية ، والمرحلة المدنية ، وهو تقسيم روعي فيه النظر إلى الزمان والمكان ، وللباحثين فيه ثلاثة إصطلاحات :
1 ـ أن المكي ما نزل بمكة ، والمدني ما نزل المدينة .
2ـ أن المكي ما نزل قبل الهجرة ، والمدني ما نزل بعد الهجرة .
3ـ أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة ، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة (1) .
ولكل من هذه الاصطلاحات مبررها التأريخي ، فالقول الأول ينظر إلى مكان النزول دون الالتفات إلى حدث الهجرة ، فالمكي ما نزل في مكة وإن كان بعد الهجرة ، والمدني ما نزل بالمدينة لا خارج حدودها ، فالمكان جزء من التأريخ في عملية التحديد .
والقول الثاني ، وهو المشهور ، ينظر إلى الزمان من خلال حدث الهجرة ، والزمان جزء من التاريخ ، وإن لم يكن التأريخ بعينه ، فما نزل قبل الهجرة فمكي ، وما نزل بعد الهجرة فمدني .
والقول الثالث ، ينظر إلى الأشخاص ، فما وقع خطابا لأهل مكة فهو مكي بحكم من نزل بين ظهرانيهم ، وما وقع خطابا لأهل المدينة فهو مدني بلمح من نزل فيهم ، والأشخاص عنصر التأريخ ومادته الأولى .
إلا أن المشهور بين العلماء والمفسرين ، وهو الرأي الثاني لاعتبار الهجرة هي الحدث الفصل في تأريخ الرسالة الإسلامية ، فالمكي ما نزل قبلها ، وإن خوطب به أهل المدينة ، وإن نزل حواليها كالمنزل بمنى وعرفات والجحفة مثلا ، أو خارجها كالمنزل في الطائف أو بيت المقدس ، بل وإن كان حكمه مدنيا .
والمدني ما نزل بعد الهجرة ، وإن خوطب به أهل مكة ، وإن نزل حواليها كالمنزل ببدر وأحد وسلع مثلا ، أو خارجها كالمنزل في الحديبية أو في مكة في حجة الوداع ، بل وإن كان حكمه مكيا .
والحق أن علمائنا القدامى قد عنوا في هذا الجانب عناية فائقة ، تتناسب مع جلال القرآن وعظمته ، واعتبروا علم نزول القرآن زمانيا ومكانيا من أشرف علوم القرآن ، حتى ذهبوا إلى أن من لم يعرف مواطن النزول وأماكنه وأزمنته ، ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله .
قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري ( ت : 406 هـ ) :
« من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء ، وترتيب ما نزل بالمدينة كذلك ، ثم ما نزل بمكة وحكمه مدني ، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي ، وما نزل بمكة من أهل المدينة ، وما نزل بالمدينة من أهل مكة ، ثم ما يشبه نزول المكي في المدني ، وما يشبه نزول المدني في المكي ، ما ثم ما نزل بالجحفة ، وما نزل ببيت المقدس ، وما نزل بالطائف ، وما نزل بالحديبية ، ثما ما نزل ليلا ، وما نزل نهارا ، وما نزل مشيعا ، وما نزل مفردا ، ثم الآيات المدنيات في السور المكية ، والآيات المكية في السور المدنية ، ثم ما حمل من مكة إلى المدينة ، وما حمل من المدينة إلى مكة ، وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة ، ثم ما نزل مفسرا ، وما نزل مرموزا ، ثم ما اختلفوا فيه [ فقال بعضهم : مكي ] وقل بعضهم : مدني . هذه خمسة وعشرون وجها ، من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله » (2) .
والحق أن ابن حبيب النيسابوري قد نبه إلى جزئيات وحيثيات مهمة ، مضافا إلى تقسيمه المكي ، ومثله المدني ، إلى مراحل : أولية ، ووسطية ، ونهائية ، وهي تقديرات تعنى بالتأريخ الدقيق لنزول سور القرآن وآياته ، وكأنه بهذا قد فتح الطريق أمام المستشرقين للخوض في هذه التفصيلات في محاولة لترتيب القرآن زمنيا ، ووصف كل ما يتعلق بمراحل نزول الوحي القرآني ، وقد علقوا على ذلك أهمية كبرى ، وكان المستشرق الألماني الأستاذ تيورد نولدكه
( 1836م ـ 1930م ) من أبرز المقتنعين في هذا المنهج وضرورة استقصائه ، وقد أخضع في ضوئه الحوادث الهامشية في الحروب والمغازي والمراسلات والوقائع لاستنتاجاته العلمية .
وقد سلك في كشف تأريخ السور مسلكا قويما يهدي إلى الحق أحيانا ، فإنه جعل الحروب والغزوات الحادثة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلم تأريخها كحرب بدر والخندق وصلح الحديبية وأشباهها من المدارك لفهم تأريخ ما نزل من القرآن ، وجعل اختلاف لهجة القرآن وأسلوبه الخطابي ، دليلا آخر لتأريخ آياته ، وهو يرتاب في بحثه التحليلي في الروايات والأحاديث وأقوال المفسرين في تأريخ القرآن ، وفي عين الحال يأخذ من مجموعها ما يضيء فكره ، ويرشده على تأريخ السور والآيات ونظمها أحيانا (3) .
وقد ظهرت في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر محاولات لترتيب سور القرآن ، ودراسة مراحله التأريخية ، منها محاولة وليم موير الذي قسم المراحل القرآنية إلى ست ، خمس منها في مكة وسادستها في المدينة . ومنها محاولة ويل التي بدأها سنة 1844 م ، ولم تتخذ صورتها النهائية إلا سنة 1872 ، وقسم في ضوئها المراحل القرآنية إلى أربع : ثلاث في مكة ورابعة في المدينة ، فتابعه على ذلك نولدكه وشفالي ، وتأثر بذلك كل من ، بل وبلاشير (4) .
إلا أن هؤلاء جميعا قد رفضوا الأثر والروايات في تأريخ النزول مما خالفوا به مصدرا رئيسيا من مصادر التعيين في ترتيب النزل ، وذلك عن طريق الجمع بين الروايات وغربلتها ، والأخذ بأوثقها .
وقد أورد ابن حجر عن الإمام علي عليه السلام : أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخرجه ابن أبي داود (5) .
وأيد وجود ذلك صاحب الميزان وتحدث عن خصوصياته (6) .
وقد أثبت في « كتاب المباني لنظم المعاني » جدول لهذا الترتيب الزمني (7) .
إلا أنه يختلف عن ترتيبه فيما ورد بأصل النسخة المطبوعة في ليبسك ( 1871 ـ 1872م ) ولما أثبته الزنجاني في تقسيمه لجمع الإمام علي عليه السلام للمصحف في سبعة أجزاء (8) .
وإذا صحت هذه الرواية ، فقد فاتنا تأريخ دقيق عن النزول يستند إلى أعظم رواية قد شاهد عصر التنزيل وصاحب مسيرته ، وبذلك يكون الإمام علي عليه السلام أول من حقق في تثبيت نزول القرآن تأريخيا .
وليس أمامنا طريق إلى تعيين تأريخ النزول إلا من جهتين :
الأولى : الرواية الصحيحة الثابتة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل البيت عليهم السلام أو الصحابة ( رض ) الذين شاهدوا قرائن الأحوال ، وتتبعوا مسيرة الوحي من بدايته إلى نهايته ، وقد كان جزء من ذلك متوافرا فيما نلمسه من روايات وآثار في كتب التفسير وعلوم القرآن ، من نصوص يوردها الإثبات ويتناقلها الثقات ، وإن كان بعضها لا يخلو من تضارب ، أما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد ادعي أنه : « لم يؤمر به ، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة » (9) .
الثانية : الاستنباط الاجتهادي القائم على أساس أعمال الفكر ، ودراسة الأحداث ، ومعرفة أسباب النزول ، والمقارنة بين الآيات نفسها ، واعتبار القرائن الحالية والمقالية ، والسياق والنظم ، ووحدة السورة الموضوعية ، وما ماثل ذلك أدلة تقريبية على ذلك ، لا سيما فيما لا نص عليه ، فتتعين معرفته عن طريق الأدلة والبراهين والمرجحات فيؤخذ بأقواها حجة ، وأبرمها دليلا ، وهذا ما نشاهده في شأن الآيات والسور المختلف بنزولها الزماني أو المكاني .
_______________________
(1) ظ : الزركشي ، البرهان : 1 | 187 .
(2) الزركشي ، البرهان : 1 | 192 .
(3) ظ : المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية : 88 وما بعدها .
(4) ظ : صبحي الصالح ، مباحث في علوم القرآن : 176 وانظر مصادره .
(5) ظ : السيوطي ، الاتقان : 1 | 202 + الزنجاني ، تأريخ القرآن : 48 .
(6) ظ : الطباطبائي ، القرآن في الإسلام : 134 ـ 138 .
(7) مقدمتان في علوم القرآن : 14 .
(8) ظ : الزنجاني ، تأريخ القرآن : 69 ما بعدها .
(9) الزركشي ، البرهان : 1 | 191 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|