المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



اهل الكتاب يعرفون النبي جيداً.  
  
2008   10:26 مساءاً   التاريخ: 10-12-2015
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : نفحات القران
الجزء والصفحة : ج8 , ص288- 293
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / أصول / النبوة /

أول آية جاءت في سورتين من القرآن الكريم تقول :

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] أي أنّهم ليسوا مطلعين على‏ أصل ظهوره ودعوته فحسب، بل ويعرفون أيضاً إشاراته وخصوصياته وجزئياته، ويقول تعالى‏ في ذيل الآية التي جاءت في سورة البقرة : {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنهُم لَيَكتُمُونَ الحَقَّ وَهُم يَعلَمُونَ} (البقرة/ 146).

وينقل عن (عبد اللَّه بن سلام)- الذي يعد من علماء اليهود الكبار ثم أعتنق الإسلام- (أنا أعلم به مني بابني) (1).

وجاء في رواية اخرى‏ : أنّ النبي صلى الله عليه و آله عندما جاء إلى‏ المدينة قال (عمر) لعبد اللَّه بن سلام : إنّ اللَّه أنزل آية على‏ نبيّه تقول : إنّ أهل الكتاب يعرفون كما يعرفونه أبناءهم، فما هي هذه المعرفة؟، فقال عبد اللَّه بن سلام : «إننا نعرفه بصفاته التي بينها اللَّه، وعندما نراه فيكم نشخصه من بينكم كما يشخص أحدنا ابنه عندما يراه بين الأولاد» (2).

والتفسير المشهور للآية والذي ينطبق جيداً مع ظاهرها هو هذا التفسير الذي بيّناه، ولكن تمّ عرض احتمالين آخرين في تفسير الآية وهما :

الأول : إنّ الضمير في (يعرفونه) يعود إلى‏ (الاطلاع على‏ النبوة).

والثاني : إلى‏ (مسألة القبلة)، وبناءً على‏ ذلك فإنّ الأول هو إشارة لاطلاع ومعرفة أهل الكتاب بمسألة (النبوّة)، أمّا الثاني فهو إشارة لمعرفتهم بأمر (تغيير القبلة) عند المسلمين من (بيت المقدس) إلى‏ (الكعبة). وكلا الاحتمالين ضعيفان جدّاً.

في الآية الثانية- ورد ذكر تسعة أوصاف من صفات النبي صلى الله عليه و آله التي هي في الواقع دلائل على‏ حقانيته من زوايا مختلفة- بعضها إشارة إلى‏ المضمون الرفيع لدعوته وبرامجه، وبعضها إشارة إلى‏ قرائن اخرى‏ مثل أمّيته وعدم تعليمه، وشفقته ورحمته، وأمثال ذلك، وتستند في قسم آخر من هذه الدلائل إلى‏ مسألة أوصافه وعلاماته وسماته في الكتب السماوية السابقة (التوراة والانجيل)- يقول تعالى‏ :

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الَرّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ ... اولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ}.

ومع عدم ذكر اسم النبي صلى الله عليه و آله في هذه الآية صراحة ولكن الأوصاف التي ذكرتها ترمي بوضوح إلى‏ أنّ المقصود هو نفسه.

فكيف يمكن القبول بأنّ القرآن يتحدث مع اليهود والنصارى بهذه الصراحة، ويخبرهم بوجود دلائل وعلامات النبي صلى الله عليه و آله في كتبهم ولكن هذه المسألة لا تطابق الحقيقة وأنّهم يسكتون؟ ويقينا إذا لم تكن هذه الإشارات والعلامات موجودة في كتبهم فإنّهم سيتخذونها حجة وذريعة مهمة ضد النبي صلى الله عليه و آله، و لصرّحوا بها في كل مكان، وإذا كان ذلك قد حصل لنقله التاريخ لنا.

وبناءً على‏ هذا فعلى‏ الأقل أنّ سكوتهم يعتبر دليلًا ساطعاً على‏ وجود هذه القرائن والأوصاف في كتبهم، وعلاوة على‏ ذلك على‏ حد قول الفخر الرازي : إذا لم تكن لهذا الأمر حقيقة واقعية لكان موجباً لنفرة اليهود والنصارى‏ من الإسلام، والشخص العاقل لا يقدم مطلقا على‏ ما يوجب تنفر الناس (خاصةً في مجال الدعوة) (3)، وكما سيمر علينا لاحقاً فإنّ قسماً من هذه الدلائل والإشارات موجودٌ حتى‏ في كتبهم المحرّفة الحالية.

والملفت للنظر هو أنّ القرآن لا يقول : (يجدون علائمه ودلائله)، بل يقول : (يجدونه)، أي يجدون نفس ذلك النبي صلى الله عليه و آله في التوراة والانجيل، وهذا التعبير الذي يعني حضور النبي صلى الله عليه و آله في كتبهم هو تأكيد على‏ منتهى‏ وضوح هذا الأمر.

وفي البعض من الروايات الإسلامية جاء في ذيل الآية : إنّ بعض المسلمين سألوا شخصين من المطلعين على‏ التوراة كلًا على‏ حدة وأنّهما ذكرا أوصاف النبي صلى الله عليه و آله بدقة متطابقة (4).

في الآية الثالثة نقرأ عن لسان عيسى بن مريم أنّه أعطى‏ البشارة أمام بني اسرائيل‏ {وَاذْ قَالَ عِيسَى‏ ابنُ مَريَمَ يَا بنَىِ اسرَائِيلَ انَّى رَسُولُ اللهِ اليَكُم مُّصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَىَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَاتى مِن بَعدِى اسمُهُ احمَدُ}، ويقول في نهاية الآية : {فَلَمَّا جَاءَهُم بالبَيَّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحرٌ مُبِّينٌ}.

والمثير للاهتمام هو أنّ القرآن ينقل أقوال هؤلاء في مخالفتهم ومعارضتهم للمعجزات واتهامهم عيسى‏ عليه السلام بالسحر، ولكنه لم يتحدث عن معارضتهم حول إخبار (المسيح عليه السلام) بمسألة مجي‏ء (أحمد صلى الله عليه و آله)، وهذا دليل واضح على‏ أنّهم لا ينكرون هذا الخبر.

في الآية الرابعة نواجه نقطة جديدة تقول : {وَلَمَّا جَآءَهُم كِتَابٌ مِّن عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّما مَعَهُم وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفِتحُونَ عَلَى‏ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّاعَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى‏ الكَافِرِينَ}.

إنَّ هذه الآية جاءت لتشير إلى‏ السبب الذي استوجب نزولها من أن (اليهود) هاجروا من أرضهم وديارهم إلى‏ المدينة لرؤيتهم علامات نبي الإسلام صلى الله عليه و آله التي في كتبهم، ولأنّهم قرأوا فيها أنّ محل هجرة هذا النبي صلى الله عليه و آله بين جبلي (عير) و (احد)- وهما جبلان على‏ طرفي المدينة، ولهذا فقد جاءوا وسكنوا المدينة وكتبوا حتى‏ لإخوانهم بإننا وجدنا الأرض الموعودة فتعالوا إلينا.

فقال أولئك الذين ليسوا بعيدين جدّاً عنها : إنّه لا تفصلنا فاصلة كبيرة عن تلك المنطقة وحين يهاجر إليها النبي الموعود نلتحق بكم! وعندما يصطدمون مع سكان المدينة الأصليين من قبيلتي (الأوس) و (الخزرج) يقولون : «نحن في ظل النبي الجديد سوف ننتصر عليكم» (5).

ولكنهم للأسف عندما ظهر هذا النبي الأكرم صلى الله عليه و آله نهضوا لمخالفته، لأنّهم لم يروه ملبياً لميولهم وأهدافهم غير المشروعة.

وهذه كلها تدلل على‏ أنّ مسألة ظهور نبي الإسلام صلى الله عليه و آله جاءت واضحة في كتبهم إلى‏ حدٍ ما.

النقطة الجديرة بالتأمل أن عبارة «مصدقٌ لما معهم» أو ما يشابهها من تعبير وردت في القرآن الكريم أكثر من عشر مرات، وليس مفهومها أنّ النبي صلى الله عليه و آله يؤيد كتبهم السماوية مع ما حدث فيها من تحريف)، بل المقصود أنّ أوصاف النبي صلى الله عليه و آله موافقة ومتطابقة مع العلامات والإشارات التي في أيديهم، وبتعبير آخر أنّ للنبي صلى الله عليه و آله وكتابه السماوي نفس الأوصاف التي كانوا يعرفونها من قبل بالضبط وكان في الحقيقة تصديقاً لكتبهم السماوية من ناحية تطابقها تماماً مع صفاته صلى الله عليه و آله.

وبهذا الترتيب تعتبر كل الآيات التي جاء فيها هذا التعبير في زمرة الآيات التي نحن بصددها في هذا البحث.

وختاماً فإنّ الآية الأخيرة- التي تخاطب اليهود حول الموضوع- ضمن تأكيدها على‏ وجوب الإيمان بالكتاب السماوي للنبي صلى الله عليه و آله الذي يتطابق ومالديهم من علامات، تقول :

{وآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَّا مَعَكُم وَلَا تَكُونُوا اوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}.

أي أنّ عبدة الأوثان من العرب إذا كفروا به فلا عجبَ في ذلك، بل العجب كل العجب هو أن تنكروه أنتم وتكفروا به، لأنّ المتوقع منكم أن تكونوا أولّ المؤمنين به، وإلّا ألستم الذين هجرتم مدنكم ودياركم وجئتم إلى‏ المدينة شوقاً للقائه أوَ لَم تعدوا الأيّام والليالي انتظاراً لظهوره؟ ... إذن لِمَ تنعكس القضية وتكونون أنتم أوّل الكافرين به؟!

ثم تشير الآية إلى‏ الباعث ل «تغيير أسلوبهم» هذا وتقول لهم : لا تكتموا الحقائق من أجل المنافع المادية : {وَلَا تَشتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَناً قَلِيلًا وَايَّاىَ فَاتَّقُونِ}.

و هذه إشارة إلى‏ أنّ أيَّ ثمن يأخذونه مقابل ذلك فهو لا شي‏ء، حتى ولو كان العالم كله، ولكنكم يا أصحاب الهمم الدنية، من أجل مصالحكم المادية التافهة (أحياناً من أجل ضيافة سنوية) كتمتم الآيات التي تحمل علامات وأوصاف النبي صلى الله عليه و آله.

ثم تقول الآية تأكيداً للمراد : {وَلَا تَلبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكتُمُوا الحَقَّ وأَنتُم تَعلَمُونَ}.

وفي الحقيقة فإنّ اليهود ارتكبوا عدّة مخالفات في هذا المجال :

الاولى : إنّهم تعاهدوا على‏ أن يكونوا أول المؤمنين بالنبي صلى الله عليه و آله في حين كانوا أول الكافرين به.

الثانية : إنّهم لبسوا الحق بالباطل حتى يطمسوا وجهه ويوقعوا الناس في المتاهات.

الثالثة : إنّهم كتموا الحق وهم يعلمون بأنّه حق واشتروا بالآيات الإلهيّة ثمناً قليلًا.

وهناك في القرآن الكريم آيات متعددة اخرى‏ بنفس المعنى‏ (أي تحكي عن «كتمان الحقائق» من قبل اليهود) والظاهر أنّ تلك الآيات كلها تشير إلى‏ نفس مسألة كتمان آيات النبوة.

ويستفاد من مجموع ما جاء في الآيات الآنفة بأنّ اوصاف وعلامات نبي الإسلام صلى الله عليه و آله وحتى اسمه المبارك قد وردت في الكتب السابقة، وقدمت بشارات وإشارات كثيرة بالنسبة لظهوره.

ونتجه الآن صوب كتب العهدين الموجودة في متناول أيدينا (التوراة والانجيل)، لنبحث في نماذج من هذه العلامات والإشارات.

______________________
(1) التفسير الكبير للفخر الرازي؛ وتفسير المنار في ذيل الآية مورد البحث.

(2) تفسير روح المعاني، ج 7، ص 103؛ وتفسير مجمع البيان، ج 3، ص 282؛ وتفسير روح البيان، ج 3، ص 18.

(3) تفسير الكبير، ج 15، ص 23.

(4) تفسير القرطبي، ج 4 ص 2735 (الملخّص).

(5) اقتباس عن سبب النزول الذي جاء في الدر المنثور من تفاسير أهل السنة. وتفسير العياشي عن الإمام الصادق (عليه السلام) (وذكره الكثير من مفسري الشيعة وأهل السنة أيضاً في ذيل الآية المذكورة)- ومع أنّ البعض من المفسرين مثل الفخر الرازي اعطوا احتمالات متعددة لعبارة (وكانوا من قبل يستفتحون على‏ الذين كفروا) ولكن أغلبها ترجع إلى‏ نفس المعنى الذي ذكر أعلاه.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .