أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-16
![]()
التاريخ: 2023-09-14
![]()
التاريخ: 2023-08-24
![]()
التاريخ: 2023-08-26
![]() |
الأذان أن الشهادة في الأساس إقرار يؤخذ من الشاهد أمام قاض في محكمة ، ولكنها بلاغة الإسلام نقلتها من جلسة في محكمة إلى وقفة مفتوحة أمام الناس والأشياء وجعلت الوجود كله محكمة يدلي المؤذن بشهادته على أسماعه ويدعوه إلى تسجيلها وتصديقها . أما هنا في الصلاة فللشهادة معطى من لون آخر لا يبعد أن يكون أكثر بلاغة وعمقا : إن المسلم هو الإنسان المقتنع الموقن بعقيدة الإسلام وشريعته ، ولكن هذا اليقين معرض للنسيان اليومي في حركة السلوك ، فنحن أبناء آدم من طبيعتنا أن ننسى كما نسي أبونا آدم عليه السلام من قبل ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما . ) ومن ثم يرى الإسلام أن من الضروري لابن آدم كجزء من تربيه اليومي بالصلاة أن يسجل على نفسه الاقرار بإسلامه لله إقرارا مجموعا في كلمات مصوغا في شهادة يدلي بها المصلي وهو جاث على ركبتيه تسع مرات في آناء اليوم عله يعيش مفهومه الذي يؤمن به عن الكون ويوافق تحركه الواسع في الأرض مع شريعة هذا المفهوم ، عله يحس بمسؤولية هذه الشهادة فلا ينحرف عنها . ثم يتبع هذا الاقرار بالاتجاه إلى الله عز وجل طالبا التبرك على مبلغ هذا الهدى وآله والمجاهدين في تثبيته وتوضيحه " اللهم صلى على محمد وآل محمد "، أما بلاغة صيغة التشهد فما عليها من مزيد .
لاحظ انصباب الشهادة الأولى على الوحدانية ، حتى لكأن المسألة مسألة وحدانية الله وليس الشهادة بوجوده عز وجل . . وكذلك هو الأمر ، فالمشكلة الأوسع في العالم هي الوحدانية . هذا عالمنا أكثر من تسعة أعشاره يؤمنون بوجود الله ، ولكن كم من هؤلاء من يوحدون الله حق توحيده ؟ وكم من الموحدين نظريا يعيشون توحيد الله في سلوكهم ، فلا يتلقون عن غير الله ولا يطيعون غير الله . ؟ مسألة الاعتراف بوجود الله عز وجل هي الأساس ، ولكنه تملك البرهان من عقل الإنسان وكونه ، ثم لا تحتاج أكثر من البرهان . أما مسألة التوحيد فهي وإن امتلكت البرهان أيضا من عقل الإنسان وكونه ، لكنها المسألة الأطول التي تواكبنا في فكرنا وسلوكنا ، والمرحلة الأهم والأخطر في ضميرنا، ومن هنا ناسب التربي عليها وانصباب الشهادة عليها بصيغة النفي لكافة الألوهيات المتصورة وإثبات ألوهية الإله الواحد عز وجل ، وناسب توضيحها بنوعين من التأكيد لكل منهما دور في تركيز التوحيد ، فكلمة ( وحده ) تعني أن وحدانية الله عز وجل قضية قائمة واجبة لا ممكنة بحسب التعبير المنطقي . وكلمة ( لا شريك له ) تنفي مساهمة أحد أو شيء مع الله عز وجل في شؤون الألوهية ، شؤون الخلق والإدارة والتشريع والأمر والحكم كما ناسب في مستهل الشهادة الثانية وصف الرسول صلى الله عليه وآله بالعبد المخلوق المأمور ، أبعادا للشهادة بالرسالة عن أن تشي بأدنى مشاركة لله في شئ ، وإنما هي مهمة رسالة وتبليغ وإن كانت أعظم مهمة قام بها إنسان .
ثم لاحظ المستوى الذي يرفع إليه الفرد من الناس الإدلاء بهذه الشهادة ، مستوى أن يشهد أحدنا بوحدة الألوهية وبالنبوة ! متى احتاج الله عز وجل لأن يشهد بتوحيده أحد؟.
ومن يكون زيد وعمرو في الوجود ؟ ومن يكون الوجود بالنسبة إلى وجوده عز وجل ، الوجود الحقيقي الصمد ؟.
ومتى احتاج الرسول صلى الله عليه وآله إلى شهادة أحد بإرساله من قبل الله ؟ وكفى بالله شهيدا له .
ولكنه تواضع الرحمة من الله سبحانه يقول لكل فرد من الناس : أنت بحاجة لأن تستشعر وحدانيتي فتتلقى عني وحدي وتأتمر بأمري وحدي ، فأرتفع إلى مستوى احتياجك وأشهد لي بالوحدانية ، ولعبدي بالرسالة ، وأنهض بمسؤولية هذا المستوى .
ثم لاحظ المسؤولية التي يتضمنها هذا الاقرار ، فكما أن ارتفاع الإنسان إلى مستوى الشهادة بالألوهية والنبوة ليس من أجل الله ورسوله فكذلك ليس هو من أجل كبرياء الإنسان وجعله في مستوى أن ينفي أو يثبت الوحدانية والرسالة . بل هو الارتفاع الخاشع المسؤول : الخاشع لأنه ارتفاع يتحقق بين يدي الله ، وبعد خضوع السجود ، وفي حالة الجثو على الركبتين . والمسؤول لأنه ارتفاع مشروط بتكاليفه ، تكاليف أن يتلقى أحدنا مفاهيمه وأحكامه التي يتحرك بها عن الله الذي يشهد يوميا بوحدانيته وعن رسوله الذي يشهد يوميا برسالته .
حينما أتفكر أني في كل يوم من حياتي أسجل على نفسي تسع مرات الاقرار بوحدانية الله ورسالة عبده محمد صلى الله عليه وآله تهزني مسؤولية هذا الاقرار ، مسؤولية التقصير عنه فيما مضى ، ومسؤولية أن أفي بما بقي من عمري بمستلزمات هذا الاقرار ، أن أثبت على التلقي عن الله ورسوله في خضم الهوى والناس والشيطان .
إنها مسؤولية تهز الكيان أن يعلن أحدنا إقراره بوحدانية الله المطلقة وبرسالة رسوله صلى الله عليه وآله في آناء أيامه طوال حياته ، ومفارقة كبيرة أن يبدو في صلاته على مستوى هذا الاقرار ثم ينخفض في تفكيره أو تصرفه في دركات الاسفاف .
ولاحظ الايقاع الحازم العميق في ألفاظ تلاوة التشهد وعباراتها . إيقاعا يمتد بالفكر في استيعابه ، وتتروى النفس من جلاله ، وينتفض الضمير لحسمه ، وينسجم كل ذلك مع مستوى الشاهد الذي ترفعه إليه هذه الجلسة ، ومع جدية المسؤولية التي تستوجبها .
ثم لاحظ البلاغة في الانتقال من الشهادة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة إلى طلب الصلاة عليه ، فإن الشهادة للرسول تحضر أمامك تكليف الله عز وجل إياه بهذه المهمة وقيامه بها على أكمل وجه وأثمر جهود ، مما يدعوك لطلب التبريك عليه ، كما يدعوك ذلك إلى تأكيد صلتك بالرسول صلى الله عليه وآله باعتباره الهادي إلى الله عز وجل والمنقذ للبشرية بأمر الله، فتسجل شعورك نحوه معتزا بزعامته ومكانته صلى الله عليه وآله .
وفي ضمن هذا الانتقال إلى الصلاة على الرسول يتم انتقال آخر من ضمير الغيبة إلى الخطاب إلى التكلم مع الله عز وجل الذي تجثو بين يديه وتشهد له بالوحدانية ولرسوله برسالة أن يبارك على رسوله الذي هداك به ، وهو انتقال منسجم أيضا يفتح لك الخطاب مع الله الواحد ويجعلك تمارس طلبا منه من أجل عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ، على عظمة هذا العبد الرسول .
ثم لاحظ أخيرا عطف الصلاة على آل الرسول على الصلاة على الرسول باعتبارهم امتداد الرسول صلى الله عليه وآله في هذه الأمة : تثبيتا للإسلام وجهادا مخلصا في سبيل الله . وآل الرسول أو أهل البيت هذا الاصطلاح الإسلامي الذي حدده الرسول بأشخاص معينين ، وأمر بالاقتداء بهم والصلاة عليهم مع الصلاة عليه ، وهو المنزه صلى الله عليه وآله عن معاني القبلية والأسرية والذاتية التي تجعل الزعماء الدنيويين يفرضون امتدادهم على الأمة في ذويهم ( ومن ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ) .
قال أحمد بن حنبل " لما نزلت هذه الآية ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) دعا الرسول صلى الله عليه وآله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي " مسند أحمد بن حنبل ص 185 .
وفي صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال " لقيني كعب بن عجزة فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : بلى فاهدها لي ، فقال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا يا رسول الله ، كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم ؟ قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " ج 4 ص 18 مطابع الشعب .
قال الكحلاني " وحديث الصلاة أخرجه الشيخان عن كعب بن عجرة عن أبي حميد الساعدي، وأخرجه البخاري عن أبي سعيد ، والنسائي عن طلحة ، والطبراني عن سهل بن سعد ، وأحمد والنسائي عن زيد بن خارجة، والحديث دليل على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وآله في الصلاة ، لظاهر ( الأمر ) أعني ( قولوا ) وإلى هذا ذهب جماعة من السلف والأئمة والشافعي وإسحاق ، ودليلهم الحديث مع زيادته الثابتة ، ويقتضي أيضا وجوب الصلاة على الآل وهو قول الهادي والقاسم وأحمد بن حنبل ، ولا عذر لمن قال بوجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وآله مستدلا بهذا الحديث من القول بوجوبها على الآل إذ المأمور به واحد . ودعوى النووي وغيره الاجتماع على أن الصلاة على الآل مندوبة : غير مسلمة ، بل نقول : الصلاة عليه صلى الله عليه وآله لا تتم ويكون العبد ممتثلا بها حتى يأتي بهذا اللفظ النبوي الذي فيه ذكر الآل ، لأنه قال السائل : كيف نصلي عليك فأجابه بالكيفية أنها الصلاة عليه وعلى آله . فمن لمن يأت بالآل فما صلى عليه بالكيفية التي أمر بها فلا يكون ممتثلا للأمر فلا يكون مصليا عليه صلى الله عليه وآله .
ومن هنا نعلم تأن حذف لفظ الآل من الصلاة كما يقع في كتب الحديث ليس على ما ينبغي . وكأنهم حذفوها خطأ تقية لما كان في الدولة الأموية من يكره ذكرهم ، ثم استمر عليه عمل الناس متابعة من الآخر للأول ، فلا وجه له " . سبل السلام في شرح بلوغ المرام للعسقلاني ج 1ص 193
|
|
الصين.. طريقة لمنع تطور قصر النظر لدى تلاميذ المدارس
|
|
|
|
|
ماذا سيحدث خلال كسوف الشمس يوم السبت؟
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الدينية يختتم محاضراته الرمضانية في صحن مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)
|
|
|