المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحلق والتقصير‌(مناسك منى)
28-9-2018
{يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط}
2024-12-15
الغرور والعُجُب
2024-12-11
Derrick Henry Lehmer
22-10-2017
الماشية مبكرة النضج
2024-11-03
الهجرة الى الله
2024-12-12


المراحل العمرية بحسب القرآن الكريم وخصوصيات المراحل  
  
49   02:00 صباحاً   التاريخ: 2025-03-22
المؤلف : د. بلال نعيم
الكتاب أو المصدر : التربية والتعليم في القران الكريم
الجزء والصفحة : ص 35 ــ 56
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-15 724
التاريخ: 2023-07-03 1679
التاريخ: 2024-10-23 638
التاريخ: 2024-04-15 1222

أ- مراحل ما قبل الولادة

يأخذ القرآن بعين الاعتبار نشأة الإنسان ومراحل تطوره في كل العوالم:

ـ عالم الأصلاب: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172].

ـ عالم الأرحام (من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى كسو العظام لحماً).

- عالم الولادة: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14].

- عالم الحياة (الطفولة / الشباب / الكهولة / الشيخوخة).

وفي الإجمال هناك المراحل الآتية:

1- من عالم الذر إلى عالم الأصلاب إلى الأرحام.

2- من الولادة إلى الوفاة.

3- من الوفاة إلى البرزخ إلى الحشر.

4- الآخرة.

أما بالنسبة إلى عالم الأرحام أي ما قبل الولادة: فهناك تقسيم ثلاثي أو رباعي لهذه المراحل التي يقطعها الإنسان في رحم أمه، في عالم الظلمة:

- النطفة

- العلقة

- المضغة

- عظاماً

- كسو العظام لحماً

ـ فمن النطفة إلى العلقة مرحلة

ـ ومن العلقة إلى المضغة مرحلة

ـ ومن المضغة إلى العظام مرحلة

ـ وكسو العظام باللحم وتشكل الأعضاء الكاملة مرحلة.

وقد أكدت الروايات المتواترة على أهمية مرحلة وجود الجنين في رحم أمه، كما أكدت على أنه مخلوق متأثر بعاملين أساسيين:

ـ عامل مرتبط بالغذاء القادم إليه من أمه، وبالتالي فإن نظافة وطهارة هذا الغذاء، إلى جانب كونه متنوعاً، ومغذياً يؤثران في جسم الطفل وفي روحه، فكما أن تنوع الأغذية يبني قوة الجسم لدى الطفل فإن العبادة والصلاة والأعمال الحسنة التي تؤديها الأم يؤثر في روحية الجنين وهو في بطن أمه والعكس صحيح، فإن الأعمال السيئة والرذائل والمعاصي والآفات كلها تؤثر سلباً في روحية الطفل.

ـ وأما العامل الآخر فهو المحيط، وخصوصاً القريب منه حيث أكدت الدراسات على أن الجنين لا يرى إلا أنه يسمع، وأنه يتأثر ويتفاعل مع الأصوات المترددة في المحيط وبالأخص داخل أسرته: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2].

فتم تقديم السمع لأن الطفل يسمع وهو في رحم أمه قبل أن يرى ويبصر النور بعد خروجه إلى الحياة بعد الولادة والعاملان المتقدمان هما غير عوامل الوراثة المتقدمة المأخوذة من الوالدين.

ب - مراحل ما بعد الولادة

هناك تقسيم ثلاثي أو رباعي لمراحل ما بعد الولادة:

- الطفولة

- الشباب

- الكهولة

- الشيخوخة

وتقسم الطفولة إلى مرحلتين بحسب القرآن:

- مرحلة ما قبل البلوغ

- مرحلة ما بعد البلوغ

وتقسم مرحلة ما قبل البلوغ بحسب القرآن إلى مرحلتين:

- مرحلة ما قبل التمييز (الطفل غير المميز).

- مرحلة التمييز (الطفل المميز).

وتقسم مرحلة الشباب ما بعد البلوغ، بحسب القرآن الكريم، إلى أربع مراحل:

- مرحلة إخراج الشطأ (إظهار القابليّات).

- مرحلة المؤازرة (التربية والمواكبة).

- مرحلة الاستغلاظ (امتلاك القدرات).

- مرحلة الاستواء (مرحلة الاعتدال والاستقامة).

وتقسم مرحلة الكهولة إلى قسمين:

ـ بلوغ الأشد (حتى 33 سنة).

ـ الاستواء (حتى 40 سنة).

وتقسم الشيخوخة إلى قسمين:

- الشيخوخة الأولى.

ـ الشيخوخة المتأخرة (أرذل العمر التعمير / في الناس والتنكيس في الخلق).

وهكذا يمكن، وبحسب القرآن الكريم، أن نتحدث عن المراحل التالية في ما يلي الولادة:

- الطفل غير المميز.

- الطفل المميز.

- الطفل البالغ.

-الشباب حتى بلوغ الأشد.

ـ الاستواء في الأربعين (الكهولة).

- الشيخوخة.

ـ أرذل العمر.

ج- خصوصيات المراحل من الناحية التربوية بحسب القرآن الكريم:

أما بالنسبة إلى الطفولة: فيبدأ بتحمل المسؤولية، بحسب القرآن، بعد البلوغ (بلوغ الحلم) وقد تم تحديد المرحلة العمرية في النصوص:

9 سنوات للأنثى

14 - 15 سنة للذكر

والدليل على ذلك أي تحمل المسؤولية في قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59]. أي أن توجيه الخطاب هنا إلى الطفل وليس إلى الأهل، أي أن الاستئذان هو تكليف الطفل بعد بلوغه الحلم لأن خطاب التكليف بدا بالتوجه إليه بعد أن كان التوجه بالخطاب إلى الأهل المسؤولين عن تربية الطفل: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58].

فالأمر، هنا متوجه إلى الأهل المكلفين عن تربية الطفل على الاستئذان قبل بلوغ الحلم، وبعده يتوجه الخطاب إلى نفس الطفل الذي يصبح مسؤولاً ومكلفاً.

أما بالنسبة إلى مرحلة ما بعد البلوغ أو الشباب فان هذه المرحلة تنقسم إلى أربع مراحل تربوية يتم استقاؤها من الحديث عن المؤمنين وعن نشأتهم وتربيتهم وعن نموهم التربوي الصحيح.

يعبر القرآن الكريم عن الجيل المؤمن المستقيم التربية على النحو الآتي: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29]، أي أن هناك أربع مراحل، هي:

- إخراج الشطء

ـ المؤازرة

ـ الاستغلاظ

ـ الاستواء على السوق

ـ النموذجيّة

أـ اخراج الشطء:

يكون ذلك بعد مرحلة من الزراعة والسقي والإطعام والتغذية إلى حين بلوغ مرحلة الإنتاج والعطاء (وكل ما تقدم يشابه النمو للطفل منذ الولادة إلى حين بلوغه الحلم).

أما إخراج الشطء فيعني من الناحية النفسية والتربوية عملية المساعدة في إخراج القابليات المكنونة والكامنة في نفس الفتى والفتاة؛ هذه القابليات التي تحتاج إلى رعاية خاصة تناسب كل حالة من الحالات النفسية، والتي تحتاج أيضاً إلى المربي الذي بمقدوره استثارة واستفزاز القابليات والمواهب من أجل معرفتها في هذه المرحلة التربوية.

إذاً الخطوة التربوية الأولى فيما بعد البلوغ، هي معرف القابليات والاتجاهات والمواهب.

وإخراج الشطء يحصل في الهواء الطلق، بدون عناء، وعلى نحو من الحرية، وهامش من التنفس، حتى يرى الشطء الشمس ونورها وضوءها من دون عسر أو قسوة، وهذا مشابه لما ورد في الروايات عن ترك الولد لينشأ مع الحرية لمرحلة عمرية قدرها سبع سنوات؛ ففي هذه المرحلة يتم ضبط السلوك بضابطة عدم الأذية وليس بضابطة المسؤولية، فلا ثواب وعقاب بالمعنى الفعلي في هذه المرحلة؛ لأن لهما دخالة في الفهم وفي التعقل، ولهما آثار مرتبطة بالقدرة على تفهم الآثار من أجل خدمة الأهداف التربوية المقررة.

ب- المؤازرة

كما يتم وضع خشبة إلى جانب الفسيلة، النبتة، الشجرة الصغيرة القائمة لمساعدتها على الوقوف، وبالتالي على ديمومة عملية النماء، فكذلك الفتى أو الفتاة بعد إخراج الشطء وبدء ظهور القابليات الكامنة واستطلاع المواهب فإن المطلوب هو المؤازرة والرعاية والمتابعة والوقوف إلى جانب الفتى أو الفتاة من أجل حسن البناء والإنماء للقابليات المكتشفة، ويكون ذلك بالمربي الفهيم القادر على المؤازرة بدون الكسر أو إبقاء الضعف. وهنا تبدأ عملية المؤازرة التي تحتمل الشد والضغط بدون الوصول إلى الكسر والقتل، فهنا المطلوب أن يحصل الثواب والعقاب من أجل التربية والاستقامة، وليس من أجل الانتقام، والمؤازرة تعني الرعاية المتضمنة للعاطفة والحنو والمتابعة الرعوية التي توازي صناعة المناخ المؤاتي لديمومة النمو مع الاستقامة ومع عدم حصول الاهتزازات في الشخصية خصوصاً في مرحلة المراهقة واليفاع، حيث الحاجة إلى تشديد المؤازرة منعاً للتعرجات والتشوهات في النشأة. وإن أهم مرحلة تربوية هي مرحلة المؤازرة التي تستمر حوالي عشر سنوات من المتابعة والرعاية والمعالجة والثواب والعقاب والتحفيز الذي أساسه إيجابي مع المساعدة ومراعاة الأحوال، مع العاطفة المولدة الشبيهة بتلك الحرارة تعطيها الدجاجة للبيض من أجل أن يتولد منه الفراخ. فالفتى والفتاة بأمس الحاجة، في هذه المرحلة، إلى دفن العاطفة وإلى المساعدة والرعاية والمواكبة من أجل حسن إخراج القابليات.

ج- الاستغلاظ:

وهي خطوة تمكين القابليات وتفعيلها والاطمئنان إلى تحوّلها من حيز القوة إلى حيّز الفعل. وإنها، بعد التدريب والمؤازرة والمواكبة والرعاية، قد تم بناؤها وتحولها إلى جزء فعلي من الشخصية لا ينفك عنها ولا يفارقها، بحيث يطمئن المربي إلى أن هذا الشاب الذي ترسخت قناعاته وأفكاره يمكن أن ينتقل إلى أي مناخ من المناخات التربوية، من دون الخوف عليه من الانحراف أو الانكسار وهي مرحلة ما بعد اليفاع والانتقال إلى الشباب وإلى التهيئة لتحمل المسؤوليات الاجتماعية، ويحصل ذلك بالإقناع والإفهام والحوار والجدال والمناقشة ويكون ذلك بالمصاحبة والمواكبة، حتى يحصل الاستغلاظ الذي يعني الاستقامة على المبادئ بعد فهمها والتعمق بها مع الصعوبة في التحولات إلى ما يخالفها. أي هي مرحلة ترسيخ القناعات والاعتقادات والسلوكيات، مع الاطمئنان إلى روائز الشخصية ومكنوناتها.

د- الاستواء على السوق

وهي خطوة تكامل المواصفات بين العقلي والنفسي والعاطفي الانفعالي من جهة، والتفكيري التحليلي، من جهة ثانية، كما أنها هي خطوة التكامل في التوازن والاعتدال بين الإفراط والتفريط، بين المنطق والوجدان، مرحلة فهم الرذائل في تفريطها أو الرذائل في إفراطها؛ هذا الاستواء الذي يعني الحكمة ووضع الأمور في نصابها والقدرة على فهم الخصوصيات وتقبل الناس على تمايزهم والحكم على الأمور من الاتجاهات والزوايا المختلفة وغير ذلك مما يجعل الشاب في مقام المربي أو الاستعداد ليكون كذلك؛ لأنه بعد الاستواء والاستقامة يعجب الزراع المربين الذين يفتخرون بهذا الإنتاج وهذا الزرع الصالح البديع الذي يسر الزارعين، أي هي مرحلة النموذجية والقدرة حيث يعجب هذا المنتج الذين زرعوه وصنعوه.

وهكذا تكون التربية، في مراحلها المتنوعة، منصبة على الأهداف التدريجية الآتية:

أ- نبش واستشارة واستطلاع وتوليد القابليات.

ب- تنمية وتطوير وتدريب القابليات.

ج- تركيز وتمتين الشخصية والمواصفات.

د- بلوغ الاعتدال والحكمة والاستقامة (النموذجية).

من هنا، فإنّ الشخص، عندما يمر في هذه الخطوات التربوية ويخضع لهذه العمليات التنموية المهمة فإنه يصبح مؤهلاً لتولي الحكم ولإدارة الأمور: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14].

فالاستواء العمري في الأربعين، أو في مرحلة ما بين 33 و 40 عاماً، والاستواء النفسي في الخضوع لعمليات التربية الممنهجة والاستواء العقلي في الخضوع لبناء القابليات ولتعليم الكفايات التعليمية اللازمة، كل ذلك يؤدي إلى بلوغ الأرضية الصالحة لنزول الحكم وتوليته. ولعله لأجل ذلك كان الاختيار الإلهي للأنبياء، عموماً، في هذه المرحلة من العمر، بعد أن يراقب الله نموهم وتربيتهم، وبعد أن يسدد خطواتهم في البناء والتكامل.

وقد حدد، سبحانه وتعالى، مراحل التربية والتعليم الأساسية بأربعة أساسية هي:

- تلاوة الآيات

- التزكية

- تعليم الكتاب

- الحكمة

ويمكن أن يكون لهذا التقسيم دخالة أو علاقة بالمراحل العمرية.

ففي البداية، عندما يبدأ الطفل بتلقي التعليم، فالمطلوب هو تلاوة الآيات، بمعنى تلاوة الكفايات التعليمية المطلوب إيصالها، وترداد هذه الكفايات من دون الغوص في التحليل والتعليل والأصول والمفاهيم النظرية المتضمنة في المعلومات المقدمة. ويقال بأنّ هذه الطريقة، أي التلاوة والنطق والترديد هي الأنسب بالنسبة إلى الطفل من بداية تلقيه العلم (3 - 4 سنوات) إلى بلوغه السابعة من العمر. وقد تصلح أيضاً حتى السن العاشرة.

ثم تبدأ المرحلة الثانية مع طريقتها، وهي التزكية والتأديب والتعويد على السلوك الحسن وعلى الصحيح من الخطأ، وهي تتحمل الثواب والعقاب بما يناسب خصوصيات العمر وبما يفضي إلى التربية وليس إلى الانتقام. ويقال بأن التزكية مطلوبة على كل حال، لكنها تبدأ في سن السابعة، وتبقي تحت هذا العنوان إلى سن البلوغ، حيث بعد ذلك، تتحول التزكية إلى عملية تعليم في قوله تعالى ويعلمهم، أي يبدأ التعليم الذي يتضمن المفاهيم؛ وفي ضوئها يتحوّل الإنسان من التزكية إلى من يزكي نفسه، وفق تلك المفاهيم والتعاليم الموجودة في الكتاب (يعلمهم الكتاب) وتستمر عملية التعليم المترافقة مع التزكية الذاتية والاتعاظ والاعتبار بمكنونات الكتاب إلى عمر الواحدة والعشرين، حيث بلوغ الرشد الأول الذي يتناسب مع تعليم الحكمة التي هي فنّ وسلوك أكثر منه علم ومفاهيم نظرية. والحكمة تعني ملاحظة الزمان والمكان والظروف والخصوصيات وإعطاء كل ذي حق حقه ومراعاة الفوارق والاعتبارات بما يؤدي إلى السلوك المعتدل المنصف المستقيم. وهناك تحوّل بأن بداية الحكمة وتعليمها تكون من سن السابعة والعشرين؛ لارتباط ذلك بمجموعة عوامل لها علاقة بتكون الشخصية وأكتمالها من الناحيتين الذهنية والعاطفية وكذلك التجارب العامة.

وعليه يمكن القول بأن كل مرحلة عمرية وما يناسبها هو الآتي:

المرحلة العمرية                    الطريقة العامة

حتى سبع سنوات                   التلاوة والترديد

سبع سنوات - 14 سنة             التزكية والتأديب

14 - 27 سنة                      تعليم الكتاب والأحكام والمفاهيم

27 فصاعداً حتى الأربعين        تعليم الحكمة

وبعد الأربعين يتحوّل الإنسان إلى مرب إذا خضع لكل المراحل على نحو صحيح.

وهذا التقسيم للمراحل يعني الانتهاء من مرحلة والبدء بالأخرى، بل هي مراحل متداخلة غير انقطاعيّة، حيث تبقى تلاوة الآيات مع التزكية وتبقى التزكية مع التعليم وهكذا.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.