أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-11-2021
![]()
التاريخ: 6/9/2022
![]()
التاريخ: 25-9-2018
![]()
التاريخ: 15-6-2018
![]() |
للوظيفة المحجوزة خصائص عدة تميزها من الوظائف الاخرى، ويمكن إجمال أهمها بالآتي:
أولا الوظيفة المحجوزة ضمانة اجتماعية
يُعد حجز الوظائف مظهراً من مظاهر الضمانات الاجتماعية التي يكفلها الدستور أو القانون لبعض شرائح المواطنين التي من مقتضاها أن يكون هنالك تأمين على حياة المواطنين وضمانة لحصولهم على دخل مناسب يضمن لهم الحياة الحرة الكريمة وبالخصوص هؤلاء الذين فقدو القدرة على العمل بشكل جزئي، وهذه الضمانات قد انتشرت أخيراً وتضمنتها دساتير بعض الدول محل المقارنة، وان كانت لا تدخل بطبيعتها في نطاق المسائل الدستورية، كما تضمنتها المواثيق الدولية كالذي ورد في المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بحيث أصبحت من مستلزمات المجتمع على النطاق الداخلي والدولي(1).
تماشياً مع هذا الاتجاه تقوم الدولة عادة بتضمين قوانينها وأنظمتها ما يمكن بعض الفئات من الحصول على فرص عمل حكومية لضمان العيش الكريم لهم وهي بهذا تحقق الغاية الدستورية بحماية جميع أفراد المجتمع وبخاصة الفئات الأكثر ضعفًا .
ثانيا إنها تنظيم قانوني استثنائي
تعد الوظائف المحجوزة استثناء حقيقي على مبدأ المساواة وتكافؤ فرص الجميع امام تولي الوظائف العامة، إذ يتم شغل بعض الوظائف بفئات معينة من المواطنين ولا يسمح للآخرين بالتنافس عليها، والفلسفة من وراء ما تقدم هي تعويض بعض الفئات الاجتماعية عما قاسوه من الم نفسي أو ما لحقهم من ضرر نتيجة الحروب وما آلت إليه من نتائج، أو بسبب تعرضهم أو ذويهم للتميز والمعاملة القاسية لأسباب سياسية.
إذ أخذت أغلب الدول في تشريعاتها الوظيفية على إعمال هذه القاعدة، وإن كانت تتفاوت في مداها، إذ نجد في فرنسا قد منحت تقرير حجز الوظائف للمحاربين القدماء، بينما شددت بعض الدول ذلك الأمر فاشترطت بأن يكون المحارب قد أبلى بلاء حسناً أو أصيب في المعارك الحربية بعجز جزئي وهو ما أخذ به المشرع المصري؛ وذلك بهدف التضييق من نطاق قاعدة حجز الوظائف للمحاربين القدماء، إذ إن الحكمة من ذلك هي تحقيق أهداف إنسانية واجتماعية بما لا يضر بالمصلحة العامة، وإذا ما توسع المشرع في تطبيقات هذا النظام ستتوسع قاعدة المستفيدين ليشمل أغلب من عمل في القوات المسلحة أو ساهم في الحرب أو أصيب في الحروب ولذا يعد البعض وهذه الفكرة استثناء حقيقي على مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص اللذان أخذ يهما الدستور العراقي وأغلب الدساتير العالمية أما صراحة أو دلالة (2).
مما تقدم تبين بأن نظام الوظائف المحجوزة يُعدّ نظاماً استثنائياً، يرد على الأصل العام المتمثل بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين في حق تولي الوظائف العامة من الذين تتوافر فيهم شروط التعيين في تلك الوظائف، لذا ينبغي أن يكون تطبيق هذا النظام في اضيق نطاق ممكن.
ثالثا- الوظيفة المحجوزة وظيفة نسبية
ترد النسبية هنا على الأشخاص والوظائف؛ إذ إن التشريعات تحدد نسبة من الوظائف العامة لفئة معينة من افراد المجمع يحق لها التقدم دون غيرهم لشغل تلك الوظائف، وهذا يعني أن هذه الوظائف ستكون نسبة معينة من مجموع الوظائف المتوفرة ؛ كونه ينطبق على فئة معينة من الأشخاص، وهم من يحق لهم دون غيرهم شغل تلك الوظائف، كإلزام المشرع المصري بتخصيص نسبة (5%) من مجموع الوظائف الشاغرة للأشخاص ذوي الاعاقة (3)، كما الزم قانون مؤسسة الشهداء بالتنسيق مع الوزارات والدوائر الغير مرتبطة بوزارة كافة لغرض تعيين ذوي الشهداء فيها، وبنسبة (15%) (4) ، وكذلك النسب المحددة لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة، والمصابين في العمليات الحربية والمحاربين القدماء وغيرهم، فالنسبية هنا تشمل الوظائف محل الحجز، إذ ليس كل الوظائف تصلح بأن تكون وظائف محجوزة؛ كونها تتطلب شروط، ومتطلبات اللياقة الصحية والبدنية، وهذا ما لا يتوفر في الفئات المستهدفة من تلك الوظائف، وكذلك تشمل العدد المخصص من الوظائف الشاغرة، وأيضا النسبية تشمل الأشخاص المستحقين لها كونهم يحملون صفات لا يحملها غيرهم.
رابعا - أن الدافع وراء تقرير مبدأ حجز الوظيفة أنساني بحت
نظام حجز الوظائف لفئات محددة يكتسي طابعًا إنسانيًا، فهذا النظام يحقق الغاية التي يهدف المشرع من تشريعه؛ كونه يهدف الى حماية بعض الأفراد لاعتبارات انسانية، إذ إنهم قد شاركوا في الحروب دفاعا عن الوطن ومنهم من حرمتهم الطبيعة أو الظروف الخاصة من التمتع بكامل قواهم الجسمية أو الذهنية وأصبحوا في وضع يمكنهم من التغلب على مشاق الحياة بذات القدر من الكفاءة والقوة مع غيرهم من الاصحاء، مثل ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، أو الاشخاص الذين فقدو من يُعيلهم (كذوي الشهداء).
فكل هذه الفئات تحملت قدراً كبيرًا من الضرر، ومن ثم تحجز تلك الوظائف ليجري التنافس عليها بين الفئات الذين تتوافر فيهم الصفة التي من أجلها حُجزت تلك الوظائف، ولا ينافسهم عليها غيرهم (5) .
خامسا - إن نظام حجز الوظيفة الغاية منه جبر الضرر
تعد مسألة جبر الضرر ورد الاعتبار من الأسس الجوهرية في موضوع الوظيفة المحجوزة وقد تم بلورة سياسات جبر الأضرار الفردية والجماعية عبر العديد من الاليات القانونية التي تتضمن برامج وسياسات تنفيذية معينة وأخذ بنظر الاعتبار أهمية رعاية فئات اجتماعية معينة بغية تعويضهم عن الأضرار التي أصابتهم بطريقة تحقق نوعًا محددًا من العدالة اصطلح على تسميته بالعدالة الانتقالية أو المؤقتة(6).
ويعد تعويض ضحايا الانتهاكات حقاً للضحايا والتزاماً على الدولة، وهو حق فردي وجماعي في ذات الوقت، ويتضمن التعويض عن الضرر المادي والجسدي والنفسي أو المعنوي (7) . ويتعلق جبر الضرر بحق يندرج في قواعد القانون الدولي منذ بداية القرن العشرين ، حيث إن المحكمة الدائمة للعدل الدولي كانت قد صرحت منذ سنة 1928 بما يلي " يعتبر مبدأ للقانون الدولي ، بل ومفهوم عاما للقانون، إن أي انتهاك لالتزام ما يتضمن الزاماً بجبر الضرر (8) "
المشرع في فرنسا دأب على أن يطور من أساليب التعويض عن الأضرار التي أصابت المقاتلين في الحروب وبالخصوص أسر ضحايا الحرب بالتأسيس لصناديق ضمان وتوفير فرص عمل حكومية لذويهم، وعن طريق حجز الوظائف لهم(9).
كما نص دستور جمهورية مصر لعام 2014 على ان " يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية(10)"، وسبق لرئيس جمهورية مصر بأن اصدر قرارا (11) ، يتضمن تعويض المتضررين من أحداث ثورة (25/ يناير)، وبناءً على ذلك القرار فالدولة تلتزم بتكريم ورعاية وتعويض الضحايا واسر المفقودين وأزواجهم وأولادهم ووالديهم وهذه يعني ان الدولة قد تبنت وصراحة في دستورها على مبدأ العدالة الانتقالية بتعويض أسر الضحايا.
من ثم يمكن القول بأن التعيين في بعض الوظائف المحجوزة يُعد أحد صور التعويض المادي المقررة في قوانين العدالة الانتقالية، وهذا ما عرفه المشرع العراقي، خاصة بعد تغير النظام السياسي عام 2003، وصدور دستور جمهورية العراق لعام 2005، الذي يمكن عده من أفضل الدساتير التي تبنت موضوع العدالة الانتقالية في بنوده، وقد جاء الدستور بالعديد من النصوص التي تكفلت بتعويض المتضررين وجبر ضررهم، ومنها ما تعلق بتأسيس هيئة تسمى ( مؤسسة الشهداء (12)، والتي تهدف الى معالجة الوضع العام لذوي الشهداء، وتعويضهم مادياً ومعنوياً بما يتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها الشهداء، والمعاناة التي لقيها ذويهم بعد استشهادهم(13).
صفوة القول إن الخصائص أعلاه نابعة من طبيعة نظام الوظائف المحجوزة ومن ما يتمتع به من مرونة وهذا ما يجعله نظامًا استثنائيا من جهة؛ لتعارضه مع مبدأ المساواة، ومن جهة أخرى نسبيًا من خلال؛ إن ليس كل الوظائف العامة قابلة للحجز ولا كل مواطني الدولة يحق لهم التقدم لشغلها .
_____________
1- د. فؤاد العطار، النظم السياسية والقانون الدستوري، دار النهضة العربية ، القاهرة، مصر، 1966 ، ص574.
2- محمد السيد محمد الدماصي، تولي الوظائف العامة ، أطروحة دكتوراه جامعة عين الشمس، كلية الحقوق، 1971 ، ص284.
3- تنظر المادة (13) من قانون الخدمة المدنية المصري رقم (81) لسنة 2016 للمزيد ينظر د. أيمن محمد عفيفي، قانون الوظيفة العامة، دراسة في سياسيات وآليات الاصلاح الإداري في مجال الوظيفة العامة في مصر، دار النهضة العربية، القاهرة 2016، ص 134
4- تنظر نص المادة (17/ خامسا) من قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016 النافذ.
5- محمد السيد محمد الدماصي، تولي الوظائف العامة ، أطروحة دكتوراه جامعة عين الشمس، كلية الحقوق، 1971 ، ص275.
6- احمد شوقي بنيوب العدالة الانتقالية بتونس ( اسس نظرية تطبيقات عملية تصورات مستقبلية )، مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية تونس 2011-2012، ص 9.
7- بعد عام 2003 تحول النهج الاستبدادي في العراق إلى النهج الديمقراطي والإنساني، فكانت الحاجة إلى محو الأثار السابقة التي خلفها النظام الدكتاتوري وإعطاء فكرة حسنة لأركان الدولة الجدية داخل المجتمع، والتي من ضمنها آليات العدالة الانتقالية، والتي كان من ضمنها آليات لتعويض، وبناءً على ذلك فقد أسست السلطة التأسيسية لمؤسسات عديدة تنفذ برنامج التعويض والتي منها مؤسسة الشهداء وذلك بموجب نص المادة (104) من دستور جمهورية العراق الدائم لعام 2005 من أجل تعويض أسر الشهداء كونهم من أبرز المتضررين من الممارسات التعسفية للنظام البائد.
8- علي بخت التميمي واخرون ، العدالة الانتقالية في العراق ( الذاكرة وافق المستقبل )، مؤسسة فريدريش ایبرت ، عمان ، 2021، ص 19.
9-Savatir, La socialization de la responsabilite et de risqur, (individuals, D, 1981, p23.
10- ينظر المادة (241) من دستور مصر لعام 2014 النافذ.
11- ينظر المادة (2 ، 3 ، 4 ) من القرار الصادر من رئيس جمهورية مصر المرقم (387) لعام 2012 .
12- ينظر نص المادة (104) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، وقد تأسست المؤسسة عام 2006 بموجب القانون رقم (3) لعام 2006 ، والقانون النافذ هو القانون رقم (2) لسنة 2016.
13- أحمد زاهد عباس، انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في ظل النظام البائد 1968-2003 ، ج1، ط2، وزارة حقوق الانسان ،بغداد 2013، ص 205
|
|
منها نحت القوام.. ازدياد إقبال الرجال على عمليات التجميل
|
|
|
|
|
دراسة: الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في مراقبة القلب
|
|
|
|
|
مركز الكفيل للإعلان والتسويق ينهي طباعة الأعمال الخاصة بحفل تخرج بنات الكفيل الثامن
|
|
|