المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



أهم الأحداث بين غزوة أحد وغزوة الأحزاب  
  
171   05:26 مساءً   التاريخ: 2024-10-25
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج2، ص162-171
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

1 - سرية جبل قَطَن

جبل قطن في نجد في ديار بنى أسد وعبس « معجم البلدان : 4 / 375 » . ويقع : « غرب القصيم على بعد 170 كم من مدينة بريدة » . موقع : http : / / www . harb - tribe . net / showtopic . asp ? id = 79

قال في الصحيح من السيرة : 7 / 143 ، ملخصاً : « كان بين أحد والخندق عدد من السرايا والغزوات وكان لها نتائج إيجابية على الصعيد السياسي والاجتماعي والعسكري . وكثير منها يحتاج إلى بحث وتمحيص ، وهى حسب الترتيب الزمني : سرية أبى سلمة إلى قطن في أول محرم بعد أحُد وكانت أحُد في شوال ، وكان مع أبي سلمة مئة وخمسون رجلاً من الأنصار والمهاجرين ، منهم أبو عبيدة بن الجراح ، وسعد بن أبي وقاص ، وأسيد بن خضير ، وسالم مولى أبى حذيفة ، وغيرهم .

وسببها أن رجلاً من طئ قدم المدينة فأخبر صهره أن طليحة وسلمة ابني خويلد سارا في قومهما ومن أطاعهما وقالوا : نسير إلى محمد في عقر داره ونصيب من أطرافه ، ونخرج على متون الخيل والنجائب المخبورة ، فإن أصبنا نهباً لم ندرك وإن لاقينا جمعهم كنا قد أخذنا للحرب عدتها ، معنا خيل ولا خيل معهم ، والقوم منكوبون قد أوقعت بهم قريش .

فقال رجل منهم اسمه قيس بن الحارث : يا قوم ، إن دارنا لبعيدة من يثرب ، وقد مكثت قريش دهراً تسير في العرب تستنصرها ولهم وتر يطلبونه ، وكانوا ثلاثة آلاف مقاتل سوى أتباعهم وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاث مئة رجل ، فلا آمن أن تكون الدائرة عليكم . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأبى سلمة : سر حتى تنزل أرض بنى أسد فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم . فخرج وكان الطائي دليلاً خريتاً أي ماهراً ، فأغذ السير فسار بهم أربعاً إلى قطن ، وسلك بهم غير الطريق وسار بهم ليلاً ونهاراً ، فأغار أبو سلمة على سرحهم ودوابهم وأصابوا ثلاثة أعبد كانوا رعاة ، وهرب الباقون ، وأخبروا بمجئ أبى سلمة فخافوا وهربوا عن منازلهم في كل وجه ، فجمعوا ما قدروا عليه من الأموال ورجعوا إلى المدينة » .

2 - سرية يوم الرجيع

الرجيع وبئر معونة : إسمان لمكانين بين مكة والمدينة ، وبئر معونة أقرب إلى المدينة . البكري : 2 / 641 و 4 / 1246 وعمدة القاري : 17 / 163 .

وروت مصادر السيرة أنه وقعت فيهما غزوتان ، وفى روايتهم تعارض وتهافت ، ولم يصلنا فيهما شئ يذكر عن أهل البيت « عليهم السلام » ، والمرجح أنهما حادثتان صغيرتان ضخموهما لمدح شخص أو جماعة .

قال ابن هشام : 3 / 667 : « يوم الرجيع في سنة ثلاث » وسماه ابن سعد في الطبقات : 2 / 55 : « سرية مرثد بن أبي مرثد » . وخلاصة ماذكراه : أنه قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد أحد رهط من قبيلتى عضل والقارة وقالوا له : يا رسول الله إن فينا إسلاماً ، فابعث نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ، فبعث نفراً ستة هم : مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب ، وخالد بن البكير الليثي ، حليف بنى عدى بن كعب ، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، أخو بنى عمرو بن عوف من الأوس ، وخبيب بن عدي من الأوس أيضاً ، وزيد بن الدثنة من بنى بياضة من الخزرج ، وعبد الله بن طارق حليف الأوس ، وأميرهم مرثد ، حتى إذا كانوا على الرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز غدرت بهم هذيل وقالوا لهم ما نريد قتلكم ولكن نبيعكم إلى قريش ! فقاتلهم خمسة فقتلوا وهم عاصم ومرثد وخالد ومعتب وعبد الله بن طارق ، واستأسر زيد وخبيب فأخذوهم وباعوهما إلى أهل مكة فقتلوهما ، وأرادوا أن يأخذوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد زوجة طلحة بن أبي طلحة وكانت معه في أحد ، وقالوا إن عاصماً قتل زوجها وأبناءها ، فنذرت أن تشرب برأسه خمراً ! ولما أرادوا قطع رأسه جاءت الزنابير وحمته منهم ، وجاء سيل في الليل فأخذ جثته . واستقرب صاحب الصحيح من السيرة : 7 / 167 ، أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) أرسل هؤلاء أو بعضهم عيوناً على قريش ، فأمسكوا منهم زيداً وخبيباً وقتلوهما .

قال : « وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه ، إن لم نقل إن فيه الكثير مما نقطع بأنه مكذوب وموضوع أو محرف عن عمد ، أو عن غير عمد » .

3 - سرية بئر معونة

وهى تشبه غزوة الرجيع وغزوة بنى لحيان ، وسماها ابن هشام : 3 / 677 : حديث بئر معونة في صفر سنة أربع . ونقل عن ابن إسحاق أن الزعيم النجدي أبا براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة ، جاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وطلب منه أن يبعث رجالاً من أصحابه إلى أهل نجد يدعونهم إلى الإسلام ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إني أخشى عليهم أهل نجد ، قال أبو براء : أنا لهم جار ، فبعث أربعين رجلاً ، وأمَّر عليهم المنذر بن عمرو من بنى ساعدة ، ومنهم الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان ، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر ، في رجال من خيار المسلمين ، فساروا حتى نزلوا ببئر معونة ، فبعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى عامر بن الطفيل ، فقتله عامر واستعان بقبائل من بنى سُلَيم هم : عصية ورعل وذكوان ، فقصدوهم وقتلوهم عن آخرهم !

وقالوا إن عمرو بن أمية الضمري أراد الثأر لهم ، فقتل رجلين من قوم متحالفين مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) فالتزم ( صلى الله عليه وآله ) بإعطاء ديتهما . وأكثروا من مناقب شهداء بئر معونة خاصة عامر بن فهيرة غلام أبى بكر وزعموا أنه رفع إلى السماء ، وأنه نزل فيهم قرآن ونسخ ! فقد روى بخارى في صحيحه : 3 / 204 / 208 ، 4 / 35 و 5 / 42 ، روايات في أنه نزلت آية : ألا بلغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا ! في شهداء بئر معونة الذين غدر بهم أهل نجد من قبائل رعل وذكوان وعصية من بنى لحيان ، وأن المسلمين قرؤوا هذه الآية ! ومسلم : 2 / 135 وأحمد بروايات : 3 / 109 ، 210 ، 215 ، 255 و 289 والبيهقي : 2 / 199 .

وذكروا في أكثرها أنها نسخت بعد ذلك ، أو رفعت ! وكله غير صحيح !

وقال ابن سعد في الطبقات : 2 / 53 : « وجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خبر أهل بئر معونة وجاءه تلك الليلة أيضاً مصاب خبيب بن عدي ، ومرثد بن أبي مرثد ، وبعث محمد بن مسلمة فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذا عمل أبى براء ، قد كنت لهذا كارهاً .

ودعا رسول الله على قتلتهم بعد الركعة من الصبح فقال : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم سنين كسنى يوسف . اللهم عليك ببنى لحيان ، وعضل ، والقارة وزغب ، ورعل ، وذكوان ، وعصية ، فإنهم عصوا الله ورسوله .

وأقبل عمرو بن أمية سار أربعاً على رجليه ، فلما كان بصدور قناة لقى رجلين من بنى كلاب قد كان لهما من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمان فقتلهما وهو لا يعلم ذلك ، ثم قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأخبره بمقتل أصحاب بئر معونة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبْتَ من بينهم . وأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقتل العامريين فقال : بئس ما صنعت ، قد كان لهما منى أمان وجوار ، لأدينهما ، فبعث بديتهما إلى قومهما » . « وإعلام الورى 1 / 186 والمناقب 1 / 168 » . راجع أيضاً غزوة بنى لحيان : 1 / 188 و 1 / 170 ، فيبدو أنهما متحدتان .

4 - غزوة بدر الموعد

وتسمى بدر الصغري ، وبدر الصفراء ، وبدر الثانية ، وبدر الآخرة ، وكانت في شوال بعد أحد بسنة ، لأن أبا سفيان قال في أحُد : موعدنا معكم العام القادم في بدر الصفراء ، فقبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وبدر الصفراء قرية قرب ينبع بين مكة والمدينة ، وفيها سوق سنوى للعرب . سبل الهدي : 4 / 282 .

قال المحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه القيم : المواجهة مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) / 241 : « عممت قريش موعد اللقاء وأخذت تستعدى على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتجمع الأموال استعداداً للخروج ، وفرضت ضريبة على سكان مكة ولأول مرة في تاريخها ، ولم يترك أحد إلا وينبغي أن يدفع مالاً لا يقل عن « أوقية » مساهمة بالمجهود الحربي ، فجمعوا الأموال العظيمة ورصدوها لحرب محمد وآله ومن والاهم .

ومع اقتراب الموعد كره أبو سفيان قائد تحالف البطون هذا الخروج ، وندم على قوله وتحديده الموعد ، وتعرض لملامة الكثير من قومه ، وتمنى عدم خروج الرسول للموعد لأن العام جدب : « والأرض مثل ظهر الترس ليس فيها لبعير شئ » ولكن البطون كرهت أن يخرج محمد ولا يخرجون ، فيجترئ عليها فأحبت أن يكون الخلف من قبله . وفى غمرة حيرتها قدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة فاتفقوا معه على أن يعطوه عشرين ناقة ، مقابل أن يخَذِّل أصحاب محمد !

ورجع الرجل وأخذ يشيع بأن أبا سفيان قد جمع الجموع وأجلب العرب وجاء محمد وأصحابه بما لا قبل لهم به ! وأشار على أهل المدينة أن يبقوا في المدينة ولايخرجوا ، لأنهم إن خرجوا فلن يفلت منهم أحد هذه المرة !

ونجح الرجل بغرس كراهية الخروج في قلوب الكثير من أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) ! وفرح المنافقون واليهود وتصوروا أن محمداً لن يفلت من هذه الجموع التي يصفها نعيم بن مسعود ! ونجح نعيم بتثبيط بعض الصحابة وإلقاء الرعب في قلوبهم ! قال عثمان بن عفان يصف حالته وأمثاله ممن أصغوا لنعيم : لقد رأيتنا وقد قذف الرعب في قلوبنا فما أرى أحداً له نية في الخروج » . مغازى الواقدي : 1 / 387 .

كان الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يرصد آثار دعاية نعيم فجمع الناس وحثهم على الخروج ، ثم قال : والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد ! عندئذ تشجع من وَهَنَ من المسلمين وخرج مع النبي 1500 مقاتل ومعهم عشرة أفراس ، فأعطى النبي ( صلى الله عليه وآله ) رايته لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . وغاية المسلمين من الخروج كانت ملاقاة البطون على الموعد ، ومع هذا تزودوا ببضائع ، وأقاموا في بدر الصفراء ثمانية أيام ورجعوا بخير وفضل من الله ، وربح الدينار ديناراً .

أما أبو سفيان فقد أطلع قريش على الخطة التي رسمها لنعيم ، وبين لهم أن العام عام جدب ، واقترح عليهم أن يسيروا يومين فيرجعوا ، فخرجت البطون وهم ألفان ، ومعهم خمسون فرساً ، وانتهوا إلى مجنة فشربوا السويق وعادوا ، بعد أن بلغهم خروج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وقال صفوان بن أمية لأبى سفيان : قد والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم ، وقد اجترؤوا علينا ورأوا أنا قد أخلفناهم وإنما خلفنا الضعف عنهم ! وأخذوا يعدون العدة لغزو النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيما بعد » . الواقدي : 1 / 384 .

أقول : كان نعيم بن مسعود يسكن في المدينة ، ولا بد أن يكون تثبيطه للصحابة استغرق أياماً فعمل النبي ( صلى الله عليه وآله ) لإحباطه ، حيث ورد في نصوصه : « وصار يطوف فيهم حتى قذف الرعب في قلوب المسلمين ولم يبق لهم نية في الخروج واستبشر المنافقون واليهود » . الصحيح من السيرة : 8 / 372 .

لكن رواة السلطة لا يذكرون ذلك ، لأنه يكشف الصحابة الذين جَبَّنوا المسلمين ! وذكروا طرفاً منه في تفسير قوله تعالي : الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ . . راجع : الصحيح من السيرة : 8 / 362 ، ابن هشام : 3 / 697 ، الطبقات : 2 / 59 ، اليعقوبي : 2 / 67 ، تفسير الطبري : 2 / 230 ، تفسير مقاتل : 1 / 204 ، الثعلبي : 3 / 209 والعجاب لابن حجر : 2 / 793 .

وروى ابن هشام : 3 / 698 ، قصيدة لحسان ، وقصيدة لكعب بن مالك ، وفيها :

وعدنا أبا سفيان بدراً ، فلم نجد * لميعاده صدقاً ، وما كان وافيا

فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا * لأبت ذميماً وافتقدت المواليا

تركنا به أوصال عتبة وابنه * وعمراً أبا جهل تركناه ثاويا

عصيتم رسول الله ، أفٍّ لدينكم * وأمركم الشئ الذي كان غاويا

فإني وإن عنفتمونى لقائل * فدى لرسول الله أهلي وماليا

أطعناه لم نعدله فينا بغيره * شهاباً لنا في ظلمة الليل هاديا » .

5 - غزوة دومة الجندل

دُومة الجندل بضم الدال وبفتحه ، هي مدينة الجوف ، والآن محافظة في شمال المملكة السعودية . قال ابن هشام : 3 / 699 : « ثم غزا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دومة الجندل في شهر ربيع الأول . . قال ابن إسحاق : ثم رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبل أن يصل إليها ، ولم يلق كيداً فأقام بالمدينة بقية سنته » .

وهذا اختصار مخل لأنه روى أن الأكيدر ملك دومة الجندل وحاكمها من قبل هرقل الروم كان يجمع الجيش لغزو المدينة وكان يظلم « الضافطة » أي التجار جالبى البضائع ، وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) باغتهم فكان يسير بجيشه ليلاً ويكمن نهاراً ووصل إلى دومة الجندل ، فهرب الأكيدر ومن جمعهم ولم يقابلوه ، وغنم من مواشيهم وأموالهم ، ورجع سالماً .

وأهم أهداف غزوة دومة الجندل : ردع الذين يتصورون أن قريشاً هزمت المسلمين في أحُد فصار بإمكانهم غزوهم . وردع الروم عن التفكير بحشد جيش لحاكم دومة الجندل ليغزو المدينة . وتقوية قلوب المسلمين وإفهامهم أن هزيمتهم في أحُد كانت نشازاً ، وأن وعد الله تعالى لهم بالنصر والتمكين ما زال قائماً ، وسيأخذون بلاد كسرى وقيصر لا محالة ! وسيأتي ذكرها في غزوة تبوك .

6 - غزوة ذات الرقاع

في الصحيح من السيرة : 8 / 265 ، ملخصاً : « بلغ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن أنماراً وثعلبة وغطفاناً قد جمعوا جموعاً بقصد غزو المسلمين ، فخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم في أربع مئة وقيل في سبع مئة ، حتى أتى وادى الشقرة من أرض غطفان من نجد فأقام بها يوماً ، وبث السرايا فرجعوا إليه مع الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحداً ، فسار حتى أتى محالهم فلما عاينوهم هربوا إلى الجبال والأودية ولم يكن قتال . ورجع ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة فوصل إلى صرار يوم الأحد لخمس ليال بقين من المحرم . وهو بئر جاهلية على ثلاثة أميال من المدينة في طريق العراق . وكانت غيبته ( صلى الله عليه وآله ) خمس عشرة ليلة ، وتسمى هذه الغزوة أيضاً بغزوة الأعاجيب لما وقع فيها من أمور عجيبة ، وتسمى أيضاً بغزوة محارب ، وغزوة بنى ثعلبة وغزوة بنى أنمار . وقيل إنها في السنة الرابعة في شهر ربيع الآخر بعد غزوة بنى النضير بشهرين وعشرين يوماً ، وقيل في محرم ، وقيل كانت في سنة خمس » .

وفى إعلام الوري : 1 / 188 والمناقب : 1 / 170 : « لقى بها جمعاً من غطفان ولم يكن بينهما حرب ، وقد خاف الناس بعضهم بعضاً حتى صلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صلاة الخوف ثم انصرف بالناس . . وقيل إنما سميت بذلك لأن أقدامهم نقبت فيها ، فكانوا يلفون على أرجلهم الخرق » .

وفى الكافي : 8 / 127 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « نزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد ، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه ، فرآه رجل من المشركين والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل فقال رجل من المشركين لقومه : أنا أقتل محمداً ! فجاء وشد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالسيف ثم قال : من ينجيك منى يا محمد ؟ فقال : ربى وربك ! فنسفه جبرئيل ( عليه السلام ) عن فرسه فسقط على ظهره ! فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخذ السيف وجلس على صدره ، وقال : من ينجيك منى يا غورث ؟ فقال جودك وكرمك يا محمد ! فتركه فقام وهو يقول : والله لأنت خير منى وأكرم » .

وفى الكافي : 3 / 456 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « صلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأصحابه في غزوة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين ، أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا ، فقرأ وأنصتوا وركع فركعوا وسجد فسجدوا ، ثم استتم رسول الله قائماً وصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ، ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو . وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض » .

وفى بصائر الدرجات / 370 : « عن جابر بن عبد الله قال : لما أقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من غزوة ذات الرقاع وهى غزوة بنى ثعلبة غطفان ، حتى إذا كان قريباً من المدينة إذا بعير حل يرقل حتى انتهى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فوضع جرانه على الأرض ثم خرخر فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هل تدرون ما يقول هذا البعير ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : إنه أخبرني أن صاحب عمل عليه حتى إذا أكبره وأدبره وأهزله أراد أن ينحره ويبيع لحمه ! ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا جابر إذهب به إلى صاحبه فأتني به . فقلت : لا أعرف صاحبه . قال : هو يدلك . قال : فخرجت معه حتى انتهيت إلى بنى واقف فدخل في زقاق فإذا بمجلس فقالوا : يا جابر كيف تركت رسول الله وكيف تركت المسلمين ؟ قلت صالحون ، ولكن أيكم صاحب هذا البعير ؟ قال بعضهم : أنا ، فقلت أجب رسول الله . قال : مالي ؟ قلت : استعدى عليك بعيرك ! قال : فجئت أنا وهو والبعير إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : إن بعيرك أخبرني أنك عملت عليه حتى إذا أكبرته وأدبرته وأهزلته أردت نحره وبيع لحمه . قال الرجل : قد كان ذلك يا رسول الله . قال : بعه مني . قال : بل هو لك يا رسول الله . قال : بل بعه مني ، فاشتراه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم ضرب على صفحته فتركه يرعى في ضواحى المدينة ، فكان الرجل منا إذا أراد الروحة والغدوة منحه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال جابر : رأيته وقد ذهب عنه دبره وصلح » !

وروى ابن هشام : 3 / 692 هذه الغزوة بنحو ما تقدم ، وروى ابن إسحاق قصة الجمل ، قال جابر : « خرجت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف ، فلما قفل رسول الله قال : جعلت الرفاق تمضى وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : مالك يا جابر ؟ قال قلت : يا رسول الله ، أبطأ بي جملي هذا ، قال : أنخه ، قال : فأنخته ، وأناخ رسول الله ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك أو اقطع لي عصاً من شجرة ، قال : ففعلت . قال : فأخذها رسول الله فنخسه بها نخسات ، ثم قال : إركب ، فركبت ، فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة . قال : وتحدثت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال لي : أتبيعنى جملك هذا يا جابر ؟ قال قلت : يا رسول الله بل أهبه لك ، قال : لا ، ولكن بعنيه . قال قلت : فسُمنيه قال : قد أخذته بدرهم ، قال قلت : لا ، إذن تغبننى يا رسول الله ، قال : فبدرهمين ، قال قلت : لا ، قال : فلم يزل يرفع لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى بلغ الأوقية قال فقلت : أفقد رضيت يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قلت : فهو لك ، قال : قد أخذته ، قال ثم قال : يا جابر تزوجت بعد ؟ قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : أثيباً أم بكراً ؟ قال : قلت : لا بل ثيباً قال : أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ! قال قلت : يا رسول الله إن أبى أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعاً ، فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن وتقوم عليهن ، قال : أصبت إن شاء الله ، أما إنا لو قد جئنا صراراً أمرنا بجزور فنحرت وأقمنا عليها يومنا ذاك ، وسمعتْ بنا فنفضت نمارقها . قال : قلت : والله يا رسول الله مالنا من نمارق ، قال : إنها ستكون ، فإذا أنت قدمت فاعمل عملاً كيساً ، قال : فلما جئنا صراراً أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بجزور فنحرت وأقمنا عليها ذلك اليوم ، فلما أمسى رسول الله دخل ودخلنا ، قال : فحدثت المرأة الحديث ، وما قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قالت : فدونك فسمع وطاعة .

قال : فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله قال : ثم جلست في المسجد قريباً منه ، قال وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرأى الجمل فقال : ما هذا ؟ قالوا : يا رسول الله ، هذا جمل جاء به جابر ، قال : فأين جابر ؟ قال : فدعيت له ، قال : فقال : يا بن أخي خذ برأس جملك ، فهو لك ، ودعا بلالاً فقال له : إذهب بجابر فأعطه أوقية .

قال : فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئاً يسيراً . قال فوالله ما زال ينمى عندي ويرى مكانه من بيتنا ، حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا ، يعنى يوم الحرة » .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.