أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2018
12873
التاريخ: 8-6-2016
3329
التاريخ: 12-10-2017
2490
التاريخ: 15-6-2016
14956
|
تستوي دعوى الإلغاء مع غيرها من الدعاوى الإدارية من حيث ضرورة توافر بعض الشروط العامة والتي تبطل إجراءات الدعوى عند تخلفها، وقد حدد المشرع الجزائري الشروط العامة لقبول الدعوى بالمادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بقوله" لا يجوز لأي شخص، التقاضي ما لم تكن له صفة، وله مصلحة قائمة أو محتملة يراها القانون"، كما قد نص على شرط الأهليّة في المادّة 64 و المادة 65 منه، وجعلها شرطا لصحة الإجراءات و فها يؤدي إلى بطلان تلك الإجراءات. وعملا بنص المواد فإن هذه الشروط ذات أهمية بالغة يتوجب على أطراف الخصومة العلم بها ومعرفة أحكامها ضمانا لصحة إجراءات دعواهم وتجنبا للاصطدام بعدم قبولها.
المطلب الأول: الصفة
يقصد بالصفة في إقامة الدعوى أن يكون رافع الدعوى في الأصل هو صاحب الحق أو المركز القانوني المعتدى عليه، لأنه وحده صاحب الصفة في رفعها. وبالرغم من إجماع الفقه على وجوب شرط الصفة لقبول الدعوى، إلا أنهم اختلفوا في تعريفها فمنهم من يرى أن الصفة هي المصلحة الشخصية المباشرة، بأن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني المراد حمايته. ومنهم من يرى أن هناك فرق بين الصفة والمصلحة الشخصية المباشرة وذلك لوجود حالات ترفع فيها الدعوى ممن يمثله قانونا كالولي والوصي والوكيل، ففي هذه الحالات تظهر الصفة في الدعوى في شخص الممثل القانوني، والحكمة من اشتراط الصفة في الدعوى يرجع الى أن صاحب الحق يكون أكثر قدرة على ترجيح مصلحته في الخيار عند رفع الدعوى أم عدم رفعها (1). فالأصل أنه لا يملك الشخص المقاضاة إلا في شأن نفسه، وليس له أن يتولاها في شؤون غيره إلا بنيابة قانونية صحيحة.
إن القاعدة العامة أن المشرع والقضاء الإداري يميزان بين الصفة والمصلحة، ويعتبران كل منهما شرط قائم بذاته و لازم لقبول دعوى الانحراف بالسلطة، وتعتبر الصفة شرط لقبول الدعوى سواء تعلق الأمر بالشخص الطبيعي أو المعنوي (2)، فلا يقتصر القانون على حماية المصالح الفردية والخاصة، بل يحمي أيضا المصلحة المشتركة لمجموعة من الأفراد تجمعهم مهنة معينة كمهنة المحاماة، مهنة الطب، مهنة التوثيق، كما يحمي مصالح المجتمع المختلفة عن المصالح الخاصة لأفراده (3).
فإذا كانت القاعدة أن الصفة تمنح لصاحب الحق أو المركز القانوني، فبالنسبة للمصالح الجماعية و العامة فالصفة تمنح للهيئة التي يناط بها حماية هذه المصالح العامة أو الجماعية كالنقابات والجمعيات والبلديات وغيرها. فكل هيئة متمتعة بالشخصية المعنوية، لها الصفة في رفع الدعوى إذا ما تعرضت حقوقها أو مراكزها القانونية للاعتداء سواء كانت أشخاص معنوية عامة أو خاصة.
المطلب الثاني: المصلحة
تعّرف المصلحة لغويا على أنها الفائدة والمنفعة، أما في اصطلاح فقه القانون فإنها الفائدة العملية المشروعة التي يحصل عليها المدعي من التجائه إلى القضاء، وقد أستقر الفقه والقضاء على أن لا دعوى دون مصلحة وأن المصلحة هي مناط الدعوى. ومعنى هذا أنه لا يجوز الالتجاء إلى القضاء عبثا دون تحقيق فائدة ما، والسبب في تقييد المصلحة بهذه القيود، هو التخفيف من العبء الملقى على القضاة ولكي لا يزداد عدد القضايا المعروضة لديهم، فلا يجب أن تشغل المحاكم إلا بالدعاوى التي يعود من إقامتها منفعة (4). وقد عرفها القانون المقارن على أنها الحاجة إلى حماية القانون للحق المعتدى عليه أو المهدد بالاعتداء عليه، إلا أنه لا يشترط في رافع دعوى الإلغاء أن يكون له حق اعتدى عليه أو مهدد بالاعتداء عليه، بل يكفي أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة، ذلك أن دعوى الإلغاء إنما تحقق مصلحتين في وقت واحد مصلحة رافع الدعوى وهي مصلحة شخصية ومباشرة، ومصلحة المجتمع وهي مصلحة عامة تتمثل في احترام القانون والالتزام بمبدأ المشروعية (5) .
فيكفي لتوافر شرط المصلحة لرافع دعوى الإلغاء أن يمس القرار الإداري غير المشروع بمركز قانوني خاص لشخص، سوآءا كان مضمون هذا المركز القانوني الخاص للشخص حق شخص ي مكتسب، أو مجرد حالة قانونية خاصة أو وضعية قانونية خاصة. وهذا خلافا لما يشترط في دعاوى القضاء الكامل الذي يوجب مساس القرار الإداري غير المشروع بحق شخص ي مكتسب حتى يتحقق شرط المصلحة (6) .
وتتسم المصلحة بصفة عامة بعديد من الصفات والخصائص التي وجب توافرها لقبول دعوى الإلغاء نبرزها في الآتي:
1. أن تكون المصلحة قانونية :
ويقصد بهذا الشرط أن يستند موضوع الدعوى إلى القانون وذلك بأن تكون مصلحة المدعي مستمدة من حق أو مركز قانوني، أما إذا كانت المصلحة غير قانونية، أي أن الحق الذي تستند إليه لا يقره القانون، فإن هذه المصلحة لا يأخذ بها ولا تكفي لقبول الدعوى. فدعوى الانحراف بالسلطة لا تقبل إلا إذا كانت المصلحة مشروعة، فإذا كان مركزه لا يتفق مع القانون ، وقد تساهلت إزاءه الإدارة، فلا يكون له على الرغم من ذلك مصلحة مقبولة لرفع دعوى الإلغاء. (7)
2. أن تكون المصلحة قائمة وحالة :
ويقصد بالمصلحة القائمة، المصلحة الحالة التي يشترط فيها أن يكون الحق المدعى به والذي يهدف إلى حمايته، قد أعتدي عليه بالفعل أو حصل النزاع بصدده ويتحقق بذلك ضرر يسوغ طلب الحماية القضائية، وإذا كانت القاعدة العامة في قبول الدعاوى القضائية لا تعتد بالمصلحة المحتملة ما عدا ما استثنى بنص صريح، فإن التوسع في شرط المصلحة في دعاوى الإلغاء يكون من باب أولى، لأن دعوى الإلغاء مرتبطة بالمواعيد، فإذا انتظر المعني حتى تصبح مصلحته محققة قد تنقض ي المدة ولن تقبل دعواه (8) . وتعني المصلحة المحتملة المصلحة التي يكون فيها الضرر أو الاعتداء على الحق المراد حمايته لم يقع بعد على رافع الدعوى، وإنما يكون محتمل الوقوع، فترفع الدعوى ليس لغرض ضرر وقع بالفعل وإنما لتوقي الضرر قبل وقوعه، وقد أخذ المشرع الجزائري بالمصلحة المحتملة كشرط من شروط قبول الدعوى وذلك من خلال المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية " لا يجوز لأي شخص، التقاضي ما لم تكن له صفة، وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون ." وهو ما أخذ به القضاء الإداري في فرنسا حيث يكتفي هو الأخر بالمصلحة المحتملة لقبول دعوى الانحراف بالسلطة (9)
3. أن تكون المصلحة مباشرة و الشخصية :
معنى هذا أن يؤثر القرار غير المشروع في المركز القانوني للمدعي بصورة مباشرة، أي أن يصيب القرار الإداري غير المشروع مركز قانوني ذاتي وخاص للشخص رافع دعوى الإلغاء بصورة مباشرة (10) . فالمصلحة الشخصية هي سند القبول في دعوى الإلغاء وهي غايتها، وتتضح المصلحة الشخصية من خلال الصلة الشخصية للمعني بالقرار المطعون فيه والضرر الذي تسببه له، وبمعنى أخر أن يكون الطاعن في حالة قانونية يؤثر فيها القرار المطعون فيه تأثيرا مباشرا (11) .
المطلب الثالث: الأهلية
الأهلية هي الخاصية المعترف بها قانونا للشخص سوآءا كان طبيعيا أو معنويا والتي تخوله سلطة التصرف أمام القضاء للدفاع عن حقوقه ومصالحه، وهكذا فالأهلية هي صلاحية اكتساب مركز قانوني لمباشرة الخصومة. والأهلية ليست شرطا لقبول الدعوى، بل شرط لصحة الإجراءات. فإذا باشر الدعوى من له الصفة والمصلحة لكن ليس أهلا لمباشرتها، كانت دعواه مقبولة، لكن إجراءات الخصومة باطلة. وإذا كان المدعي ممتعا بأهلية التصرف عند رفع الدعوى ثم طرأ في الأثناء ما أفقده الأهلية، فدعواه تبقى صحيحة، ويوقف النظر في الخصومة إلى أن تستأنف في مواجهة من له الحق في مواصلتها كالقيم على المحجور عليه والوصي على القاصر.
ولما كانت المنازعة الإدارية في كثير من الحالات تجمع من حيث أطرافها شخص طبيعي وآخر معنوي يقتض ى الأمر التطرق لأهلية كل من الشخص الطبيعي والمعنوي.
- أهلية الشخص الطبيعي : عبرت عن أهلية الشخص الطبيعي المادة 40 من القانون المدني بنصها: "كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجز عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، وسن الرشد تسعة عشرة سنة كاملة." أما فاقدي الأهلية لصغر السن، عته، جنون، الميز أو السفيه فإنهم يخضعون لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة وذلك طبقا للمواد 42(12) ، 43 من القانون المدني وكذا أحكام قانون الأسرة لا سيما المادة 81 وما بعدها، وعليه يجب أن يباشر الدعوى الولي أو الوصي بالنسبة للقاصر أو القيم بالنسبة للمحجور عليه (13).
- الشخص المعنوي : حددت المادة 49 من القانون المدني المعدلة بموجب القانون 05-10 "الأشخاص الاعتبارية هي : الدولة، الولاية ، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، الشركات المدنية والتجارية، الجمعيات والمؤسسات، الوقف، كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية (14)". وتنقسم الأشخاص المعنوية إلى أشخاص معنوية خاصة تتمثل في الشركات الخاصة والمقاولات والجمعيات والمؤسسات ذات الطابع الصناعي والتجاري ، أما الأشخاص الاعتبارية العامة تتمثل في الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
______________
1- عباس العبودي، شرح أحكام أصول المحاكمات المدنية، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، الأردن، 2007، ص198
2- مجلس الدولة، فرار رقم 182149، بتاریخ 14/2/2000 ، بحلة مجلس الدولة، العدد الأول، 2002، ص107، حيث بالقرار" حيث أن مديرية الأشغال العمومية هو تقسيم إداري متخصص داخل الولاية ليس له أية استقلالية و هو تابع للولاية، حيث أنه | نتيجة لذلك فإن مديرية الأشغال العمومية ليس لها شخصية معنوية تسمح لها بالتقاضي وحدها"
- أنظر ايضا : بمجلس الدولة، فرار 11053، بتاريخ 17/6 2003 ، محلة مجلس الدولة العدد الرابع، 2003، ص53 3- مسعود شميهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، الهيئات و الاجراءات أمامها، الجزء الفات، ديوان المطبوعات الجامعية، طبعة 1998، ص 227
4- عباس العبودي، المرجع السابق، ص189.
5- أنور أحمد رسلان، المرجع ، 469.
6- عوابدي عمار، النظرية العامة للمنازعات الأدارية في النظام القضائي الجزائري، نظرية الدعوى الأدارية، الجزء الثاني نظرية الدعوى الادارية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1998 ، ص415.
7 -محمد الصغير بعلي، دعوى الإلغاء، دار العلوم للنشر والتوزيع الجزائر ،2007 ص 127.
8- عباس العبودي، المرجع السابق، ص 192.
9- أمزيان کړمة، دور القاضي الاداري في الرقابة على الانحراف عن الهدف المخصص، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة الحج الخضر، باتنة الجزائر، 2012، ص57۔
10- عمار عوابد، النظرية العامة للمنازعات الادارية في النظام القضائي الجزائري، نظرية الدعوى الإدارية، المرجع السابق، ص417.
11- قاسي الطاهر، الشروط الشكلية لدعوى الالغاء في الجزائر ، مذكر لنيل شهادة الماجستير ، جامعة بن عكنون الجزائر 2012، ص 94
12- تنص المادة 42 من الأمر 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر1975، المتضمن القانون المدني " لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون ، يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاثة عشرة "
13- قانون رقم 84-11 المؤرخ في وجوان 1984، يتضمن قانون الأسرة المعدل و المتمم، جريدة رسمية عدد24، سنة 1984 .
14- مجلس الدولة، القرار رقم 012925، بتاريخ 1/6/2004 ، نشرة القضاء العدد 65، 2010، ورد به" حيث أنه من المعلوم وفقا لنص المادة 50 من القانون المدني أن الشخص الاعتباري الذي يملك الاهلية القانونية و حق التقاضي و ما دام الشركة المدعية محل التصفية بمعنا انها فقد تحق التقاضي طالما لم تمتثل قانونا أمام القضاء.
- أنظر ايضا: مجلس الدولة القرار رقم 021929، بتاريخ22/2/2006 ، مجلة بمجلس الدولة، عدد الثامن، ص 206، حيث ورد فيه" أغ عميد كلية الطب غير مؤهل لتمثيل الإدارة الجامعية أمام القضاء لأن الكلية ليست لها شخصية معنوية إنما يمثلها رئيسها بصفتها مؤسسة عمة مية ذات صيغة إدارية ".
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|