المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9103 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الخلافة الإسلامية تثأر من بني هاشم لقتلى بدر !  
  
204   11:23 صباحاً   التاريخ: 2024-09-24
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج2، ص19-32
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-04 1015
التاريخ: 15-6-2017 2966
التاريخ: 2024-10-25 106
التاريخ: 2024-09-17 265

1 . تعصب قريش القبلي أشد من تعصب اليهود القومي

خسرت قريش في معركة بدر نحو سبعين من شخصياتها على يد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فرفعت شعار » قتلى بدر « وأقامت عليهم أكبر مناحة في التاريخ ! فلا توجد معركة أعمق تأثيراً في التاريخ من بدر ، وما زالت نتائجها ممتدةً في حياتنا إلى اليوم !

وإذا قارنا توظيف قريش لشعار قتلى بدر ، بتوظيف اليهود للهولوكوست ، نجد أن القرشيين فاقوا اليهود بالإبتزاز كثيراً ! وأول ابتزازهم سيطرتهم على الدولة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعزلهم عترته أهل بيته « عليهم السلام » .

قال عثمان لعلى ( عليه السلام ) : « ما أصنع إن كانت قريش لاتحبكم ، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين ، كأن وجوههم شنوف الذهب ، تشرب أنوفهم قبل شفاههم » !

أي وجوههم جميلة كأقراط الذهب وأنوفهم طويلة جميلة . نثر الدرر / 259 ، ابن حمدون / 1567 ، شرح النهج : 9 / 22 والمناقب : 3 / 21 .

فقريش لا يمكنها أن تحب بني هاشم أبداً ، لأنهم قتلوا ساداتها ! فهي صاحبة ثأر عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلى ( عليه السلام ) وجميع بني هاشم ، إلى يوم القيامة !

وقد أخبر الله نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن قريشاً لن تنسى هزيمة بدر وقتل نخبة قادتها وفرسانها ! وبالفعل جعلتها كمحرقة اليهود ! واخترعت مبررات للانتقام من بني هاشم وشيعتهم ، وعزلت بني هاشم عن الخلافة ، لأن في أعناقهم دماء قريش والعرب وقد أخذوا النبوة وهى كافية عليهم ، فالخلافة يجب أن تكون لبقية قبائل قريش !

لذلك قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلى ( عليه السلام ) : « فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك ، فإنها ضغائن في صدور قوم ، أحقاد بدر وتِراتُ أحد ! وإن موسى أمر هارون حين استخلفه في قومه إن ضلوا ثم وجد أعواناً أن يجاهدهم بهم ، فإن لم يجد أعواناً أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم ، فافعل أنت كذلك ، إن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم ، وإن لم تجد أعواناً فاكفف يدك واحقن دمك » . كتاب سُلَيم / 305 .

2 . تأسست الخلافة القرشية على الثأر من بني هاشم !

اعترف ابن أبي الحديد ، وهو سنى معتزلي متعصب لأبى بكر وعمر ، أن ثارات بدر وأحُد أوجبت قيام خلافة قرشية على أساس الثأر من بني هاشم ، وقال إن بغض القرشيين للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلى ( عليه السلام ) وبنى هاشم طبيعي حتى بعد أن أسلموا !

قال في شرح النهج : 13 / 299 : « ولست ألوم العرب لا سيما قريشاً في بغضها له » علي « وانحرافها عنه ، فإنه وترها وسفك دماءها ، وكشف القناع في منابذتها ! ونفوس العرب وأكبادهم كما تعلم ! وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد في النفوس ، كما نشاهده اليوم عياناً ، والناس كالناس الأُوَل ، والطبائع واحدة ! فاحسب أنك كنت من سنتين أو ثلاث جاهلياً أو من بعض الروم ، وقد قتل واحد من المسلمين ابنك أو أخاك ، ثم أسلمت ، أكان إسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه ؟ كلا ، إن ذلك لغير ذاهب ، هذا إذا كان الإسلام صحيحاً والعقيدة محققة ، لا كإسلام كثير من العرب ! فبعضهم أسلم تقليداً ، وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفاً من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار ، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه !

واعلم أن كل دم أراقه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بسيف على ( عليه السلام ) وبسيف غيره ، فإن العرب بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله ) عصبت تلك الدماء بعلى بن أبي طالب وحده ، لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدماء إلا بعلى وحده ! وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل ، فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته ، طالبت بها أمثل الناس من أهله !

لمَّا قَتَلَ قومٌ من بنى تميم أخاً لعمرو بن هند ، قال بعض أعدائه يحرض عَمْرواً عليهم :

من مُبْلغٌ عَمْراً بأن المَرْ * ء لم يخلق صَبارهْ

فاقتل زرارة لا أري * في القوم أمثلَ من زرارهْ !

فأمره أن يقتل زرارة رئيس بنى تميم ، ولم يكن قاتلاً أخ الملك ولاحاضراً قتله » !

أقول : يخاطب الشاعر الملك هند بن عمرو ملك الحيرة ، بأن الإنسان لم يخلق صَبَارة ، أي حجراً ، بل له إحساسات ومنها غريزة الثأر ، فيجب عليك أن تأخذ ثأرك من بنى تميم الذين قتل أحدهم أخاك حتى لو كان قتل خطأ ، وكان رئيسهم زرارة بن عدس غائباً عن قتله ، لكنه أنسب شخصية لتقتله بثأرك .

فأطاع الملك الشاعر وهاجم بنى تميم وقتل رئيسهم زرارة ، وقتل معه أكثر من مئتين ، وبقر بطون نسائهم وأحرقهم ! فالقاعدة عند القبائل أن الثأر لا ينسى بحال من الأحوال والأزمان ! وقريش لها ثأر عند محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأعظمه ثأرها في بدر وأحُد ، ولا يجوز أن تنساه حتى لو أسلمت !

وهذا اعتراف جرئ من ابن أبي الحديد ، وهو عالم متعصب للشيخين ، بأن خلافة قريش قامت على الثأر من بني هاشم ، وأن بطون قريش عصبت دماء قتلاها بعلى ( عليه السلام ) . أما وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعترته وجعلهم كالقرآن ، فلا يسقط ثأر قريش عندهم ! وأول الثأر أن تأخذ منهم دولة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتعزلهم .

وعلى المسلم المنصف أن يفهم النتيجة الضخمة لذلك ، على الإسلام كله .

ولذلك كانت أصوات علماء السلطة أنفسهم ترتفع أحياناً ، كما فعل قتادة !

قال أبان بن عثمان : « حدثني فضيل البرجمي قال : كنت بمكة وخالد بن عبد الله القشيري أمير « من قبل عبد الملك بن مروان » وكان في المسجد عند زمزم فقال : ادعوا لي قتادة ، قال : فجاء شيخ أحمر الرأس واللحية ، فدنوت لأسمع ، فقال خالد : يا قتادة أخبرني بأكرم وقعة كانت في العرب ، وأعز وقعة كانت في العرب ، وأذل وقعة كانت في العرب ! فقال : أصلح الله الأمير ، أخبرك بأكرم وقعة كانت في العرب وأعز وقعة كانت في العرب ، وأذل وقعة كانت في العرب ، وهى واحدة ! قال خالد : ويحك واحدة ! قال : نعم أصلح الله الأمير . قال : أخبرني ؟ قال : بدر .

قال : وكيف ذا ؟ قال : إن بدراً أكرم وقعة كانت في العرب بها أكرم الله عز وجل الإسلام وأهله ، وهى أعز وقعة كانت في العرب بها أعز الله الإسلام وأهله ، وهى أذل وقعة كانت في العرب ، فلما قتلت قريش يومئذ ذلت العرب . فقال له خالد : كذبت لعمر الله إن كان في العرب يومئذ من هو أعز منهم .

ويلك يا قتادة أخبرني ببعض أشعارهم ؟ قال : خرج أبو جهل يومئذ وقد أعلم ليرى مكانه وعليه عمامة حمراء وبيده ترس مذهب وهو يقول :

ماتنقم الحرب الشموس مني * بازلُ عامين حديثُ السن

لمثل هذا ولدتنى أمي

فقال : كذب عدو الله إن كان ابن أخي لأ فرس منه ، يعنى خالد بن الوليد وكانت أمه قشيرية » من عشيرته « فقال : ويلك يا قتادة من الذي يقول : أُوفى بميعادى وأحمى عن حسب ؟ فقال : أصلح الله الأمير ليس هذا يومئذ ، هذا يوم أحد خرج طلحة بن أبي طلحة وهو ينادى من يبارز ؟ فلم يخرج إليه أحد فقال : إنكم تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ، ونحن نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فليبرزن إلى رجل يجهزنى بسيفه إلى النار ، وأجهزه بسيفي إلى الجنة ! فخرج إليه على وهو يقول :

أنا ابن ذي الحوضين عبدِ المطلبْ * وهاشمِ المطعمِ في العامِ السَّغِبْ

أوفى بميعادى وأحمى عن حَسَبْ

فقال خالد : كذب لعمري ، والله أبو تراب ما كان كذلك ! فقال الشيخ : أيها الأمير إئذن لي في الانصراف ، قال : فقام الشيخ يفرج الناس بيده وخرج وهو يقول : زنديقٌ ورب الكعبة ، زنديقٌ ورب الكعبة » ! الكافي : 8 / 111 . فالسلطة تريد إنكار بطولات على ( عليه السلام ) وكل تاريخه !

3 . ودون الرواة صفحات طويلة في حزن قريش على قتلى بدر

فقد حرَّمت قريش البكاء والزينة ، حتى أخذت بثارها نسبياً في معركة أحد ! قال ابن هشام : 2 / 474 : » ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا : لا تفعلوا فيبلغ محمداً وأصحابه فيشمتوا بكم . وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده : زمعة بن الأسود ، وعقيل بن الأسود ، والحارث بن زمعة ، وكان يحب أن يبكى على بنيه ، فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل فقال لغلام له ، وقد ذهب بصره : أنظر هل أُحِلَّ النَّحْبُ ، هل بكت قريش على قتلاها ؟ لعلى أبكى على أبى حكيمة ، يعنى زمعة ، فإن جوفي قد احترق . قال : فلما رجع إليه الغلام قال : إنما هي امرأة تبكى على بعير لها أضلته ، قال : فذاك حين يقول الأسود :

أتبكى أن يضل لها بعير * ويمنعها من النوم السهود

فلا تبكى على بكر ولكن * على بدر تقاصرت الجدود

على بدر سراة بنى هصيص * ومخزوم ورهط أبى الوليد

وبكى إن بكيت على عقيل * وبكى حارثا أسد الأسود

وبكيهم ولا تسمى جميعاً * وما لأبى حكيمة من نديد

وفى ديوان الحماسة للمرزوقي : 1 / 617 : « على بدر تقاصرت الجدود : يريد أن الذي يجب البكاء له ما جرى على رؤساء قريش وأرباب الجدود فيهم ببدر ، وأن الحيف العظيم والخسران المبين والغبن الشديد في ذاك ، لا في ضلال بَكر ، أي بعير » .

ونظم شعراء قريش قصائد كثيرة في رثاء قتلى بدر ، نشروها بين العرب ، خاصة من شعر ابن الزِّبَعْرَي ، وضرار بن الخطاب ، والحاخام كعب بن الأشرف ، وكلها هجاء للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والأنصار ، ومدح لمشركي قريش ، فكانت تقرأ في مجالس الأمراء ، وصارت ثقافة لمجالس الخمر ، حتى تأثر بها بعض المسلمين !

وسيأتي أن بعض الصحابة شربوا الخمر في المدينة ، وتغنوا بالنوح على قتلى بدر ! ومن شعر ضرار ، سيرة ابن هشام : 2 / 539 :

عجبت لفخر الأوس والحين دائر * عليهم غدا ، والدهر فيه بصائر

وفخر بنى النجار أن كان معشر * أصيبوا ببدر كلهم ثَمَّ صابر

فإن تك قتلى غودرت من رجالنا * فإنا رجال بعدهم سنغادر

وتردى بنا الجرد العناجيج وسطكم * بنى الأوس حتى يشتفى النفس ثائر

ومن شعرعبد الله بن الزبعرَى السهمي « ابن هشام : 2 / 541 » :

ماذا على بدر وماذا حوله * من فتية بيض الوجوه كرام

تركوا نبيهاً خلفهم ومنبهاً * وابنى ربيعة خير خصم فئام

والحارث الفياض يبرق وجهه * كالبدر جلى ليلة الأظلام

والعاصي بن منبه ذا مرة * رمحاً تميماً غير ذي أوصام

تنمى به أعراقه وجدوده * ومآثر الأخوال والأعمام . . .

واشتهرت قصيدته في أحُد أكثر من غيرها :

يا غراب البين أسمعت فقل * إنما تنطق شيئاً قد فعل

أبلغن حسان عنى آية * فقريض الشعر يشفى ذا الغلل

كم قتلنا من كريم سيد * ماجد الجدين مقدام بطل

فسل المهراس من ساكنه ؟ * بين أقحاف وهام كالحجل

ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل

حين حكت بقباء بركها * واستحر القتل في عبد الأشل

فقتلنا الضعف من أشرافهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل

بسيوف الهند تعلو هامهم * عَلَلاً تعلوهمُ يعد نهل

فأجابه حسان بن ثابت :

ذهبتْ يا بن الزبعرى وقعةٌ * كان منا الفضل فيها لو عدل

ولقد نلتم ونلنا منكم * وكذاك الحرب أحياناً دول

نضع الأسياف في أكتافكم * حيث نهوى عللاً بعد نهل

ومن شعر كعب بن الأشرف اليهودي ، « ابن هشام 2 / 564 » :

« طحنت رحى بدر لمهلك أهله * ولمثل بدر تستهل وتدمع

قتلت سراة الناس حول حياضهم * لا تبعدوا ، إن الملوك تصرع

كم قد أصيب به من أبيض ماجد * ذي بهجة يأوى إليه الضيع . .

وقال أياس بن زنيم يحرض مشركي قريش على قتل على ( عليه السلام ) :

في كل مجمع غاية أخزاكم * جذعٌ أبرُّ على المذاكى القرَّح

لله دركم ألمَّا تنكروا * قد ينكر الحرُّ الكريم ويستحي

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم * ذبحاً وقتلاً قعصةً لم يذبح

أين الكهول وأين كل دعامة * في المعضلات وأين زين الأبطح

أفناهم قعصاً وضرباً يفتري * بالسيف يعمل حده لم يصفح

أعطوه خرجاً واتقوا بمصيبة * فعل الذليل وبيعة لم تربحِ »

الإصابة : 1 / 231 ، أنساب الأشراف / 188 وتاريخ دمشق : 42 / 8 .

4 . الشيخان يشربان الخمر وينوحان على قتلى بدر !

بلغ من تأثير الإعلام القرشي ، أن مجالس الخمر والسمر في المدينة كان يقرأ فيها شعر الرثاء والنياحة على قتلى بدر ! وقد رووا أن مجلساً ضم أحد عشر صحابياً فيهم الشيخان أبو بكر وعمر ، شربوا الخمر وغنوا بالنوح على قتلى بدر !

فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبيده سعفة أو مكنسة يريد أن يضربهم !

وتتفاجأ بأن هذا الحديث صحيح عندهم ، فقد رواه تمام الرازي المتوفي : 414 ، في كتابه الفوائد : 2 / 228 ، برقم : 1593 وطبعة : 3 / 481 ، بسند صحيح عن عوف ، عن أبي القموص قال : « شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم فأخذت فيه ، فأنشأ يقول :

تَحَيى بالسلامة أمَّ بكرٍ * وهل لك بعد رهطك من سلام

ذرينى أصطبح يا بكر إني * رأيت الموت نقَّبَ عن هشام

فودَّ بنو المغيرة أن فدوْهُ * بألف من رجال أو سوام

فكائن بالطوى طوى بدر * من القينات والخيل الكرام

فكائن بالطوى طوى بدر * من الشيزى تُكلل بالسنام

فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقام معه جريدة يجر إزاره حتى دخل عليه ، فلما نظر إليه قال : أعوذ من سخط الله ومن سخط رسوله ، والله لا يلج لي رأساً أبداً ! فذهب عن رسول الله ما كان فيه ، وخرج ونزل عليه : فَهَلْ أنتمْ مُنْتَهُون ؟ ! فقال عمر : انتهينا والله » .

ورواه الثعلبي في تفسيره : 2 / 142 دون أن يسميهما قال : « وكان قوم يشربونها ويجلسون في بيوتهم ، وكانوا يتركونها أوقات الصلاة ، ويشربونها في غير حين الصلاة ، إلى أن شربها رجل من المسلمين فجعل ينوح على قتلى بدر ، ويقول . . . فبلغ ذلك رسول الله فخرج مسرعاً يجر رداءه حتى انتهى إليه ، ورفع شيئاً كان بيده « سعفة » ليضربه ، فلما عاينه الرجل قال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسول الله ، والله لا أطعمها أبداً » .

ورواها ابن هشام : 2 / 549 بأطول منه ، وفيها أبيات أبى بكر في إنكار الآخرة قال :

« يخبرنا الرسول بأن سنحيا * وكيف حياة أصداءٍ وهامِ » !

وفى الصحيح من السيرة : 5 / 301 :

أيوعدنى ابن كبشة أن سنحيا * وكيف حياة أصداءٍ وهامِ

أيعجز أن يرد الموت عني * وينشرني إذا بليت عظامي

ألا من مبلغ الرحمان عني * بأنى تارك شهر الصيام

فقل الله يمنعني شرابي * وقل لله يمنعني طعامي »

وروى ابن حجر في الإصابة : 7 / 39 عن الفاكهي في كتاب مكة أن الرجل كان أبا بكر ! وفيه : « شرب أبو بكر الخمر فأنشأ يقول : فذكر الأبيات . فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقام يجر إزاره حتى دخل فتلقاه عمر وكان مع أبي بكر ، فلما نظر إلى وجهه محمراً ، قال : نعوذ بالله من غضب رسول الله ! والله لا يلج لنا رأسا أبداً ! فكان أول من حرمها على نفسه ! واعتمد نفطويه على هذه الرواية فقال : شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم ، ورثى قتلى بدر من المشركين » !

وذكر ابن حجر في فتح الباري : 10 / 31 ، أن تلك الجلسة كانت حفلة خمر في بيت أبى طلحة ، وكانوا أحد عشر صحابياً ، وكان ساقيهم أنس بن مالك ! ثم قال : « ولأحمد عن يحيى القطان عن حميد عن أنس : كنت أسقى أبا عبيدة وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ، ونفراً من الصحابة عند أبي طلحة . ووقع عند عبد الرزاق عن معمر بن ثابت وقتادة وغيرهما عن أنس ، أن القوم كانوا أحد عشر رجلاً ، وقد حصل من الطرق التي أوردتها تسمية سبعة منهم ، وأبهمهم في رواية سُلَيمان التيمي عن أنس . ومن المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان عن أنس ، أن أبا بكر وعمر كانا فيهم ! وهو منكر ، مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطاً » !

يقصد أن سند الحديث صحيح وكان فيهم أبو بكر وعمر ، لكن مكانتهما كثيرة فهو حديث مستنكر ! لكن مذهبه إذا صح الحديث فلا قيمة لاستغراب معناه !

والأدهى من ذلك أن القصة كانت عند تواصل نزول سورة المائدة ، أي قبل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشهر أو شهرين ! لأن آية : فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ . « المائدة : 91 » . من سورة المائدة ، وهى آخر سورة نزلت من القرآن ، قبيل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) !

كما نلاحظ أن القصة انتشرت بين المسلمين ، وقالوا إن القصيدة لأبى بكر ! فنفت عائشة أن يكون أبوها نظم هذا الشعر ، ولم تنف مشاركته في الحفلة وإنشاده !

فقد روى بخارى في صحيحه : 4 / 263 دفاعها فقال : « عن عائشة أن أبا بكر تزوج امرأة من كلب يقال لها أم بكر ، فلما هاجر أبو بكر طلقها فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر ، الذي قال هذه القصيدة ، ورثى كفار قريش :

وماذا بالقليب قليب بدر * من الشيزى تزين بالسنام

وماذا بالقليب قليب بدر * من القينات والشرب الكرام

تحيى بالسلامة أم بكر * وهل لي بعد قومي من سلام

يحدثنا الرسول بأن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام »

لكن عائشة لم تحل المشكلة ، لأنها نفت أن أباها نظم القصيدة ولم تنف إنشاده لها ! فالمهم عندها نفى نظمها لأنها تثبت كفر ناظمها وإنكاره النبوة والآخرة ، أما إنشادها فهو أقل مصيبةً !

وروى ابن حجر في الإصابة : 7 / 39 أنها كانت غاضبة لأن الناس لم يصدقوها ! « كانت تدعو على من يقول إن أبا بكر الصديق قال هذه القصيدة ثم تقول : والله ما قال أبو بكر بيت شعر في الجاهلية ولا في الإسلام ، ولكن تزوج امرأة من بنى كنانة ثم بنى عوف فلما هاجر طلقها فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر ، فقال هذه القصيدة يرثى كفار قريش الذين قتلوا ببدر ، فتحامى الناس أبا بكر من أجل المرأة التي طلقها ، وإنما هو أبو بكر بن شعوب » .

تقصد أن أم بكر المخاطبة بالقصيدة هي زوجة أبيها لكنه طلقها عندما هاجر ، وتزوجها ابن شعوب وهو الذي نظم القصيدة ! راجع في الموضوع : أمالي الطوسي / 737 ، رواها بسبعة أبيات ، ابن هشام : 2 / 549 ورواها بتسعة أبيات ، الغدير : 6 / 251 ، 7 / 96 و 7 / 95 ، فتح الباري : 10 / 30 ، قد أطال في الموضوع ودافع بما يستطيع ، لكن كلامه فيه تعجب وتحير ، وسيرة ابن كثير : 2 / 535 ، مستدرك الوسائل : 17 / 83 ، السقيفة أم الفتن / 74 ، فيض القدير : 1 / 117 ، الإصابة : 7 / 38 ، الصحيح من السيرة : 5 / 301 و 304 ، مجمع الزوائد : 5 / 51 ، الهداية الكبري / 106 ، أمالي المرتضي : 2 / 18 ، النص والاجتهاد / 311 ، أحاديث الشعر للمقدسي / 57 ، النهاية : 3 / 412 ، تفسير الثعلبي : 2 / 142 والإصابة : 7 / 38 .

5 . دين قريش القبول بالتناقض !

من تناقض القرشيين أنهم أرادوا خلافة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وبنفس الوقت أرادوا أن يأخذوا منه ثأر بدر ! وقد ظهرت « مناحتهم » على قتلى بدرعلى ألسنة « خلفاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) » ! الذين يعرفون جيداً أنه لولا معركة بدر لما كان إسلامٌ ، ولا خلافةٌ يجلسون على كرسيها ! ويعرفون أن الذي يجلس على كرسي خلافة محمد يفترض أنه مسلم ، وأنه إلى جانب النبي ( صلى الله عليه وآله ) في معركة بدر ، وضد من قتلهم من المشركين ! لكن تعقيد الشخصية القرشية جعلتهم يتبنون نتيجة معركة بدر التي منها الخلافة ، ويتبنون « مناحة قومهم » على قتلى بدر ، لأنها تنفعهم ضد بني هاشم وتساعدهم في إبعادهم عن الخلافة !

قال عمر لابن عباس في محاورته الشهيرة في الخلافة : « كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ، فتجخفوا جخفاً « تكبراً » فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت . . أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشاً في أمر قريش لا يزول » ! تاريخ الطبري : 3 / 288 ، شرح النهج : 6 / 50 ، جمهرة الأمثال : 1 / 339 والعقد الفريد / 1378 .

وقال عبد الله بن عمر لعلى ( عليه السلام ) : « كيف تحبك قريش وقد قتلت في يوم بدر وأحُد من ساداتهم سبعين سيداً ، تشرب أنوفهم الماء قبل شفاهم » ! المناقب : 3 / 21 .

وتقدم قول عثمان لعلي ( عليه السلام ) مثل ذلك .

فالخليفة المحترم يعرف أنه لولا قتل بني هاشم لمشركي قريش في بدر ، لما كانت دولة النبي ( صلى الله عليه وآله ) التي يتنعم بحكمها ! ويعرف أن قتلى بدر طغاة ، عملوا لقتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) في بدر وقبلها . ويعرف أن قريشاً أعلنت إسلامها والمفروض أنها تبرأت من الشرك والمشركين !

ومع ذلك يعطى قريشاً الحق في كره بني هاشم ومطالبتهم بدماء مشركيها ! فاعجب لخليفةٍ يدين منطق الإسلام الذي يلبس ثوبه ويحكم بإسمه !

وعندما تقوم « الخلافة » على أساس الثأر من بني هاشم ، فمن الطبيعي أن تقوم بقتل الأئمة من عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتقمع شيعتهم ، وتشوه سمعتهم ، وتبيد المصادر الثقافية لمذهبهم ! وما زالت هذه السياسة سارية في العالم الإسلامي إلى اليوم !

لاحظ جواب الزهراء لأم سلمة « عليها السلام » « المناقب : 2 / 49 » : « كيف أصبحت يا بنت رسول الله ؟ فقالت : أصبحت بين كمد وكرب ! فُقِدَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) وظُلِمَ الوصي ، وهُتك والله حجابه ، وأصبحت إمامته مقتصة على غير ما شرع الله في التنزيل ، وسنها النبي ( صلى الله عليه وآله ) في التأويل ! ولكنها أحقاد بدرية وتِرات أحدية كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة فلما استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الآثارمن مخيلة الشقاق » .

وقال على ( عليه السلام ) لقريش : « وإني لصاحبكم بالأمس ، لعمر أبى وأمي لن تحبوا أن يكون فينا الخلافة والنبوة ، وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات أحد ! أما والله لو قلت ما سبق الله فيكم ، لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم ، كتداخل أسنان دوارة الرحي ! فإن نطقت يقولون حسداً ! وإن أسكت فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت ! هيهات هيهات ، الساعة يقال لي هذا ؟ ! وأنا المميت المائت ، وخواض المنايا في جوف ليل حالك » . الإحتجاج : 1 / 127 .

وقال عبد الرحمن بن جندب : « لما بويع عثمان ، سمعت المقداد بن الأسود الكندي يقول لعبد الرحمن بن عوف : والله يا عبد الرحمن ما رأيت مثل ما أُتِى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) ! فقال له عبد الرحمن : وما أنت وذاك يا مقداد ؟ قال : إني والله أحبهم لحب رسول الله لهم ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة ، لتشرُّف قريش على الناس بشرفهم واجتماعهم على نزع سلطان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من أيديهم !

فقال له عبد الرحمن : ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم ! فقال له المقداد : أما والله لقد تركت رجلاً من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون ، أما والله لو أن لي على قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد !

فقال له عبد الرحمن : ثكلتك أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس ، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة . قال جندب : فأتيته بعد ما انصرف من مقامه وقلت له : يا مقداد أنا من أعوانك ، فقال : رحمك الله إن الذي نريد لايغنى فيه الرجلان والثلاثة . فخرجت من عنده فدخلت على على ( عليه السلام ) فذكرت له ما قال وما قلت . قال : فدعا لنا بالخير » . أمالي المفيد / 169 .

وقال في الصحيح من السيرة : 6 / 154 : « ولم تستطع قريش أن تنسى ثارات بدر وأحُد وسائر المعارك ، حتى أن حرب صفين كما قالت أم الخير بنت الحريش : كانت لإحن بدرية وأحقاد جاهلية وضغائن أحدية ، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك ثارات بنى عبد شمس ! بل إن مجزرة كربلاء وفاجعة قتل الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه كانت لها دوافع بدرية وإحن أحدية أيضاً ، فقد قال اللعين يزيد بن معاوية : ليت أشياخي ببدر شهدوا . . . ولما وصل رأس الحسين ( عليه السلام ) إلى المدينة رمى مروان بالرأس نحو قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا محمد يوم بيوم بدر » !

وفى تاريخ الطبري : 8 / 187 : « طلب يزيد بثارات المشركين عند المسلمين ، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ، ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها ! وشفى بذلك حقد نفسه وغليله ، وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى لأعداء الله ، فقال مجاهراً بكفره ، ومظهراً لشركه :

ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرم من ساداتكم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل

فأهلوا واستهلوا فرحاً * ثم قالوا يا يزيد لا تشل

لست من خندف إن لم أنتقم * من بنى أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا * خبرٌ جاء ولا وحى نزل !

هذا هو المروق من الدين ، وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه » !

وقد أجابت زينب « عليها السلام » يزيداً في مجلسه فقالت له : « أتقول : ليت أشياخي ببدر شهدوا . . غير متأثم ولامستعظم ، وأنت تنكث ثنايا أبى عبد الله بمخصرتك ! ولمَ لا تكون كذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإهراقك دماء ذرية رسول الله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب . ولتردنَّ على الله وشيكاً موردهم ، ولتودن أنك عميت وبكمت ، وأنك لم تقل : فاستهلوا وأهلوا فرحاً . . اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا » . بلاغات النساء لابن طيفور / 20 .

وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « لقى المنهال بن عمرو علي بن الحسين بن علي ( عليه السلام ) فقال له : كيف أصبحت يا ابن رسول الله ؟ قال : ويحك أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت ؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ! وأصبح خير البرية بعد محمد ( صلى الله عليه وآله ) يلعن على المنابر ! وأصبح عدونا يعطى المال والشرف ، وأصبح من يحبنا محقوراً منقوصاً حقه ، وكذلك لم يزل المؤمنون ! وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمداً منها ، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمداً منها ، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمداً منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمداً منها ! وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق ! فهكذا أصبحنا يا منهال » ! تفسير القمي : 2 / 134 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.