أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
1356
التاريخ: 31-1-2022
2513
التاريخ: 2024-07-31
441
التاريخ: 31-1-2022
1793
|
تحقّق التسالم على مدلول القاعدة في الجملة، كما قال الشيخ الأنصاريّ رحمه الله: بأنّ للمشتري المتضرّر الرجوع على المالك, لقاعدة الغرور المتّفق عليها ظاهراً(1) . وقال العلّامة الأصفهانيّ رحمه الله: "واستناد الأصحاب إلى قاعدة الغرور معروف مشهور"(2) .
هذا ويستدلّ لإثبات القاعدة بعدّة روايات، منها:
الأولى: النبويّ المشهور: "المغرور يرجع على من غرّه". وقد نُسب هذا الحديث في لسان كثير من الفقهاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، كما في جواهر الكلام، ومستمسك السيّد الحكيم، وغيرهما(3) .
ودلالة هذه الجملة على المقصود في المقام - أي رجوع المغرور إلى الغارّ فيما تضرّر من ناحية تغريره إيّاه - واضحة لا تحتاج إلى شرح وإيضاح, إذ لا معنى لرجوع المغرور إلى الغارّ في المتفاهم العرفيّ إلّا هذا المعنى، أي يكون له أخذ ما تضرّر من الغارّ. والعمدة إثبات سندها، وقد ادّعى بعضهم عدم وجودها في كتب الحديث، وإن كان عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود، لكنّ صرف احتمال الوجود لا أثر له .
بيد أنّه لا يوجد في معاجم الحديث عند السنّة فضلاً عن الشيعة رواية منسوبة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم باللفظ المذكور. ودعوى انجبار ضعف سند الرواية بعمل المشهور بها لا تنفع في المقام، بعد عدم ثبوت ما ذكر كرواية منقولة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ الشهرة تجبر ما ثبت كونه رواية منقولة في كتب الحديث، دون ما لم تثبت روائيّته. نعم، نقل البيهقيّ في سننه عن الشافعيّ عن عليّ عليه السلام: "المغرور يرجع بالمهر على من غرّه"(4). ولكنّه على تقدير تماميّة سنده لا ينفع في إثبات القاعدة، لاختصاصه بالمهر.
الثانية: الاستدلال بصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: "امرأة شهد عندها شاهدان بأنّ زوجها مات، فتزوّجت ثمّ جاء زوجها الأوّل، قال: لها المهر بما استحلّ من فرجها الأخير، ويضرب الشاهدان بالحدّ، ويضمنان المهر بما غرّا الرجل، ثم تعتدّ وترجع إلى زوجها الأوّل"(5) . فإنّ الباء في جملة "بما غرّا الرجل" سببيّة، أي: يضمنان بسبب أنّهما غرّا الرجل، ويتمسّك بعموم التعليل، ويثبت بذلك أنّ مطلق الغرور يوجب الضمان. هذا ويمكن دعوى انعقاد سيرة العقلاء أيضاً على الحكم بضمان الغارّ، وحيث لم يردع عنها فتكون ممضاة
الثالثة: الروايات الواردة في مختلف الأبواب، منها: صحيحة محمّد بن قيس، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل شهد عليه رجلان بأنّه سرق فقطع يده، حتّى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر فقالا: هذا السارق وليس الذي قطعت يده، إنّما شبّهنا ذلك بهذا، فقضى عليهما أن غرّمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر"(5) .
ومنها: صحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه السلام، في شاهد الزور، قال: "إن كان الشيء قائماً بعينه رُدّ على صاحبه، وإن لم يكن قائماً ضُمِنَ بقدر ما أتلف من مال الرجل"(6)، ووجه الاستدلال بالصحيحتين هو أنّ الّذي أصابه الضرر من الغير، له أن يتدارك ضرره بالرجوع إلى ذلك الغير، وبما أنّه لا خصوصيّة للمورد يُستفاد منهما العموم. والإشكال بأنّ تدارك الضرر إنّما هو بوساطة الإتلاف مندفع, وذلك لأنّ التدارك إذا كان على أساس الإتلاف، لكان الحاكم شريكاً في الأمر، وبما أنّ المستفاد من النصّين هو الرجوع على الشاهد فقد تمّت الدلالة على مفاد القاعدة. ولكنّ الأولى الاقتصار في مورد القاعدة على ما إذا علم الغارّ, لأنّه هو المتيقّن. كما قال السيّد الحكيم رحمه الله: "لا دليل على قاعدة الغرور كلّيّة، وأنّه يمكن استفادتها في خصوص صورة علم الغارّ من نصوص تدليس الزوجة"(6) .
الرابعة: الروايات العديدة الواردة في موارد خاصّة، الدالّة على رجوع المغرور إلى الغار في مقدار الضرر الّذي أوقعه فيه بوساطة تغريره له، كالروايات الواردة في تدليس الزوجة، الدالّة على رجوع الزوج بالمهر على المدلّس، معلّلة بقوله عليه السلام: "لأنّه دلّسها" في خبر رفاعة: و"إنّ المهر على الّذي زوّجها وإنّما صار عليه المهر, لأنّه دلّسها"(7) ، فجعل عليه السلام مناط الرجوع وعلّته تدليسه لها، أي خداع الزوج بتدليسه إيّاها، وإراءَتها على خلاف الواقع، فمقتضى عموم التعليل رجوع كلّ من خدع وتضرّر إلى الّذي خدعه .
بناء العقلاء: بمعنى أنّ العقلاء في معاملاتهم وسائر أعمالهم، إذا تضرّروا بوساطة تغرير الغير إيّاهم، يرجعون فيما تضرّروا فيه إلى الغارّ، ويأخذون منه مقدار الضرر الّذي صار سبباً لوقوع المغرور فيه، وسائر العقلاء لا يستنكرون هذا المعنى بل يغرّمون الغارّ. وهذا أمر دائر شايع بينهم، من دون نكير لأحد منهم، وعندي أنّ هذا الوجه أحسن الوجوه الّتي ذكروها في هذا الباب (8) .
إن قلت: إنّ بناء العقلاء يحتاج، في حجّيّته، إلى الإمضاء، قلنا: أوّلاً: عدم الردع يكفي في الإمضاء، ولم يثبت ردع من طرف الشارع. وثانياً: اتّفاقهم على الاستدلال بهذه القاعدة في موارد متعدّدة من دون اعتراض من أحدهم على هذا الاستدلال، يكشف كشفاً قطعيّاً عن إمضاء الشارع لهذه الطريقة والبناء .
________________
(1) الأنصاري، المكاسب(البيع)، م.س،ص147 .
(2) الأصفهاني: حاشية المكاسب، تحقيق الشيخ عبّاس محمّد السبّاع القطيفي، ط1، قم المقدّسة، نشر أنوار الهدى, المطبعة العلمية،1418 هـ.ق، ج1، ص192 .
(3) النجفي، جواهر الكلام، م.س، ج37، ص145, الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، م.س، ج14, ص350 .
(4) البيهقي، السنن الكبرى، م.س، ج7، باب من قال يرجع المغرور بالمهر على من غرّه، ص219 .
(5) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج18، باب14 من أبواب الشهادات، ح2 .
(6) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج18، باب14 من كتاب الشهادات، ح1، ص243 .
(6) م.ن، باب11 من كتاب الشهادات، ح2، ص239 .
(7) الحكيم، محسن: نهج الفقاهة، لاط، قم المقدّسة، انتشارات 22 بهمن، لات، ص273 .
(8) الكليني، الكافي، ج5، باب المدالسة في النكاح وما ترد منه المرأة، ح9، ص407, وانظر: لبقيّة الروايات: العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج14، أبواب العيوب والتدليس، باب2، ح4, ح7، ص597, الطوسي، محمّد بن الحسن: تهذيب الأحكام، ج7، باب التدليس في النكاح، ص432، ح1, ح34 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|