المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

مستقبل المبيدات الحيوية
2024-06-28
Gauss,s Hypergeometric Theorem
22-5-2019
Rabbit Sequence
29-12-2019
NADPH Role in White Blood Cell Phagocytosis and Microbe Killing
28-9-2021
تغاير النيوكلوتيد الأحادي SNPs) Single Nucleotide Polymorphism)
6-2-2020
الشيخ محمد حسين الشيرازي
30-1-2018


الغضب  
  
656   11:07 صباحاً   التاريخ: 2024-06-01
المؤلف : جماعة من العُلماء
الكتاب أو المصدر : نحو حياة أفضل
الجزء والصفحة : ص 91 ــ 95
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

(إياك والغضب فأوله جنون وآخره ندم) (1).

شبّه الشعراء وذووا الشعور المرهف من الناس بعض صفات الإنسان وحالاته وغرائزه ببعض حالات الطبيعة:

فشبهت حالة الغم بحالة الخريف الذي تتجرد فيه الأشجار من أوراقها، أو الغروب، والكرم والسماحة بالسحاب الهطول وأمثال ذلك.

والغضب أيضاً من الغرائز التي شبهت بالعاصفة المحطمة أو الرعد القاصف أو البرق الخاطف والبركان المتفجر حمماً.

وإذا دققنا النظر في حالة الغضبان وجدنا الدم يسري في سيماه أحمر فانياً ورأينا عينيه تتحلقان ووجدنا فمه وقد امتلأ رغوة ورأينا أركانه الأربعة تهتز لا يرى الا قريباً ولا يصرخ الا عالياً، غارزاً أظافره في راحتيه مسلما إرادته وفكره للغضب!

ما هو الغضب؟

وبصرف النظر عن التعبيرات الشاعرية ينبغي ان نعرف ما هو الغضب؟ ان الغضب يعتبر حالة اتخاذ موقف من قبل موجود حي عند تعرضه لدافع أو عامل يهدد منافعه أو مصالحه وينبع هذا الموقف من احساسه بحب ذاته وهو حس وميل فطري أودعه الله في أعماق كل موجود حي لحفظ النفس وتأمين مصالح الحياة وبتعبير أوضح، فان الغضب هو رد فعل كل موجود حي في قبال الحوادث التي تمنعه من تحقيق متطلباته.

يقول (كانن) العالم الوظيفي المعروف (ان الغضب وضع في الموجود الحي للإستعداد للصراع والنهوض) (2).

لزوم حالة الغضب:

لقد جعل الله تعالى الغضب كالغرائز الأخرى في الإنسان بسبب فوائدها التي يعلمها، ولذا فينبغي ان لا نتصور ان هذه الغريزة لا تنتج سوى السوء فهي صفة سيئة دائمة، ذلك لان الإنسان لا يستغني أحياناً عن رد فعل قوي تجاه الموانع، وقد عرفنا ان رد الفعل هذا هو (الغضب).

فان الإنسان في أكثر الأحيان يتخذ هذا الموقف عندما يدافع عن دينه ونفسه وماله وعرضه وبواسطة الغضب يرفع تلك الموانع من طريقه. والمجتمع أيضاً يمتلك حالة الفرد هذه فمتى ما واجه المجتمع عاملاً يهدد وجود المجتمع وسعادته فانه يغضب ويعمل بقوة الدفاع عن وجوده، اللهم الا ان يكون المجتمع مخذولاً سيطر عليه الخوف والهلع.

وهكذا يمكننا ان نصل إلى هذه النتيجة وهي أن عزة الأمة وصمودها ومقاومتها يرتبط إلى حد بعيد جدا بكيفية استثمارها الصحيح السليم لهذه الغريزة.

وأننا لنجد الغضب أحياناً - في التصور الإسلامي - فريضة عندما يواجه المسلم الكفار وأعداء الدين.

يكتب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أهل مصر معرفاً لهم مالك الأشتر - القائد الإسلامي المضحي الكبير - واصفاً إياه بانه (أشد على الفجار من حريق النار) (3).

ضبط الغضب

ان الغضب لو كان في اختيار الإنسان لكان سلاحاً حاداً مفيداً له فلا يطعن الا صدر العدو ولا يستفاد منه الا في المواضع اللازمة. اما إذا كان الإنسان نفسه في اختيار الغضب فانه سيكون مضراً أشد الضرر كما لو سلمت السيف ليد إنسان جاهل سكران.

وبتعبير آخر فان الغضب حالة مزدوجة مثله مثل باقي الغرائز فإذا وجه التوجيه الصحيح واستعمل بالمقدار الصحيح وفي محله وبالشكل المتوازن عاد وسيلة للسعادة والصلاح والكمال ولكنه إذا ترك وشأنه فانه يوجب الويل والشقاء انه كالحصان الجموح ان ألجم وهيئ ومسك زمامه بقوة فانه سيصبح مركباً جيداً يسير باتزان وقوة والا فهو مركب يقود إلى الهلاك ويلقي براكبه أرضاً فلا تحمد عواقبه.

ذلك لان الغضب بلا ضبط نوع من الجنون وبدلاً من ان يكون في خدمة الفضائل يعود مسخّراً للرذائل. ان الإنسان لا يقرب من الجريمة في حالاته العادية فإذا خرج عن حالته العادية ولم يعد يملك نفسه فحينذاك يغطي الدم رؤية العين ووعي العقل ويثور الغضب العاصف في الأعماق وتحدث الجريمة.

وفي مثل هذه الحالة إذا وجدت قوة ضابطة للغضب كالإيمان أو العقل فأننا سوف لن نتوقع حادثة مؤسفة مع ذلك.

يقول الإمام علي (عليه السلام): (أعدى عدو للمرء غضبه وشهوته فمن ملكهما علت درجته وبلغ غايته) (4).

ويقول أيضاً: (ضبط النفس عند حادث الغضب يؤمن مواقع العطب) (5).

والحقيقة ان الحروب المدمرة التي جرّت العالم إلى النار والدم قد نشأت كلها على أساس غضب سريع جامح ليس في محله.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام) (سمعت أبي يقول: أتى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ رجل بدوي فقال أني أسكن البادية فعلمني جوامع الكلم فقال: آمرك ان لا تغضب، فأعاد عليه الأعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل إلى نفسه فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما امرني رسول الله الا بالخير قال: وكان أبي يقول أي شيء أشد من الغضب ان الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرم الله ويقذف المحصنة) (6).

ويقول أيضاً: (الغضب مفتاح كل شر) (7).

الغضب والتعقل:

ولأجل ضبط الغضب نحتاج إلى مدد العقل، فان العقل القوي يمكنه بمتابعة المراقبة ان يسيطر على الغضب، ولذا فيجب تقوية العقل وتحكيمه.

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الحلم غطاء ساتر والعقل حسام قاطع فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك) (8).

ويقول النبي (صلى الله عليه وآله) (9).

فيمكن للإنسان من خلال نافذة العقل والتفكير ان يطلع على عواقب الغضب ويتأمل فيها وبالتالي ان يصرف نفسه عن ذلك لان مراجعة عواقب الأمور له دوره الأساسي في تحذير الإنسان من كثير من الأخطار. يقول (صلى الله عليه وآله): إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك رشداً فامضه، وان يك غياً فانتهِ عنه) (10).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ علم النفس التربوي، تأليف الدكتور علي أكبر سياسي، ص 212.

2ـ علم النفس للحياة، للدكتور مهدي جلالي، ص 281. 

3ـ نهج البلاغة، فهارس الصالح، ص 411.

4ـ غرر الحكم، طبع النجف، ص 96.

5ـ المصدر السابق، ص 205.

6ـ وسائل الشيعة، ج 11، ص 287 - 288.

7ـ المصدر السابق.

8ـ نهج البلاغة، الكلمات القصار.

9ـ مستدرك الوسائل، ج 2، ص 286.

10ـ وسائل الشيعة، ج 11، ص 223. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.