المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6204 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06
ما هو تفسير : اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ؟
2024-11-06
انما ارسناك بشيرا ونذيرا
2024-11-06
العلاقات الاجتماعية الخاصة / علاقة الوالدين بأولادهم
2024-11-06

Phonemic contrasts in “Standard Rural Tok Pisin”
2024-04-29
الاسلام واسباب صحة البدن
15-4-2016
مرض البياض الدقيقي في القرعيات
26-6-2016
الوصف النباتي للوز
11-1-2016
الحلول المقترحة و إدارة الدين العام
27-10-2016
تطور إنتاج النفط
18-4-2021


وثاقة أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).  
  
1069   11:02 صباحاً   التاريخ: 2024-02-29
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج3، ص 103 ــ 113.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / التوثيقات العامة /

وثاقة أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (1):

ذهب المحدّث الحرّ العامليّ والمحدّث النوريّ (رحمهما الله تعالى) (2) إلى وثاقة من ذكروا في عداد أصحاب الامام الصادق (عليه السلام) في كتبنا الرجاليّة، على اختلاف بينهما في بعض الجهات.

وينبغي أولاً نقل الكلمات التي استندا إليها في اختيار المبنى المذكور، فأقول:

1 - ذكر الشيخ المفيد (قده) في كتاب الإرشاد (3) ما نصّه: (إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه - أي عن الامام الصادق عليه السلام – من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل).

وقد أورد الفتّال النيسابوري وأمين الاسلام الطبرسي وابن شهر آشوب (4) نظير هذا الكلام في كتبهم، والظاهر - بقرينة التشابه في التعبير - أنّهم اقتبسوه من المفيد (قده) وليس لهم مصدر سواه.

وقد أضاف ابن شهرآشوب إليه قوله: (بيان ذلك: أنّ ابن عقدة مصنّف كتاب الرجال لأبي عبد الله الله عدّدهم فيه).

 2 - قال الشيخ (قده) في مقدمة كتاب الرجال (5): (ولم أجد لأصحابنا كتاباً جامعاً في هذا المعنى ـ أي في ذكر الرواة عن المعصومين عليهم السلام - إلا مختصرات قد ذكر كل إنسان طرفاً منها، إلا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق عليه السلام، فإنّه قد بلغ الغاية في ذلك، ولم يذكر رجال باقي الأئمة عليهم السلام فأنا أذكر ما ذكره وأورد من بعد ذلك ما لم يورده).

3 - قال العلّامة (قده) في الخلاصة (6) في ترجمة ابن عقدة: (له كتب ذكرناها في كتابنا الكبير، منها كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل، وأخرج فيه لكلّ رجل الحديث الذي رواه).

قال المحدّث الحر العاملي في الفوائد الطوسيّة (7) بعد نقل كلمات المفيد والطبرسي وابن شهر آشوب ما نصّه: (واللازم من هذه العبارات توثيق جميع المذكورين في كتب رجالنا من أصحاب الصادق عليه السلام إلا من نصّ على ضعفه، بل ربّما يقال بالتعارض فيمن نصّ على ضعفه بين التوثيق والتضعيف، ولم أجد من علمائنا من تفطّن لذلك. لكن يحصل الشك من حيث إنّ الأربعة آلاف غير منصوص على أعيانهم في عبارة المفيد وابن شهر آشوب والطبرسي، فلعلّهم غير المذكورين في كتب الرجال أو بعضهم من المذكورين وبعضهم من غيرهم ... إلا أنّ ابن شهر آشوب في المناقب صرّح بأنّ الجماعة الموثّقين أعني الأربعة آلاف هم الذين ذكرهم ابن عقدة في كتاب الرجال فصاروا معيّنين، ومنهم جماعة مذكورون في كتاب النجاشي وغيره من أصحاب الصادق عليه السلام وقع التصريح بأنّ ابن عقدة ذكرهم في كتاب الرجال وحالهم على ما وصل إلينا غير معلوم لكنّهم داخلون في التوثيق المذكور كما عرفت. ثم حكى كلام العلامة (قده) في الخلاصة وقال: (وهو يوافق رواية ابن شهر آشوب في عددهم).

وأضاف: (وهذه فائدة جليلة من لاحظها عرف توثيق الأربعة آلاف المشار إليهم ومدحهم وجلالتهم فلا تغفل والله الموفّق).

وقال في أمل الآمل (8): (ولو قيل بتوثيقه - ويقصد أبا الربيع الشامي - وتوثيق أصحاب الصادق عليه السلام إلا من ثبت ضعفه لم يكن بعيداً؛ لأنّ المفيد في الارشاد وابن شهر آشوب في معالم العلماء (9) والطبرسي في إعلام الورى قد وثّقوا أربعة آلاف من أصحاب الصادق عليه السلام، والموجود منهم في جميع كتب الرجال والحديث لا يبلغون ثلاثة آلاف وذكر العلّامة وغيره أنّ ابن عقدة جمع الأربعة آلاف المذكورين في كتب الرجال).

وقال المحدّث النوري (10): (إنّ ابن عقدة صنّف كتاباً في خصوص رجال الصادق عليه السلام وأنهاهم إلى أربعة آلاف ووثّق جميعهم، وكلّ ما في رجال الشيخ منهم موجودون فيه، فهم ثقات بتوثيقه، وصدقه في هذا التوثيق المشايخ العظام أيضاً).

ثم نقل لإثبات مدّعاه الكلمات المتقدّمة للمفيد ومن تبعه وكلمات بعض المتأخّرين وقال: (وبعد التأمّل في تلك الكلمات يظهر أن مراد من أجمل وعبّر عن الجامع بأصحاب الحديث أو غيره هو ابن عقدة، وإن كتابه مشتمل على العدد المذكور، وكلهم ثقات مشهورون، معروفون بالعلم والفضل كما صرّح به المفيد والفتّال والطبرسي، فإذا علم أنّ فلاناً ذكره أبو العباس في كتابه فهو ثقة عند هؤلاء الأعلام.

أمّا الشيخ النجاشي فذكر هذا الكتاب إجمالاً في مؤلّفات ابن عقدة، ثم في التراجم كثيراً ما يقول ذكره أبو العباس، أو في الرجال، أو في كتابه، أو ذكر في رجال أبي عبد الله عليه السلام، مشيراً إلى وجوده في الكتاب المذكور، إلا أنّ الغالب أنّه يوثّقه أيضاً، وإنّما ينتفع بذلك فيمن لم يوثقه صريحاً وقنع بكونه ممّن ذكره ابن عقدة، وانّما الفائدة التامة في رجال شيخ الطائفة...) ثم أورد كلام الشيخ المتقدم نقله وقال: (وهو نص على ذكره في باب أصحاب الصادق عليه السلام جميع ما في رجال ابن عقدة).

أقول: ينبغي البحث في ثلاثة موارد:

(المورد الأول): هل أنّ ابن عقدة خصّ كتابه بذكر الثقات من أصحاب الصادق عليه السلام أو أنّه عمّمه لكل من ثبتت عنده روايته عنه عليه السلام؟

(المورد الثاني): هل أنّ جميع من ذكرهم ابن عقدة في رجاله قد ذكرهم الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من كتابه، أو أنّه أسقط أسماء بعضهم لسبب من الأسباب؟ وأيضاً هل أنّ جميع من ذكرهم الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من كتابه هم ممّن ذكرهم ابن عقدة في رجاله أو أن بعضهم من اضافاته هو؟

(المورد الثالث): هل يوجد شاهد على عدم صحة ما أدّعي من كون المذكورين في أصحاب الامام الصادق عليه السلام من رجال الشيخ موثّقين بتوثيق ابن عقدة إيّاهم؟

1 - أمّا المورد الأول فيمكن أن يقال بشأنه إنّ من المقطوع به أنّ ابن عقدة لم يخصّص كتابه لذكر الثقات من أصحاب الصادق عليه السلام ولم يدع وثاقة جميع من ذكر أنّهم رووا عنه، ويظهر هذا بوضوح من كلامَي الشيخ والعلّامة المتقدّم نقلهما، فإنّه لو كان قد وثق ابن عقدة جميع من عدّهم من أصحاب الصادق عليه السلام لكان ينبغي للشيخ أن يشير إلى ذلك، مع أنّ كلامه ظاهر جداً في أنّه إنّما اهتم باستقصاء أسماء أصحابه عليه السلام الذين لا يحتمل انحصارهم في الثقات.

وكذلك كلام العلّامة ظاهر جداً في أنّ ابن عقدة إنّما عمل أمرين: ثبّت أسماء الذين رووا عن الصادق عليه السلام وايراد حديث لكل واحد يثبت روايته عنه، ويشهد لاشتمال كتابه على هذا أنّ الشيخ روى في موضع من التهذيب (11) بإسناده عن ابن عقدة في كتاب الرجال خبراً لمحمد بن عبد الله بن خالد مولى بني الصيداء في رفع الصادق عليه السلام يديه عند كل تكبيرة في صلاة الجنازة، فإنّه لا وجه لإيراده هذه الرواية في كتاب الرجال - الذي هو كتاب من رووا عن الصادق عليه السلام كما نصّ عليه في الفهرست - لولا أنّه كان يذكر لكل راوٍ رواية له عن الامام عليه السلام.

وبالجملة: المستفاد من كلام الشيخ والعلّامة أنّ كتاب ابن عقدة لم يكن مخصّصاً لذكر الثقات بل عامّة من رووا عن الصادق عليه السلام، مضافاً إلى أنّه كان قد ألّف كتباً أخرى فيمن رووا عن الإمام أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين والإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهم السلام، وكذلك من رووا عن زيد بن علي عليه السلام(12)، ولم يقل أحد باختصاص هذه الكتب بالثقات من أصحابهم، فيستبعد جداً أنّه خصّ ما ألّفه في أصحاب الصادق عليه السلام بمن كانوا من الثقات.

إن قلت: إذا لم يكن ابن عقدة قد خص كتابه بذكر الثقات ممّن رووا عن الصادق عليه السلام فما هو مستند المفيد في توصيف الأربعة آلاف رجل من أصحابه عليه السلام وهو بعدد من ذكرهم ابن عقدة - بالوثاقة، وكذلك تنصيص ابن شهر آشوب على أن ابن عقدة عدّدهم في كتابه؟

قلت: أمّا المفيد (قده) فلو سلّم أنّه كان ناظراً إلى من ذكرهم ابن عقدة - وليس في كلامة قرينة واضحة على ذلك - فالمظنون قوياً كون كلامه مبنياً على ضرب من المبالغة لبعض الأغراض الصحيحة؛ لأنّه أورد هذا الكلام في كتابه الإرشاد، والملاحظ أنّه قد تكرّر منه نظير ذلك في عدة موارد منه، ومنها توصيفه جمعاً من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) بأوصاف من المدح والثناء لا تتوفر في كثير منهم (13) ولو غضّ النظر عن هذا فإنّه لا محمل لكلامه سوی أنّه يستند إلى ضرب من الحدس، إذ لا سبيل إلى تصديق أنّه عثر على تصريح من ابن عقدة باختصاص كتابه بذكر الثقات من أصحاب الصادق عليه السلام، بعد وضوح أنّه لا يمكن اشتماله عليهم خاصّة الا بانتقائه لهم عند تأليفه، إذ بدون ذلك لا يتفق كونهم جميعاً من الثقات.

وأمّا ابن شهر آشوب فأمره أوضح ممّا ذكر، فإنّ الظاهر أنّه لمّا اطّلع على كلام المفيد في الارشاد استظهر كونه ناظراً إلى كتاب ابن عقدة ـ كما استظهر المحدّث النوري(14) وغيره - فأضاف إلى كلامه توضيحاً تضمّ ن التصريح تدل باشتمال كتاب ابن عقدة على الأربعة آلاف ثقة.

والحاصل: لا يوجد أي دليل على أنّ ابن عقدة خص كتابه بذكر الثقات، بل الشواهد على خلاف ذلك. ولو فرض وجود أربعة آلاف رجل من أصحاب الصادق عليه السلام كانوا يتصفون بالوثاقة فإنّ من المؤكّد أنّ كتاب ابن عقدة لم يكن مجمعاً لأسمائهم.

2 - وأما المورد الثاني فقد اشتمل على سؤالين، وكان السؤال الأول هل جميع من ذكرهم ابن عقدة في رجاله قد ذكرهم الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام من كتابه أو أنّه أسقط أسماء بعضهم لسبب من الأسباب؟

والجواب عنه: أنّ ظاهر كلام الشيخ في مقدمة رجاله أنّه أورد فيه في باب من رووا عن الصادق عليه السلام جميع من ذكرهم ابن عقدة في كتابه، ولكن الملاحظ أن العلّامة وغيره قالوا: إنّ ابن عقدة ذكر أسماء أربعة آلاف رجل في كتابه في حين أنّ المذكورين في باب من رووا عن الصادق عليه السلام من رجال الشيخ يقلون عن ذلك بحوالي ثمانمائة رجل، فأين هم البقية؟

وقد حاول المحدث النوري التخلص من هذا الاشكال قائلاً:

 (إنّ الذي يروم استقصاء أصحاب إمام عليه السلام واستيعاب رواته يذكر كل من أدركه ولو من أول أيام خلافته قليلاً، أو من آخر أوقات خلافته جزءاً يسيراً، كما فعل الذين أرادوا إحصاء أصحاب رسول (صلى الله عليه وآله) كصاحب الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وغيرها، فتراهم يذكرون منهم كل من أدرك من طرفي أيام رسالته (صلى الله عليه وآله) بأقل ما به يصدق الإدراك.

وأمّا من قصد جمع أصحاب كل إمام عليه السلام فيذكر كل من أدرك منهم غالب أيام عمره واختص به واشتهر باسم صحابته وإن أدرك اثنين منهم بما يعتد به يذكره في البابين وهكذا، وإن أدرك غير من اختص به عليه السلام قليلاً ربما يشيرون إليه، كما ترى البرقي يقول في رجاله في العنوان: أصحاب أبي الحسن الرضا علي بن موسى عليه السلام ثم يقول: من أدركه من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: حماد بن عثمان، إلى أن قال: ومن أصحاب أبي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام  وعد جماعة، ثم قال: أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام  ومن نشأ في عصره: إسحاق بن موسى بن جعفر إلى آخره.

إذا عرفت ذلك تعلم وجه نقصان عدد ما في رجال الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام عمّا في رجال ابن عقدة منهم مع تصريحه بأنّه يذكر ما ذكره، فانّ ابن عقدة أحصاهم لغرضه والشيخ أسقط بعضهم لما ذكرنا، وتعلم أنّ ما أسقطه في هذا الباب منهم أثبته في باب أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام أو في باب أصحاب أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام وإن كانوا مجهولين من هذه الجهة، وهذا واضح بحمد الله تعالى).

أقول: هذا الكلام ضعيف، فإنّ كتاب ابن عقدة كان مخصّصاً لذكر كل من روى عن الصادق عليه السلام كما صرّح بذلك الشيخ في الفهرست وقد أورد فيه نماذج من رواياتهم عنه يه كما نص على ذلك العلامة، والشيخ قد خصص كتابه أيضاً لذكر من رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) هي كما صرّح بذلك في مقدمته، فهما كانا متفقين في الخطة والهدف فما معنى القول بأنّ الشيخ أسقط بعض من ذكرهم ابن عقدة لأنّه لم يكن ذكرهم موافقاً لغرضه؟!

نعم يحتمل أنّه أسقط أسماء من لم يرووا عن الإمام عليه السلام قولاً بل حكوا عنه فعلاً، كما لوحظ أنّه لم يذكر محمد بن عبد الله بن خالد بن أبي الصيداء في أصحابه عليه السلام في رجاله، مع أنّه ذكر بنفسه في التهذيب أنّ ابن عقدة أورد له رواية حاكية لفعل الإمام عليه السلام في كتاب الرجال.

وأمّا دعوى أنّه أسقط أسماء من كانوا من أصحاب الصادقين عليهما السلام فيها من باب أصحاب الصادق عليه السلام وأثبتهم في باب أصحاب الباقر عليه السلام مع الإشارة إلى أنّهم من أصحاب ابنه، وأسقط أسماء من كانوا من أصحاب الكاظم وأبيه عليهما السلام وأثبتهم في باب أصحاب الكاظم عليه السلام مع الاشارة إلى أنّهم من أصحاب الصادق عليه السلام فهي دعوى غير مقرونة بأي شاهد بل هي في غاية البعد في حد ذاتها، فإنّ من اطلع على طريقة الشيخ لا يعرف أنّه كان بعيداً عن هكذا تصرّفات في تأليف كتابه الرجال، مع أّنه لو صحّ ما ادعي كله فإنّه لا يغطّي الفارق بين الرقمين، أي الأربعة آلاف وما ينقص عنها بحوالي الثمانمائة، فليتدبّر.

هذا، والأقرب في النظر أنّ كتاب ابن عقدة لم يكن يشتمل على أربعة آلاف اسم، ولكن حيث إنّ الأسماء لم تكن مرقّمة بل كانت مكتوبة بصورة متوالية حاول بعض الناظرين تقدير عددها من خلال تخمين ما تشتمل عليه كل صفحة منها فبلغ المجموع حوالي الرقم المذكور فأثبته، ولكن كان في الواقع أقل ذلك بكثير.

ومهما يكن، فإنّه ليس من المهم التأكد من اشتمال رجال الشيخ على كل من ورد اسمه في كتاب ابن عقدة، فإنّه لو كان بالإمكان إثبات توثيق ابن عقدة لمن أثبت أسماءهم في رجاله لم يضر حذف بعض الأسماء عند إيرادها في كتاب الشيخ بثبوت وثاقة المذكورين فيه كما هو واضح.

هذا بشأن الجواب عن السؤال الأول، وأمّا السؤال الثاني ـ وهو هل أنّ جميع من ذكرهم الشيخ (قده) في أصحاب الصادق عليه السلام من كتابه هم ممّن ذكرهم ابن عقدة في رجاله أو أنّ بعضهم من إضافاته هو؟ - فالجواب عنه: أن ظاهر قول الشيخ في مقدمة رجاله في وصف ما ألفه ابن عقدة في رجال الصادق عليه السلام: (قد بلغ الغاية في ذلك أنّه) لم يكن لدى الشيخ ما يستدركه على رجال ابن عقدة، حتى إنّه لم يطّلع على كتاب ابن نوح في الزيادات عليه (15).

ولكن قد يقال إنّ هناك ما يشير إلى أنّ الشيخ أضاف على ما أورده عن ابن عقدة في نهاية كل باب بعض الأسماء الأخرى، بقرينة أنّ الأسماء المذكورة من أول كل باب إلى أواخره شبه، مرتّبة، مثلاً: ذكر في باب الهمزة من يسمّى بأحمد ثم آدم ثم إبراهيم ثم إسماعيل ثم إسحاق ثم إدريس ثم أيوب ثم أبان ثم أنس وهكذا، ولكن عاد في أواخره إلى ذكر عدد آخر ممّن يسمّى بأيوب وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وأبان، مّما يشير إلى أنّ المذكورين أولاً قد أوردهم من كتاب ابن عقدة ثم أضاف إليهم من وجدهم في مصادر أخرى.

ولكن يمكن المناقشة في هذا الكلام بأنّه يحتمل أنّ الزيادات كانت من ابن عقدة نفسه بأن عثر بعد تأليفه لكتابه على أسماء رجال آخرين من أصحاب الصادق عليه السلام فأضاف في نهاية كل باب ما يناسبه من غير اهتمام برعاية الترتيب بكتابة كل اسم في الموضع المناسب له فليتأمل.

وممّا يفترق به الاحتمالان أنّه وفق الاحتمال الأخير أي كون جميع الأسماء من ابن   عقدة فإن التوثيق المزعوم يشمل الجميع، وأمّا وفق الاحتمال الآخر فإنّه لا يشمل إلا من يتأكد كونه مقتبسا من كتاب ابن عقدة لا من إضافات الشيخ (قده).

3 ـ وأما المورد الثالث ـ وهو أنّه هل يوجد شاهد على عدم   صحة ما ادعي من كون المذكورين في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام من رجال الشيخ موثّقين بتوثيق ابن عقدة إيّاهم؟ فقد قيل فيه إنّ الشيخ بنفسه ضعّف عددا ممّن أورد أسماءهم في أصحابه عليه السلام وبعضهم ممّن ضعّفهم في كتاب الفهرست أو أنّهم من المعروفين بالضعف كأبي البختري  وهب بن وهب فكيف يمكن تصديق كونهم جميعا ممّن ثبتت وثاقتهم بتوثيق ابن عقدة إيّاهم؟

قال المحدّث النوري: (إنّه بما يتوهّم التنافي بين هذه الأمارة الكاشفة عن وثاقة كل من في رجال   الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام وبين ما صنعه الشيخ بهم   فإنّه   قال في الباب   المختص بهم: إبراهيم  بن أبي حبة ـ واسم أبي حبة: اليسع   بن سعد المكي، ضعيف.   الحارث بن عمر البصري   أبو عمر، ضعيف الحديث.   عبد الرحمن  بن الهلقام   أبو محمد  العجلي، ضعيف.   عمرو بن جميع أبو عثمان  البصري الأزدي، ضعيف الحديث.  محمد بن حجّاج المدني، منكر الحديث.  محمد بن عبد الملك الأنصاري، كوفي نزل بغداد، أسند عنه، ضعيف.  محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي  أبو الخطاب، ملعون غالٍ.   وبعض آخر وإن لم يصرّح فيه بضعفه   إلا  أنّه معلوم صرّح هو به  في الفهرست  أو غيره وهذا يكشف عن عدم موافقة الشيخ لابن عقدة وعدم تصديقه إيّاه في توثيقاته ويوجب الشك في الباقي إلا   ما صرّح هو أو غيره بوثاقته).

ثم حاول الإجابة عن هذا الإشكال تارة بأنّ خروج بعض الأفراد عن تحت القاعدة لا يضر بها وأخرى بأنّ   القدماء في كثير من الموارد يطلقون الضعيف على من يكون ثقة في نفسه ولكن يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل وثالثة بأنّ بعضهم كان مستقيما ثم انحرف فيجوز أن يكون الموثّق لاحظ أيام استقامته والجارح أيام انحرافه.

ولكن هذه الأجوبة لا تنهض برد الإشكال فإنّ التنافي  إنّما هو بين توثيق ابن عقدة حسب الفرض   لراوٍ  وبين تضعيف الشيخ إيّاه، من جهة عدم إشارة الشيخ الى مخالفته لابن عقدة في مورده  فإنّه غير مناسب  جدا، وأوضح إشكالا منه أنّه ذكر محمد بن مسكان ثم حكى عن الكشي أنّه قال: هو مجهول فإنّ من الواضح عدم كونه مجهولا إذا   كان قد   وثّقه ابن عقدة فكان ينبغي أن يستدرك على كلام الكشي بذلك ولم يفعل. 

وأمّا   أنّ التضعيف  قد يكون   في كلمات القدماء من جهة الرواية عن الضعفاء واعتماد المراسيل  وما ماثل   ذلك  فهو فيما لو عبّروا بـ(ضعيف الحديث) أو نحوه أمّا (الضعيف) بقول  مطلق  فهو ظاهر جدا فيما ينافي الوثاقة وأوضح منه قولهم: (منكر الحديث).

وأمّا الجمع بين التوثيق والتضعيف بالبناء على اختلاف حال الراوي فهو غير صحيح فإنّه إنّما يتوجّه لو كان التوثيق صادرًا في زمن استقامته وأمّا صدوره ممّن كان في عصر متأخّر عنه  فلا يمكن أن يحمل على كونه ناظرًا الى دور الاستقامة.

  والحاصل: أنّ الإشكال المتقدّم وجيه (16) فهو شاهد آخر على عدم صحّة اختصاص كتاب ابن عقدة  بالثقات  من أصحاب الصادق عليه السلام.

والنتيجة: أنّ ما ذهب إليه المحدّث الحر العاملي والمحدّث النوري (رحمهما الله) في المقام ممّا لا يمكن المساعدة عليه، والملاحظ أنّه لم يوافقهما عليه أي من المحقّقين المتأخّرين كالعلاّمة التستري والسيد الأستاذ (قدس سرّهما) (17).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. بحوث في شرح مناسك الحج، ج17 (مخطوط).
  2. الفوائد الطوسيّة، ص 232؛ خاتمة مستدرك الوسائل ج7، ص 71.
  3. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج2، ص 179.
  4. روضة الواعظين، ص 207؛ إعلام الورى، ج1، ص 535؛ مناقب آل أبي طالب، ج3، ص 372.
  5. رجال الطوسي، ص 17.
  6. خلاصة الأقوال، ص 322.
  7. الفوائد الطوسيّة، ص 232.
  8. أمل الآمل، ج1، ص 83.
  9. هذا من سبق القلم والصحيح: مناقب آل أبي طالب.
  10. خاتمة المستدرك، ج7، ص 71.
  11. التهذيب، ج3، ص 195.
  12. الفهرست، ص 68.
  13. يلاحظ، ج1، ص 21.
  14. خاتمة المستدرك، ج7، ص 73.
  15. رجال النجاشي، ص 87؛ الفهرست، ص 87 وفيه: أنّ كتب ابن نوح ـ ومنها كتاب الرجال الذين رووا عن أبي عبد الله عليه السلام الذي زاد فيه على ما ذكره ابن عقدة ـ كانت مسودة ولم يوجد منها شيء.
  16. ويمكن أن يضاف إليه أنّ المظنون قوي؛ كون غير الإمامي فيما ذكرهم الشيخ في عداد أصحاب الصادق عليه السلام أكثر من الإمامي، ومن المستبعد أنّ أعدادًا كبيرة من العامّة ممّن كان لهم بعض الروايات عنه عليه السلام كانوا من الثقات.
  17. قاموس الرجال، ج1، ص 29؛ معجم رجال الحديث، ج1، ص 50.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)