أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2016
1247
التاريخ: 24/10/2022
1677
التاريخ: 14-2-2022
1917
التاريخ: 29-7-2016
2067
|
ومنها: [أي: الفضائل] هضم النفس واستحقارها، وهو ضدّ العجب، فكلّ من بلغ إلى مرتبة عالية فقد بلغها بهذه الصفة، وما لم يعلم الانسان فقدانه لصفة كمال لم يرغب إلى تحصيلها، ولم يحنّ إلى طلبها، والأخبار في اتّصاف المؤمن به وأنّه تعالى يحبّ المنكسرة قلوبهم أكثر من أن تحصى وإن ضمّ إليه استعظام الغير كان تواضعاً، وهو ضدّ الكبر، وهو من أعظم صفات المؤمن.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (1).
وقال عيسى بن مريم عليهما السلام: «طوبى للمتواضعين في الدنيا، هم أصحاب المنابر يوم القيامة» (2).
وأوحى الله تعالى إلى داود: «يا داود! كما أنّ أقرب الناس إليّ المتواضعون كذلك أبعد الناس عنّي المتكبّرون» (3).
وقال الصادق عليه السلام: «التواضع أصل كلّ شرف نفيس، ومرتبة رفيعة.. والتواضع ما يكون لله وفي الله، وما سواه مكر، ومن تواضع لله شرّفه الله على كثير من عباده ـ إلى أن قال ـ وأصل التواضع من إجلال الله وعظمته وهيبته، وليس لله عبادة يرضاها ويقبلها الا وبابها التواضع، ولا يعرف ما في حقيقة التواضع الا المقرّبون من عباده، المتّصلون بوحدانيّته» قال الله عزّوجلّ: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63].
وقد أمر الله تعالى خير خلقه وسيّد بريّته محمّداً صلى الله عليه وآله بالتواضع فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215] والتواضع مزرعة الخضوع والخشوع والحياء والخشية، وإنّهنّ لا يأتين (4) الا منها، ولا يسلم الشرف التامّ الحقيقي الا للمتواضع في ذات الله» (5).
ومنه يظهر أنّ ما شاع في عصرنا هذا من شدّة الخضوع الخشوع والتذلّل بالنسبة إلى أهل الدول والأغنياء والحكّام وغيرهم من أهل الدنيا ولا سيّما من العلماء وتسميتها تواضعاً [خطأ و] (6) تدليس، بل هي مكر وتلبيس، وهي التملّق والتذلّل المذموم الواقع في طرف التفريط من فضيلة التواضع، وإنّما التواضع الذي هو العدل حقيقة إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، فتواضع العالم لمثله إذا ورد عليه القيام له وتخلية مجلسه وحفظ مراسم الأدب بالنسبة إليه، ولو فعل ذلك للأغنياء وأهل الدول كان تملّقاً مذموماً، ولو فعله للسوقي كان تخاسّاً وتذلّلاً، وإنّما تواضع السوقي باليسر من الكلام واللين والرفق معه في المكالمة، وإجابة دعوته والسعي في قضاء حاجته، [وأن لا ينظر إليه بعين الحقارة، وأنّ له مزيّة] (7) وأمثال ذلك.
وتواضعه للمتكبّرين من أهل الدول بالكبر عليهم كما ورد في الخبر (8)، إذا الانكسار لهم مع كونه تملّقاً مذموماً إعانة لهم على عدوانهم وتثبيت لهم على تكبّرهم ومبالغتهم في صفتهم المذمومة، فلعلّ في التكبّر عليهم يحصل لهم التنبّه على خطائهم الباعث على تركهم له.
وبالجملة؛ فهذا المقام من مزالق الأقدام، حيث يشتبه فيه التكبّر بالتعزّز وترك التذلّل، [فيذمّ صاحبه] (9)، والتملّق بالتواضع، فيحمد عليه، وإنّما القانون الكلّي في ذلك إخلاص النيّة بكون التواضع لله وفي الله تعالى من دون ملاحظة نفع دنيوي، أو الاحتراز عن مكروه كذلك.
__________________
(1) المحجة البيضاء: 6 / 219.
(2) المحجة البيضاء: 6 / 220.
(3) الكافي: 2 / 123 ـ 124، كتاب الايمان والكفر، باب التواضع، ح 11، وفيه: «إلى الله» ومن «من الله» «إلىّ» و «عنّي».
(4) كذا، وفي مصباح الشريعة: «لا ينبتن الا منها وفيها».
(5) المحجة البيضاء: 6 / 255 نقلاً عن مصباح الشريعة (الباب 58).
(6) كما في «ألف».
(7) كما في «ب».
(8) المحجة البيضاء: 6 / 222.
(9) كما في « الف ».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|